إن زماننا هذا زمان هرج ومرج ! فالظلم فيه كثير ، وشبهات الشياطين ووسوساتهم كثيرة ، يوجهونها الى أصول الإسلام ومبانيه ، والمسؤولية ثقيلة على عاتق كل فرد منا !
إن المعذورين لاحرج عليهم إن لم يسافروا الى التبليغ في أيام عاشوراء ، لكن على المستطيعين أن يغتنموا هذه الفرصة ، ويذهبوا بأي طريقة الى تلك المناطق التي يوجد فيها قطاع طرق ، يقطعون طريق التشيع، ويضللون بسطاء الناس بالشبهات !
يجب الإنتباه الى أن أهم واجباتنا اليوم حفظ ثغور المذهب ، وخير من أن نتكلم نحن في ذلك، فلنستمع الى كلام الأئمة(ع)، فمن ذلك قول الإمام الصادق(ع): (علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج علىضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته والنواصب ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا ، كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة ، لأنه يدفع عن أديان محبينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم ) ( الإحتجاج :1/8 )
إن هذا الكلام مصداق: كلامكم نور ، فهو خير مصباح ينير كل حياتكم
أنتم ترون أن الفقهاء قسموا كتاب الجهاد الى فصلين ، فصل في الجهاد ، وفصل في الرباط ، والرباط ورد ذكره في القرآن في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (سورة آل عمران:200 )،
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة ، وهو محل إجماع فرق المسلمين
فالمرابطة عمل يلي الجهاد ، وقد بلغ من أمر الجهاد أن من يخرج من بيته بنيته فهو لايخلو من أمرين: إن رجع الى أهله رجع مغفوراً له كيوم ولدته أمه، وإن مات فقد وقع أجره على الله تعالى: وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَىاللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (سورة النساء:100)
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ( سورة آل عمران:169)
والرباط الذي يلي مرتبة الجهاد، منه رباط للقوات العسكرية على حدود بلاد المسلمين، يحفظون ثغورها من هجمات الأعداء، ومنه هذا الرباط المميز الذي حثكم عليه الإمام الصادق(ع)، وهو رباط العلماء على ثغور عقائد الإسلام، وهو رباط من أفضل أنواع الجهاد، لأنه رباط على ثغور التشيع الذي حدوده قلوب ضعفاء المسلمين ، وعدوه المقابل إبليس وعفاريته المضلون !
وفي كلامه(ع)لطائف كثيرة لايمكننا استيعابها ، وكما قال هو(ع):حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه (معاني الأخبار للصدوق ص2) ، لكن واجبي أن أقدم لكم عصارة الفقه والأحاديث التي فيها سعادة الدنيا والآخرة، حتى أسقط مسؤوليتي الشرعية ، ولا يقال لي غداً: لماذا لم تقل؟
إن الذين يقومون بتنظيم برنامج حياتهم حسب كلامه(ع)، فنتيجة عملهم الفريدة ليس محلها الدنيا! لكنهم سوف يدركون ماذا ينتظرهم عند ربهم، فهم في الدنيا يذوقون حلاوة عملهم ، وهذه السعادة العليا لاينالها كل أحد ، فاحرصوا على سلوك التقوى لأن جناب الحق سبحانه عظيم الجلال، والطريق هنا لا يمكن سلوكه بدون طهارة: لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ فبمقدار ما تحققون من التقوى في سلوككم ، يمن عليكم الله تعالى بخلعته الربانية وهي لباس المرابطين على ثغور المذهب، في غيبة ولي العصر أرواحنا فداه
ومن واجبات المرابط أن يرصد العدو، ويفهم من أين يريد إبليس وعفاريته أن ينفذوا ، فيحصن تلك الثغرة ، ويسد ذلك المنفذ
هذه المهمة هي واجبكم اليوم ، أما ثوابها فهو يبهر العقول!
قال الإمام(ع): ( ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا، كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة! )
إن هذه الرواية وأمثالها التي وردت بهذا المضمون، تدلنا على أن الأئمة (ع)كانوا يتوقعون أن إبليس وعفاريته سوف يركزون جهودهم لإبعاد الناس عن مذهب أهل البيت(ع)، وأن الخطر سيتوجه من إبليس وعفاريته الى ضعفاء الشيعة ! فاقرؤوا هذه الروايات في البحار وغيره بفهم وليس مجرد قراءة ! وستجدون أن همَّ الأئمة(ع)يتركز على حفظ ضعفاء الشيعة من وسوسات النواصب والمخالفين !
والتعبير بإبليس وعفاريته له مغزى مهم ، فهو يدل على أن قوى عفريتية وأعمالاً عفريتية ستحاول النفوذ الى أذهان ضعفاء الشيعة والتأثير عليها كما نرى في مثل هذا الزمان!
