إن قضيتنا الأساسية هي قضية هذه الليلة ومولودها الحجة بن الحسن صلوات الله عليه لكنا نشير الى هذه الضائقة الإقتصادية التي تمر بطلبة العلوم الدينية ، وما ينتج عنها من مشكلات معيشية ، تجعل بعض الطلبة تفتر هممهم عن طلب العلم
ينبغي لهؤلاء أن يعرفوا أي نعمة خصهم بها الله تعالى، وأي ألطاف أولاهم؟! فإن أعظم النعم هو إحياء النفوس التي قال الله تعالى عنها: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ( سورة المائدة:32 )
جاء رجل إلى الإمام الحسن(ع)بهدية فقال له: أيما أحب اليك، أن أرد عليك بدلها عشرين ضعفاً ، عشرين ألف درهم، أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلاناً الناصبي في قريتك ، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك ؟ إن أحسنت الإختيار جمعت لك الأمرين ، وإن أسأت الإختيار خيرتك لتأخذ أيهما شئت؟!
فقال: يا ابن رسول الله فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لأولئك الضعفاء من يده ، قدره عشرون ألف درهم ؟
قال: بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرة
قال: يا بن رسول الله فكيف أختار الأدْوَن ؟! بل أختار الأفضل ، الكلمة التي أقهر بها عدو الله وأذوده عن أوليائه
فقال الحسن بن علي(ص):قد أحسنت الإختيار، وعلمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم ، فذهب فأفحم الرجل ، فاتصل خبره به فقال له حين حضر معه: يا عبدالله ما ربح أحد مثل ربحك، ولااكتسب أحد من الأوداء مثل ما اكتسبت: مودة الله أولاً، ومودة محمد وعلي ثانياً، ومودة الطيبين من آلهما ثالثاً، ومودة ملائكة الله تعالى المقربين رابعاً ، ومودة إخوانك المؤمنين خامساً واكتسبت بعدد كل مؤمن وكافر ماهو أفضل من الدنيا ألف مرة ، فهنيئاً لك هنيئاً ) (الإحتجاج :1/11 والبحار :2 /8 وتفسير العسكري ص347 )
هذه هي قيمة إحياء النفس بالمفهوم القرآني
والمهم أن نعرف بماذا يتم إحياء النفوس حتى نحيي أنفسنا وأنفس غيرنا ؟
هذا شهر رمضان يقبل علينا ، ونفوس الناس تتهيأ فيه لتلقي الفيض والعطاء الإلهي ، لمجاهدتهم نوازع الشهوات وأهم واجباتكم أنتم طبقة العلماء والفضلاء ، أن تستفيدوا من هذه الفرصة في إحياء نفوس الناس:وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ! وإن من أهم مصاديق إحياء الأنفس تعريفها بعقائد الإسلام خاصة إمام زمانها(ع)، وذلك للحديث الصحيح عن رسول الله(ص): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) (1)
فإحياء النفوس في عصرنا معرفته وتعريف الناس به، وإيجاد الإرتباط بين أيتام آل محمد(ص)وبين هذا الأب المحجوب الغائب عن الأنظار(ع)فإن الإرتباط بالله تعالى لا يتحقق إلا عن طريق الإرتباط بهم(ع) الإرتباط بمن منه الوجود لا يتحقق إلا بالإرتباط بمن به الوجود !
وعندما نريد التعرف على شخصيته(ع)وما تحتويه وما يحيط بها ، تقف محركات عقولنا عن العمل ، وكيف لا ، والإمام الرضا(ع)يقول في وصفه :
( بأبي وأمي سميُّ جدي ، شبيهي وشبيه موسى بن عمران ، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس! ) (العيون :1/9 ، وقد تقدم في الموضوع رقم:34)
إنها لأوصافٌ تحير العقل وقد ورد في صفة المسيح(ع)أن عليه جلابيب النور ، ففي مناظرة الإمام الرضا(ع)مع علماء النصارى: (ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا(ع)؟ قال: أعرفه حرفاً حرفاً قال لهما: أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار لابساً جلابيب النور ، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر ؟
فقالا: قد قال ذلك شعيا(ع) قال الرضا(ع): يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى(ع): إني ذاهب الى ربكم وربي والبارقليطا جاءٍ ، هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت) (عيون أخبار الرضا(ع) :2/145)
لكن وصف الإمام المهدي(ع)أبلغ من ذلك: (عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس! ) ، ومع ذلك فلا نستطيع أن نعرف حقيقة جلابيب النور على نبي الله عيسى ، وجيوب النور على الإمام المهدي(ص)!
إن أحاديث أهل البيت(ع)جواهر مكنونة ، لم نعرف الى الآن كنوزها في معرفة الله تعالى ، ومعرفة وسائط فيضه وعطائه(ع) ! ونيل هذه الكنوز أمر صعب ، لا يحصل بالبحث والتعمق الفكري كما هو الحال في بقية العلوم، بل هو عطاء يختص به الله من يشاء من عباده
إن معرفة ولي الله الأعظم(ع)تحتاج الى أن يشمر خواص العلماء الأتقياء الذين اشتغلوا سنين طويلة في معالجة المسائل الفكرية ، ويدرسوا تعابير المعصومين (ع) الواردة في الأدعية والزيارات ، ويستخرجوا من كنوزها !
كم قرأنا هذه العبارة في دعاء الندبة:بنفسي أنتَ من عقيدِ عزٍَ لا يُسَامَى، لكن مهما فكرنا فيها لوعي معناها لكان قليلاً! فمامعنى (عقيد العز) ومن أي دوحة تفرع، والى أين بلغت رفعة هذا الفرع بحيث (لا يُسَامى) ، هكذا بصيغة المطلق المبني للمجهول ! فلا يمكن لفضل ولا شرف ولا منقبة ، أن تسامي مقامه الشريف(ع)!
إن للإمام المهدي صلوات الله عليه صفات مشتركة مع بقية المعصومين(ع) وصفات خاصة به،ويكفي أن نقرأ قوله تعالى: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِئَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ( سورة الزمر:69 )
فظاهر الآية عن مشهد من يوم القيامة ، لكن هل تشرق الأرض قبل ذلك بهذا النور الرباني، وهل للآية معنى آخر؟ بلى ، فقد ذكر المفيد في الإرشاد، والشيخ الطوسي، والشيخ الصدوق، وعظيم الطائفة الفضل بن شاذان النيشابوري، وعلي بن إبراهيم القمي أعلى الله مقامهم ، روايات في تفسيرها قال القمي&:2/253(حدثنا محمد بن أبي عبدالله(ع) قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثني القاسم بن الربيع قال: حدثني صباح المدائني قال: حدثنا المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد الله(ع) يقول في قوله: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا: رب الأرض يعني إمام الأرض، فقلت: فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال: إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزئون بنور الإمام )!! (2)
الآن تشرق الأرض بنور الشمس ، لكن سيأتي يوم قبل يوم القيامة تشرق بنور الله عز وجل من نور وليه وحجته(ع)!
