&رِسالةٌ إلى قَبْرِ أُمي&
اليومْ وَغَداً .. وَكُلُ يَوم
وهاهُو الرَحِيل .. يَهُزنا فِي مَكَّب الرِياحْ
يَنْثرَ أوراقَ الحَياةْ فِي أَروِقَة الأَيامْ وَيخَّلدُ الذِكرى ...
ذِكرى البَقاءْ ...
هَذا الرَحِيل أشْبَه بِالاغْتِرابْ ...
سفرٌ مُفعْمٌ بِالاكْتِئابْ...
هَذا الرَحِيل كَهْجرةِ الطِيورْ عِندْ المَغِيب ..
..كُل عَام عَلى غَيمةٍ نَديةِ العَطاءْ..
تَعجُ بِالنْحيبْ ... تَفيضُ بِالدُموعْ .. تَضجُ بِالنُواحْ..
وَلكِنْ الطُيورْ ... تَشْتاق لأِعشَاشِها .. وَتَعودْ لأَوطانِها .. يَهزها الحَنينْ وَيحدُوها الأملْ ..تَعود
لَكننا لا نَعودْ ...
..قَالتْ سَترحْل ..
قلتُ ولمَ الرَحيلْ ..
بَكتْ .. وَلسانْ حَالِها يَقولْ .... لَيستْ عَجلةَ مِني ..لأَتُركَكِ ..إِنمَا الوَعدُ الوَعِيدْ .. وَالمَوتْ العنيدْ ..
سَامِحيني بُنيتي .. فَلمْ أعد املكُ فِي هَذه الدُنيا شيئاً.. سِواكِ ..
سَأرحلُ للمُستحِيلْ .. للظِل الظَليلْ ..والعَيشْ البَديلْ .
.فَقدْ سَئْمتُ الليلْ الطَويلْ والصُبح الهَزيلْ والعَيشْ الذَليلْ وأَعْيانِي المَرضْ الثَقيلْ ..
أَغمضتْ جَفِنيها ... وَحلَقتْ بِروحِها .. وَخلفتْ وَرائِها تَعاسَة الفُراقْ ...
رَحلتْ وضَاع بِرحِيلها عُمري .. وَرَحلتْ وَبعدْها اِنتهى أَمرِي...وَأبتدَئ حُلمِي الكَئيبْ ..وَاشْتَعلَ فِي قَلبي الجَمرْ اللهيبْ ..
فَبدونِها ..تَضيعُ الأيامْ .. وَتَموتْ الأَحلامْ ....وَبِبعدْها تَزدادْ الآلامْ وَيقْسو المَلامْ ..وَيَضيقُ الكَونُ الرَحيبْ...
حَزنتُ .. كَثيراً .. وَالحْزنُ لا يَفيدْ ...صَرخْتُ ..كثيراً ,والصوتُ لا يُجيبْ ...وَبقيتُ وَحِيدةً.. أصارعُ كُتل الجليدْ ..فَالبرودْ تَمَّلك قَلبِي .. وَالمَوتْ أَقتربْ مِن جَسدِي ..
أَنا لا أَرى مُسَوغاً لِكلُ هَذا البُعدْ .. لَكننَي لاَ أقِفُ فِي وَجْه القَدْر العَنيدْ ..سَأقِفُ أَترقْب نِهايَتِي مَعكْ .. نَعمْ ... لَنا لِقاءٌ قَريبْ .. فِي قَبر لَصِيقْ ...
أَعْدكِ أُمِي .. لَن أَترككِ ذِكراكْ ما حَييتْ ...
مع تحياتي دمعة مهدوية
تعليق