فعلى العالم أن يكون مرابطاً في سبيل الله ، حارساً لثغور المذهب الحق ، حافظاً لقلوب ضعفاء الشيعة ، دافعاً عنهم إبليس وعفاريته، الذين يبذلون جهدهم للنفوذ الى قلوبهم
هل تعرفون كم أريق من الدماء الطاهرة من أجل هذه العقائد الحقة التي هي مذهب أهل البيت الطاهرين(ع)؟!
وأن الأئمة المعصومين(ع)وشيعتهم الأبرار قد تحملوا من المعاناة من أجل ترسيخها وحفظها ما يصعب على الإنسان أن يتحمل سماعه أو تصوره ؟!
هل عندكم خبر أن اضطهاد أهل البيت الطاهرين وشيعتهم وصل الى حد أن الطاغية هارون الرشيد العباسي أمر قائد حملته العسكرية على المدينة (أن يُغير على دور آل أبي طالب ، وأن يسلب نساءهم ، ولا يدع على الواحدة منهن إلا ثوباً واحداً )؟!!
ثم بلغ في عهد الطاغية المتوكل العباسي أنه (كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة) !!
قال الصدوق في عيون أخبار الرضا(ع):1/172: (وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة ، بعثه الرشيد وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه ، وأن يغير دور آل أبي طالب ، وأن يسلب نساءهم ، ولايدع على واحدة منهن إلا ثوباً واحداً ، ففعل الجلودي ذلك، وقد كان مضى أبوالحسن موسى بن جعفر(ص)فصارالجلودي إلى باب دار أبي الحسن الرضا(ع)، هجم على داره مع خيله، فلما نظر إليه الرضا جعل النساء كلهن في بيت، ووقف على باب البيت فقال الجلودي لأبي الحسن: لا بد من أن أدخل البيت فأسلبهن كما أمرني أمير المؤمنين! فقال الرضا(ع): أنا أسلبهن لك وأحلف أني لا أدع عليهن شيئاً إلا أخذته! فلم يزل يطلب إليه ويحلف له حتى سكن، فدخل أبو الحسن الرضا(ع)فلم يدع عليهن شيئاً حتى أقراطهن وخلاخيلهن وأزرهن إلا أخذه منهن ، وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير ) !!
وقال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص396: (واستعمل- أي المتوكل ـ على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي ، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ، ومنع الناس من البر بهم ، وكان لا يبلغه أن أحداً أبر أحداً منهم بشئ وإن قل إلا أنهكه عقوبة وأثقله غرماً ، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ، ثم يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر ، إلى أن قتل المتوكل ) !! انتهى
إن مذهب التشيع الذي وصل الينا إنما هو بقية السيف ، وحصيلة جهود عظيمة تواصلت عبر قرون ، من أولئك الصامدين الأبرار ، وثمرة تحملاتهم لأنواع أذى الطغاة واضطهادهم ويوم يحاسب الله الظالمين على ظلمهم ، لابد أن يحاسبنا على تقصيرنا بحق هذا التراث النبوي إن لم يدركنا برحمته
إن هذه العقيدة مذكرات دم الحسين بن علي(ع)وثمرة قهر زينب وأسرها ، وميراث قطع يدي أبي الفضل العباس فعلينا أن نعرف قيمة هذه العقيدة العظيمة ، وندرك حجم مسؤوليتنا تجاهها
عندما تخرجون من بيوتكم في سفركم لتبليغ الإسلام ، فلتكن همتكم أن تحفظوا عقائد هذا المذهب الحق بحبات قلوبكم ، وإن رأيتم قلباً موالياً بذروا فيه شكاً ، أن تزيلوا شكه ، وإن رأيتموهم ألقوا شبهة ، أن تدفعوها عندئذ سيكون أجركم ما فوق الدراهم والدنانير! سيكون ما قال عنه أمير المؤمنين(ع): من قوَّى مسكيناً في دينه ضعيفاً في معرفته ، على ناصب مخالف فأفحمه ، لقنه الله تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن بهجتي وعدتي، والمؤمنون إخواني، فيقول الله: أدليت بالحجة فوجبت لك أعالي درجات الجنة، فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة ( الإحتجاج :1/10)
لقَّنه الله تعالىكلمةٌ لايتصور أعلى منها ! فهي وعد أمير المؤمنين لكم ، إن أنتم قوَّيتم عقيدة ضعيف في معرفة دينه ، وثبَّتم قلبه على مذهب الحق ، أن أول أثر عملكم أن يكون ملقنَ أحدكم في قبره الله تبارك وتعالى! ثم يكون الأثر أن يتحول قبره الى روضة من رياض الجنة ، بل من أنزه رياضها !!