وقوله(ع): إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزئون بنور الإمام ، سواء تعبيراً حقيقياً أو رمزياً ، فهو يكشف عن حقيقة عظيمة هي أن الإمام المهدي(ع)سرٌّ رباني كبير، وأنه عندما يحضر من عالم الغيب إلى عالم الشهود تقوم أشعة بدنه وجيوب النور التي خصه الله بها ، مقام نور الشمس والقمر! كما أن أشعة نفسه المباركة تشرق على البشر فتخرج معادن الإنسانية من القوة إلى الفعل، والناس كما قال رسول الله(ص)معادن كمعادن الذهب والفضة! فكيف نستطيع معرفة شخصية من هذا النوع ؟
كان لرسول الله(ص)درعان، وهما من جملة مواريث النبوة عند الأئمة (ع)، وأحد الدرعين علامة الإمامة العامة ، وقد كان الأئمة(ع)يلبسونها فتستوي عليهم ، لأن من علامات الإمام أن تستوي عليه درع رسول الله (ص) ! (وإذا لبس درع رسول الله(ص)كانت عليه وفقاً، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً ) (الكافي:1/388 ) (3)
هذه هي الدرع الأولى، أما الثانية فهي خاصة للمهدي القائم(ع)ولا تستوي إلا عليه ! قال الإمام الصادق(ع): (ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة، ولقد لبس أبي درع رسول الله فخطت على الأرض خطيطاً، ولبستها أنا فكانت وكانت، وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله ) ( بصائر الدرجات ص195) فهي درع جعلها الله آيةً خاصةً لخاتم الأنبياء رسول الله(ص)وخاتم الأوصياء الإمام المهدي(ع)! ولاتستوي على غيرهما حتى على أمير المؤمنين(ع)أفضل الأولين والآخرين بعد النبي(ص)!
ذلك أن أعظم مدارين وتسلسلين في دائرة الوجود هما النبوة والإمامة ، وختم مدار النبوة برسول الله(ص)، وختم الإمامة بالإمام المهدي(ع)، فلا تعجب إذا كانت بعض الصفات تختص به(ع)ويشترك فيها مع جده رسول الله(ص) وهناك نقطة هي أن النبي(ص)هو ( الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل)(4) فالنبي(ص)خاتم لكل المراحل السابقة ، وفاتح لمرحلة جديدة مستقبلة ، أما صاحب الزمان(ع)فهو الخاتم المطلق !
ومن هنا كان من صفاته(ع)أنه (المنتهى إليه مواريث الأنبياء ، ولديه آثار الأصفياء) المزار للشهيد الأول(ع)ص203 ، فهو نقطة نهاية المطاف في دائرة النبوة والإمامة ، وعلى يده يحقق الله ثمراتها ، وفيه يجمع الله ما شاء من ألطافه الخاصة التي وزعها في أنبيائه وأوليائه،ماكان أعطاه الى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، فيجمعها في خاتم الحجج ومحقق أهداف الأنبياء(ع) !
هذا هو الإمام صاحب الزمان صلوات الله عليه ! الذي تحار فيه العقول كلما اقتربت فراشاتها من وهج سراجه !
إن معرفته تحتاج الى إذن رباني خاص: وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (سورة التكوير:29)، ولذا كان علينا أن نطلب من الله تعالى أن يعرفنا إياه(ع): اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني الكافي ج1ص337 فلو كانت معرفته مسألة بسيطة لما احتاجت الى هذا التضرع ! بل هي من النعم التي تحتاج إلى رحمة وإذن رباني خاص !
إن الذي نملكه أن نداوم ليلاً نهاراً على ذكر الله تعالى ثم ذكره(ع)، وذكره من ذكر الله تعالى ، فافتتحوا أيامكم واختموها بذكر اسمه الشريف ، واذكروه في مجالسكم ومحافلكم حيثما كنتم، لعله يتعطف علينا بنظرة مما أعطاه الله ، وإن النظرة منه لتغير عالماً بأكمله !
سيدي يا حجة الله في أرضه أيُّ شخصية ربانية أنت ؟وما الذي ضمته جوانحك من أسرار الله تعالى؟ أيها الكتاب المستور، ياصاحب الدين المأثور! (سلام الله وتحياته وصلواته على مولاي صاحب الزمان، صاحب الضياء والنور والدين المأثور، واللواء المشهور، والكتاب المنشور، وصاحب الدهور والعصور)(5)
أنت الكتاب المسطور فِي رَق مَنشُور ، والنور على النور ، وحامل سر الله المستور في قلبك الطاهر ، المستسر عن قلوب الجميع !
إقرؤوا هذه الأدعية والزيارات لتعرفوا سعة سلطان الله الذي أعطاه لوليه وحجته صاحب الزمان أرواحنا له الفداء ، في أحدها: (السلام عليك يا حجة على من في الأرض والسماء)! (تقدم من البحار:99/116) وفي أحدهاأشهد أنك الحجة على من مضى وعلى من بقي)! (تقدم بكامله من المزار للشهيد الأول&ص203) ولا يتسع الوقت لشرح معنى كونه(ع)حجة على من مضى ومن بقي !
إن الإمام المهدي وجه الله تعالى ، لكن أي وجه لله هو(ع)؟ نقرأ في دعاء الندبة: أين وجه الله الذي يتوجه اليه الأولياء،ولفهم هذه الكلمة العميقة ينبغي أن نعرف هؤلاءالأولياءالذين يتوسلون الىالله تعالىبوجهه الذي هوالإمام المهدي (ع)فلنقرأ من صفتهم في القرآن:أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( سورة يونس:62-64 ) ، فلا بد أن يبلغوا هذه الدرجة العالية حتى يكونوا أهلاً لشرف التوسل الى الله بحجته الإمام المهدي(ع)! روحي وأرواح العالمين لك الفداء من جوهرة مخزونة بالأسرار طالما جهلناك وانشغلنا بغيرك عنك، وابتعدنا بأفكارنا عنك! وسنبقى بعيدين ما لم تعطف علينا بنظرة ، كما عطفت على ذلك الرجل الحلي ، فعَمَرَ الله قلبه بحبكم أهل البيت ، فهل تكون قلوبنا كقلبه ونفوز منك بنظرة تكون إكسيراً لقلوبنا !
