تويت
مراتب العلم الالهي : ( عالما بها قبل ابتدائها ..)
بسم الله الرحمن الرحيم
من مقاطع الخطبة الاولى في نهج البلاغة : ( .. أحال الاشياء لاوقاتها ولام بين مختلفاتها. وغرز غرائزها وألزمها أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها . عارفا بقرائنها ..)
وحديثنا تحديدا في قوله : ( عالما بها قبل ابتدائها ..)
مقدمة
من الصفات الالهية صفة العلم ومن الاسماء الالهية العالم والجملة اعلاه تشير الى هذا الاسم وتلك الصفة ولكنها اشارت الى اعقد مرحلة من مراحل العلم الالهي وهذا ما يحتاج منا الى بسط مقدمة فنقول :
تحدث الحكماء عن وجود مراحل ثلاث للعلم الالهي :
المرحلة الاولى : العلم بذاته تبارك وتعالى .
والدليل على ذلك :
1ـ انه تعالى جعل الانسان عالما بذاته .
2ـ ومعطي الكمال لا يكون فاقدا له .
اذن فهو تعالى عالما بذاته والا فكيف يكون معطيا لكمال هو فاقد له ؟ !
المرحلة الثانية : علمه تعالى بالاشياء بعد ان ايجادها ، وهذا لم يقع فيه كثير كلام ولكنا مع ذلك نذكر ننبه عليه بما يلي :
1ـ بما ان كل شيء عداه ممكن وفقير ومحتاج اليه في وجوده حدوثا وبقاءً .
2ـ وكل معلول حاضر عند علته بوجوده العيني .
فيثبت علمه تعالى بالممكنات باسرها .
المرحلة الثالثة : علمه تعالى بالاشياء بعد ايجادها .
وتعتبر هذه المرحلة من اعقد وادق المراحل واكثرها لغطا واختلافا فوصلت الاقوال فيها عشرة اقوال تقريبا وقد قدمت الفلسفة الاسلامية رؤية واضحة في هذا المجال واقامت ادلة متعددة على هذه المرحلة من العلم الالهي ، نبين واحدا من تلكم الادلة ونترك التفصيل الى المطولات :
فمن تلك الادلة هو ان العلم بالسبب علم بالمسبب وهذا ما يحتاج الى شيء من البسط ، فانه يتوقف على مقدمات اربع :
الاولى : الاعتقاد بتوحيد الخالقية او التوحيد الافعالي وان كل ما عداه تعالى فهو مستند اليه وكل شيء مخلوق له
وقد اشارت جملة من ايات الذكر الحكيم الى هذا النحو من التوحيد فمنها على سبيل المثال لا الحصر :
تارة بصيغة الاخبار كقوله تعالى {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام : 102]
واخرى بصيغة الامر بالاعتقاد به كــقوله تعالى {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّا} [الرعد : 16]
وثالثة بصيغة الاستفهام الانكاري بنفي الخالق غيره كقوله تعالى{ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر : 3] وهكذا
الثانية : الاذعان بقانون السنخية بين العلة والمعلول . ولبيان هذا القانون نصوره بالمثال التالي :
النار والاحراق فلو سالنا لمَ صار الاحراق صادرا من النار دون الماء مثلا ؟ الجواب هناك خصوصية في النار تجعل منها منشأَ للإحراق والا لاصبح العالم في فوضى ولصدر كل شيء من كل شيء .
الثالثة : الايمان بان الله تعالى فاعل لكل ما عداه بلا حاجة الى اي عامل خارجي او ضميمة او خصوصية خارجة عنه تبارك وتعالى .
الرابعة : العلم الخصوصية التي توجب صدور المعلول من العلة هو علم في الحقيقة بالمعلول ، فعلم الطبيب بالمرض قبل وقوع المريض فيه هو لاجل علمه بمناشئ وعوامل وخصوصيات المرض وهو امر واضح .
ومن خلال الربط بين هذه الحلقات الاربع تتضح النتيجة .وعلينا الان نجيب على سؤال مفاده :
الى اي المراحل تشير جملة النهج : عالما بها قبل ابتدائها ؟
الجواب واضح جدا مما تقدم : الى المرحلة الاخيرة وهي علمه تعالى بالاشياء قبل ايجادها ، واما الدليل فقد اتضح من المقدمات الاربع .
