الموضوع الذي يجب التذكير به اليوم ، هو أن الله تعالى يسر لكم بمناسبة أيام عاشوراء خدمةً عظيمة لدينه ، وتجارةً لن تبور
يجب أن يعرف العلماء والفضلاء الذين في هذا المجلس ، قدر منصبهم الديني الذي وفقهم الله اليه وأحاديث أهل البيت(ع)هي عبارات للعوام ، وإشارات للعلماء ، كما هو دأب القرآن
ومن الأمور المهمة في الدين كفالة الأيتام ، ويكفينا لبيان أهميتها قول النبي(ص)في الحديث الذي روته مصادر السنيين: أنا وكافل اليتيم كهاتين هذا بالنسبة الى عموم الأيتام ، ولكن الحديث فيه إشارة فسرها الأئمة(ع)بأبي طالب رضوان الله عليه ، الذي كفل أعظم يتميم على وجه الأرض ، وآمن به أحسن إيمان ، وحماه ورعاه أحسن رعاية ، رضوان الله عليه
وفيه إشارة فسرها الإمام العسكري(ع)بحديث عن آبائه عن جده رسول الله(ص)أنه قال: ( أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه ، يتم يتيمٍ انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهدى الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا وهو يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى ) (1)
فقد وصف النبي(ص)يتم من انقطع عن الوصول الى إمامه بأنه: أشد اليتم ، لأن اليتم تارة يكون يتماً جسمانياً ، وتارة يتماً روحانياً وهذا من باطن كلامه(ص) والآن في هذا البلد يوجد أناس محرومون من تعلم مسائل الدين الإبتدائية البسيطة، وهم يجهلون مسائل الحلال والحرام ، وعقائدهم متزلزلة ، وقد تسلح ذئاب النواصب بكل قواهم لصيدهم! ولا حاجة لبيان هذا الخطر
في مثل هذه الظروف يجب على كل من يستطيع أن يقوم بحفظ أيتام آل محمد ويتكفلهم وبما أننا في أيام عاشوراء ، أكتفي بهذا الحديث عن أبي عبد الله الحسين(ع)قال: من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه، حتى أرشده وهداه وفي نسخة: قطعته عنا محبتنا، ولكن الأظهر: قطعته عنا محنتنا باستتارنا، فتنطبق الرواية على عصرنا ، عصر الإمتحان بالغيبة والإستتار ، وبذلك يتضح واجبنا في كفالة أيتام شيعة آل محمد في هذا العصر والإمتحان
وقد بين الإمام(ع)في الجملة الثانية كيف يتكفل أمثالكم اليتيم ، فقال: فواساه من علومنا التي سقطت إليه، حتى أرشده وهداه ، فبين لكم ماذا يجب أن تقدموه في خطابتكم من الثمار المتساقطة عليكم من شجرة أهل البيت الطيبة شجرة الوحي والنبوة
إن برنامجكم في التبليغ لا يحتاج الى شرح وتوضيح ، فأنتم والحمد لله يكفيكم الإلفات والتذكير، فاكفلوا اليتامى كما أمركم(ع)، ولا تقرؤوا عليهم كلام زيد أو عمر، بل كلام الله تعالىورسوله(ص)، إقرؤوا لهم ماقاله جعفر بن محمد ومحمد بن علي صلوات الله عليهما، من ثمار تلك الشجرة الطيبة التي: أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا (سورة ابراهيم: 24-25) فاقطفوا الثمار من تلك الشجرة، وأسقطوها على أولئك الأيتام !
هذه توجيهات الإمام الحسين(ع)ولا يتسع الوقت لتفصيل فقه الحديث فإن فعلتم ذلك، فإن أجر من تكفل أولئك الأيتام الفكريين في زمن الغيبة وواساهم أن يقول الله له الله عز وجل: أيها العبد الكريم المواسي لأخيه أنا أولى بالكرم منك ، إجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعيم
نعم هذا أجر الحرف الواحد للكافلين أيتام آل محمد(ص)في غيبة إمامهم! وما أقل معرفتنا بعالم الجزاء وحياة الخلود ؟!
يمكنكم في هذه الأيام القليلة أن تفوزوا بتجارة رابحة، فالترغيب الكثير الذي ترونه في القرآن والسنة لنشر العلم والهداية ، إنما هو من أجل أن يقوم العلماء بواجبهم في التعليم ، خاصة في مثل عصرنا ، حتى لا يأتي بعض المخالفين والمتأثرين بهم ويعملوا لتحريف تلك العقائد المقدسة والأفكار النورانية ، التي بذل السلف الصالح جهودهم وجهادهم لحراستها والمحافظة عليها وإيصالها الى الأجيال، من زمن أوتاد الأرض الأربعة من تلاميذ الأئمة: محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين رضوان الله عليهم(2) ، وصولاً الى الذين حفظوا عقائد التشيع الى عصرنا فأهم واجبكم أن تحرسوا هذه العقائد لتبقى نقية سليمة كما هي يجب أن تكون همتكم في أمرين: الأول: حفظ العقائد، والثاني: تعليم مسائل الحلال والحرام ويجب أن تعرفوا أنه لايمكن حفظ الإسلام إلا بحفظ التشيع أصلاً لايوجد دين في العالم إلا الإسلام، ولا يوجد إسلام بالمعنى الصحيح إلا في مذهب التشيع ، فالدين الصحيح والإسلام الصحيح منحصر في مذهب أهل البيت(ع)
أنتم ترون أن الذين يكثرون الكلام عن التوحيد ويدعون أنهم يحملون رايته دون سواهم، هم عند المحاكمة البرهانية أتباع أئمة في الشرك ، وبحكم البرهان رافعو راية التشبيه والتجسيم !
إن العقيدة الإسلامية الحقة في الله تعالى وتوحيده، وفي النبوات وفي المعاد منحصرة في المذهب الجعفري فقط ! وهذا الحكم ليس كلاماً خطابياً بل برهاني، فلن تجد ثقافة عند فئة ولا مذهب إلا وهي متأثرة بثقافات البشر وتحريفاتهم، إلا ما صدر من هذا البيت النبوي المطهر !
