إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نكون من الصابرين ....

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نكون من الصابرين ....

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ينبغي لكل عاقل حريص على طلب النفع لنفسه وعدم تفويت كل تلك التعهدات والوعود الإلهية بالفوز بالمنازل الشامخة والمقامات السامية عنده سبحانه وتعالى وكل ذلك الأجر والثواب العظيم الذي ادُّخِرَ للصابرين دون ان يكون له نصيب فيها، وحظ منها، فليسعَ كل منا سعيه وليبذل جميع جهده ينبغي له ان يسعى جهده ويبذل وسعه في ان يُكتب في الصابرين الذين عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.




    ومضافاً إلى كل هذا فان التحلي بالصبر سمة وخلق مطلوب في حد نفسه؛ لانه كمال من الكمالات الانسانية ورقي من المراقي الروحية، به يتميز الحازم من الرجال عن المهزوز والثابت الجنان منهم عند الشدائد والنكبات عن المتذبذب.

    اذن كيف يمكن ان نبدأ وما هو المنهج الذي نستطيع ان نستعين به من أجل الاستزادة في هذا الخلق الرفيع أو جعله ملكة راسخة في شخصيتنا.

    في الحقيقة هناك مجموعة من الوصايا والقواعد الكلية يمكن لمن ابتغى الوصول منا لهذه الغاية وتلك الأمنية ان يتبعها أو يسير على هداها ليحصل على هدفه المنشود، وهي:


    أولاً: مداومة مطالعة النصوص الشريفة الواردة في فضل الصبر وحسن عواقبه الدنيوية والأخروية، وهي نصوص كثيرة جداً، غالباً ما لا تخلو منها كتب احاديث عن أهل بيت العصمة محمد وآله (عليهم الصلاة والسلام) أو كتب الأخلاق المؤلفة، هذا بالاضافة إلى المواظبة على قراءة ما جاء في كتاب الله المجيد من آيات مباركات في الصبر وفضيلته.

    هذا كله مع اطالة التأمل والتفكير في كل نص وخبر من تلك النصوص والأخبار، فإن هذا خير معين ومساعد على تغلغل الرغبة في التصبر شيئاً فشيئاً إلى النفس وتحفيزها نحو التحلي والتخلق به، فإن النفس- كل نفس- إذا ادركت نفاسة شيء احبته وتاقت إلى تحصيله، وحينها يهون عليها ما فاتها من مغانم الدنيا وملذاتها، وتصبر على المكاره ومشقات التكاليف المناطة بها، بل لا تعود تحسب تلك الأمور ذات قيمة في قبال ما تحصل عليه من صبرها.

    ألا ترى ان الإنسان إذا ما بلغ ورشد وصار يدرك قيمة الاشياء ونفاسة الجواهر والحلي مثلاً رغب فيها وسعى إلى تحصيلها وزهد فيما كان يعده ثميناً من الالعاب والأشياء الزجاجية أو النحاسية التي كانت تعجبه أو تبهره وقت صباه، فبعد ان كان لا يُبدلها بأغلى الجواهر واثمنها اصبح بعد ادراكه للحقيقة لا يرى لها أي قيمة أمام تلك الجواهر والحلي.

    نفس الشيء يحصل للانسان إذا ما أدرك ما للصبر من فضائل، فحينها سوف يسهل وييسر عليه كل ما يلاقيه من ألم وشقاء على فراق أهله وأحبته أو على فوات شيء عليه أو مصيبة تحل به، وسيهون ويصغر في عينه كل ما يصبر عليه من الشهوات والملذات المحرمة، وتقل وتتضاءل المعانات والمجاهدات التي كانت تصيبه جراء التزامه الطاعة وامتثاله لتكاليف سيده ومولاه جل وعلا.