ذلك المؤمن لم يكن يطيق أن يسمع أو يتذكر ظلامة الصديقة الكبرى الزهراء(ع)حتى يندفع في ذكر مثالب ظالميها كان لا يستطيع أن يتصور كيف هاجموا بيت الزهراء(ع)وضربوها وكسروا ضلعها
كان يفقد صبره كلما تصور أن الظلامة وصلت الى أن الزهراء(ع)عاشت بقية عمرها بعد أبيها(ص)تعاني من ذلك اليوم ، حتى نحلت وصار جسمها كالخيال ، هيكلاً من جلد وعظام ، وأوصت أن يواروها في قبرها ليلاً حتى لا يشارك ظالموها في تشييعها ! فكان ينطلق لسانه في مثالب قاتليها !
وصل خبره إلى الوالي ، فأمر بالقبض عليه وتعذيبه ، فضربوه حتى كسروا جميع أسنانه وقطعوا لسانه ، فقال بعضهم لبعض كفى! فثقبوا أنفه وربطوا فيه خيطاً ، وطافوا به في الأسواق ليكون عبرة لغيره ! ثم أخذوه الى بيته جنازة وألقوه في داره ، وانصرفوا !
وفي اليوم الثاني تفاجأ الجميع عندما رأوه يصلي سليماً معافىً لا أثر فيه لشئ مما حدث له ! بل كان حيوياً مشرق الوجه كأنه شاب رغم شيخوخته !
سألوه عما حدث له فقال: عندما رموا بي هنا عرفت أني في آخر ساعة من عمري ، فقد شاهدت الموت بأم عيني ! أردت أن أنادي مولاي الحجة بن الحسن(ع)فلم أستطع ، فناديته بقلبي (يا صاحب الزمان) وإذا به جالسٌ إلى جنبي ، فنظر اليَّ نظرةً ووضع يده على جسمي وقال لي: إنهض واسع في تحصيل قوت عيالك ! فنهضت كما تروني أحسن مما كنت !
ما الذي حدث ، وكيف التأمت جراحه ، وصار له لسان بدل لسانه ، وعادت اليه أسنانه، والتأمت جروحه؟! وصار وجهه العادي المتجعد وجهاً جميلاً مشرقاً ؟! أي إكسير هذا الذي صنع كل ذلك بمسحة واحدة ، على مكان واحد من بدن ذلك المؤمن ؟!
إن الإكسير من خواصه على ما يذكرون أنه يحدث انقلاباً في ماهية الأشياء، لكنه انقلاب محدود ! لا يصل الى هذا الإنقلاب الجذري !
نعم لقد حصل ذلك ، وهذا ما يمكن أن يحصل لك إذا خطوت الى المولى خطوة واستحقيت منه نظرة ، تحدث انقلاباً في عالم ملكك وملكوتك !
قال ذلك المؤمن: نظر اليَّ نظرة ، ثم وضع يده على بدني وقال: قُمْ ، واسْعَ إلى رزقك ، وكِدَّ على عيالك ! فلم يكن من الضروري أن يمسح بيده على بقية جراح بدنه ، فتلك اليد: يد ولي الله ، يد الله تعالى
صلى الله عليك صلى الله عليك ،صلى الله عليك عدد ما في علم الله ،
صلاة دائمة بدوام ملك الله تعالى اللهم صل على محمد وآل محمد
التعليقات
(1) قال الصدوق&في كمال الدين:2/409: (حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثني أبو علي بن همام قال: سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: سمعت أبي يقول سئل أبو محمد الحسن بن علي(ع)وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه(ع): إن الأرض لاتخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، فقال: إن هذا حق كما أن النهار حق ، فقيل له: يا ابن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك؟ فقال: إبني محمد هو الامام والحجة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة )
وروى البرقي في المحاسن:1/153: ( عنه (أحمد بن أبي عبد الله البرقي) عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بشير الدهان قال قال أبو عبد الله(ع): قال رسول الله(ص): من مات وهو لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ،ثم قال: فعليكم بالطاعة، قد رأيتم أصحاب علي، وأنتم تأتمون بمن لايعذر الناس بجهالته، لنا كرائم القرآن، ونحن أقوام افترض الله طاعتنا ، ولنا الأنفال ولنا صفو المال )
وروى في ص154: عنه ( أحمد بن عبد الله البرقي ) عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي، عن حسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله(ع)عن قول رسول الله(ص): من مات ليس له إمام مات ميتة جاهلية، فقال: نعم، لو أن الناس تبعوا علي بن الحسين(ع) وتركوا عبد الملك بن مروان اهتدوا فقلنا: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ميتة كفر ؟ فقال: لا ، ميتة ضلال )
أما المصادر السنية فروت الحديث بتغييرات عديدة ، فبعضهم أبقى فيه لفظ الإمام لكن حذف معرفة الإمام وجعلها بيعة الإمام ، كما في مسند الطيالسي ص1259، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له)
وبهذا التعديل في الحديث النبوي استطاع معاوية ابن أبي سفيان أن يستغل الحديث ويجعله دعوة الى بيعته ، كما في صحيح ابن حبان:7/49: عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية )
وبعضهم جعله حديثاً موجهاً ضد من يخرج على الحاكم حتى لو كان جائراً ! كما في معجم الطبراني الكبير:10/350 ( عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص): من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه ، ومن مات ليس عليه إمام فميتته جاهلية ، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتلته جاهلية )
أما إمام هؤلاء الرواة فهو البخاري، فقال في صحيحه:8/87: (عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية ورواه أيضاً في نفس الصفحة بعدة روايات ورواه أيضاً في:8/105 ، ورواه مسلم:6/21، والبيهقي في سننه:8/156 و:10/234 ، وأحمد في مسنده:1/297 و310 ، ونحوه في :2 /70 و93 و123 و/445 وفي:3/446 الخ
(2) في عيون أخبار الرضا(ع):2/145: ( ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا(ع)؟ قال: أعرفه حرفاً حرفاً قال لهما: أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم أني رأيت صورة راكب الحمار لابساً جلابيب النور ، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر ؟ فقالا: قد قال ذلك شعيا(ع) قال الرضا(ع): يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى(ع): إني ذاهب الى ربكم وربي ، والبار قليطا جاءٍ ، هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدتموه، والذي يفسر لكم كل شئ، وهو الذي يبدأ فضائح الأمم، وهو الذي يكسر عمود الكفر فقال الجاثليق: ما ذكرت شيئاً من الإنجيل إلا ونحن مقرون به ! ) ورواه الصدوق&في التوحيد / 424
(3) في من لايحضره الفقيه للصدوق&:4/418: (وروى أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى قال: حدثنا على بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا(ص)قال: للإمام علامات:
يكون أعلم الناس، وأحكم الناس ، وأتقى الناس ، وأحلم الناس ، وأشجع الناس وأسخى الناس ، وأعبد الناس ، ويولد مختوناً ، ويكون مطهراً ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل ، وإذا وقع على الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يحتلم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ويكون محدثاً، ويستوي عليه درع رسول الله(ص)، ولا يرى له بول ولا غائط ، لأن الله عز وجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه ، وتكون رائحته أطيب من رائحة المسك، ويكون أولى بالناس منهم بأنفسهم، وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم ، ويكون أشد الناس تواضعاً لله جل ذكره ، ويكون آخذ الناس بما يأمر به ، وأكف الناس عما ينهى عنه ، ويكون دعاؤه مستجاباً حتى أنه لو دعا على صخرة لانشقت بنصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله(ص)، وسيفه ذو الفقار ، ويكون عنده صحيفة يكون فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة ، وصحيفة فيها أسماء أعدائه إلى يوم القيامة، وتكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر: إهاب ماعز وإهاب كبش ، فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة(ع)) ورواه في معاني الأخبارص102