إنه أجرٌ أكبر من توقعنا ، بل هو أكبر من تصورنا ! فابذلوا همتكم في هذا السفر في نشر فضائل أهل البيت(ع)، وليكن همكم أن تشرحوا للناس القرآن والسنة فقط ، فلا تنحرفوا عن هذا الخط واعلموا أن طريق التأثير في قلوب الناس محصور في القرآن وأحاديث النبي والعترة(ص)، وأن الطرق الأخرى غلط! فلا تخلطوا الكلام البشري بالكلام الإلهي ، ولا تقيسوا الأرضي بالسماوي ، ولا الأوهام بالحقائق !
هذا هو طريق إرشاد الناس، وتبليغ الدين فإن فعلتم فإن أفضل ماتحصلون عليه من أجرة أنكم ترجعون برضا صاحب الزمان أرواحنا فداه ، فرضاه يتحقق بذلك دون شك
إن الإمام المهدي أرواحنا فداه يركز نظره في عصرنا على عاشوراء ، فهي محط نظره وأمله، وهذا أمر قطعي لاشك فيه ولا قيد له ، وعنايته روحي فداه بهذا البلد مشروطة بوجود عاشوراء ، فإن تزلزل وجودها فإن كل ما يبقى لاقيمة له في نظره الشريف !
أما لماذا كانت عاشوراء مركز الثقل في نظره، وما هو السر في ذلك؟ فجوابه: أن الوصول الى أعماق أفكار الإسلام في مذهب أهل البيت(ع)ليس أمراً سهلاً في متناول الأطفال
السرأن الحارث بن المغيرة النصري قال: قلت لأبي عبد الله: إني رجل كثير العلل والأمراض وماتركت دواء إلا تداويت به فما انتفعت بشئ منه!
فقال لي: أين أنت عن طين قبر الحسين بن علي ، فإن فيه شفاءً من كل داء ، وأمناً من كل خوف (أمالي الطوسي ص317) إنه كلام إمام نشرعلوم الأنبياء(ع)!
فإن فيه شفاءً من كل داء من الأمراض البدنية والعقلية والروحية أيضاً! فلفظ (كل) موضوع للدلالة على العموم ، ومقام الإمام بالدرجة الأولى طب أمراض النفوس لا الأبدان
فإن فيه شفاءً من كل داء فلو تفهمنا لانفتح باب علم من تربة كربلاء !
إن الإمام الحسين(ع)لم يعرف الى الآن! وإن تربة قبره إكسير يشفي داء أبداننا ، وداء أفكارنا ، وداء أرواحنا ، وكل داء جسمي ، أو روحي للبشر
وأمناً من كل خوف أيُّ خوف تؤمِّن منه تربة قبر الحسين(ع)؟ إنها أمان من الخوف الأكبر ، لمن وضعها في قبره وتفضل الله عليه بإكرامه إكراماً لهذه التربة للإمام الحسين(ع), كما أنها أمانٌ من خوف الظالم في الدنيا لمن اصطحبها معه ليرد ببركتها ظلم الظالم !
لكن الإمام الصادق(ع)قال إن لذلك دعاء وآداباً ولايتسع وقتنا لشرحها ، قال(ع) فإذا أخذته فقل هذا الكلام: اللهم إني أسألك بحق هذه الطينة ، وبحق الملك الذي أخذها، وبحق النبي الذي قبضها، وبحق الوصي الذي حل فيها، صل على محمد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذ
قال: ثم قال لي أبو عبد الله: أما الملك الذي قبضها فهو جبرئيل، وأراها النبي(ص)، فقال: هذه تربة ابنك الحسين تقتله أمتك من بعدك ، والذي قبضها فهو محمد رسول الله(ص)، وأما الوصي الذي حل فيها فهو الحسين(ع) والشهداء
قلت:قد عرفت جعلت فداك الشفاء من كل داء،فكيف الأمن من كل خوف؟ فقال: إذا خفت سلطاناً أو غير سلطان، فلاتخرجن من منزلك إلا ومعك من طين قبر الحسين فتقول:اللهم إني أخذته من قبر وليك وابن وليك، فاجعله لي أمناً وحرزاً لما أخاف وما لا أخاف، فإنه قد يرد ما لايخاف
قال الحارث بن المغيرة: فأخذت كما أمرني، وقلت ما قال لي فصح جسمي، وكان لي أماناً من كل ما خفت وما لم أخف كما قال أبو عبد الله، فما رأيت مع ذلك بحمد الله مكروهاً ولا محذوراً ) ( أمالي الطوسي ص317)
أما قول الإمام الصادق(ع):أما الملك الذي قبضها فهو جبرئيل، وأراها النبي فهو إشارة الى ذلك اليوم الذي جاء فيه جبرئيل الى النبي(ص)وأخبره فيه عن الإمام الحسين والأئمة من بعده من ذريته(ع)، قال الإمام الصادق(ع):
( إن جبرئيل(ع)نزل على محمد وما ولد الحسين بعدُ فقال: يولد لك غلامٌ تقتله أمتك من بعدك! فقال: يا جبرئيل لاحاجة لي فيه ، فخاطبه ثلاثاً ، ثم دعا علياً فقال له: إن جبرئيل(ع)يخبرني عن الله تعالى أنه يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك، قلت لاحاجة لي فيه، فقال علي: لاحاجة لي فيه يا رسول الله، فخاطب علياً ثلاثاً ، ثم قال: إنه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة فأرسل إلى فاطمة: إن الله يبشرك بغلام تقتله أمتي من بعدي! قالت فاطمة: لاحاجة لي فيه، فخاطبها فيه ثلاثاً، ثم أرسل إليها: لابد من أن يكون وتكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة فقالت له: رضيت عن الله فعلقت وحملت بالحسين فحملته ستة أشهر ثم وضعته، ولم يعش مولود قط لستة أشهر غير الحسين وعيسى بن مريم(ص)فكفلته أم سلمة)(الإمامة والتبصرة ص51)
إقرؤوا روايات كامل الزيارات لتروا الإهتمام بهذه التربة المقدسة ، حيث ورد التعبير عنها بحفظها ، وفي بعضها بخزن النبي(ص)لها ! فقد وصل هذا التراب الطاهر الى مستوى أن يقسم بها على الله تعالى، بعد القسم عليه بجبرئيل والنبي(ص)! والروايات في فضلها كثيرة أعم من المعتبرة وغيرها !