روحي فداء للإمام الباقر الذي قال: كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل! فهذه الكلمة اليوم يثبتها البرهان (3)
وإذا أردتم أن تهدوا الناس فلا تنسوا أن الحسين(ع)مصباح الهدى ، فما لم تجدوا المصباح لايمكنكم هدايتهم !
إن الحسين مصباح الهدىكلمة رآها النبي(ص)في معراجه الى السماء! لم ير هذه الكلمة في السماء الأولى ولا الثانية ، وصل الى اللوح ثم الى القلم ، وعَبَرَ عنهما وعن الكرسي ، عَبَرَ عن سبعين ألف قائمة للعرش ! وعندما وصل الى منتهى المطالب والمقاصد رآها هناك! وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل:مصباح هدى وسفينه نجاة (4)
فعليكم أن تحافظوا على عظمة عزاء سيد الشهداء(ع)ولاتسمحوا للضعفاء أو السفهاء المتأثرين بالأفكار السنية ، أن ينقصوا من عظمة العزاء الحسيني
في هذا اليوم لي كلمة مختصرة مع أعيان علماء السنيين،فلا أهمية لعلمائهم المقلدة ، لكن في كل قوم باحثون من أهل الإستدلال العقلي لهم تضلع في العلوم النقلية وكلامي فقط مع هؤلاء الذين لايقاس الواحد منهم بملايين المقلدة توجد رواية نصها: حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا في هذه الرواية جهتان للبحث: بحث سندي ، ودلالي
أما البحث السندي فنتعرض له هنا ، مع أنه ينبغي للمحققين منهم أن يلتفتوا الى أننا لانحتاج الى أصالة السند في مثل هذا النص ، بناء على مبنانا الذي نؤكد عليه ، من أن قوة المتن قد تكون دليلاً على صحة السند ، وأنه يستحيل أن يصدر هذا الكلام من غير المعصوم(ع)
لقد روى الحديث من علمائهم وأئمة محدثيهم: صاحب الإستيعاب ، وابن الأثير ، وأحمد بن حنبل ، والترمذي ، وابن ماجه ، والحاكم ، والبخاري في الأدب المفرد، والطبراني، وابن شيبة، وآخرون من أعيان علمائهم وهذا نصه من الأدب المفرد للبخاري ص85: (364- حدثنا عبدالله بن صالح قال: حدثنا معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ههنا وههنا، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى في رأسه، ثم اعتنقه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، الحسين سبط من الأسباط) انتهى (5)
وقد صححه عدد من علمائهم ، ومنهم الذهبي كبير النقاد عندهم ، مع أنه حريص ما استطاع على تضعيف أحاديث فضائل أهل البيت(ع)
أما فقه هذا الحديث فهو عميق ، لكنا نذكر منه نقاطاً ، ويمكن لأهل البحث والتحقيق أن يتوسعوا فيها ، وندعو مفكري السنة لأن يهتموا بدرايته ، ولا يقتصروا على روايته كما هو ديدنهم
حسين مني ماذا تعني؟ هذه الياء التي هي ضمير متصل بِمِن ، ثم جاءت ضميراً منفصلاً في أول الجملة الثانية:وأنا من حسين ، أي ياء هي؟ وعن أي معنى تحكي؟ ينبغي أن ينتبه من كان منهم متضلعاً في الإستدلالات العقلية ، الى أن كلمة: مني، هنا لا تعني أن الحسين يدي ، أوعيني ، أو رأسي ، أو جسدي فالياء هنا وكذا: أنا ، تعني تمام وجود النبي(ص)، من بدن وقوى ! فالحسين وجود انشعب من حقيقة الحقائق !
فإن لم يكونوا من أهل التخصصات العقلية العالية، فلا أقل أن يتفهموا النمط الثالث للنفس الأرضية والسماوية عند ابن سينا، هناك حيث يقال للإنسان: إرجع الى نفسك وتأمل! فليقرؤوا التنبيه الأول في إشارات ابن سينا في بحث النفس حتى آخره ليعرفوا حقيقة العِلِّية للإنسانية، وأنها مبدأ الإدراك والحركة ومبدأ كل فعل وانفعال في تكوين شخصيته !
حسين مني معناها أنه منشعب ومتفرع من جوهر النبوة السامي اللطيف، هذا الجوهر الذي هو فوق البدن البشري للنبي(ص)ذي الحواس المعروفة ، وفوق البدن المثالي للنبي(ص)الذي له حواسه أيضاً أما حسين مني فهو من جوهر مرتبته أعلى من هذا البدن المادي ، وذاك البدن المثالي !
ما أسهل رواية الحديث، فقد رواه كبارهم وصححوهرواه الحاكم النيشابوري وصححه هو والذهبي، ورواه آخرون كالترمذي وابن ماجه والبخاري ، لكن اقتحام العقبة إنما هو بفقهه لابروايته فماذا فعلتم في فقهه؟!
لو فهمتم معنى حسين مني ، لتابعتم سيركم فالحسين من النبي(ص)، والنبي من ماذا؟ والى أين يرجع الضمير في(مِنِّي) ومن أين تفرع النبي(ص)؟! هنا يخشع خواص المفكرين ويقولون: انكسرت الأقلام ، وخرس البيان !
فالنبي(ص)متفرع من نور العظمة الإلهي! والحقيقة المحمدية هي النقطة الأولى في بدو قوس النزول في الوجود، وهي منتهى قوس الصعود في الوجود ! وبه يتضح أن الحقيقة الحسينية عين الحقيقة المحمدية !
وهنا يصل العالم المفكر السني من هذا الحديث الشريف الى أصل النور وفروعه: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شئ عَلِيمٌ ( سورة النور:35 )
ومادام الأمر كذلك، فإن الجراحات التي أصابت بدن الحسين يوم عاشوراء قد وقعت على شخص رسول الله(ص)، وما يقع على النبي يقع على نور عظمة الله تعالى ! إن المصيبة التي أصيبها الإسلام بالحسين(ع)هي المصيبة التي ثقلت في السماوات والأرض! المصيبة التي تهدمت بها أركان الهدى ، وأثرت على كل الوجود !
