بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف و عجل فرجهم يا كريم
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلا)ً[1].
كثيراً ما يطرح سؤال حول حقيقة الروح الإنسانية، فما هي هذه الروح وهل لها نظائر في المخلوقات أم لا؟ وعليه نقول:
ان الروح كـ (الجن والملائكة) جسم لطيف وهو كالهواء كما في بعض الروايات[2].
وفي رواية الاحتجاج عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «فالملك لا تشاهده حواسكم لأنه من جنس هذا الهواء»[3] ويمكن تكثيفها بإذن الله سبحانه وتعالى.
رؤية الروح
وقد ورد أن أبا بكر رأى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته في قصة مفصَّلة حيث أمره برد الخلافة إلى علي عليه السلام.
وأن الحسن بن علي عليه السلام أرى بعض أصحابه أمير المؤمنين عليه السلام.
وأن أولاد أمير المؤمنين عليه السلام رأوه عليه السلام في تشييع جنازة نفسه.
رؤية الملك
وقد روي[4] أن جبرئيل تكلّم مع رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة دحية الكلبي.
كما أنّ قوم لوط عليه السلام رأوا الملائكة في قصة مشهورة[5], قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ*وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ)[6].
وكذلك رأى جبرائيل السامري، كما في قوله سبحانه وتعالى: (بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)[7].
إلى غير ذلك مما هو كثير, وذكر جملة منها المجلسي قدس سره في (البحار).
رؤية الجن
وهكذا حال الجن حيث أنهم يظهرون أحيانا, كما ظهروا لسليمان عليه السلام قال عزوجل: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ)[8].
وكذلك رؤي أيضا بصورة الثعبان في مسجد الكوفة ودخل من الباب الذي عرف بـ (باب الثعبان) على علي أمير المؤمنين عليه السلام في قصة مشهورة[9] ومن بعده غُيّر إلى باب الفيل, حيث أراد معاوية أن يطمس هذه المعجزة فأمر بفيل ربط على باب المسجد فاشتهر عند الناس بباب الفيل, وهذا وارد أيضا في الألسنة إلى اليوم.
قصة الثعبان
فقد روي في (البحار) عن كتاب (بشارة المصطفى) عن جابر الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام, وكذلك رواه في (إحقاق الحق) من طريق العامة والخاصة, كما رواه القوشجي أيضاً في (شرح التجريد), قال:
«بينما علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة يخطب, إذ أقبل ثعبان من أخر المسجد, فوثب إليه الناس بنعالهم, فقال لهم علي عليه السلام: مهلا يرحمكم الله فإنها مأمورة, فكف الناس عنها, فأقبل الثعبان إلى علي عليه السلام حتى وضع فاه على أذن علي عليه السلام, فقال له ما شاء الله أن يقول, ثم إن الثعبان نزل وتبعه علي عليه السلام, فقال الناس: يا أمير المؤمنين ألا تخبرنا بمقالة هذا الثعبان؟ فقال: نعم إنه رسول الجن, قال لي: أنا وصي الجن ورسولهم إليك»[10] الحديث.
كما إن الجن جاء من الإمام عليه السلام برسالة مكتوبة إلى جماعة من أصحابه بين مكة والمدينة.
وهكذا في قصة الإمام الحسين عليه السلام رؤي الجن يوم عاشوراء[11] وغيره, وفي كتاب (مدينة المعاجز)[12] وما أشبه, كثير من هذه الأحاديث والقصص.
وقد رأى بعض العلماء الملائكة في كربلاء المقدسة في
(في مدرسة حسن خان), فإنه شرع في ليالي شهر رمضان من أوله إلى الثالث والعشرين منه بقراءة سورة (إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) في كل ليلة
ألف مرة ـ كما ورد ذلك[13]ـ, وفي الليلة الثالثة والعشرين ارتفع السقف ورأى الملائكة تنزل من أبواب السماء إلى الأرض بمختلف الأشكال ـ وكما قال علي عليه السلام: «فملأ هن أطوارا من ملائكته»[14]ـ وعند ذلك غشي عليه ولم يفق إلا بعد فترة طويلة.