    بل ربما صار كل ذلك وما يقاسيه فيه نتيجة الصبر عليه أحلى من الشهد وأطيب من العذب إليه؛ لأنه امسى يدرك ان ما فاته هو مما لا يبقى معه إلاّ مدة قصيرة ولا يفتأ ان يفقده أو يزول عنه، أو على احسن التقادير يبقى معه مدة الحياة في هذه الدنيا القصيرة الأمد، بينما ما يحصل عليه من خلال صبره واحتسابه شيء اقل ما فيه انه نعيم لا يفنى ولا يزول ابد الدهر، فيجازى بذلك على المدة القصيرة التي ابتلي فيها وامتحن بالمدة الطويلة الخالدة التي ينعم فيها ويُرغَّد.

    فإذا ضممنا إلى هذا يقيناً راسخاً وادراكاً ثابتاً بالله تعالى وبانه سبحانه لا يفعل شيئاً ولا يأمر بحكم إلاّ وفيه مصلحة للعبد أو من أجل حكمة اقتضت ذلك. واستولى هذا الاعتقاد على شعورنا وضمائرنا كنا على استعداد كبير وعالي على الصبر وفي جميع اقسامه، وحينها نستطيع ان نكون من الصابرين، فننال بذلك ما نالته تلك المرأة التي صارت بصبرها وتسليمها قرينة لنبي الله داود (عليه السلام) في الجنة حيث روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه: (اوصى الله تعالى إلى داود: ان خلادة بنت اوس بشرها بالجنة واعلمها انها قرينتك في الجنة؛ فانطلق اليها فقرع الباب عليها، فخرجت وقالت: هل نزل فيَّ شيء؟- [كأنها خافت من مفاجأة النبي (عليه السلام) لها بالمجيء]- قال: نعم. قالت: فما هو؟ قال: ان الله تعالى أوحى إليَّ واخبرني أنك قرينتي في الجنة، وأن ابشرك بالجنة. قالت: أويكون اسم وافق اسمي؟!- [أي ربما المرأة المقصودة بالبشارة غيري ولكن اتفق ان اسمها يشابه اسمي؛ تعجباً منها واستغراباً]- قال: إنك لأنت هي. قالت: يا نبي الله ما اُكذِّبُكَ، ولا والله ما اعرف من نفسي ما وصفتني به.

    قال داود: (اخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو؟ قالت: أمَّا هذا فسأخبرك به، اخبرك انه لم يصيبني وجع قط نزل بي كائناً ما كان ولا نزل بي ضرٌّ وحاجة وجوع كائناً ما كان إلاّ صبرت عليه، ولم اسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة ولم اطلب بدلاً وشكرت الله عليها وحمدته.

    فقال داود (عليه السلام): فبهذا بلغت ما بلغت).

    ثم قال ابو عبد الله الصادق (عليه السلام): (وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين) (1).

    وربما وفقنا المولى سبحانه وتعالى في فرصة أخرى للحديث عن هذا اليقين والاعتقاد وساعدنا بمنه ولطفه على بيان حقيقته وكيفية جعله محركاً لنا في جميع سلوكياتنا.

    ثانياً: التفكر في قبح الجزع وفعل المعصية وترك الطاعة وسوء عواقبها فان الامور كما قالوا تعرف باضدادها.

    فالجزع ما هو إلاَّ مضرة للدين والدنيا ولا يفيدنا أو ينفعنا في الحقيقة شيئاً سوى حبط الاعمال وجلب العقاب وزيادة الكآبة وانسداد الافق في عين الجازع منا، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك خير دليل وناصح وواعض لنا حيث ورد في الخبر انه (عليه السلام) قال: (إنك إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت موزور).

    فعلينا في المصائب ان نحاول تسلية انفسنا بما مرَّ من احاديث ونصوص في ثواب الصابر على المصاب وما للمبتلى على بلاءه من الثواب ونفطنها إلى ان صروف الدنيا ونوائبها ما هي إلاَّ كالرياح العواتي تعصف بنا برهة ولا تفتأ ان تزول فان لم تكن كذلك فهي كقلاع الرمل التي تجثم على ضفاف البحار لا تبرح ان تتآكل وتنسفها امواج النسيان فصبرٌ جميل حتى حين.