لو أن علماء المذاهب السنية تأملوا في كلامنا بعين الإنصاف وتابعوا هذا الباب الذي يفتحه لهم حديث: حسين مني وأنا من حسين، لعظموا يوم عاشوراء، ولخرجوا فيه حفاة حاسري الرؤوس دامعي العيون، وأوصوا جميع المسلمين أن يقيموا مراسم العزاء ليوم عاشوراء ، تفوق مراسم كل الحوادث والمناسبات الأخرى !
أرجو أن يقرؤوا هذا الرواية ، ثم يقرؤوا كلام ابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي ، وجلال الدين السيوطي، وغيرهم من علماء السنة ، حيث رووا كلهم ما حدث في يوم عاشوراء قالوا: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهماكسفت الشمس كَسْفَةً بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي! أي ظننا أنها القيامة ! (6)
فالمصيبة التي هزت الملأ الأعلى ، وأحدثت فيه هذا الحزن والغضب، ماذا يجب أن تؤثر فينا في هذا العالم ؟!
حسين مني هذه هي الجملة الأولى ، والجملة الثانية:وأنا من حسين
ولا يتسع المقام لشرحها
أما الجملة الثالثة ، فهي عالم يموج بالبلاغة النبوية والدقة: أحب الله من أحب حسيناً والسر فيها أنها جملة خبرية، وإنشائية تتضمن معنى الإخبار! ومعناها أن الحسين محبوب الله تعالى الى حد أن محبته محبة لله تعالى ! فما هذه العظمة، وما السبب في حدوث هذا الإنقلاب حتى صار حب الحسين حباً لله تعالى ؟!
ولي خطاب أيضاً معكم ، فخطابكم يختلف عن خطاب السنيين
أقول لكم كلمتين لتفكروا فيهما:
الكلمة الأولى: أن الإمام الصادق(ع)المعروف بأخلاقه وبشاشته ، كان كما يروي صاحب كامل الزيارة عن أبي عمارة المنشد: ما ذكر الحسين عند أبي عبد الله في يوم قط فرئي أبو عبد الله متبسماً في ذلك اليوم الى الليل ! وكان يقول: الحسين عبرة كل مؤمن ! (7)
هذه هي قضية الحسين وهذا هو الإمام الصادق صلوات الله عليهم
والكلمة الثانية: هل رأيتم كيف يكون الفقيه؟! كان كبار العلماء إذا رأوا اتفاق ثلاثة فقهاء على الفتوى في مسألة في الفقه ، أفتوا بها ثقة بعلمهم ودقتهم وتقواهم! والثلاثة هم الشيخ الأنصاري، والميرزا الشيرازي، والميرزا الشيرازي الثاني ، قدس الله أرواحهم
وكان الميرزا محمد تقي الشيرازي أعلى الله مقامه أعجوبة في الفكر ، من حيث دقة النظر ، وأعجوبة في متانته وصلابته فهو الذي وقف في وجه الإنكليز وأطلق ثورة العراق ! شخص في مثل هذه الصفة ، كان يوم عاشوراء حاسر الرأس حافياً ، في موكب العزاء يلطم على صدره !
ما هذا العمل من رأس الشيعة ومرجعهم ؟ نعم ، كان رأس الشيعة ، وهو في عاشوراء، حاسر الرأس حافي القدمين! وهذا علامة فقاهته لأنه يرى أن الإمام الرضا(ع)يقول: إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء! (8)
إن يوم الحسين أقرح جفوننا إن أدق وألطف عضو في البدن هو العين، فماذا بلغت مصيبة الحسين حتى جرحت جفون الإمام الرضا(ع)؟!
إن الميرزا أعلى الله مقامه يفهم أن المصيبة التي أقرحت جفون الإمام الرضا(ع)، يجب أن يخرج لها حافيا حاسراً ، ويلطم على صدره !
لقد كان& أكبر مما قلنا ، وكان عمله أكثر مما ذكرن
وأختم حديثي كما افتتحته بجملة للإمام الصادق(ع)رئيس المذهب ، فهو الذي ينبغي أن يقول من هو الإمام الحسين(ع)، ومثله ينبغي له أن يقول! ففي تعليماته للشيعة في زيارة الإمام الحسين(ع)قال:إذا أتيت أبا عبدالله فاغتسل على شاطئ الفرات، ثم البس ثيابك الطاهرة، ثم امش حافياً، فإنك في حرم من حرم الله وحرم رسوله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ، والتعظيم لله عز وجل كثيراً ، والصلاة على محمد وأهل بيته، حتى تصير إلى باب الحِير "الحائر"، ثم تقول: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته الخ
وبما أن السائل سأله عن كيفية زيارته، فقد علمه أنك عندما تصل الى قبره الشريف وتسلم عليه بتلك التسليمات تقول: أشهد أنك حجة الله وابن حجته، وأشهد أنك قتيل الله وابن قتيله، وأشهد أنك ثائر الله وابن ثائره، وأشهد أنك وتر الله الموتور في السماوات والأرض، وأشهد أنك قد بلغت ونصحت ووفيت وأوفيت، وجاهدت في سبيل الله،ومضيت للذي كنت عليه شهيداً ومستشهداً وشاهداً ومشهوداً ( الكافي:4/575 )
السلام عليك يا حجة الله أشهد أنك حجة الله فبعد التسليم ، يأتي دور أداء الشهادة لله تعالى ، شهادةٌ تشبه تشهدك عندما تجثو في صلاتك بين يدي الله تعالى ، فتشهد له بالوحدانية ولرسول بالرسالة ، كذلك عندما تزور الإمام الحسين(ع)، فاشهد لله عند قبره بأن الحسين حجته على خلقه !