وفوق هذا، لقد وصلت مكانة تربة الحسين(ع)الى أن السجود عليها ينور الى الأرض السابعة ! فقدقال الصدوق&: وقال(ع): السجود على طين قبر الحسين(ع) يُنوِّر إلى الأرض السابعةانتهى(من لايحضره الفقيه:1/268)
فما هي هذه الملحمة وما تلك الأسرار التي جعلت أشعتها تصل الى الأرض السابعة ؟!
وفوق هذا ، والسر المحير للعقول أن السجود عليها يخرق الحجب السبعة!! يقول معاوية بن عمار رضي الله عنه:
(كان لأبي عبد الله(ع)خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله(ع)فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه ثم قال: إن السجود على تربة أبي عبد الله يخرق الحجب السبع) (وسائل الشيعة:3 /608 )
كان لأبي عبد الله(ع) وكان هنا تفيد الإستمرار
خريطة ديباج صفراء من أغلى القماش الذي كانت تحفظ فيه الجواهر واللئالي! فكان يحفظ فيه تربة أبي عبد الله الحسين(ع)!
وكان يفتح هذا الكنز المقدس ، ويخرج ذلك التراب المبارك ليسجد لله عليه في صلاته ! ثم يقول للناس لا تتعجبوا من فعلي هذا: إن السجود على تربة أبي عبد الله يخرق الحجب السبع !
أنا عاجز عن شرح هذه الكلمة! وروايتها صحيحة ، فهي عن معاوية بن عمار رضي الله عنه ، وسند الشيخ اليه صحيح
فاعجب إن أردت العجب لأن يكون السجود على تربة الحسين(ع)يصل شعاعه المنير الى الأرض السابعة! ويصعد من ناحية أخرى حتى يخرق الحجب السبع! فأي قدرة جعل الله في هذا التراب؟ ومن هو ذلك العظيم الذي وقع ظله على تراب كربلاء؟!
التراب الذي بلغ من قدرته أن الإمام الصادق(ع)، حجة الله في أرضه وولي الله المطلق، يستفيد منه في سجوده فيضع عليه جبهته ، ليخرق نوره وسجوده الحجب! إنه أمر يحتاج الى فقيه نبيه ليفهمه !
إقرؤوا روايات تكبير الإفتتاح، لتروا ما هو سر استحباب سبع تكبيرات؟!
( عن الإمام الصادق(ع)قال: إن رسول الله(ص)كان في الصلاة إلى جانبه الحسين بن علي، فكبر رسول الله فلم يُحِر الحسين التكبير ، فلم يزل رسول الله(ص)يكبر ويعالج الحسين التكبير فلم يحره ، حتى أكمل سبع تكبيرات ، فأحار الحسين التكبير في السابعة فقال أبو عبد الله: وصارت سنة ) (علل الشرائع:2/331 )
وصارت سنةيعني نزل جبرئيل فأخبر النبي(ص)أن تكبيرات الإفتتاح سبع تكبيرات بعدد الحجب السبعة ، وأن تكبيرات هذا الطفل المبارك صحيحة وقد خرقت الحجب السبعة ، وقد تركه الله تعالى يلثغ في الستة حتى ألهمه فنطق السابعة (الله أكبر) بدون لثغ الأطفال !