    وأما الهوى فبعد ادراكنا لقبحهما علينا ان نروض النفس وبشكل تدريجي إذ صح التعبير على عدم الانصياع للباعث عليهما أو الانقياد لدعواتهما.

    وذلك بان نخاطب انفسنا كلما عرض لنا داعي من دواعيهما ونقول لها: يا نفس اتركي هذا، واعرضي عنه هذه المرة ولا تستجيبي لداعي الهوى هذه المرة ثم نفعل معها نفس الشيء في المرة الأخرى ونقول لها: بانكِ يا نفس قد تمكنتِ في المرة السابقة بفضل الله وتوفيقه ان لا تعصي فلا تعصي هذه المرة أيضاً وهكذا في كل مرة حتى يصبح عدم الانصياع للهوى والشهوات ملكة من ملكات انفسنا الراسخة.

    فان حصل لنا ذلك سهل علينا التغلب عليها وقوينا على صرع الهوى فان الضمائر لترتاض كما يرتاض الجسد. فكما ان من تعود التمرين على الاعمال الشاقة والافعال المجهدة سهل عليه بعد ذلك ما كان لا يستطيعه في بادئ امره أو يصعب عليه في حينه فكذلك الأمر مع من عود نفسه مخالفة الهوى وعدم الانصياع والخضوع لبواعثه؛ فانه سوف يستطيع غلبتها متى شاء والسيطرة عليها كيفيما اراد.

    ونفس الطريقة نتبعها مع انفسنا في ترويضها على التزام الطاعات وامتثال التكاليف الإلهية فنحدثها بان يا نفس افعلي هذا التكليف اليوم فقط، فإذا جاء الغد خاطبها ثانية بانك بحمد الله أديتِ بالأمس التكليف الذي عليك مع مشقته فافعليه اليوم أيضاً وهكذا.

    فانه حتماً سوف نرى يوماً بعد يومٍ ان قيامنا باداء ذلك العمل ليس فيه تلك الكلفة والمؤنة التي كنا نحسها أول الأمر بل قد نصل إلى حالة نرى انه عدم اداءه يسبب لنا ضيقاً وعد ارتياح. كالمصلي حينما يفوته اداء صلاة ما فانه يشعر حينها بضيق شديد ويؤنبه ضميره بشدة على فواتها عليه.

    ومجمل القول في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما روي: (من يتصبّر يصبره الله) (2).

    وعن الإمام علي (عليه السلام): (عوّد نفسك التصبر على المكروه، ونعم التصبر في الحق) (3).
    وعنه (عليه السلام): (التصبر على المكروه يعصم القلب) (4).

    ثالثاً: تسليت النفس بالمباحات السائغات التي يمكن ان تهون علينا وقع النوائب وألم المصائب كالحديث وبث الهم إلى من يستطيب الحديث معه في مثل هذه المسائل مثل العالم المرشد أو أخو الثقة والنصيحة وغيرهم، ممن يُعلم انه سوف يخفف عنا بحديثه ويصبرنا على مصابنا، فلا بأس بالشكوى للمؤمن الذي هكذا حاله؛ فإنها كالشكوى لله تعالى. والله العالم.....


    منقووول


    عن الامام علي عليه السلام
    (
    الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..



    الأخت القديرة لبيك ثار الله..
    بارك الله بكم وبما تختارونه من مواضيع ذات أهمية وفائدة ونسأله تعالى أن يمن عليكم بالصبر والايمان...



    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      شكرا لمروركم الكريم ودعاؤكم
      جزاكم الله خيرا
      عن الامام علي عليه السلام
      (
      الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)

      تعليق


      • #4
        نسال الباري عز وجل ان يجعل شكواكم اختنا الكريمة له وحده
        حتى تحصلوا على اعلى الدرجات من الصبر
        فتكونوا من الصابرين المحتسبين


        تقبلوا مروري................

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X