تَسويفُ التَّوبَة.. لماذا ؟!
غالباً ما يقع الإنسان فريسةً للتسويف (التأخير) وإضاعة فرص الخير وتراه يكرر بعجز وحسرة

يذكر علماء الأخلاق جملة من الأسباب ومنها : 1- الحسابات الخاطئة التي تقلب الموازين وتجعل لذة المعصية وطعم الشهوة أغلى وأحلى من جنة عرضها السموات والأرض وتجعل من العاجل مهما كان حقيرا أضمن من الآجل فأي خسران أعظم من هذا ؟! 2- مد حبال الأمل و عدم ورود الموت على الفكر أبداً وكأن العبد خلق للخلود على الرغم من أن هذا أمر محال .. وعندما تهب أنسام التوبة يصدّها بالقول لا زال في العمر متسع والحياة أمامنا طويلة نتوب في المستقبل وليس لنا في هذه الجموع الراحلة من البشر عظة وعبرة.3-القنوط :فإن التاريخ الطويل من السير في معصية الله يقع حاجزاً دون توبة الكثير من الناس أي أن باب التوفيق للتوبة يغلق عليهم بسبب سوء أعمالهم ، فحين تخطر له التوبة يذكره الشيطان بسجلاته السوداء وتاريخه المظلم ومعاصيه وفجوره ، وفواحشه ومنكراته ويقول له: ما لك وللتوبة والاستقامة وأين أنت منها يا صاحب المنكرات، فما يزال به حتى يحول بينه وبين التوبة وقد نادي الله عباده بنداء واضح ليس فيه لبس ولا غموض ولا يحتاج إلى تفسير وبيان فقال جل ذكره: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
4-أمن مكر الله و التعويل على عفوه ومغفرته مع نسيان شدة أخذه وعقابه :فالإنسان مجبول على المبادرة والإسراع بأداء ما يطلب منه عندما يخاف، وعلى التواني والتفريط إذا أمن، ولقد أشار رب العزة إلى هذا السبب عند حديثه عن الكفار ومضيهم في كفرهم وباطلهم، فقال سبحانه: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ).. ومن جانبٍ آخر فالإنسان يعول غالباً على أن الله غفور رحيم ولكن ينسى أو يتناسى أن الله شديد العقاب و (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). اَللّهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطّاعَةِ وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ وَصِدْقَ النِّيَّةِ وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ وَأَكْرِمْنا بِالْهُدى وَالاِْسْتِقامَةِ.
صادق مهدي حسن
تعليق