فهل جاء من هنا تأثير تربة قبر الحسين(ع)؟
هذا هو الإمام الحسين(ع)وهكذا فاعرفوه ، وهكذا عرفوه الى الناس عسى أن يشملكم لطف ولده الإمام المهدي أرواحنا فداه والسلام عليه وعلى أولاده وأصحابه
اللهم صل على وليك الحسين بن علي بن أبي طالب
عدد ما في علمك ، صلاة دائمة بدوام ملكك وسلطانك
إن المعذورين لاحرج عليهم إن لم يسافروا الى التبليغ في أيام عاشوراء ، لكن على المستطيعين أن يغتنموا هذه الفرصة ، ويذهبوا بأي طريقة الى تلك المناطق التي يوجد فيها قطاع طرق ، يقطعون طريق التشيع، ويضللون بسطاء الناس بالشبهات !
يجب الإنتباه الى أن أهم واجباتنا اليوم حفظ ثغور المذهب ، وخير من أن نتكلم نحن في ذلك، فلنستمع الى كلام الأئمة(ع)، فمن ذلك قول الإمام الصادق(ع): (علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج علىضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته والنواصب ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا ، كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة ، لأنه يدفع عن أديان محبينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم ) ( الإحتجاج :1/8 )
إن هذا الكلام مصداق: كلامكم نور ، فهو خير مصباح ينير كل حياتكم
أنتم ترون أن الفقهاء قسموا كتاب الجهاد الى فصلين ، فصل في الجهاد ، وفصل في الرباط ، والرباط ورد ذكره في القرآن في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (سورة آل عمران:200 )،
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة ، وهو محل إجماع فرق المسلمين
فالمرابطة عمل يلي الجهاد ، وقد بلغ من أمر الجهاد أن من يخرج من بيته بنيته فهو لايخلو من أمرين: إن رجع الى أهله رجع مغفوراً له كيوم ولدته أمه، وإن مات فقد وقع أجره على الله تعالى: وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَىاللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (سورة النساء:100)
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ( سورة آل عمران:169)
والرباط الذي يلي مرتبة الجهاد، منه رباط للقوات العسكرية على حدود بلاد المسلمين، يحفظون ثغورها من هجمات الأعداء، ومنه هذا الرباط المميز الذي حثكم عليه الإمام الصادق(ع)، وهو رباط العلماء على ثغور عقائد الإسلام، وهو رباط من أفضل أنواع الجهاد، لأنه رباط على ثغور التشيع الذي حدوده قلوب ضعفاء المسلمين ، وعدوه المقابل إبليس وعفاريته المضلون !
وفي كلامه(ع)لطائف كثيرة لايمكننا استيعابها ، وكما قال هو(ع):حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه (معاني الأخبار للصدوق ص2) ، لكن واجبي أن أقدم لكم عصارة الفقه والأحاديث التي فيها سعادة الدنيا والآخرة، حتى أسقط مسؤوليتي الشرعية ، ولا يقال لي غداً: لماذا لم تقل؟
إن الذين يقومون بتنظيم برنامج حياتهم حسب كلامه(ع)، فنتيجة عملهم الفريدة ليس محلها الدنيا! لكنهم سوف يدركون ماذا ينتظرهم عند ربهم، فهم في الدنيا يذوقون حلاوة عملهم ، وهذه السعادة العليا لاينالها كل أحد ، فاحرصوا على سلوك التقوى لأن جناب الحق سبحانه عظيم الجلال، والطريق هنا لا يمكن سلوكه بدون طهارة: لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ فبمقدار ما تحققون من التقوى في سلوككم ، يمن عليكم الله تعالى بخلعته الربانية وهي لباس المرابطين على ثغور المذهب، في غيبة ولي العصر أرواحنا فداه
ومن واجبات المرابط أن يرصد العدو، ويفهم من أين يريد إبليس وعفاريته أن ينفذوا ، فيحصن تلك الثغرة ، ويسد ذلك المنفذ
هذه المهمة هي واجبكم اليوم ، أما ثوابها فهو يبهر العقول!
قال الإمام(ع): ( ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا، كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة! )
إن هذه الرواية وأمثالها التي وردت بهذا المضمون، تدلنا على أن الأئمة (ع)كانوا يتوقعون أن إبليس وعفاريته سوف يركزون جهودهم لإبعاد الناس عن مذهب أهل البيت(ع)، وأن الخطر سيتوجه من إبليس وعفاريته الى ضعفاء الشيعة ! فاقرؤوا هذه الروايات في البحار وغيره بفهم وليس مجرد قراءة ! وستجدون أن همَّ الأئمة(ع)يتركز على حفظ ضعفاء الشيعة من وسوسات النواصب والمخالفين !
والتعبير بإبليس وعفاريته له مغزى مهم ، فهو يدل على أن قوى عفريتية وأعمالاً عفريتية ستحاول النفوذ الى أذهان ضعفاء الشيعة والتأثير عليها كما نرى في مثل هذا الزمان!