وفي الكافي للكليني&:1/388: ( علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن أبي عمير ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر(ع)قال: للإمام عشر علامات: يولد مطهراً ، مختوناً ، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادتين ، ولا يجنب ، وتنام عينه ولاينام قلبه، ولا يتثاءب ولايتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك والأرض موكلة بستره وابتلاعه ، وإذا لبس درع رسول الله(ص)كانت عليه وفقاً ، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً ، وهو مُحَدَّثٌ إلى أن تنقضي أيامه )
وفي الكافي:1/232 من حديث عن الإمام الصادق(ع)قال وإن عندي لسيف رسول الله(ص)، وإن عندي لراية رسول الله(ص)ودرعه ولامته ومغفره ، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله (ص)؟ وإن عندي لراية رسول الله(ص)المغلبة ، وإن عندي ألواح موسى وعصاه ، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان ، وإن عندي الإسم الذي كان رسول الله(ص)إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة ، وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة
ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، في أي أهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة ، ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة ، ولقد لبس أبي درع رسول الله(ص)فخطت على الأرض خطيطاً ، ولبستها أنا فكانت وكانت ، وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله) وروا في بصائر الدرجات ص195 بنحوه
وفي بصائر الدرجات للصفار&ص206: (حدثنا ابراهيم بن محمد، عن الحسين بن موسى الخشاب، عن محسن بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله(ع) قال: لبس أبي درع رسول الله(ص)ذات الفضول،فخطت، ولبست أنا فكان وكان) ورواه في الكافي:1/234 ، وفيه " ولبستها أنا ففضلت"
وفي الكافي:8/331 ، عن الإمام الصادق(ع)قال: ( درع رسول الله(ص)ذات الفضول لها حلقتان من ورق في مقدمها وحلقتان من ورق في مؤخرها ، وقال: لبسها علي(ع) يوم الجمل)
وفي كامل الزيارات ص233، قالحدثني الحسين بن محمد بن عامر ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن سعدان بن مسلم ، عن عمر بن أبان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله(ع)، قال: كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله(ص) فينتفض هو يها فتستدير عليه ، فيغشيها بخداجة من إستبرق ، ويركب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون إنه معهم في بلادهم ، فينشر راية رسول الله(ص)عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبدا إلا هتكه الله فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد ، ويعطي المؤمن قوة أربعين رجلاً ، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم ! فينحط عليه ثلاث عشر آلاف ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكاً
قلت: كل هؤلاء الملائكة ، قال: نعم الذين كانوا مع نوح(ع)في السفينة ، والذين كانوا مع ابراهيم(ع)حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى(ع)حين فلق البحر لبني اسرائيل، والذين كانوا مع عيسى(ع)حين رفعه الله إليه ، وأربعة آلاف ملك مع النبي(ص) مسومين ، وألف مردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين(ع)فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه الى يوم القيامة ، ورئيسهم ملك يقال له: منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولايمرض مريض إلا عادوه ، ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته ، وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم(ع)إلى وقت خروجه !)
(4) في كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه&ص97 ، من زيارة النبي(ص): السلام من الله والسلام على محمد أمين الله على وحيه وعزائم أمره ، ومعدن الوحي والتنزيل ، والخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلك كله ، والشاهد على الخلق ، السراج المنير ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته
وفي الكافي: 4/572: ( السلام على رسول الله ، السلام على أمين الله على وحيه وعزائم أمره ، الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلك كله ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته) وراجع مصباح المتهجد ص741
(5) في مصباح الزائر: ص312، (في زيارة مولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه وما يلحق بذلك، إذا أردت زيارته صلوات الله عليه وسلامه فليكن ذلك بعدزيارة العسكريين (ص)، فإذا فرغت من العمل هناك ، وبلغت من زيارتهما هناك فامض إلى السرداب المقدس وقف على بابه ، وقل ثم تنزل مقدماً رجلك اليمنى وتقول: بسم الله وبالله ، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله(ص)، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وكبر الله واحمده وسبحه وهلله ، فإذا استقررت فيه فقف مستقبل القبلة وقل:
سلام الله وبركاته وتحياته وصلواته على مولاي صاحب الزمان ، صاحب الضياء والنور ، والدين المأثور، واللواء المشهور، والكتاب المنشور ، وصاحب الدهور والعصور ، وخلف الحسن ، الإمام المؤتمن ، والقائم المعتمد ، والمنصور المؤيد، والكهف والعضد، عماد الاسلام ، وركن الأنام ، ومفتاح الكلام ، وولي الأحكام ، وشمس الظلام ; وبدر التمام ، ونضرة الأيام ، وصاحب الصمصام ، وفلاق الهام، والبحر القمقام ، والسيد الهمام، وحجة الخصام ، وباب المقام ، ليوم القيام ، والسلام على مفرج الكربات ، وخواض الغمرات، ومنفس الحسرات ، وبقية الله في أرضه، وصاحب فرضه، وحجته على خلقه،وعيبة علمه، وموضع صدقه، والمنتهي إليه مواريث الأنبياء، ولديه موجود آثار الأوصياء، وحجة الله وابن رسوله ، والقيم مقامه، وولي أمر الله، ورحمة الله وبركاته اللهم كما انتجبته لعلمك، واصطفيته لحكمك ، وخصصته بمعرفتك ، وجللته بكرامتك ، وغشيته برحمتك، وربيته بنعمتك، وغذيته بحكمتك، واخترته لنفسك، واجتبيته لبأسك، وارتضيته لقدسك ، وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك ، وديان الدين بعدلك ، وفصل القضايا بين عبادك) ورواه في البحار :102/ 83
ينبغي لهؤلاء أن يعرفوا أي نعمة خصهم بها الله تعالى، وأي ألطاف أولاهم؟! فإن أعظم النعم هو إحياء النفوس التي قال الله تعالى عنها: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ( سورة المائدة:32 )
جاء رجل إلى الإمام الحسن(ع)بهدية فقال له: أيما أحب اليك، أن أرد عليك بدلها عشرين ضعفاً ، عشرين ألف درهم، أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلاناً الناصبي في قريتك ، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك ؟ إن أحسنت الإختيار جمعت لك الأمرين ، وإن أسأت الإختيار خيرتك لتأخذ أيهما شئت؟!
