الحجاج بن مسروق مؤذن الحسين عليه السلام :
قال العسقلاني في الإصابة:
هو الحجاج بن مسروق بن عوف بن عمير بن كلب بن ذهل بن جعف بن سعد العشيرة المذحجي الجعفي وكان الحجاج من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ولما خرج الحسين عليه السلام إلى مكة خرج من الكوفة لملاقاته فصحبه وكان مؤذناً له في أوقات الصلاة ولما كان يوم العاشر وقد اشتد القتال تقدم الحجاج بن
سروق كما نقل ابن شهر اشوب إلى الحسين عليه السلام واستأذن في القتال ثم دعا إليه وهو مخضب بدمائه فقاتل حتى قتل من القوم خمساً وعشرين رجلاً سوى من جرح ثم قتل رضوان الله عليه،
وورد في الزيارة الناحية: السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي.
كان الحجاج (1)من الشيعة ،
صحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الكوفة ،
ولما خرج الحسين ( عليه السلام ) إلى مكة خرج من الكوفة إلى مكة لملاقاته فصحبه ، وكان مؤذنا له في أوقات الصلوات .
قال صاحب خزانة الأدب الكبرى : لما ورد الحسين ( عليه السلام ) قصر بني مقاتل رأى فسطاطا مضروبا ،
فقال : لمن هذا ؟ فقيل : لعبيد الله بن الحر الجعفي .
فأرسل إليه الحجاج بن مسروق الجعفي ، ويزيد بن مغفل (2)
الجعفي فأتياه وقالا : إن أبا عبد الله يدعوك .
فقال لهما : أبلغا الحسين ( عليه السلام ) أنه إنما دعاني من الخروج إلى الكوفة حين بلغني أنك تريدها فرار من دمك ودماء أهل بيتك ، ولئلا أعين عليك ،
وقلت إن قاتلته كان علي كبيرا وعند الله عظيما ،
وإن قاتلت معه ولم أقتل بين يديه كنت قد ضيعته ،
وإن قتلت فأنا رجل أحمى أنفا من أن أمكن عدوي فيقتلني ضيعة ،
والحسين ليس له ناصر بالكوفة ولا شيعة يقاتل بهم .
فأبلغ الحجاج وصاحبه قول عبيد الله إلى الحسين ( عليه السلام ) فعظم عليه ،
ودعا بنعليه ثم أقبل يمشي حتى دخل على عبيد الله بن الحر فسطاطه فأوسع له عن صدر مجلسه واستقبله إجلالا وجاء به حتى أجلسه .
قال يزيد بن مرة : فحدثني عبيد الله بن الحر
قال : دخل علي الحسين ( عليه السلام ) ولحيته كأنها جناح غراب !
فما رأيت أحدا قط أحسن ولا أملأ للعين منه ، ولا رققت على أحد قط رقتي عليه حين رأيته يمشي وصبيانه حوله ،
فقال الحسين ( عليه السلام ) : ما يمنعك يا بن الحر أن تخرج معي !؟
فقال ابن الحر : لو كنت كائنا مع أحد القريقين لكنت معك ،
ثم كنت من أشد أصحابك على عدوك ، فأنا أحب أن يعفيني من الخروج معك ، ولكن هذه خيل لي معدة وأدلاء من أصحابي ،
وهذه فرسي المحلقة فوالله ما طلبت عليها شيئا قط إلا أدركته ولا طلبني أحد إلا فته ، فاركبها حتى تلحق بمأمنك وأنا لك ضمين بالعيالات حتى أديهم اليك أو أموت وأصحابي عن آخرهم دونهم وأنا كما تعلم إذا دخلت في أمر لم يضمني فيه أحد .
قال الحسين ( عليه السلام ) : " أفهذه نصيحة لنا منك يا بن الحر " ؟
قال : نعم ، والله الذي لا شئ فوقه !
فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " إني سأنصح لك كما نصحت لي إن استطعت أن لا تسمع صراخنا : ولا تشهد واعيتنا فافعل ،
فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا أكبه الله في نار جهنم " .
ثم خرج الحسين ( عليه السلام ) من عنده (3) وعليه جبة خز وكساء وقلنسوة موردة ومعه صاحباه الحجاج ويزيد وحوله صبيانه فقمت مشيعا له وأعدت النظر إلى لحيته ، فقلت : أسود ما أرى أم خضاب ؟
فقال ( عليه السلام ) : " يا بن الحر عجل علي الشيب "
فعرفت أنه خضاب وودعته (4) .
وقال ابن شهرآشوب وغيره : لما كان اليوم العاشر من المحرم ووقع القتال تقدم الحجاج بن مسروق الجعفي إلى الحسين ( عليه السلام ) واستأذنه في القتال ،
فأذن له ثم عاد إليه وهو مخضب بدمائه
فأنشده :
فدتك نفسي هاديا مهديا * اليوم ألقى جدك النبيا ثم أباك ذا الندى عليا *
ذاك الذي نعرفه الوصيا
فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " نعم ، وأنا ألقاهما على أثرك " ،
فرجع يقاتل حتى قتل رضي الله عنه (5) .
تعليق