: تكليفُ الإنسان بمَعرِفة إمام الزمان :
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ معرفة إمام الزمان هي من الواجبات و الضروريات العَقْديِّة الدينية التي أجمع أهل الإسلام عليها.
وإن حصل إختلاف فهو يكمنُ في المصداق والإشتباه به
نتيجة إختلاف المباني العقدية في ضرورة معرفة
إمام الزمان.
كما هو الحال عند المخالفين للحق الذين ذهبوا
إلى أنَّ إمام الزمان واجب نَصبه على الناس سمعاً.
بمعنى أنه يُنتَخبَ أويُعيَّن من قبل الرعيَّة.
بخلاف ما ذهب إليه أهل الحق من الإماميَّة الإثني عشريَّة.
إلى أنَّ إمام الزمان يتم نصبه من قبل الله تعالى حصرا :نصاً: وعقلا.
وهذه الحقيقة الدينية العقدية قد أخذتْ موقعها الرئيس في المجاميع الروائية من العامة والخاصة.
فظهرت في صورة الحديث الشهير والمتواتر والصحيح سندا ومتنا.
(( مَن ماتَ ولم يعرف إمام زمانه ماتَ ميتةً جاهليَّة ))
:مسند أحمد بن حنبل :ج4:ص96.
وإنَّ معرفة إمام الزمان :عليه السلام: في المنظومة العَقْديّة الإماميّة الإثني عشرية.
قد أخذتْ الموقع الثالث في أصول الدين الإسلامي العزيز بعد معرفة الله تعالى:التوحيد: ومعرفة النبوة :
وهذه الموقعيِّة المعرفيِّة العقدية تنحى منحى عقلاني صرف يرتكز على ضرورة تحصيل اليقين الشخصي عند الإنسان المُعتقِد بإمام الزمان المعصوم :عليه السلام:
بمعنى أنّ معرفة إمام الزمان أو أصل الإمامة الحقة
يجب أن تتأتى من الإعتقاد الجازم بحقيقة نصب الإمام على الله تعالى عقلا
للإنسان في كل زمان.
لا أن تتأتى من التقليد أو الإتباع الظني أو التعصب دون وجه حق.
والمراد من معرفة إمام الزمان ليس معرفة شكله
أو شمائله بالرؤية فقط هذا مع الإمكان
وإنما المراد هو معرفة شخصه الشريف بالنسب المعروف المُختَص به
كمعرفة شخص إمام زماننا الإمام المهدي:عليه السلام:
بكونه محمد بن الإمام الحسن العسكري:عليه السلام:
من ذرية الرسول الأكرم :صلى الله عليه وآله وسلّم:
ومن أهل بيته المعصومين:ع:
حتى لا يحصل الإشتباه في تحديد مصداق إمام الزمان الحق.
وهذه المعرفة تتطلبُ معرفة وصف الإمام بالإمامة
قيمَةًً ومُعطى .
ومعرفة مفهوم عصمته :عليه السلام: ووجوب طاعته عقلا وشرعا.
ذلك كون معرفة إمام الزمان هي النافذة الواقعيّة على معرفة الله تعالى ورسوله ودينه الحق.
والجهل بمعرفة إمام الزمان هو جهلٌ بمعرفة الله تعالى وموجب للهلاك والضلال المبين.
وإلى هذه الحقيقة أشارت الروايات الصحيحة
فعن زرارة قال : سمعتُ أبا عبد الله
:الإمام الصادق:عليه السلام :
يقول :
إنَّ للغلام:أي الإمام المهدي:عليه السلام:
غيبة قبل أن يقوم
قال : قلتُ ولِمَ ؟
قال :عليه السلام : يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه
:كناية عن القتل:
ثم قال : يا زرارة وهو المُنتظَر ، وهو الذي يُشك في ولادته
منهم مَن يقول :
ماتُ أبوه:أي العسكري :عليه السلام: بلا خلف
ومنهم من يقول : حمل
:أي مات في الحمل:
ومنهم من يقول : إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين
وهو المنتظر غير أنَّ اللهَ عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة
فعند ذلك يرتاب المُبطلون يا زرارة
قال : قلتُ : جعلتُ فداك إنَّ أدركتُ ذلك الزمان
أي شئ اعمل ؟
قال:عليه السلام : يا زرارة :
إذا أدركتَ هذا الزمان فادع بهذا الدعاء
: أللَّهُمَّ عرفني نفسك ، فإنَّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك
أللَّهُمَّ عرفني رسولك ، فإنَّك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
أللَّهُمَّ عرفني حجتك ، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللتُ عن ديني :
الكافي :الكليني :ج1:ص337.