فقال: يا ابن رسول الله فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لأولئك الضعفاء من يده ، قدره عشرون ألف درهم ؟
قال: بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرة
قال: يا بن رسول الله فكيف أختار الأدْوَن ؟! بل أختار الأفضل ، الكلمة التي أقهر بها عدو الله وأذوده عن أوليائه
فقال الحسن بن علي(ص):قد أحسنت الإختيار، وعلمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم ، فذهب فأفحم الرجل ، فاتصل خبره به فقال له حين حضر معه: يا عبدالله ما ربح أحد مثل ربحك، ولااكتسب أحد من الأوداء مثل ما اكتسبت: مودة الله أولاً، ومودة محمد وعلي ثانياً، ومودة الطيبين من آلهما ثالثاً، ومودة ملائكة الله تعالى المقربين رابعاً ، ومودة إخوانك المؤمنين خامساً واكتسبت بعدد كل مؤمن وكافر ماهو أفضل من الدنيا ألف مرة ، فهنيئاً لك هنيئاً ) (الإحتجاج :1/11 والبحار :2 /8 وتفسير العسكري ص347 )
هذه هي قيمة إحياء النفس بالمفهوم القرآني
والمهم أن نعرف بماذا يتم إحياء النفوس حتى نحيي أنفسنا وأنفس غيرنا ؟
هذا شهر رمضان يقبل علينا ، ونفوس الناس تتهيأ فيه لتلقي الفيض والعطاء الإلهي ، لمجاهدتهم نوازع الشهوات وأهم واجباتكم أنتم طبقة العلماء والفضلاء ، أن تستفيدوا من هذه الفرصة في إحياء نفوس الناس:وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ! وإن من أهم مصاديق إحياء الأنفس تعريفها بعقائد الإسلام خاصة إمام زمانها(ع)، وذلك للحديث الصحيح عن رسول الله(ص): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) (1)
فإحياء النفوس في عصرنا معرفته وتعريف الناس به، وإيجاد الإرتباط بين أيتام آل محمد(ص)وبين هذا الأب المحجوب الغائب عن الأنظار(ع)فإن الإرتباط بالله تعالى لا يتحقق إلا عن طريق الإرتباط بهم(ع) الإرتباط بمن منه الوجود لا يتحقق إلا بالإرتباط بمن به الوجود !
وعندما نريد التعرف على شخصيته(ع)وما تحتويه وما يحيط بها ، تقف محركات عقولنا عن العمل ، وكيف لا ، والإمام الرضا(ع)يقول في وصفه :
( بأبي وأمي سميُّ جدي ، شبيهي وشبيه موسى بن عمران ، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس! ) (العيون :1/9 ، وقد تقدم في الموضوع رقم:34)
إنها لأوصافٌ تحير العقل وقد ورد في صفة المسيح(ع)أن عليه جلابيب النور ، ففي مناظرة الإمام الرضا(ع)مع علماء النصارى: (ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا(ع)؟ قال: أعرفه حرفاً حرفاً قال لهما: أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار لابساً جلابيب النور ، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر ؟
فقالا: قد قال ذلك شعيا(ع) قال الرضا(ع): يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى(ع): إني ذاهب الى ربكم وربي والبارقليطا جاءٍ ، هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت) (عيون أخبار الرضا(ع) :2/145)
لكن وصف الإمام المهدي(ع)أبلغ من ذلك: (عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس! ) ، ومع ذلك فلا نستطيع أن نعرف حقيقة جلابيب النور على نبي الله عيسى ، وجيوب النور على الإمام المهدي(ص)!
إن أحاديث أهل البيت(ع)جواهر مكنونة ، لم نعرف الى الآن كنوزها في معرفة الله تعالى ، ومعرفة وسائط فيضه وعطائه(ع) ! ونيل هذه الكنوز أمر صعب ، لا يحصل بالبحث والتعمق الفكري كما هو الحال في بقية العلوم، بل هو عطاء يختص به الله من يشاء من عباده
إن معرفة ولي الله الأعظم(ع)تحتاج الى أن يشمر خواص العلماء الأتقياء الذين اشتغلوا سنين طويلة في معالجة المسائل الفكرية ، ويدرسوا تعابير المعصومين (ع) الواردة في الأدعية والزيارات ، ويستخرجوا من كنوزها !
كم قرأنا هذه العبارة في دعاء الندبة:بنفسي أنتَ من عقيدِ عزٍَ لا يُسَامَى، لكن مهما فكرنا فيها لوعي معناها لكان قليلاً! فمامعنى (عقيد العز) ومن أي دوحة تفرع، والى أين بلغت رفعة هذا الفرع بحيث (لا يُسَامى) ، هكذا بصيغة المطلق المبني للمجهول ! فلا يمكن لفضل ولا شرف ولا منقبة ، أن تسامي مقامه الشريف(ع)!
إن للإمام المهدي صلوات الله عليه صفات مشتركة مع بقية المعصومين(ع) وصفات خاصة به،ويكفي أن نقرأ قوله تعالى: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِئَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ( سورة الزمر:69 )
فظاهر الآية عن مشهد من يوم القيامة ، لكن هل تشرق الأرض قبل ذلك بهذا النور الرباني، وهل للآية معنى آخر؟ بلى ، فقد ذكر المفيد في الإرشاد، والشيخ الطوسي، والشيخ الصدوق، وعظيم الطائفة الفضل بن شاذان النيشابوري، وعلي بن إبراهيم القمي أعلى الله مقامهم ، روايات في تفسيرها قال القمي&:2/253(حدثنا محمد بن أبي عبدالله(ع) قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثني القاسم بن الربيع قال: حدثني صباح المدائني قال: حدثنا المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد الله(ع) يقول في قوله: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا: رب الأرض يعني إمام الأرض، فقلت: فإذا خرج يكون ماذا ؟ قال: إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزئون بنور الإمام )!! (2)
الآن تشرق الأرض بنور الشمس ، لكن سيأتي يوم قبل يوم القيامة تشرق بنور الله عز وجل من نور وليه وحجته(ع)!