وهناك شهادة أخرى عظيمة ، عليَّ قولها وعليكم التفكير ، فقد علمنا الإمام الصادق أن نشهد بها للحسين(ص)وهي: أشهد أنك نور الله الذي لم يطفأ ولا يطفأ أبداً وأشهد أنك وجه الله الذي لم يهلك ولا يهلك أبداً (9)
التعليقات
(1) في الاحتجاج:1/5: (وأما الأخبار في فضل العلماء فهي أكثر من أن تعد أو تحصى، لكنا نذكر طرفاً منها فمن ذلك ما حدثني به السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه ، قال حدثني الشيخ الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي&عليه، قال حدثني أبي محمد بن أحمد، قال حدثني الشيخ السعيد أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي&، قال حدثني أبوالحسن محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، قال حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار، وكانا من الشيعة الإمامية، قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري(ع)، قال حدثني أبي عن آبائه(ع)عن رسول الله(ص)أنه قال: أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه ، يتم يتيمٍ انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولايدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى )
وفي الاحتجاج: 1/8: ( وبهذا الإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري قال: قال الحسين بن علي(ع):من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده وهداه قال الله عز وجل: أيها العبد الكريم المواسي لأخيه، أنا أولى بالكرم منك ، إجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعيم
وبهذا الإسناد عنه(ع)قال قال محمد بن علي الباقر(ع): العالم كمن معه شمعة تضئ للناس ، فكل من أبصر بشمعته دعا بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة ، فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، والله يعوضه عن ذلك لكل شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار ، على الوجه الذي أمر الله عز وجل به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة يصليها من بين يدي الكعبة
وبهذا الإسناد عنه: قال قال جعفر بن محمد الصادق(ع): علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي ابليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلط عليهم ابليس وشيعته والنواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك يدفع عن أبدانهم
وعنه بالإسناد المتقدم قال: قال موسى بن جعفر(ص): فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف عابد لأن العابد همه ذات نفسه فقط وهذا همه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف عابدة
وعنه قال: قال علي بن موسى الرضا(ع): يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك وكفيت مؤنتك فادخل الجنةألا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره وأنقذهم من أعدائهم ووفر عليهم نعم جنان الله تعالى، وحصل لهم رضوان الله تعالى ، ويقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد ، الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك ، فيقف فيدخل الجنة معه فئاما وفئاماً وفئاماً - حتى قال عشراً - وهم الذين أخذوا عنه علومه وأخذوا عمن أخذ عنه وعمن أخذ عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة ! فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين ؟!
(2) في معجم رجال الحديث:4/196: (عن جميل بن دراج ، قال: سمعت أبا عبد الله(ع)يقول: أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة: محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين )
(3) في بصائر الدرجات ص531: (عن الإمام الباقر(ع)قال: كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل ) انتهى ، وقد تقدم مع غيره في موضوع رقم12
(4) في عيون أخبار الرضا(ع):2/62: ( وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل: مصباح هدى وسفينه نجاة )
(5) في مسند أحمد بن حنبل:4/172: ( عبد الله حدثني أبي ، ثنا عفان ، ثنا وهيب ، ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى العامري ، أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دعوا له ، قال: فاستمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عفان قال وهيب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، وحسين مع غلمان يلعب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه ، قال فطفق الصبي ههنا مرة وههنا مرة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه ، قال فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه ، فوضع فاه على فيه فقبله، وقال: حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط
وفي سنن ابن ماجة:1/51 بروايتين، وقال في هامشه: ( في الزوائد: إسناده حسن رجاله ثقات )
وفي سنن الترمذي:5/324 ، وقال: هذا حديث حسن
وفي مستدرك الحاكم:3/177، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وفي تحفة الأحوذي بشرح الترمذي:10/190: (قوله: حسين مني وأنا من حسين قال القاضي: كأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم فخصه بالذكر، وبين أنهما كالشئ الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة ، وأكد ذلك بقوله: أحب الله من أحب حسيناً، فإن محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة الله
(حسين سبط) بالكسر (من الأسباط) قال في النهاية: أي أمة من الأمم في الخير ، والأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل ، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل واحدهم سبط ، فهو واقع على الأمة والأمة واقعة عليه انتهى
وقال القاضي: السبط ولد الولد ، أي هو من أولاد أولادي ، أكد به البعضية وقررها ، ويقال للقبيلة قال تعالى: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً، أي قبائل، ويحتمل أن يكون المراد ههنا على معنى أنه يتشعب منه قبيلة ، ويكون من نسله خلق كثير ، فيكون إشارة إلى أن نسله يكون أكثر وأبقى ، وكان الأمر كذلك
قوله (هذا حديث حسن ) وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ، وابن ماجه والحاكم
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف:7/515 ، والبخاري في الأدب المفرد ص85 ، وابن حبان في صحيحه:15/427، والطبراني في المعجم الكبير:3 /33 ، و:22/274 ، وابن حجر الهيثمي في موارد الظمآن ص553
وفي كشف الخفاء:1/358حسين مني وأنا من حسين) رواه الترمذي وحسنه ، عن يعلى ابن مرة الثقفي مرفوعاً، ورواه أحمد وابن ماجه في سننه عن يعلى بن مرة باللفظ المذكور، وزاد: أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط )
وفي تناقضات الألباني الواضحات للسقاف:1/74: (حديث يعلى بن مرة مرفوعاً: (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط) رواه الترمذي، وهو حسن الإسناد قلت: صححه الألباني فأورده في سلسلته الصحيحة:3/229 برقم1227وهو متناقض حيث ضعفه في تخريج مشكاة المصابيح:3/1738برقم 6160، قائلاً: وإسناده ضعيف اه !!