فعلى العالم أن يكون مرابطاً في سبيل الله ، حارساً لثغور المذهب الحق ، حافظاً لقلوب ضعفاء الشيعة ، دافعاً عنهم إبليس وعفاريته، الذين يبذلون جهدهم للنفوذ الى قلوبهم
هل تعرفون كم أريق من الدماء الطاهرة من أجل هذه العقائد الحقة التي هي مذهب أهل البيت الطاهرين(ع)؟!
وأن الأئمة المعصومين(ع)وشيعتهم الأبرار قد تحملوا من المعاناة من أجل ترسيخها وحفظها ما يصعب على الإنسان أن يتحمل سماعه أو تصوره ؟!
هل عندكم خبر أن اضطهاد أهل البيت الطاهرين وشيعتهم وصل الى حد أن الطاغية هارون الرشيد العباسي أمر قائد حملته العسكرية على المدينة (أن يُغير على دور آل أبي طالب ، وأن يسلب نساءهم ، ولا يدع على الواحدة منهن إلا ثوباً واحداً )؟!!
ثم بلغ في عهد الطاغية المتوكل العباسي أنه (كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة) !!
قال الصدوق في عيون أخبار الرضا(ع):1/172: (وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة ، بعثه الرشيد وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه ، وأن يغير دور آل أبي طالب ، وأن يسلب نساءهم ، ولايدع على واحدة منهن إلا ثوباً واحداً ، ففعل الجلودي ذلك، وقد كان مضى أبوالحسن موسى بن جعفر(ص)فصارالجلودي إلى باب دار أبي الحسن الرضا(ع)، هجم على داره مع خيله، فلما نظر إليه الرضا جعل النساء كلهن في بيت، ووقف على باب البيت فقال الجلودي لأبي الحسن: لا بد من أن أدخل البيت فأسلبهن كما أمرني أمير المؤمنين! فقال الرضا(ع): أنا أسلبهن لك وأحلف أني لا أدع عليهن شيئاً إلا أخذته! فلم يزل يطلب إليه ويحلف له حتى سكن، فدخل أبو الحسن الرضا(ع)فلم يدع عليهن شيئاً حتى أقراطهن وخلاخيلهن وأزرهن إلا أخذه منهن ، وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير ) !!
وقال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص396: (واستعمل- أي المتوكل ـ على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي ، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ، ومنع الناس من البر بهم ، وكان لا يبلغه أن أحداً أبر أحداً منهم بشئ وإن قل إلا أنهكه عقوبة وأثقله غرماً ، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ، ثم يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر ، إلى أن قتل المتوكل ) !! انتهى
إن مذهب التشيع الذي وصل الينا إنما هو بقية السيف ، وحصيلة جهود عظيمة تواصلت عبر قرون ، من أولئك الصامدين الأبرار ، وثمرة تحملاتهم لأنواع أذى الطغاة واضطهادهم ويوم يحاسب الله الظالمين على ظلمهم ، لابد أن يحاسبنا على تقصيرنا بحق هذا التراث النبوي إن لم يدركنا برحمته
إن هذه العقيدة مذكرات دم الحسين بن علي(ع)وثمرة قهر زينب وأسرها ، وميراث قطع يدي أبي الفضل العباس فعلينا أن نعرف قيمة هذه العقيدة العظيمة ، وندرك حجم مسؤوليتنا تجاهها
عندما تخرجون من بيوتكم في سفركم لتبليغ الإسلام ، فلتكن همتكم أن تحفظوا عقائد هذا المذهب الحق بحبات قلوبكم ، وإن رأيتم قلباً موالياً بذروا فيه شكاً ، أن تزيلوا شكه ، وإن رأيتموهم ألقوا شبهة ، أن تدفعوها عندئذ سيكون أجركم ما فوق الدراهم والدنانير! سيكون ما قال عنه أمير المؤمنين(ع): من قوَّى مسكيناً في دينه ضعيفاً في معرفته ، على ناصب مخالف فأفحمه ، لقنه الله تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن بهجتي وعدتي، والمؤمنون إخواني، فيقول الله: أدليت بالحجة فوجبت لك أعالي درجات الجنة، فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة ( الإحتجاج :1/10)
لقَّنه الله تعالىكلمةٌ لايتصور أعلى منها ! فهي وعد أمير المؤمنين لكم ، إن أنتم قوَّيتم عقيدة ضعيف في معرفة دينه ، وثبَّتم قلبه على مذهب الحق ، أن أول أثر عملكم أن يكون ملقنَ أحدكم في قبره الله تبارك وتعالى! ثم يكون الأثر أن يتحول قبره الى روضة من رياض الجنة ، بل من أنزه رياضها !!
إنه أجرٌ أكبر من توقعنا ، بل هو أكبر من تصورنا ! فابذلوا همتكم في هذا السفر في نشر فضائل أهل البيت(ع)، وليكن همكم أن تشرحوا للناس القرآن والسنة فقط ، فلا تنحرفوا عن هذا الخط واعلموا أن طريق التأثير في قلوب الناس محصور في القرآن وأحاديث النبي والعترة(ص)، وأن الطرق الأخرى غلط! فلا تخلطوا الكلام البشري بالكلام الإلهي ، ولا تقيسوا الأرضي بالسماوي ، ولا الأوهام بالحقائق !