وقوله(ع): إذاً يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزئون بنور الإمام ، سواء تعبيراً حقيقياً أو رمزياً ، فهو يكشف عن حقيقة عظيمة هي أن الإمام المهدي(ع)سرٌّ رباني كبير، وأنه عندما يحضر من عالم الغيب إلى عالم الشهود تقوم أشعة بدنه وجيوب النور التي خصه الله بها ، مقام نور الشمس والقمر! كما أن أشعة نفسه المباركة تشرق على البشر فتخرج معادن الإنسانية من القوة إلى الفعل، والناس كما قال رسول الله(ص)معادن كمعادن الذهب والفضة! فكيف نستطيع معرفة شخصية من هذا النوع ؟
كان لرسول الله(ص)درعان، وهما من جملة مواريث النبوة عند الأئمة (ع)، وأحد الدرعين علامة الإمامة العامة ، وقد كان الأئمة(ع)يلبسونها فتستوي عليهم ، لأن من علامات الإمام أن تستوي عليه درع رسول الله (ص) ! (وإذا لبس درع رسول الله(ص)كانت عليه وفقاً، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً ) (الكافي:1/388 ) (3)
هذه هي الدرع الأولى، أما الثانية فهي خاصة للمهدي القائم(ع)ولا تستوي إلا عليه ! قال الإمام الصادق(ع): (ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة، ولقد لبس أبي درع رسول الله فخطت على الأرض خطيطاً، ولبستها أنا فكانت وكانت، وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله ) ( بصائر الدرجات ص195) فهي درع جعلها الله آيةً خاصةً لخاتم الأنبياء رسول الله(ص)وخاتم الأوصياء الإمام المهدي(ع)! ولاتستوي على غيرهما حتى على أمير المؤمنين(ع)أفضل الأولين والآخرين بعد النبي(ص)!
ذلك أن أعظم مدارين وتسلسلين في دائرة الوجود هما النبوة والإمامة ، وختم مدار النبوة برسول الله(ص)، وختم الإمامة بالإمام المهدي(ع)، فلا تعجب إذا كانت بعض الصفات تختص به(ع)ويشترك فيها مع جده رسول الله(ص) وهناك نقطة هي أن النبي(ص)هو ( الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل)(4) فالنبي(ص)خاتم لكل المراحل السابقة ، وفاتح لمرحلة جديدة مستقبلة ، أما صاحب الزمان(ع)فهو الخاتم المطلق !
ومن هنا كان من صفاته(ع)أنه (المنتهى إليه مواريث الأنبياء ، ولديه آثار الأصفياء) المزار للشهيد الأول(ع)ص203 ، فهو نقطة نهاية المطاف في دائرة النبوة والإمامة ، وعلى يده يحقق الله ثمراتها ، وفيه يجمع الله ما شاء من ألطافه الخاصة التي وزعها في أنبيائه وأوليائه،ماكان أعطاه الى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، فيجمعها في خاتم الحجج ومحقق أهداف الأنبياء(ع) !
هذا هو الإمام صاحب الزمان صلوات الله عليه ! الذي تحار فيه العقول كلما اقتربت فراشاتها من وهج سراجه !
إن معرفته تحتاج الى إذن رباني خاص: وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (سورة التكوير:29)، ولذا كان علينا أن نطلب من الله تعالى أن يعرفنا إياه(ع): اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني الكافي ج1ص337 فلو كانت معرفته مسألة بسيطة لما احتاجت الى هذا التضرع ! بل هي من النعم التي تحتاج إلى رحمة وإذن رباني خاص !
إن الذي نملكه أن نداوم ليلاً نهاراً على ذكر الله تعالى ثم ذكره(ع)، وذكره من ذكر الله تعالى ، فافتتحوا أيامكم واختموها بذكر اسمه الشريف ، واذكروه في مجالسكم ومحافلكم حيثما كنتم، لعله يتعطف علينا بنظرة مما أعطاه الله ، وإن النظرة منه لتغير عالماً بأكمله !
سيدي يا حجة الله في أرضه أيُّ شخصية ربانية أنت ؟وما الذي ضمته جوانحك من أسرار الله تعالى؟ أيها الكتاب المستور، ياصاحب الدين المأثور! (سلام الله وتحياته وصلواته على مولاي صاحب الزمان، صاحب الضياء والنور والدين المأثور، واللواء المشهور، والكتاب المنشور، وصاحب الدهور والعصور)(5)
أنت الكتاب المسطور فِي رَق مَنشُور ، والنور على النور ، وحامل سر الله المستور في قلبك الطاهر ، المستسر عن قلوب الجميع !
إقرؤوا هذه الأدعية والزيارات لتعرفوا سعة سلطان الله الذي أعطاه لوليه وحجته صاحب الزمان أرواحنا له الفداء ، في أحدها: (السلام عليك يا حجة على من في الأرض والسماء)! (تقدم من البحار:99/116) وفي أحدهاأشهد أنك الحجة على من مضى وعلى من بقي)! (تقدم بكامله من المزار للشهيد الأول&ص203) ولا يتسع الوقت لشرح معنى كونه(ع)حجة على من مضى ومن بقي !
إن الإمام المهدي وجه الله تعالى ، لكن أي وجه لله هو(ع)؟ نقرأ في دعاء الندبة: أين وجه الله الذي يتوجه اليه الأولياء،ولفهم هذه الكلمة العميقة ينبغي أن نعرف هؤلاءالأولياءالذين يتوسلون الىالله تعالىبوجهه الذي هوالإمام المهدي (ع)فلنقرأ من صفتهم في القرآن:أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( سورة يونس:62-64 ) ، فلا بد أن يبلغوا هذه الدرجة العالية حتى يكونوا أهلاً لشرف التوسل الى الله بحجته الإمام المهدي(ع)! روحي وأرواح العالمين لك الفداء من جوهرة مخزونة بالأسرار طالما جهلناك وانشغلنا بغيرك عنك، وابتعدنا بأفكارنا عنك! وسنبقى بعيدين ما لم تعطف علينا بنظرة ، كما عطفت على ذلك الرجل الحلي ، فعَمَرَ الله قلبه بحبكم أهل البيت ، فهل تكون قلوبنا كقلبه ونفوز منك بنظرة تكون إكسيراً لقلوبنا !