وقال ابن كثير في والنهاية:8/224: ( ثم قال (أي الترمذي): حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبدالله بن عثمان بن خيثم ، عن سعيد بن راشد عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن ورواه أحمد عن عفان عن وهب عن عبد الله بن عثمان بن خيثم به ورواه الطبراني عن بكر بن سهل ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح بن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين سبطان من الأسباط وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي نعيم ، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة )
الحـق المبيـن في معرفة المعصومين(ع)
بحوث مستفادة من محاضرات المرجع الديني الوحيد الخراساني مد ظله
تأليف
الشيخ علي الكوراني العاملي
يجب أن يعرف العلماء والفضلاء الذين في هذا المجلس ، قدر منصبهم الديني الذي وفقهم الله اليه وأحاديث أهل البيت(ع)هي عبارات للعوام ، وإشارات للعلماء ، كما هو دأب القرآن
ومن الأمور المهمة في الدين كفالة الأيتام ، ويكفينا لبيان أهميتها قول النبي(ص)في الحديث الذي روته مصادر السنيين: أنا وكافل اليتيم كهاتين هذا بالنسبة الى عموم الأيتام ، ولكن الحديث فيه إشارة فسرها الأئمة(ع)بأبي طالب رضوان الله عليه ، الذي كفل أعظم يتميم على وجه الأرض ، وآمن به أحسن إيمان ، وحماه ورعاه أحسن رعاية ، رضوان الله عليه
وفيه إشارة فسرها الإمام العسكري(ع)بحديث عن آبائه عن جده رسول الله(ص)أنه قال: ( أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه ، يتم يتيمٍ انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهدى الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا وهو يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى ) (1)
فقد وصف النبي(ص)يتم من انقطع عن الوصول الى إمامه بأنه: أشد اليتم ، لأن اليتم تارة يكون يتماً جسمانياً ، وتارة يتماً روحانياً وهذا من باطن كلامه(ص) والآن في هذا البلد يوجد أناس محرومون من تعلم مسائل الدين الإبتدائية البسيطة، وهم يجهلون مسائل الحلال والحرام ، وعقائدهم متزلزلة ، وقد تسلح ذئاب النواصب بكل قواهم لصيدهم! ولا حاجة لبيان هذا الخطر
في مثل هذه الظروف يجب على كل من يستطيع أن يقوم بحفظ أيتام آل محمد ويتكفلهم وبما أننا في أيام عاشوراء ، أكتفي بهذا الحديث عن أبي عبد الله الحسين(ع)قال: من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه، حتى أرشده وهداه وفي نسخة: قطعته عنا محبتنا، ولكن الأظهر: قطعته عنا محنتنا باستتارنا، فتنطبق الرواية على عصرنا ، عصر الإمتحان بالغيبة والإستتار ، وبذلك يتضح واجبنا في كفالة أيتام شيعة آل محمد في هذا العصر والإمتحان
وقد بين الإمام(ع)في الجملة الثانية كيف يتكفل أمثالكم اليتيم ، فقال: فواساه من علومنا التي سقطت إليه، حتى أرشده وهداه ، فبين لكم ماذا يجب أن تقدموه في خطابتكم من الثمار المتساقطة عليكم من شجرة أهل البيت الطيبة شجرة الوحي والنبوة
إن برنامجكم في التبليغ لا يحتاج الى شرح وتوضيح ، فأنتم والحمد لله يكفيكم الإلفات والتذكير، فاكفلوا اليتامى كما أمركم(ع)، ولا تقرؤوا عليهم كلام زيد أو عمر، بل كلام الله تعالىورسوله(ص)، إقرؤوا لهم ماقاله جعفر بن محمد ومحمد بن علي صلوات الله عليهما، من ثمار تلك الشجرة الطيبة التي: أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا (سورة ابراهيم: 24-25) فاقطفوا الثمار من تلك الشجرة، وأسقطوها على أولئك الأيتام !
هذه توجيهات الإمام الحسين(ع)ولا يتسع الوقت لتفصيل فقه الحديث فإن فعلتم ذلك، فإن أجر من تكفل أولئك الأيتام الفكريين في زمن الغيبة وواساهم أن يقول الله له الله عز وجل: أيها العبد الكريم المواسي لأخيه أنا أولى بالكرم منك ، إجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعيم
نعم هذا أجر الحرف الواحد للكافلين أيتام آل محمد(ص)في غيبة إمامهم! وما أقل معرفتنا بعالم الجزاء وحياة الخلود ؟!
يمكنكم في هذه الأيام القليلة أن تفوزوا بتجارة رابحة، فالترغيب الكثير الذي ترونه في القرآن والسنة لنشر العلم والهداية ، إنما هو من أجل أن يقوم العلماء بواجبهم في التعليم ، خاصة في مثل عصرنا ، حتى لا يأتي بعض المخالفين والمتأثرين بهم ويعملوا لتحريف تلك العقائد المقدسة والأفكار النورانية ، التي بذل السلف الصالح جهودهم وجهادهم لحراستها والمحافظة عليها وإيصالها الى الأجيال، من زمن أوتاد الأرض الأربعة من تلاميذ الأئمة: محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين رضوان الله عليهم(2) ، وصولاً الى الذين حفظوا عقائد التشيع الى عصرنا فأهم واجبكم أن تحرسوا هذه العقائد لتبقى نقية سليمة كما هي يجب أن تكون همتكم في أمرين: الأول: حفظ العقائد، والثاني: تعليم مسائل الحلال والحرام ويجب أن تعرفوا أنه لايمكن حفظ الإسلام إلا بحفظ التشيع أصلاً لايوجد دين في العالم إلا الإسلام، ولا يوجد إسلام بالمعنى الصحيح إلا في مذهب التشيع ، فالدين الصحيح والإسلام الصحيح منحصر في مذهب أهل البيت(ع)
أنتم ترون أن الذين يكثرون الكلام عن التوحيد ويدعون أنهم يحملون رايته دون سواهم، هم عند المحاكمة البرهانية أتباع أئمة في الشرك ، وبحكم البرهان رافعو راية التشبيه والتجسيم !
إن العقيدة الإسلامية الحقة في الله تعالى وتوحيده، وفي النبوات وفي المعاد منحصرة في المذهب الجعفري فقط ! وهذا الحكم ليس كلاماً خطابياً بل برهاني، فلن تجد ثقافة عند فئة ولا مذهب إلا وهي متأثرة بثقافات البشر وتحريفاتهم، إلا ما صدر من هذا البيت النبوي المطهر !
روحي فداء للإمام الباقر الذي قال: كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل! فهذه الكلمة اليوم يثبتها البرهان (3)
وإذا أردتم أن تهدوا الناس فلا تنسوا أن الحسين(ع)مصباح الهدى ، فما لم تجدوا المصباح لايمكنكم هدايتهم !
