بعد ثلاثين عاما من القحط في حياة أبي.. هطل صراخي مدويا عند الفجر ممزق العبوس والقلق في الوجوه فانتشرت الزغاريد.. (جاء الولد) بعد صبر طويل فقد كنت الولد البكر في أسرتي.. في الصبح حملوا سُرتي سرا بعيدا عن أعين العجائز والحسادودفنوها في باحة المدرسة ومن محاسن الصدف انه كان يوم جمعة.وانا من يومها لا أعرف ما يشدني إلى المدرسة والعلم.. فحينما كنت صغيرا كان يشدني الاصطفاف والنشيد الذي يقرأ في الاصطفاف فأشعر بنشوة ليس لها مثيل وكان منظررفع العلم ساحرا بالنسبة إليّ وفي احد الايام طلب مني ان ارفع العلم وهذا شرف كبيرطبعا وخصوصا وانا كنت حينها مسؤول الكشافة في المدرسة. فتبخترت وتقدمت مزهوا ورفعت العلم ومن الطريف انه في نهاية الدوام يجب انزال العلم، ولكن العلم أبى ان ينزل،فطلب المعلم مني ان اسحب الحبل بقوة.. ففعلت ولكن الحبل انقطع والعلم أبى ان ينزلمما اظطرهم لرفع السارية من مكانها وحملوا العلم الى الداخل.وانا الآن كلما أمرُّ بمدرسة واسمع النشيد الوطني في باحة المدرسة احسب الخشوع والاجلال الى المدرسة وكل من درّسني وكذلك الى باحة المدرسة.. ترى هل لدفن سرتي في الباحة علامة على ذلك... لست أدري.. وهل انه ارتباط جذور مازال الى الان يسري بين سرتي وبيني .. والله اعلم.
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
ذاكرة المكان/ ارتباط الجذور
تقليص
X
تعليق