ذلك المؤمن لم يكن يطيق أن يسمع أو يتذكر ظلامة الصديقة الكبرى الزهراء(ع)حتى يندفع في ذكر مثالب ظالميها كان لا يستطيع أن يتصور كيف هاجموا بيت الزهراء(ع)وضربوها وكسروا ضلعها
كان يفقد صبره كلما تصور أن الظلامة وصلت الى أن الزهراء(ع)عاشت بقية عمرها بعد أبيها(ص)تعاني من ذلك اليوم ، حتى نحلت وصار جسمها كالخيال ، هيكلاً من جلد وعظام ، وأوصت أن يواروها في قبرها ليلاً حتى لا يشارك ظالموها في تشييعها ! فكان ينطلق لسانه في مثالب قاتليها !
وصل خبره إلى الوالي ، فأمر بالقبض عليه وتعذيبه ، فضربوه حتى كسروا جميع أسنانه وقطعوا لسانه ، فقال بعضهم لبعض كفى! فثقبوا أنفه وربطوا فيه خيطاً ، وطافوا به في الأسواق ليكون عبرة لغيره ! ثم أخذوه الى بيته جنازة وألقوه في داره ، وانصرفوا !
وفي اليوم الثاني تفاجأ الجميع عندما رأوه يصلي سليماً معافىً لا أثر فيه لشئ مما حدث له ! بل كان حيوياً مشرق الوجه كأنه شاب رغم شيخوخته !
سألوه عما حدث له فقال: عندما رموا بي هنا عرفت أني في آخر ساعة من عمري ، فقد شاهدت الموت بأم عيني ! أردت أن أنادي مولاي الحجة بن الحسن(ع)فلم أستطع ، فناديته بقلبي (يا صاحب الزمان) وإذا به جالسٌ إلى جنبي ، فنظر اليَّ نظرةً ووضع يده على جسمي وقال لي: إنهض واسع في تحصيل قوت عيالك ! فنهضت كما تروني أحسن مما كنت !
ما الذي حدث ، وكيف التأمت جراحه ، وصار له لسان بدل لسانه ، وعادت اليه أسنانه، والتأمت جروحه؟! وصار وجهه العادي المتجعد وجهاً جميلاً مشرقاً ؟! أي إكسير هذا الذي صنع كل ذلك بمسحة واحدة ، على مكان واحد من بدن ذلك المؤمن ؟!
إن الإكسير من خواصه على ما يذكرون أنه يحدث انقلاباً في ماهية الأشياء، لكنه انقلاب محدود ! لا يصل الى هذا الإنقلاب الجذري !
نعم لقد حصل ذلك ، وهذا ما يمكن أن يحصل لك إذا خطوت الى المولى خطوة واستحقيت منه نظرة ، تحدث انقلاباً في عالم ملكك وملكوتك !
قال ذلك المؤمن: نظر اليَّ نظرة ، ثم وضع يده على بدني وقال: قُمْ ، واسْعَ إلى رزقك ، وكِدَّ على عيالك ! فلم يكن من الضروري أن يمسح بيده على بقية جراح بدنه ، فتلك اليد: يد ولي الله ، يد الله تعالى
صلى الله عليك صلى الله عليك ،صلى الله عليك عدد ما في علم الله ،
صلاة دائمة بدوام ملك الله تعالى اللهم صل على محمد وآل محمد
التعليقات
(1) قال الصدوق&في كمال الدين:2/409: (حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال: حدثني أبو علي بن همام قال: سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: سمعت أبي يقول سئل أبو محمد الحسن بن علي(ع)وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه(ع): إن الأرض لاتخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، فقال: إن هذا حق كما أن النهار حق ، فقيل له: يا ابن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك؟ فقال: إبني محمد هو الامام والحجة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة )
وروى البرقي في المحاسن:1/153: ( عنه (أحمد بن أبي عبد الله البرقي) عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بشير الدهان قال قال أبو عبد الله(ع): قال رسول الله(ص): من مات وهو لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ،ثم قال: فعليكم بالطاعة، قد رأيتم أصحاب علي، وأنتم تأتمون بمن لايعذر الناس بجهالته، لنا كرائم القرآن، ونحن أقوام افترض الله طاعتنا ، ولنا الأنفال ولنا صفو المال )
وروى في ص154: عنه ( أحمد بن عبد الله البرقي ) عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي، عن حسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله(ع)عن قول رسول الله(ص): من مات ليس له إمام مات ميتة جاهلية، فقال: نعم، لو أن الناس تبعوا علي بن الحسين(ع) وتركوا عبد الملك بن مروان اهتدوا فقلنا: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ميتة كفر ؟ فقال: لا ، ميتة ضلال )
أما المصادر السنية فروت الحديث بتغييرات عديدة ، فبعضهم أبقى فيه لفظ الإمام لكن حذف معرفة الإمام وجعلها بيعة الإمام ، كما في مسند الطيالسي ص1259، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له)
وبهذا التعديل في الحديث النبوي استطاع معاوية ابن أبي سفيان أن يستغل الحديث ويجعله دعوة الى بيعته ، كما في صحيح ابن حبان:7/49: عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية )
وبعضهم جعله حديثاً موجهاً ضد من يخرج على الحاكم حتى لو كان جائراً ! كما في معجم الطبراني الكبير:10/350 ( عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص): من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه ، ومن مات ليس عليه إمام فميتته جاهلية ، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتلته جاهلية )
أما إمام هؤلاء الرواة فهو البخاري، فقال في صحيحه:8/87: (عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية ورواه أيضاً في نفس الصفحة بعدة روايات ورواه أيضاً في:8/105 ، ورواه مسلم:6/21، والبيهقي في سننه:8/156 و:10/234 ، وأحمد في مسنده:1/297 و310 ، ونحوه في :2 /70 و93 و123 و/445 وفي:3/446 الخ
(2) في عيون أخبار الرضا(ع):2/145: ( ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا(ع)؟ قال: أعرفه حرفاً حرفاً قال لهما: أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم أني رأيت صورة راكب الحمار لابساً جلابيب النور ، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر ؟ فقالا: قد قال ذلك شعيا(ع) قال الرضا(ع): يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى(ع): إني ذاهب الى ربكم وربي ، والبار قليطا جاءٍ ، هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدتموه، والذي يفسر لكم كل شئ، وهو الذي يبدأ فضائح الأمم، وهو الذي يكسر عمود الكفر فقال الجاثليق: ما ذكرت شيئاً من الإنجيل إلا ونحن مقرون به ! ) ورواه الصدوق&في التوحيد / 424
(3) في من لايحضره الفقيه للصدوق&:4/418: (وروى أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى قال: حدثنا على بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا(ص)قال: للإمام علامات:
يكون أعلم الناس، وأحكم الناس ، وأتقى الناس ، وأحلم الناس ، وأشجع الناس وأسخى الناس ، وأعبد الناس ، ويولد مختوناً ، ويكون مطهراً ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل ، وإذا وقع على الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يحتلم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ويكون محدثاً، ويستوي عليه درع رسول الله(ص)، ولا يرى له بول ولا غائط ، لأن الله عز وجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه ، وتكون رائحته أطيب من رائحة المسك، ويكون أولى بالناس منهم بأنفسهم، وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم ، ويكون أشد الناس تواضعاً لله جل ذكره ، ويكون آخذ الناس بما يأمر به ، وأكف الناس عما ينهى عنه ، ويكون دعاؤه مستجاباً حتى أنه لو دعا على صخرة لانشقت بنصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله(ص)، وسيفه ذو الفقار ، ويكون عنده صحيفة يكون فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة ، وصحيفة فيها أسماء أعدائه إلى يوم القيامة، وتكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر: إهاب ماعز وإهاب كبش ، فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة(ع)) ورواه في معاني الأخبارص102