هذا هو طريق إرشاد الناس، وتبليغ الدين فإن فعلتم فإن أفضل ماتحصلون عليه من أجرة أنكم ترجعون برضا صاحب الزمان أرواحنا فداه ، فرضاه يتحقق بذلك دون شك
إن الإمام المهدي أرواحنا فداه يركز نظره في عصرنا على عاشوراء ، فهي محط نظره وأمله، وهذا أمر قطعي لاشك فيه ولا قيد له ، وعنايته روحي فداه بهذا البلد مشروطة بوجود عاشوراء ، فإن تزلزل وجودها فإن كل ما يبقى لاقيمة له في نظره الشريف !
أما لماذا كانت عاشوراء مركز الثقل في نظره، وما هو السر في ذلك؟ فجوابه: أن الوصول الى أعماق أفكار الإسلام في مذهب أهل البيت(ع)ليس أمراً سهلاً في متناول الأطفال
السرأن الحارث بن المغيرة النصري قال: قلت لأبي عبد الله: إني رجل كثير العلل والأمراض وماتركت دواء إلا تداويت به فما انتفعت بشئ منه!
فقال لي: أين أنت عن طين قبر الحسين بن علي ، فإن فيه شفاءً من كل داء ، وأمناً من كل خوف (أمالي الطوسي ص317) إنه كلام إمام نشرعلوم الأنبياء(ع)!
فإن فيه شفاءً من كل داء من الأمراض البدنية والعقلية والروحية أيضاً! فلفظ (كل) موضوع للدلالة على العموم ، ومقام الإمام بالدرجة الأولى طب أمراض النفوس لا الأبدان
فإن فيه شفاءً من كل داء فلو تفهمنا لانفتح باب علم من تربة كربلاء !
إن الإمام الحسين(ع)لم يعرف الى الآن! وإن تربة قبره إكسير يشفي داء أبداننا ، وداء أفكارنا ، وداء أرواحنا ، وكل داء جسمي ، أو روحي للبشر
وأمناً من كل خوف أيُّ خوف تؤمِّن منه تربة قبر الحسين(ع)؟ إنها أمان من الخوف الأكبر ، لمن وضعها في قبره وتفضل الله عليه بإكرامه إكراماً لهذه التربة للإمام الحسين(ع), كما أنها أمانٌ من خوف الظالم في الدنيا لمن اصطحبها معه ليرد ببركتها ظلم الظالم !
لكن الإمام الصادق(ع)قال إن لذلك دعاء وآداباً ولايتسع وقتنا لشرحها ، قال(ع) فإذا أخذته فقل هذا الكلام: اللهم إني أسألك بحق هذه الطينة ، وبحق الملك الذي أخذها، وبحق النبي الذي قبضها، وبحق الوصي الذي حل فيها، صل على محمد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذ
قال: ثم قال لي أبو عبد الله: أما الملك الذي قبضها فهو جبرئيل، وأراها النبي(ص)، فقال: هذه تربة ابنك الحسين تقتله أمتك من بعدك ، والذي قبضها فهو محمد رسول الله(ص)، وأما الوصي الذي حل فيها فهو الحسين(ع) والشهداء
قلت:قد عرفت جعلت فداك الشفاء من كل داء،فكيف الأمن من كل خوف؟ فقال: إذا خفت سلطاناً أو غير سلطان، فلاتخرجن من منزلك إلا ومعك من طين قبر الحسين فتقول:اللهم إني أخذته من قبر وليك وابن وليك، فاجعله لي أمناً وحرزاً لما أخاف وما لا أخاف، فإنه قد يرد ما لايخاف
قال الحارث بن المغيرة: فأخذت كما أمرني، وقلت ما قال لي فصح جسمي، وكان لي أماناً من كل ما خفت وما لم أخف كما قال أبو عبد الله، فما رأيت مع ذلك بحمد الله مكروهاً ولا محذوراً ) ( أمالي الطوسي ص317)
أما قول الإمام الصادق(ع):أما الملك الذي قبضها فهو جبرئيل، وأراها النبي فهو إشارة الى ذلك اليوم الذي جاء فيه جبرئيل الى النبي(ص)وأخبره فيه عن الإمام الحسين والأئمة من بعده من ذريته(ع)، قال الإمام الصادق(ع):
( إن جبرئيل(ع)نزل على محمد وما ولد الحسين بعدُ فقال: يولد لك غلامٌ تقتله أمتك من بعدك! فقال: يا جبرئيل لاحاجة لي فيه ، فخاطبه ثلاثاً ، ثم دعا علياً فقال له: إن جبرئيل(ع)يخبرني عن الله تعالى أنه يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك، قلت لاحاجة لي فيه، فقال علي: لاحاجة لي فيه يا رسول الله، فخاطب علياً ثلاثاً ، ثم قال: إنه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة فأرسل إلى فاطمة: إن الله يبشرك بغلام تقتله أمتي من بعدي! قالت فاطمة: لاحاجة لي فيه، فخاطبها فيه ثلاثاً، ثم أرسل إليها: لابد من أن يكون وتكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة فقالت له: رضيت عن الله فعلقت وحملت بالحسين فحملته ستة أشهر ثم وضعته، ولم يعش مولود قط لستة أشهر غير الحسين وعيسى بن مريم(ص)فكفلته أم سلمة)(الإمامة والتبصرة ص51)
إقرؤوا روايات كامل الزيارات لتروا الإهتمام بهذه التربة المقدسة ، حيث ورد التعبير عنها بحفظها ، وفي بعضها بخزن النبي(ص)لها ! فقد وصل هذا التراب الطاهر الى مستوى أن يقسم بها على الله تعالى، بعد القسم عليه بجبرئيل والنبي(ص)! والروايات في فضلها كثيرة أعم من المعتبرة وغيرها !
