بسم الله الرحمن الرحيم
( و تختص الغيبة بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه أو ما هو في حكم ذلك)
لا تتحقق الغيبة للمؤمن إلامع وجود من يسمع ذلك و يفهم الكلام ، فو تكلم بالغيبة مع نفسه ولم يكن هناك أحد يسمعه ، أو تكلم بالغيبة على أحد المؤمنين مع من لا يفهم لغته ، أو تكلم بالغيبة ولكن ذلك السامع لا يفهم المقصود ، فإن الغيبة حينئذ لا تتحقق ولا تكون حراماً .
(كما لا بد فيها من تعيين المغتاب ، فلو قال : ( واحد من أهل البلد جبان ) لا يكون غيبة ، وكذا لو قال : ( أحد أولاد زيد جبان ) ، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة. )
فالغيبة تتحقق إذا كان الشخص معيناً معروفاً ، أما إذا كان الشخص لا يُعرف اسمه ولا توجد علامة تدل عليه ، فإنه لا إشكال في عدم حرمة ذلك ، فلو قال : " رأيت شخصاً حالته يُرثى لها إلا أنه يتضح من خلال الأمور أنه غبي مخبّل " ، فإن ذلك لا يكون غيبة ، أو قال : " أحد أفراد القرية الفلانية أو المدينة الفلانية لا يعرف كيف يتصرف في حياته و يدع الشياطين يقودونه " فإن ذلك ليس بغيبة ، لتردده ذلك الشخص أو الفرد بين عدة أشخاص لا يُعلم من هو الذي حصل التكلم عليه .
بل و كذا لو قال : ( أحد أولاد فلان جبان أو وسواسي ، أو ليست عنده غيرة على أهله .... ) فإن الكلام هنا على شخص مردّد بين مجموعة أشخاص ، و السيد السيستاني قد حكم بعدم كون ذلك غيبة ، نعم يحرم ذلك من جهة أخرى ، وهي تحقق الاهانة و التنقيص لتلك العائلة الذين هم نفس الأولاد ، و أما لو كان الأمر عند هذا القول هو إرادة التنقيص و الاهانة لنفس زيد في المثال من حيث أن المتكلم يريد أن يتكلم على نفس زيد ( الأب ) فإن ذلك غيبة .
( و يجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم ، والاحوط استحباباً الاستحلال من الشخص المغتاب - إذا لم تترتب على ذلك مفسدة ـ أو الاستغفار له)
بما أن الغيبة من الجرائم التي تستحق المقت و الغضب الالهي ، فيجب التوبة منها و الاستغفار و التأسف على فعلها
و عدم جواز فعلها مرة أخرى لنفس ذلك المؤمن أو لمؤمن آخر و عدم الاسترسال فيها ، إذ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد . وهذا كاف في محو آثار جريمة الغيبة ، لأنه لا يلزم أكثر من الندم و الاستغفار و التوبة في هذا المجال ، و لايلزم أكثر من ذلك .
و لكن مع ذلك فالاحتياط الاستحبابي - و الذي يؤول و يرجع عند فعل ذلك الاحتياط الاستحبابي إلى الانقياد للشرع الشريف و يحصل على ثواب الانقياد له - يقتضي لرد الاعتبار و التكفير عن غيبة ذلك المؤمن الذي هتكت حرمته بالغيبة أن يتسامح و يعتذر من حصلت منه جريمة الغيبة من ذلك الشخص المؤمن الذي وقعت عليه تلك الجريمة إذا لم يترتب على طلب السماح و الاعتذار أي مشكلة وفتنة و مفسدة ، إذ الاعتذار و و طلب المسامحة لحل المشكلة ، فإذا كان طلب ذلك يؤزّم و يُعقّد الوضع ، فإنه يسقط ذلك الاحتياط الاستحبابي بذلك .
و لتحقيق الاحتياط الاستحبابي وجه آخر يمكن أن يَرُدَ به الاعتبار لذلك المؤمن المهتوك حرمته بالغيبة - غير قضية المسامحة و الاعتذار - و هو طلب الاستغفار لذلك المؤمن بأن يدعو له باي دعاء مثل دعاء مولانا زين العابدين عليه السلام : ( اللهم و أيما عبد من عبيدك أدركه منّي درك أو مسّه من ناحيتي أذى أو لحقه بي أو بسببي ظلم ، ففُتُّه بحقّه أو سبقته بمظلمته ، فصلّ على محمد و آله و أرضه عنّي مِنْ وُجدِك و أوفه حقه من عندك ، ثم قني ما يوجب له حكمك ) ..