وفي الكافي للكليني&:1/388: ( علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن أبي عمير ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر(ع)قال: للإمام عشر علامات: يولد مطهراً ، مختوناً ، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادتين ، ولا يجنب ، وتنام عينه ولاينام قلبه، ولا يتثاءب ولايتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك والأرض موكلة بستره وابتلاعه ، وإذا لبس درع رسول الله(ص)كانت عليه وفقاً ، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً ، وهو مُحَدَّثٌ إلى أن تنقضي أيامه )
وفي الكافي:1/232 من حديث عن الإمام الصادق(ع)قال وإن عندي لسيف رسول الله(ص)، وإن عندي لراية رسول الله(ص)ودرعه ولامته ومغفره ، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله (ص)؟ وإن عندي لراية رسول الله(ص)المغلبة ، وإن عندي ألواح موسى وعصاه ، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان ، وإن عندي الإسم الذي كان رسول الله(ص)إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة ، وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة
ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، في أي أهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة ، ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة ، ولقد لبس أبي درع رسول الله(ص)فخطت على الأرض خطيطاً ، ولبستها أنا فكانت وكانت ، وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله) وروا في بصائر الدرجات ص195 بنحوه
وفي بصائر الدرجات للصفار&ص206: (حدثنا ابراهيم بن محمد، عن الحسين بن موسى الخشاب، عن محسن بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله(ع) قال: لبس أبي درع رسول الله(ص)ذات الفضول،فخطت، ولبست أنا فكان وكان) ورواه في الكافي:1/234 ، وفيه " ولبستها أنا ففضلت"
وفي الكافي:8/331 ، عن الإمام الصادق(ع)قال: ( درع رسول الله(ص)ذات الفضول لها حلقتان من ورق في مقدمها وحلقتان من ورق في مؤخرها ، وقال: لبسها علي(ع) يوم الجمل)
وفي كامل الزيارات ص233، قالحدثني الحسين بن محمد بن عامر ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن سعدان بن مسلم ، عن عمر بن أبان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله(ع)، قال: كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله(ص) فينتفض هو يها فتستدير عليه ، فيغشيها بخداجة من إستبرق ، ويركب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ ، فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون إنه معهم في بلادهم ، فينشر راية رسول الله(ص)عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبدا إلا هتكه الله فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد ، ويعطي المؤمن قوة أربعين رجلاً ، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم ! فينحط عليه ثلاث عشر آلاف ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكاً
قلت: كل هؤلاء الملائكة ، قال: نعم الذين كانوا مع نوح(ع)في السفينة ، والذين كانوا مع ابراهيم(ع)حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى(ع)حين فلق البحر لبني اسرائيل، والذين كانوا مع عيسى(ع)حين رفعه الله إليه ، وأربعة آلاف ملك مع النبي(ص) مسومين ، وألف مردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين(ع)فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه الى يوم القيامة ، ورئيسهم ملك يقال له: منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولايمرض مريض إلا عادوه ، ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته ، وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم(ع)إلى وقت خروجه !)
(4) في كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه&ص97 ، من زيارة النبي(ص): السلام من الله والسلام على محمد أمين الله على وحيه وعزائم أمره ، ومعدن الوحي والتنزيل ، والخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلك كله ، والشاهد على الخلق ، السراج المنير ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته
وفي الكافي: 4/572: ( السلام على رسول الله ، السلام على أمين الله على وحيه وعزائم أمره ، الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلك كله ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته) وراجع مصباح المتهجد ص741
(5) في مصباح الزائر: ص312، (في زيارة مولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه وما يلحق بذلك، إذا أردت زيارته صلوات الله عليه وسلامه فليكن ذلك بعدزيارة العسكريين (ص)، فإذا فرغت من العمل هناك ، وبلغت من زيارتهما هناك فامض إلى السرداب المقدس وقف على بابه ، وقل ثم تنزل مقدماً رجلك اليمنى وتقول: بسم الله وبالله ، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله(ص)، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وكبر الله واحمده وسبحه وهلله ، فإذا استقررت فيه فقف مستقبل القبلة وقل:
سلام الله وبركاته وتحياته وصلواته على مولاي صاحب الزمان ، صاحب الضياء والنور ، والدين المأثور، واللواء المشهور، والكتاب المنشور ، وصاحب الدهور والعصور ، وخلف الحسن ، الإمام المؤتمن ، والقائم المعتمد ، والمنصور المؤيد، والكهف والعضد، عماد الاسلام ، وركن الأنام ، ومفتاح الكلام ، وولي الأحكام ، وشمس الظلام ; وبدر التمام ، ونضرة الأيام ، وصاحب الصمصام ، وفلاق الهام، والبحر القمقام ، والسيد الهمام، وحجة الخصام ، وباب المقام ، ليوم القيام ، والسلام على مفرج الكربات ، وخواض الغمرات، ومنفس الحسرات ، وبقية الله في أرضه، وصاحب فرضه، وحجته على خلقه،وعيبة علمه، وموضع صدقه، والمنتهي إليه مواريث الأنبياء، ولديه موجود آثار الأوصياء، وحجة الله وابن رسوله ، والقيم مقامه، وولي أمر الله، ورحمة الله وبركاته اللهم كما انتجبته لعلمك، واصطفيته لحكمك ، وخصصته بمعرفتك ، وجللته بكرامتك ، وغشيته برحمتك، وربيته بنعمتك، وغذيته بحكمتك، واخترته لنفسك، واجتبيته لبأسك، وارتضيته لقدسك ، وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك ، وديان الدين بعدلك ، وفصل القضايا بين عبادك) ورواه في البحار :102/ 83