أشارت دراسة نفسية إلى أن لكل إنسان (( مياه إقليمية )) و (( حدودًا )) تمامًا مثل الدول,,،،
إن كلًا منا يجلس في منتصف ثلاث دوائر غير مرئية تحيط به لاتسمح باختراقها إلا لمن نحبهم فقط ,
وننزعج إذا اقتحم علينا حياتنا أو دوائرنا أشخاص غير مرغوب فيهم.
ويضرب البرفيسور القائم على هذه الدراسة مثالًا على ذلك :
إنك لوكنت جالسًا على شاطئ البحر الخالي من البشر تراقب غروب الشمس لماذا تضيق وتتوتر إذا اقترب منك أحد الغرباء وجلس بجوارك ؟
وبرغم إنه لم يقتحم هدوءك بالكلام فإنك تضيق به وتقول إنه اقتحم عزلتك في حين إنه في الحقيقة لم يقتحم سوى إحدى الدوائر الثلاث التي تحتفظ بها لأحبائك وأقرب الناس إليك
ونأتي إلى معرفة حقيقة هذه الدوائر :
الدائرة الأولى :
وتبعد حوالي نصف متر عن جسد الإنسان أي بإمتداد الساعد فقط
وهذه الدائرة تحدد مايطلق عليه العلماء بـ((المنطقة الحميمة)) التى تحيط بأجسادنا مباشرة لانسمح بدخولها لغير الأحباب وأقرب الأقرباء.
وعندما نحتضن من نحب زوجًا او أمًا أو ابنًا ..إلخ تندمج دائرتانا الحميمتين ونصبح مركزًا في دائرة واحدة تجمعنا ..
وهذه المنطقة هي منطقة المشاعر الفياضة .. وعندما نكره بشدة!
نحاول اقتحام دائرة الخصم لإلغاء وجوده ونفوذه , مثلما يحدث في المشاجرات والقتال المتلاحم.
الدائرة الثانية :
وهي أوسع من الدائرة الأولى وتبعد حوالي متر وربع عن أجسادنا أي بامتداد الذراع بكامله.
وهذه الدائرة تحدد إطار الصداقة مع الذين نتعامل معهم من الأصدقاء والجيران وزملاء العمل أو كل من نتعامل معه بشكل غير رسمي .!
في هذه المنطقة أو الدائرة تسمح المسافة بالمصافحة واللمس البعيد والمخاطبة والرؤية الشاملة .
ويستخدم الناس هذه الدائرة ببساطة عندما يكون أحد الشخصين في درجة اجتماعية أو وظيفية أعلى بكثير من الآخر .
أما عندما يقترب الأقل من الأعلى فإنه يحرص على ألا يتعدى حدود هذه الدائرة ولايدخل في المنطقة الشخصية
والعكس غير صحيح فالأعلى قد يدخل إلى منطقة الصداقة للأقل منه في درجة علوه مثال على ذلك :
عندما يعطي الجندي الاهتمام لضابط في رتبة أعلى نجده يحافظ على هذه المسافة ولايتخطاها
ويمكن ملاحظة اقتراب الأبناء من الآباء للكشف عن أبعاد العلاقة وما إذا كان الأب متسلطًا أم ودودًا .
الدائرة الثالثة :
وهي أوسع الثلاث حيث تبعد عن الجسم حوالي أربع أمتار وهذه الدائرة تمثل المنطقة الاجتماعية التي تشمل من يحيطون بنا في حفل صغير مثلًا ونتعامل فيها مع الغرباء.
وخارج الدائرة الثالثة يقع مايسمى بـ (( المنطقة العامة ))
التي يتواجد فيها الناس حولنا في الشارع أو الأسواق بدون أن يثيروا أدنى اهتمام.
لو تأملنا الناس في الأماكن العامة مثل الحدائق وعربات القطار نرى بشكل عملي كيف يحول الناس الحدود الوهمية
لتلك الدوائر إلى حدود فعلية باستعمال الحقائب أو الملابس وحتى الصحف يضعونها بجوارهم أو يحيطون أنفسهم بها
وكأنها الأسلاك الشائكة الاجتماعية التي تمنع الأغراب من الدخول في المياه الإقليمية أو الحدود التي نرسمها
ونحددها لنا تلك ملحوظة تظهر أكثر لدى المرأة.
وإذا تم التعامل فيها يتم بشكل عابر بالإشارة كالتلويح بالسلام عبر الطريق.
وإذا حدث أن اقتحم غرباء مناطقنا ودوائرنا الخاصة لأسباب خارجة عن إرادتنا
- مثل التواجد بالمصاعد مثلًا - في هذه الحالة نحاول إيجاد حواجز وأسلاكًا شائكة وذلك بتحاشي التقاء النظرات
والصمت والإطراق لأسفل أو النظر لأعلى،
وإذا زاد الازدحام قد نضطر لعقد اليدين فوق الصدر أو احتضان الحقائب لصنع الحواجز .
تعليق