(و تجوز الغيبة في موارد: )
أي لا يترتب على القيام بالغيبة أي عقاب ولا مؤاخذة ، ولا تعتبر حينئذ جرماً و ذنباً .
(( منها ) المتجاهر بالفسق، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به. )
فالمتجاهر أمام الناس - من دون حسيب ولا رقيب و من دون عذر شرعي ظاهر - بالخروج عن طاعة رب العالمين و فعل ما يغضبه من الجرائم التي ثبت في الشرع حرمتها كشرب الخمر علناً أو التجاهر بسب الناس دائماً أو بالتجاهر بالسفور ، فإنه قد خلع جلباب الحياء و الستر الذي ستر الله به عباده و هتك حرمة نفسه ، ومن لم يحترم نفسه و أوقع نفسه في الذل و المهانة فلا حرمة له عند الله تعالى ، و الله لا يرضى للإنسان ولم يفوّض إليه أن يُذل نفسه ، ولكنه بما أنه اختار ذلك فعليه أن يتحمل التبعات ، وشر الناس من لا يبالي ما قال و ما قيل فيه ، و نعوذ بالله من غضب الله .
وهل أن التجاهر بمخالفة الاحتياط الوجوبي - إذا كان المجتهد لم يجزم بالوجوب أو الحرمة في أمر و إنما احتاط فيه لزوماً - تؤدي إلى حصول نفس النتيجة السابقة ( اسقاط الانسان حرمة نفسه ) و يجوز حينئذ غيبته ؟ مثلاً : إذا كان المجتهد الذي يقلده الشخص يحتاط احتياطاً وجوبياً بحرمة حلق اللحية من دون عذر شرعي ، فلو حلق ذلك الشخص ( المقلّد ) لحيته بدون عذر شرعي ـ فهل تعد مخالفة الاحتياط الوجوبي و التجاهر به من التجاهر بالفسق الذي يوجب سقوط حرمة الانسان .
الجواب : ذكر السيد الخوئي كما في الاستفتاءات من كتاب صراط النجاة سؤال 27 من ج 1 : أن مخالفة الاحتياط الوجوبي تخرج المخالف عن العدالة إذا لم يعمل بوظيفته من الاحتياط أو الرجوع إلى الغير مع مراعاة الأعلم فالأعلم .
و أما السيد السيستاني فقد ذكر ابنه السيد محمد رضا في كتابه القيّم ( بحوث فقهية ) ص 412 أنه قال : أنه لا يُحكم على مرتكب مخالفة الاحتياط الوجوبي بالفسق ولكن لا يُحكم بعدالته أيضاً ، فلا يجوز ترتيب آثارها كالاقتداء به في الصلاة و إشهاده في الطلاق و نحو ذلك .
و عليه فبحسب استفتاء السيد الخوئي ، فإن من تجاهر بمخالفة الاحتياط الوجوبي فإنه قد ارتكب الفسق ، وهو مسوّغ و مبرّر لجواز غيبته ، و أما بناءً على ما نقله السيد محمد رضا عن أبيه السيد السيستاني فإنه لا يسوغ ولا يجوز غيبة المتجاهر بمخالفة الاحتياط الوجوبي .
(و ( منها ) : الظالم لغيره ، فيجوز للمظلوم غيبته ، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقاً. )
فيجوز للمظلوم أن يغتاب الظالم ، و لكن الاحتياط الوجوبي يقتضي جواز ذلك في حالة إظهار التظلّم عند من يرجو نصرته و إغاثته و استطاعته كشف الظلم عنه ، و أما يعلم بأنه لا يجيبه أو لا يستطيع أن ينصره فإن الاحتياط اللزومي يقتضي أن لا يشتكي عنده من الظالم و لا يذكر ظلمه ، و عليه فلا يجوز - على الأحوط لزوماً - للمظلوم أن ينشر مظلوميته بغيبة الظالم في النوادي العامة و مجالس الأصدقاء ، إلا في الحالة السابقة ، و كذا إذا كان الظالم متجاهراً بظلمه و تعسفه و إجرامه .