إن الحسين مصباح الهدىكلمة رآها النبي(ص)في معراجه الى السماء! لم ير هذه الكلمة في السماء الأولى ولا الثانية ، وصل الى اللوح ثم الى القلم ، وعَبَرَ عنهما وعن الكرسي ، عَبَرَ عن سبعين ألف قائمة للعرش ! وعندما وصل الى منتهى المطالب والمقاصد رآها هناك! وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل:مصباح هدى وسفينه نجاة (4)
فعليكم أن تحافظوا على عظمة عزاء سيد الشهداء(ع)ولاتسمحوا للضعفاء أو السفهاء المتأثرين بالأفكار السنية ، أن ينقصوا من عظمة العزاء الحسيني
في هذا اليوم لي كلمة مختصرة مع أعيان علماء السنيين،فلا أهمية لعلمائهم المقلدة ، لكن في كل قوم باحثون من أهل الإستدلال العقلي لهم تضلع في العلوم النقلية وكلامي فقط مع هؤلاء الذين لايقاس الواحد منهم بملايين المقلدة توجد رواية نصها: حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا في هذه الرواية جهتان للبحث: بحث سندي ، ودلالي
أما البحث السندي فنتعرض له هنا ، مع أنه ينبغي للمحققين منهم أن يلتفتوا الى أننا لانحتاج الى أصالة السند في مثل هذا النص ، بناء على مبنانا الذي نؤكد عليه ، من أن قوة المتن قد تكون دليلاً على صحة السند ، وأنه يستحيل أن يصدر هذا الكلام من غير المعصوم(ع)
لقد روى الحديث من علمائهم وأئمة محدثيهم: صاحب الإستيعاب ، وابن الأثير ، وأحمد بن حنبل ، والترمذي ، وابن ماجه ، والحاكم ، والبخاري في الأدب المفرد، والطبراني، وابن شيبة، وآخرون من أعيان علمائهم وهذا نصه من الأدب المفرد للبخاري ص85: (364- حدثنا عبدالله بن صالح قال: حدثنا معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعينا إلى طعام ، فإذا حسين يلعب في الطريق ، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ههنا وههنا، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى في رأسه، ثم اعتنقه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، الحسين سبط من الأسباط) انتهى (5)
وقد صححه عدد من علمائهم ، ومنهم الذهبي كبير النقاد عندهم ، مع أنه حريص ما استطاع على تضعيف أحاديث فضائل أهل البيت(ع)
أما فقه هذا الحديث فهو عميق ، لكنا نذكر منه نقاطاً ، ويمكن لأهل البحث والتحقيق أن يتوسعوا فيها ، وندعو مفكري السنة لأن يهتموا بدرايته ، ولا يقتصروا على روايته كما هو ديدنهم
حسين مني ماذا تعني؟ هذه الياء التي هي ضمير متصل بِمِن ، ثم جاءت ضميراً منفصلاً في أول الجملة الثانية:وأنا من حسين ، أي ياء هي؟ وعن أي معنى تحكي؟ ينبغي أن ينتبه من كان منهم متضلعاً في الإستدلالات العقلية ، الى أن كلمة: مني، هنا لا تعني أن الحسين يدي ، أوعيني ، أو رأسي ، أو جسدي فالياء هنا وكذا: أنا ، تعني تمام وجود النبي(ص)، من بدن وقوى ! فالحسين وجود انشعب من حقيقة الحقائق !
فإن لم يكونوا من أهل التخصصات العقلية العالية، فلا أقل أن يتفهموا النمط الثالث للنفس الأرضية والسماوية عند ابن سينا، هناك حيث يقال للإنسان: إرجع الى نفسك وتأمل! فليقرؤوا التنبيه الأول في إشارات ابن سينا في بحث النفس حتى آخره ليعرفوا حقيقة العِلِّية للإنسانية، وأنها مبدأ الإدراك والحركة ومبدأ كل فعل وانفعال في تكوين شخصيته !
حسين مني معناها أنه منشعب ومتفرع من جوهر النبوة السامي اللطيف، هذا الجوهر الذي هو فوق البدن البشري للنبي(ص)ذي الحواس المعروفة ، وفوق البدن المثالي للنبي(ص)الذي له حواسه أيضاً أما حسين مني فهو من جوهر مرتبته أعلى من هذا البدن المادي ، وذاك البدن المثالي !
ما أسهل رواية الحديث، فقد رواه كبارهم وصححوهرواه الحاكم النيشابوري وصححه هو والذهبي، ورواه آخرون كالترمذي وابن ماجه والبخاري ، لكن اقتحام العقبة إنما هو بفقهه لابروايته فماذا فعلتم في فقهه؟!
لو فهمتم معنى حسين مني ، لتابعتم سيركم فالحسين من النبي(ص)، والنبي من ماذا؟ والى أين يرجع الضمير في(مِنِّي) ومن أين تفرع النبي(ص)؟! هنا يخشع خواص المفكرين ويقولون: انكسرت الأقلام ، وخرس البيان !
فالنبي(ص)متفرع من نور العظمة الإلهي! والحقيقة المحمدية هي النقطة الأولى في بدو قوس النزول في الوجود، وهي منتهى قوس الصعود في الوجود ! وبه يتضح أن الحقيقة الحسينية عين الحقيقة المحمدية !
وهنا يصل العالم المفكر السني من هذا الحديث الشريف الى أصل النور وفروعه: اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شئ عَلِيمٌ ( سورة النور:35 )
ومادام الأمر كذلك، فإن الجراحات التي أصابت بدن الحسين يوم عاشوراء قد وقعت على شخص رسول الله(ص)، وما يقع على النبي يقع على نور عظمة الله تعالى ! إن المصيبة التي أصيبها الإسلام بالحسين(ع)هي المصيبة التي ثقلت في السماوات والأرض! المصيبة التي تهدمت بها أركان الهدى ، وأثرت على كل الوجود !
