كعادتها استيقظت ام محمد لصلاة الفجر من بعد ليلة قضتها بين بكاء على زوجها الذي طالته يد الارهاب وقلق على مستقبل ولدها الوحيد محمد ومصيرها المجهول واغفاءات قليلة تغلب عليها بين الحين والآخر ، أرادت ان تتوظأ لاداء الصلاة فتجمدت يداها من شدة برودة الماء وبرودة الجو لانها لاتملك جهازا لتسخين الماء كغيرها في بقايا بيتها والذي هو عبارة عن غرفة صغيرة من الطين وسقفها من جذوع النخل وبابها من القماش السميك وارضيتها من التراب .على الرغم من ذلك توضئت ام محمد وأدت فريضة الصلاة على ضوء الفانوس لانها لم تستطع ان تغذي بيتها بخط الكهرباء الوطني ولا خط المولد.وعقبت بعد الصلاة بتعقيبات عدة بين دعاء وتوسل وبكاءً شديدين , بدأ ضوء الفجر بالبزوغ واخذت الشمس بالشروق لملمت ام محمد سجادتها وبدأت تعد طعام الافطار لولدها وهو عبارة عن كاس من الشاي وكسيرات من الخبز وعينها لاتبتعد عن ولدها الذي استغرق بالنوم من بعد يوم شاق أخذ منه مأخذاً نتيجة لعمله الشاق في حمل البضائع ودفع العربات المخصصة لنقل البضائع رغم ان عمره لم يتجاوز الثانية عشر ربيعاً , فهي مترددة بين ان توقظه من النوم وبين ان تتركه نائما فهي في حيرة من أمرها إن تركته نائما فمن سيجلب لهم قوت يومهم وإن أيقظته يَكسر خاطرها ما يعانيه من تعب وعدم مقدرة على النهوض بنشاط وحيوية ولكن الفقر كافر وشدة الحاجة مذلة فقامت بإيقاظ ولدها بصوت حنين وهادئ: ولدي محمد عزيزي نور عيني هيا استيقظ فهذا الصباح قد اقبل والشمس اشرقت قم يا فلذة فؤادي فتح محمد عينيه بوجه أمه راسماً ابتسامته العريضة على وجهه قائلا : صباح الخير يا امي العزيزة فاحتظنته الام فيكلتا ذراعيها قائلةً صباح الخير ياحبيبي وأملي في هذه الحياة قام محمد بغسل وجهه مننفس الماء البارد الذي توضأت به امه وتناولا طعام الافطار سوية في نفس المكان الذي يناما فيه قام محمد بتغيير ملابسه القديمة التي اعدها للنوم بملابس أخرى قديمة أيضا والتي جعلها للعمل قائلا لأمه : أماه انا ذاهب الى العمل هل تحتاجين الى شيء استطيع ان أُنجزه لك قبل ذهابي؟ احتضنته الأم قائلة لا يا ولدي لا احتاج الىشيء سوى عودتك إلي سالما قبلها محمد وخرج الى عمله وكان الوقت قد شارف على السابعة صباحا .محمد لا يستطيع ان يشتري عربةً للعمل عليها ولكنه يستأجر عربة مجموعة من العربات الموجودة في الخان والتابعة لاحد التجار, ومكان هذا الخان ليس بقريب من دار محمد وبهذا يحتاج محمد لأن يسير مسافة الى ان يصل الى الخان وفي طريقه الى مكان العربات كانت عيناه لاتفارقان منظرالتلاميذ الذاهبين الى مدارسهم ودموعه تنحدر من عينيه على خديه الرقيقين تصاحبها حسرات على هذا المنظر وحلمه بأن يكون واحد منهم يرتدي ملابس جميلة ويحمل على كتفه حقيبة مملؤة بالكتب بدلا من ارتدائه ملابس الحمالين وحمله حقائب واكياس مملؤة بالبضائع لايصالها الى بيوت ومحلات الناس ولا زال محمد يمشي متنقلا من شارع لأخر واذا بالاقدار التي لامفر منها تحوم حوله اذ انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من أحد ابواب المدارس الابتدائية فسقط محمد مع من سقط من التلاميذ أحس قلب أم محمد بشيء ما قد حدث فأخذت تجول بغرفتهاواذا بالمنادي في بابها ام محمد ام محمد اسرعي لقد مات ولدك محمد ذهلت ام محمد وخرجت من غير شعور لاطمة على وجهها مولولة صارخة لا لا لم يمت ولدي محمد لقداعطاني وعداً إنه سيرجع الى الدار وعند وصولها الى مكان الحادث منعها رجال الامن من الوصول الى الضحايا خوفا من حدوث انفجار أخر عند تجمع الناس فقالت لهم أريد أن أنظرإلى ولدي فانه سيقوم إذا رآني قادمة لم يسمح لها أحد قالت لهم ان لي علامة نداء مع ولدي فان ناديت بها وأجابني فهو حي وإن لم يجب فانه قد مات وكانت لها اشارة نداءمع ولدها فانه كان يجيبها بها إن نادته بها وإن كان نائما وهي (وليدي حمودي ضوه عيوني؟) عندما نادت ( وليدي حمودي ضوه عيوني؟) فلم يجبها لطمت وجهها وعرفت ان ابنها قدمات ورافق اباه وترك امه لوحدها فقالت ولدي محمد كان حلمك ان تكون بين طلاب المدارس لتتعلم ولكن القدر حتم عليك ان تكون معهم ولكن في عداد الموتى لا في عدادالاحياء .
تعليق