لا تتحقق الغيبة للمؤمن إلامع وجود من يسمع ذلك و يفهم الكلام ، فو تكلم بالغيبة مع نفسه ولم يكن هناك أحد يسمعه ، أو تكلم بالغيبة على أحد المؤمنين مع من لا يفهم لغته ، أو تكلم بالغيبة ولكن ذلك السامع لا يفهم المقصود ، فإن الغيبة حينئذ لا تتحقق ولا تكون حراماً .
(كما لا بد فيها من تعيين المغتاب ، فلو قال : ( واحد من أهل البلد جبان ) لا يكون غيبة ، وكذا لو قال : ( أحد أولاد زيد جبان ) ، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة. )
فالغيبة تتحقق إذا كان الشخص معيناً معروفاً ، أما إذا كان الشخص لا يُعرف اسمه ولا توجد علامة تدل عليه ، فإنه لا إشكال في عدم حرمة ذلك ، فلو قال : " رأيت شخصاً حالته يُرثى لها إلا أنه يتضح من خلال الأمور أنه غبي مخبّل " ، فإن ذلك لا يكون غيبة ، أو قال : " أحد أفراد القرية الفلانية أو المدينة الفلانية لا يعرف كيف يتصرف في حياته و يدع الشياطين يقودونه " فإن ذلك ليس بغيبة ، لتردده ذلك الشخص أو الفرد بين عدة أشخاص لا يُعلم من هو الذي حصل التكلم عليه .
بل و كذا لو قال : ( أحد أولاد فلان جبان أو وسواسي ، أو ليست عنده غيرة على أهله .... ) فإن الكلام هنا على شخص مردّد بين مجموعة أشخاص ، و السيد السيستاني قد حكم بعدم كون ذلك غيبة ، نعم يحرم ذلك من جهة أخرى ، وهي تحقق الاهانة و التنقيص لتلك العائلة الذين هم نفس الأولاد ، و أما لو كان الأمر عند هذا القول هو إرادة التنقيص و الاهانة لنفس زيد في المثال من حيث أن المتكلم يريد أن يتكلم على نفس زيد ( الأب ) فإن ذلك غيبة .
( و يجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم ، والاحوط استحباباً الاستحلال من الشخص المغتاب - إذا لم تترتب على ذلك مفسدة ـ أو الاستغفار له)
بما أن الغيبة من الجرائم التي تستحق المقت و الغضب الالهي ، فيجب التوبة منها و الاستغفار و التأسف على فعلها
و عدم جواز فعلها مرة أخرى لنفس ذلك المؤمن أو لمؤمن آخر و عدم الاسترسال فيها ، إذ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد . وهذا كاف في محو آثار جريمة الغيبة ، لأنه لا يلزم أكثر من الندم و الاستغفار و التوبة في هذا المجال ، و لايلزم أكثر من ذلك .
و لكن مع ذلك فالاحتياط الاستحبابي - و الذي يؤول و يرجع عند فعل ذلك الاحتياط الاستحبابي إلى الانقياد للشرع الشريف و يحصل على ثواب الانقياد له - يقتضي لرد الاعتبار و التكفير عن غيبة ذلك المؤمن الذي هتكت حرمته بالغيبة أن يتسامح و يعتذر من حصلت منه جريمة الغيبة من ذلك الشخص المؤمن الذي وقعت عليه تلك الجريمة إذا لم يترتب على طلب السماح و الاعتذار أي مشكلة وفتنة و مفسدة ، إذ الاعتذار و و طلب المسامحة لحل المشكلة ، فإذا كان طلب ذلك يؤزّم و يُعقّد الوضع ، فإنه يسقط ذلك الاحتياط الاستحبابي بذلك .
و لتحقيق الاحتياط الاستحبابي وجه آخر يمكن أن يَرُدَ به الاعتبار لذلك المؤمن المهتوك حرمته بالغيبة - غير قضية المسامحة و الاعتذار - و هو طلب الاستغفار لذلك المؤمن بأن يدعو له باي دعاء مثل دعاء مولانا زين العابدين عليه السلام : ( اللهم و أيما عبد من عبيدك أدركه منّي درك أو مسّه من ناحيتي أذى أو لحقه بي أو بسببي ظلم ، ففُتُّه بحقّه أو سبقته بمظلمته ، فصلّ على محمد و آله و أرضه عنّي مِنْ وُجدِك و أوفه حقه من عندك ، ثم قني ما يوجب له حكمك ) ..