وفوق هذا، لقد وصلت مكانة تربة الحسين(ع)الى أن السجود عليها ينور الى الأرض السابعة ! فقدقال الصدوق&: وقال(ع): السجود على طين قبر الحسين(ع) يُنوِّر إلى الأرض السابعةانتهى(من لايحضره الفقيه:1/268)
فما هي هذه الملحمة وما تلك الأسرار التي جعلت أشعتها تصل الى الأرض السابعة ؟!
وفوق هذا ، والسر المحير للعقول أن السجود عليها يخرق الحجب السبعة!! يقول معاوية بن عمار رضي الله عنه:
(كان لأبي عبد الله(ع)خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله(ع)فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه ثم قال: إن السجود على تربة أبي عبد الله يخرق الحجب السبع) (وسائل الشيعة:3 /608 )
كان لأبي عبد الله(ع) وكان هنا تفيد الإستمرار
خريطة ديباج صفراء من أغلى القماش الذي كانت تحفظ فيه الجواهر واللئالي! فكان يحفظ فيه تربة أبي عبد الله الحسين(ع)!
وكان يفتح هذا الكنز المقدس ، ويخرج ذلك التراب المبارك ليسجد لله عليه في صلاته ! ثم يقول للناس لا تتعجبوا من فعلي هذا: إن السجود على تربة أبي عبد الله يخرق الحجب السبع !
أنا عاجز عن شرح هذه الكلمة! وروايتها صحيحة ، فهي عن معاوية بن عمار رضي الله عنه ، وسند الشيخ اليه صحيح
فاعجب إن أردت العجب لأن يكون السجود على تربة الحسين(ع)يصل شعاعه المنير الى الأرض السابعة! ويصعد من ناحية أخرى حتى يخرق الحجب السبع! فأي قدرة جعل الله في هذا التراب؟ ومن هو ذلك العظيم الذي وقع ظله على تراب كربلاء؟!
التراب الذي بلغ من قدرته أن الإمام الصادق(ع)، حجة الله في أرضه وولي الله المطلق، يستفيد منه في سجوده فيضع عليه جبهته ، ليخرق نوره وسجوده الحجب! إنه أمر يحتاج الى فقيه نبيه ليفهمه !
إقرؤوا روايات تكبير الإفتتاح، لتروا ما هو سر استحباب سبع تكبيرات؟!
( عن الإمام الصادق(ع)قال: إن رسول الله(ص)كان في الصلاة إلى جانبه الحسين بن علي، فكبر رسول الله فلم يُحِر الحسين التكبير ، فلم يزل رسول الله(ص)يكبر ويعالج الحسين التكبير فلم يحره ، حتى أكمل سبع تكبيرات ، فأحار الحسين التكبير في السابعة فقال أبو عبد الله: وصارت سنة ) (علل الشرائع:2/331 )
وصارت سنةيعني نزل جبرئيل فأخبر النبي(ص)أن تكبيرات الإفتتاح سبع تكبيرات بعدد الحجب السبعة ، وأن تكبيرات هذا الطفل المبارك صحيحة وقد خرقت الحجب السبعة ، وقد تركه الله تعالى يلثغ في الستة حتى ألهمه فنطق السابعة (الله أكبر) بدون لثغ الأطفال !
فهل جاء من هنا تأثير تربة قبر الحسين(ع)؟
هذا هو الإمام الحسين(ع)وهكذا فاعرفوه ، وهكذا عرفوه الى الناس عسى أن يشملكم لطف ولده الإمام المهدي أرواحنا فداه والسلام عليه وعلى أولاده وأصحابه
اللهم صل على وليك الحسين بن علي بن أبي طالب
عدد ما في علمك ، صلاة دائمة بدوام ملكك وسلطانك