وإنما وجبَ معرفة إمام الزمان بالدليل اليقيني ومن غير تقليد
لأنَّ الإنسان المكلف إذا رأى الناس مختلفين في الإعتقادات ومنها معرفة وتحديد إمام الزمان
فإمَّا أن يأخذ بجميع إعتقاداتهم فيلزم منه جمع المتنافيات
لأنّ الناس مختلفون في أفكارهم وعقايدهم الدينية
فمنهم مؤمن ومنهم كافر
والجمع بين المتنافيات غير ممكن عقلا .
وإمّا أن يأخذ الإنسان المُكلَّّف بالبعض من الإعتقادات الموجودة عند الناس بلا مرجح عقلي
فيلزم الترجيح بلا مرجح وهو محال عقلا.
وإما أن يأخذ بالبعض مع المُرجَّح اليقيني
وليس هذا إلاّ العلم اليقيني
لأنّ الترجيح مع الظن حاله حال الشك
هنا
وإمّا أن يترك الإنسان المكلَّف جميع الأعتقادات ويطرحها أرضاً
فهذا غير جائز عقلا لوجوب معرفة الله ورسوله
والأئمة المعصومين:عليهم السلام: عقلا
فبذلك يبطل التقليد في الإعتقادات .
لأنّ التقليد في اصول الدين : التوحيد والعدل والنبوة والإمامة و المعاد كالشك
والشاك في اصول الدين كافر هذا من الجانب العقلاني.
أما من الجانب الشرعي النقلي
فما ورد عن الأئمة المعصومين:عليهم السلام:
من التأكيد القطعي واليقيني والتحريض
على وجوب معرفة الله تعالى وأصول الدين الحق من معرفة الإمام المعصوم :إمام الزمان: وغيره.
فقد نقل الشيخ الأعظم المفيد :رضوان الله تعالى عليه :
في كتابه الإرشاد :مايلي نصه.
إنَّ مما حُفِظَ عن الإمام الصادق:عليه السلام:
في وجوب المعرفة بالله تعالى وبدينه قوله
: وجدتُ علم الناسِ كلهم في أربع :
أولها: أن تعرف ربّك
: والثاني: أن تعرف ما صنع بك
:والثالث : أن تعرف ما أراد منك :
:أي: معرفة إمام الزمان والتكليف الشرعي.
والرابع : أن تعرف ما يُخرِجَك من الدين :
:الإرشاد: المفيد :ج2:ص203
وإنَّ من جملة ما أراده اللهُ تعالى منّا هو
معرفة إمام الزمان :عليه السلام:
والتي هي حقيقة دينية قطعيَّة تتجلى في وقتنا هذا بإمامة الإمام الثاني عشر
الإمام المهدي :عليه السلام:
والذي هوحيٌ موجودٌ من حين ولادته في سنة
(256)للهجرة
وإلى آلان وإلى آخر زمان تكليفه
:عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف: في هذه الحياة
لأنّ كل زمان لابد فيه من إمام معصوم يتمسَّك به الناس ويُدعون به آخرويا.
وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى :
(( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)) 71 الإسراء.
وفي معنى هذه الآية ومفادها
قال الإمام جعفر الصادق :عليه السلام:
: إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه:
:الكافي : الكليني: ج1 : 537.
ومعلوم أننّا ندَّعي وبحق وصدق أنّ إمام زماننا اليوم هو الإمام المهدي:عليه السلام:
وليس غيره فيكون:عليه السلام:
هو إمام الناس وهاديهم .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
تعليق