(و تجوز الغيبة في موارد: )
أي لا يترتب على القيام بالغيبة أي عقاب ولا مؤاخذة ، ولا تعتبر حينئذ جرماً و ذنباً .
(( منها ) المتجاهر بالفسق، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به. )
فالمتجاهر أمام الناس - من دون حسيب ولا رقيب و من دون عذر شرعي ظاهر - بالخروج عن طاعة رب العالمين و فعل ما يغضبه من الجرائم التي ثبت في الشرع حرمتها كشرب الخمر علناً أو التجاهر بسب الناس دائماً أو بالتجاهر بالسفور ، فإنه قد خلع جلباب الحياء و الستر الذي ستر الله به عباده و هتك حرمة نفسه ، ومن لم يحترم نفسه و أوقع نفسه في الذل و المهانة فلا حرمة له عند الله تعالى ، و الله لا يرضى للإنسان ولم يفوّض إليه أن يُذل نفسه ، ولكنه بما أنه اختار ذلك فعليه أن يتحمل التبعات ، وشر الناس من لا يبالي ما قال و ما قيل فيه ، و نعوذ بالله من غضب الله .
وهل أن التجاهر بمخالفة الاحتياط الوجوبي - إذا كان المجتهد لم يجزم بالوجوب أو الحرمة في أمر و إنما احتاط فيه لزوماً - تؤدي إلى حصول نفس النتيجة السابقة ( اسقاط الانسان حرمة نفسه ) و يجوز حينئذ غيبته ؟ مثلاً : إذا كان المجتهد الذي يقلده الشخص يحتاط احتياطاً وجوبياً بحرمة حلق اللحية من دون عذر شرعي ، فلو حلق ذلك الشخص ( المقلّد ) لحيته بدون عذر شرعي ـ فهل تعد مخالفة الاحتياط الوجوبي و التجاهر به من التجاهر بالفسق الذي يوجب سقوط حرمة الانسان .
الجواب : ذكر السيد الخوئي كما في الاستفتاءات من كتاب صراط النجاة سؤال 27 من ج 1 : أن مخالفة الاحتياط الوجوبي تخرج المخالف عن العدالة إذا لم يعمل بوظيفته من الاحتياط أو الرجوع إلى الغير مع مراعاة الأعلم فالأعلم .
و أما السيد السيستاني فقد ذكر ابنه السيد محمد رضا في كتابه القيّم ( بحوث فقهية ) ص 412 أنه قال : أنه لا يُحكم على مرتكب مخالفة الاحتياط الوجوبي بالفسق ولكن لا يُحكم بعدالته أيضاً ، فلا يجوز ترتيب آثارها كالاقتداء به في الصلاة و إشهاده في الطلاق و نحو ذلك .
و عليه فبحسب استفتاء السيد الخوئي ، فإن من تجاهر بمخالفة الاحتياط الوجوبي فإنه قد ارتكب الفسق ، وهو مسوّغ و مبرّر لجواز غيبته ، و أما بناءً على ما نقله السيد محمد رضا عن أبيه السيد السيستاني فإنه لا يسوغ ولا يجوز غيبة المتجاهر بمخالفة الاحتياط الوجوبي .
(و ( منها ) : الظالم لغيره ، فيجوز للمظلوم غيبته ، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقاً. )
فيجوز للمظلوم أن يغتاب الظالم ، و لكن الاحتياط الوجوبي يقتضي جواز ذلك في حالة إظهار التظلّم عند من يرجو نصرته و إغاثته و استطاعته كشف الظلم عنه ، و أما يعلم بأنه لا يجيبه أو لا يستطيع أن ينصره فإن الاحتياط اللزومي يقتضي أن لا يشتكي عنده من الظالم و لا يذكر ظلمه ، و عليه فلا يجوز - على الأحوط لزوماً - للمظلوم أن ينشر مظلوميته بغيبة الظالم في النوادي العامة و مجالس الأصدقاء ، إلا في الحالة السابقة ، و كذا إذا كان الظالم متجاهراً بظلمه و تعسفه و إجرامه .
تعليق