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
من مقاطع الخطبة الاولى في نهج البلاغة : ( .. أحال الاشياء لاوقاتها ولام بين مختلفاتها. وغرز غرائزها وألزمها أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها . عارفا بقرائنها ..)
وحديثنا تحديدا في قوله : ( عالما بها قبل ابتدائها ..)
مقدمة
من الصفات الالهية صفة العلم ومن الاسماء الالهية العالم والجملة اعلاه تشير الى هذا الاسم وتلك الصفة ولكنها اشارت الى اعقد مرحلة من مراحل العلم الالهي وهذا ما يحتاج منا الى بسط مقدمة فنقول :
تحدث الحكماء عن وجود مراحل ثلاث للعلم الالهي :
المرحلة الاولى : العلم بذاته تبارك وتعالى .
والدليل على ذلك :
1ـ انه تعالى جعل الانسان عالما بذاته .
2ـ ومعطي الكمال لا يكون فاقدا له .
اذن فهو تعالى عالما بذاته والا فكيف يكون معطيا لكمال هو فاقد له ؟ !
المرحلة الثانية : علمه تعالى بالاشياء بعد ان ايجادها ، وهذا لم يقع فيه كثير كلام ولكنا مع ذلك نذكر ننبه عليه بما يلي :
1ـ بما ان كل شيء عداه ممكن وفقير ومحتاج اليه في وجوده حدوثا وبقاءً .
2ـ وكل معلول حاضر عند علته بوجوده العيني .
فيثبت علمه تعالى بالممكنات باسرها .
المرحلة الثالثة : علمه تعالى بالاشياء بعد ايجادها .
وتعتبر هذه المرحلة من اعقد وادق المراحل واكثرها لغطا واختلافا فوصلت الاقوال فيها عشرة اقوال تقريبا وقد قدمت الفلسفة الاسلامية رؤية واضحة في هذا المجال واقامت ادلة متعددة على هذه المرحلة من العلم الالهي ، نبين واحدا من تلكم الادلة ونترك التفصيل الى المطولات :
فمن تلك الادلة هو ان العلم بالسبب علم بالمسبب وهذا ما يحتاج الى شيء من البسط ، فانه يتوقف على مقدمات اربع :
الاولى : الاعتقاد بتوحيد الخالقية او التوحيد الافعالي وان كل ما عداه تعالى فهو مستند اليه وكل شيء مخلوق له
وقد اشارت جملة من ايات الذكر الحكيم الى هذا النحو من التوحيد فمنها على سبيل المثال لا الحصر :
تارة بصيغة الاخبار كقوله تعالى {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام : 102]
واخرى بصيغة الامر بالاعتقاد به كــقوله تعالى {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّا} [الرعد : 16]
وثالثة بصيغة الاستفهام الانكاري بنفي الخالق غيره كقوله تعالى{ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر : 3] وهكذا
الثانية : الاذعان بقانون السنخية بين العلة والمعلول . ولبيان هذا القانون نصوره بالمثال التالي :
النار والاحراق فلو سالنا لمَ صار الاحراق صادرا من النار دون الماء مثلا ؟ الجواب هناك خصوصية في النار تجعل منها منشأَ للإحراق والا لاصبح العالم في فوضى ولصدر كل شيء من كل شيء .
الثالثة : الايمان بان الله تعالى فاعل لكل ما عداه بلا حاجة الى اي عامل خارجي او ضميمة او خصوصية خارجة عنه تبارك وتعالى .
الرابعة : العلم الخصوصية التي توجب صدور المعلول من العلة هو علم في الحقيقة بالمعلول ، فعلم الطبيب بالمرض قبل وقوع المريض فيه هو لاجل علمه بمناشئ وعوامل وخصوصيات المرض وهو امر واضح .
ومن خلال الربط بين هذه الحلقات الاربع تتضح النتيجة .وعلينا الان نجيب على سؤال مفاده :
الى اي المراحل تشير جملة النهج : عالما بها قبل ابتدائها ؟
الجواب واضح جدا مما تقدم : الى المرحلة الاخيرة وهي علمه تعالى بالاشياء قبل ايجادها ، واما الدليل فقد اتضح من المقدمات الاربع .
والحمد لله رب العالمين
تعليق