لو أن علماء المذاهب السنية تأملوا في كلامنا بعين الإنصاف وتابعوا هذا الباب الذي يفتحه لهم حديث: حسين مني وأنا من حسين، لعظموا يوم عاشوراء، ولخرجوا فيه حفاة حاسري الرؤوس دامعي العيون، وأوصوا جميع المسلمين أن يقيموا مراسم العزاء ليوم عاشوراء ، تفوق مراسم كل الحوادث والمناسبات الأخرى !
أرجو أن يقرؤوا هذا الرواية ، ثم يقرؤوا كلام ابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي ، وجلال الدين السيوطي، وغيرهم من علماء السنة ، حيث رووا كلهم ما حدث في يوم عاشوراء قالوا: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهماكسفت الشمس كَسْفَةً بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي! أي ظننا أنها القيامة ! (6)
فالمصيبة التي هزت الملأ الأعلى ، وأحدثت فيه هذا الحزن والغضب، ماذا يجب أن تؤثر فينا في هذا العالم ؟!
حسين مني هذه هي الجملة الأولى ، والجملة الثانية:وأنا من حسين
ولا يتسع المقام لشرحها
أما الجملة الثالثة ، فهي عالم يموج بالبلاغة النبوية والدقة: أحب الله من أحب حسيناً والسر فيها أنها جملة خبرية، وإنشائية تتضمن معنى الإخبار! ومعناها أن الحسين محبوب الله تعالى الى حد أن محبته محبة لله تعالى ! فما هذه العظمة، وما السبب في حدوث هذا الإنقلاب حتى صار حب الحسين حباً لله تعالى ؟!
ولي خطاب أيضاً معكم ، فخطابكم يختلف عن خطاب السنيين
أقول لكم كلمتين لتفكروا فيهما:
الكلمة الأولى: أن الإمام الصادق(ع)المعروف بأخلاقه وبشاشته ، كان كما يروي صاحب كامل الزيارة عن أبي عمارة المنشد: ما ذكر الحسين عند أبي عبد الله في يوم قط فرئي أبو عبد الله متبسماً في ذلك اليوم الى الليل ! وكان يقول: الحسين عبرة كل مؤمن ! (7)
هذه هي قضية الحسين وهذا هو الإمام الصادق صلوات الله عليهم
والكلمة الثانية: هل رأيتم كيف يكون الفقيه؟! كان كبار العلماء إذا رأوا اتفاق ثلاثة فقهاء على الفتوى في مسألة في الفقه ، أفتوا بها ثقة بعلمهم ودقتهم وتقواهم! والثلاثة هم الشيخ الأنصاري، والميرزا الشيرازي، والميرزا الشيرازي الثاني ، قدس الله أرواحهم
وكان الميرزا محمد تقي الشيرازي أعلى الله مقامه أعجوبة في الفكر ، من حيث دقة النظر ، وأعجوبة في متانته وصلابته فهو الذي وقف في وجه الإنكليز وأطلق ثورة العراق ! شخص في مثل هذه الصفة ، كان يوم عاشوراء حاسر الرأس حافياً ، في موكب العزاء يلطم على صدره !
ما هذا العمل من رأس الشيعة ومرجعهم ؟ نعم ، كان رأس الشيعة ، وهو في عاشوراء، حاسر الرأس حافي القدمين! وهذا علامة فقاهته لأنه يرى أن الإمام الرضا(ع)يقول: إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، وأسبل دموعنا ، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء ، أورثتنا الكرب والبلاء ، إلى يوم الانقضاء! (8)
إن يوم الحسين أقرح جفوننا إن أدق وألطف عضو في البدن هو العين، فماذا بلغت مصيبة الحسين حتى جرحت جفون الإمام الرضا(ع)؟!
إن الميرزا أعلى الله مقامه يفهم أن المصيبة التي أقرحت جفون الإمام الرضا(ع)، يجب أن يخرج لها حافيا حاسراً ، ويلطم على صدره !
لقد كان& أكبر مما قلنا ، وكان عمله أكثر مما ذكرن
وأختم حديثي كما افتتحته بجملة للإمام الصادق(ع)رئيس المذهب ، فهو الذي ينبغي أن يقول من هو الإمام الحسين(ع)، ومثله ينبغي له أن يقول! ففي تعليماته للشيعة في زيارة الإمام الحسين(ع)قال:إذا أتيت أبا عبدالله فاغتسل على شاطئ الفرات، ثم البس ثيابك الطاهرة، ثم امش حافياً، فإنك في حرم من حرم الله وحرم رسوله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ، والتعظيم لله عز وجل كثيراً ، والصلاة على محمد وأهل بيته، حتى تصير إلى باب الحِير "الحائر"، ثم تقول: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته الخ
وبما أن السائل سأله عن كيفية زيارته، فقد علمه أنك عندما تصل الى قبره الشريف وتسلم عليه بتلك التسليمات تقول: أشهد أنك حجة الله وابن حجته، وأشهد أنك قتيل الله وابن قتيله، وأشهد أنك ثائر الله وابن ثائره، وأشهد أنك وتر الله الموتور في السماوات والأرض، وأشهد أنك قد بلغت ونصحت ووفيت وأوفيت، وجاهدت في سبيل الله،ومضيت للذي كنت عليه شهيداً ومستشهداً وشاهداً ومشهوداً ( الكافي:4/575 )
السلام عليك يا حجة الله أشهد أنك حجة الله فبعد التسليم ، يأتي دور أداء الشهادة لله تعالى ، شهادةٌ تشبه تشهدك عندما تجثو في صلاتك بين يدي الله تعالى ، فتشهد له بالوحدانية ولرسول بالرسالة ، كذلك عندما تزور الإمام الحسين(ع)، فاشهد لله عند قبره بأن الحسين حجته على خلقه !
