نماذج من زهد أبي ذر وكرمه :
نقل ابن سعد في الطبقات ، قال :
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا سلام أبو المنذر عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: أوصاني خليلي بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش.
وقال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا جعفر بن برقان قال: حدثنا غالب بن عبد الرحمن قال لقيت رجلا قال: كنت أصلي مع أبي ذر في بيت المقدس فكان إذا دخل خلع خفيه فإذا بزق أو تنخع تنخع عليهما، أو قال ولو جمع ما في بيته لكان رداء هذا الرجل أفضل من جميع ما في بيته. قال جعفر: فذكرت هذا الحديث لمهران بن ميمون فقال: ما أراه كان ما في بيته يسوى درهمين.
وقال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا سعيد بن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن أبي ذر أنه رآه في نمرة مؤتزرا بها قائما يصلي فقلت: يا أبا ذر أما لك ثوب غير هذه النمرة؟ قال: لو كان لي لرأيته علي، قلت: فإني رأيت عليك منذ أيام ثوبين، فقال: يا ابن أخي أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني، قلت: والله إنك لمحتاج إليهما. قال: اللهم غفرا، إنك لمعظم الدنيا، أليس ترى علي هذه البردة ولي أخرى للمسجد ولي أعنز نحلبها ولي أحمرة نحتمل عليها ميرتنا وعندنا من يخدمنا ويكفينا مهنة طعامنا فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟
وقال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا سفيان الثوري عن عمار الدهني عن أبي شعبة قال: جاء رجل من قومنا أبا ذر يعرض عليه فأبى أبو ذر أن يأخذ وقال: لنا أحمرة نحتمل عليها وأعنز نحلبها ومحررة تخدمنا وفضل عباءة عن كسوتنا وإني لأخاف أن أحاسب بالفضل.
وقال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا يزيد بن علي الأسلمي قال: حدثني عيسى بن عميلة الفزاري قال: أخبرني من رأى أبا ذر يحلب غنيمة له فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه، ولقد رأيته ليلة حلب حتى ما بقي في ضروع غنمه شيء إلا مصره، وقرب إليهم تمرا وهو يسير، ثم تعذرإليهم وقال: لو كان عندنا ما هو أفضل من هذا لجئنا به. قال وما رأيته ذاق تلك الليلة شيئا.
وقال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا خالد بن حيان قال: كان أبو ذر وأبو درداء في مظلتين من شعر بدمشق.
وقال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا همام بن يحيى قال: حدثنا قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي أنه دخل على أبي ذر وهو بالربذة وعنده امرأة له سوداء مشنفة ليس عليها أثر المجاسد ولا الخلوق، قال فقال: ألا تنظرون ما تأمرني به هذه السويداء؟ تأمرني أن آتي العراق فإذا أتيت العراق مالوا علي بدنياهم، ألا وإن خليلي عهد إلي أن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ومزلة، وأنا أن نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار أحرى أن ننجو من أن نأتي عليه ونحن مواقير.
وقال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا قرة بن خالد قال: حدثنا عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: كسي أبو ذر بردين فأتزر بأحدهما وارتدي بشملة وكسا أحدهما غلامه، ثم خرج على القوم فقالوا له: لو كنت لبستها جميعا كان أجمل، قال: أجل ولكني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول:
" أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تكسون "
الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 4 / ص 229 - 237 )
يتبع ...
تعليق