وهناك شهادة أخرى عظيمة ، عليَّ قولها وعليكم التفكير ، فقد علمنا الإمام الصادق أن نشهد بها للحسين(ص)وهي: أشهد أنك نور الله الذي لم يطفأ ولا يطفأ أبداً وأشهد أنك وجه الله الذي لم يهلك ولا يهلك أبداً (9)
التعليقات
(1) في الاحتجاج:1/5: (وأما الأخبار في فضل العلماء فهي أكثر من أن تعد أو تحصى، لكنا نذكر طرفاً منها فمن ذلك ما حدثني به السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه ، قال حدثني الشيخ الصادق أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي&عليه، قال حدثني أبي محمد بن أحمد، قال حدثني الشيخ السعيد أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي&، قال حدثني أبوالحسن محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، قال حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار، وكانا من الشيعة الإمامية، قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري(ع)، قال حدثني أبي عن آبائه(ع)عن رسول الله(ص)أنه قال: أشد من يتم اليتيم الذي انقطع من أمه وأبيه ، يتم يتيمٍ انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولايدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا ، كان معنا في الرفيق الأعلى )
وفي الاحتجاج: 1/8: ( وبهذا الإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري قال: قال الحسين بن علي(ع):من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده وهداه قال الله عز وجل: أيها العبد الكريم المواسي لأخيه، أنا أولى بالكرم منك ، إجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعيم
وبهذا الإسناد عنه(ع)قال قال محمد بن علي الباقر(ع): العالم كمن معه شمعة تضئ للناس ، فكل من أبصر بشمعته دعا بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة ، فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، والله يعوضه عن ذلك لكل شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار ، على الوجه الذي أمر الله عز وجل به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة يصليها من بين يدي الكعبة
وبهذا الإسناد عنه: قال قال جعفر بن محمد الصادق(ع): علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي ابليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلط عليهم ابليس وشيعته والنواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك يدفع عن أبدانهم
وعنه بالإسناد المتقدم قال: قال موسى بن جعفر(ص): فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف عابد لأن العابد همه ذات نفسه فقط وهذا همه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف عابدة
وعنه قال: قال علي بن موسى الرضا(ع): يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك وكفيت مؤنتك فادخل الجنةألا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره وأنقذهم من أعدائهم ووفر عليهم نعم جنان الله تعالى، وحصل لهم رضوان الله تعالى ، ويقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد ، الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك ، فيقف فيدخل الجنة معه فئاما وفئاماً وفئاماً - حتى قال عشراً - وهم الذين أخذوا عنه علومه وأخذوا عمن أخذ عنه وعمن أخذ عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة ! فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين ؟!
(2) في معجم رجال الحديث:4/196: (عن جميل بن دراج ، قال: سمعت أبا عبد الله(ع)يقول: أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة: محمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، وليث بن البختري المرادي ، وزرارة بن أعين )
(3) في بصائر الدرجات ص531: (عن الإمام الباقر(ع)قال: كل ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل ) انتهى ، وقد تقدم مع غيره في موضوع رقم12
(4) في عيون أخبار الرضا(ع):2/62: ( وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل: مصباح هدى وسفينه نجاة )
(5) في مسند أحمد بن حنبل:4/172: ( عبد الله حدثني أبي ، ثنا عفان ، ثنا وهيب ، ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى العامري ، أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دعوا له ، قال: فاستمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عفان قال وهيب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، وحسين مع غلمان يلعب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه ، قال فطفق الصبي ههنا مرة وههنا مرة ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه ، قال فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه ، فوضع فاه على فيه فقبله، وقال: حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط
وفي سنن ابن ماجة:1/51 بروايتين، وقال في هامشه: ( في الزوائد: إسناده حسن رجاله ثقات )
وفي سنن الترمذي:5/324 ، وقال: هذا حديث حسن
وفي مستدرك الحاكم:3/177، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وفي تحفة الأحوذي بشرح الترمذي:10/190: (قوله: حسين مني وأنا من حسين قال القاضي: كأنه صلى الله عليه وسلم علم بنور الوحي ما سيحدث بينه وبين القوم فخصه بالذكر، وبين أنهما كالشئ الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة ، وأكد ذلك بقوله: أحب الله من أحب حسيناً، فإن محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة الله
(حسين سبط) بالكسر (من الأسباط) قال في النهاية: أي أمة من الأمم في الخير ، والأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل ، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل واحدهم سبط ، فهو واقع على الأمة والأمة واقعة عليه انتهى
وقال القاضي: السبط ولد الولد ، أي هو من أولاد أولادي ، أكد به البعضية وقررها ، ويقال للقبيلة قال تعالى: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً، أي قبائل، ويحتمل أن يكون المراد ههنا على معنى أنه يتشعب منه قبيلة ، ويكون من نسله خلق كثير ، فيكون إشارة إلى أن نسله يكون أكثر وأبقى ، وكان الأمر كذلك
قوله (هذا حديث حسن ) وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ، وابن ماجه والحاكم
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف:7/515 ، والبخاري في الأدب المفرد ص85 ، وابن حبان في صحيحه:15/427، والطبراني في المعجم الكبير:3 /33 ، و:22/274 ، وابن حجر الهيثمي في موارد الظمآن ص553
وفي كشف الخفاء:1/358حسين مني وأنا من حسين) رواه الترمذي وحسنه ، عن يعلى ابن مرة الثقفي مرفوعاً، ورواه أحمد وابن ماجه في سننه عن يعلى بن مرة باللفظ المذكور، وزاد: أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط )
وفي تناقضات الألباني الواضحات للسقاف:1/74: (حديث يعلى بن مرة مرفوعاً: (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط) رواه الترمذي، وهو حسن الإسناد قلت: صححه الألباني فأورده في سلسلته الصحيحة:3/229 برقم1227وهو متناقض حيث ضعفه في تخريج مشكاة المصابيح:3/1738برقم 6160، قائلاً: وإسناده ضعيف اه !!
وقال ابن كثير في والنهاية:8/224: ( ثم قال (أي الترمذي): حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبدالله بن عثمان بن خيثم ، عن سعيد بن راشد عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن ورواه أحمد عن عفان عن وهب عن عبد الله بن عثمان بن خيثم به ورواه الطبراني عن بكر بن سهل ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح بن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين سبطان من الأسباط وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي نعيم ، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة )
الحـق المبيـن في معرفة المعصومين(ع)
بحوث مستفادة من محاضرات المرجع الديني الوحيد الخراساني مد ظله
تأليف
الشيخ علي الكوراني العاملي