كما أن أحد العلماء أيضا رأى الشيطان في قصة نقلها لي, قال: ...وخفت منه أشد الخوف وأخذت أقرأ آيات من القرآن الحكيم و(القلاقل الأربع) و(آية الكرسي) و(إِنَّا انزَلْنَاهُ) وبقي إبليس ما يقارب الساعتين ينظر إلي, ثم ببركة الآيات ذهب عني, وكان خوفه باقيا في قلبه إلى وقت نقله القصة بعد سنوات.
الروح والبدن المثالي
الظاهر أن الروح بعد الموت تتعلق ببدن مثالي كتعلقها في الدنيا بهذا البدن الترابي.
وفي رواية الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام: «إنهم في أبدان كأبدانهم»[15].
وفي رواية: «صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا, فيأكلون ويشربون»[16].
وعن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة الجنة, تعارف وتسائل, فإذا قدمت الروح على الأرواح, فيقول: دعوها فإنها قد أفلتت من هول عظيم, ثم يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم: تركته حيا, ارتجوه, وإن قالت لهم: قد هلك, قالوا: قد هوى هوى»[17].
وفي رواية أخرى عن أبي بصير عنه عليه السلام: إنهم «في حجرات في الجنة, يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها»[18].
وفي رواية ثالثة عن أبي بصير عنه عليه السلام: «إنها في روضة كهيئة الأجساد في الجنة»[19].
ومن الواضح عدم المنافاة بينها, لأن الإنسان كما له أحوال مختلفة في الدنيا, فتارة في الشارع وتارة في الدار وتارة في المسجد وهكذا, كذلك في الجنة له أحوال.
وعلى كل حال فالإنسان عاجز عن فهم الإنسان في هذه الدنيا, فكيف يفهم الإنسان في الدار الآخرة؟ ولذا ورد في الحديث: «ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر»[20], إذا الآخرة من عالم آخر, وما يخطر في قلب البشر مناسب لعالم الدنيا, فهو كتلميذ الابتدائية الذي لا يخطر بقلبه حسابات الجبر والمقابلة والاستصحاب والبراءة وما أشبه ذلك, فإن الإنسان ـ كما هو واضح ـ إنما يخطر إلى قلبه ما هو من مداركه وما يستوعبه.
مما يرتبط بالعالم الآخر
والظاهر أن ما ورد في الأرواح بالنسبة إلى الموت والقبر وما أشبه ذلك مرتبط بالعالم الآخر ومن هنا لا يحس به الانسان بالحواس المادية عادة, مثل ما ورد من:
أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.
وأن القبر يوسع لبعض الأموات سبعة أذرع, أو تسعة, أو مد بصره, أو مسيرة شهر, أو ما أشبه.
وأنه يفتح من قبره إلى الجنة أو النار طريق.
وهكذا ما ورد من صعود الأئمة عليه السلام بعد استشهادهم إلى الله سبحانه وتعالى, فذلك من عالم الأرواح.
وأما فقد بعضهم للإمام عليه السلام عند الولادة, أو ما أشبه ذلك فيمكن أن يكون بانكشاف العين البرزخية للرائي, ويمكن أن يراد بذلك أجسامهم عليه السلام كما هو الظاهر.
وهكذا ما ورد في (كامل الزيارات) عن عبد الله بن بكير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «حججت معه عليه السلام ـ إلى أن قال: ـ فقلت: يا بن رسول الله, لو نبش قبر الحسين بن علي عليه السلام هل كان يصبا في قبره شيء؟ فقال: يا بن بكير, ما أعظم مسائلك! إنّ الحسين عليه السلام مع أبيه وأمّه وأخيه في منزل رسول الله صلى الله علي وآله ومعه يرزقون ويحبرون, وإنه لعن يمين العرش متعلّق به يقول: يا ربّ أنجز لي ما وعدتني, وإنه لينظر إلى زوّاره, فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده, وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له, ويقول: أيها الباكي لو علمت ما أعدّ الله لك لفرحت أكثر مما حزنت, وإنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة».
فإن ذلك مربوط بعالم الروح ـ كما هو واضح ـ, كما انّ إحاطته بكلّ الزوار وخصوصياتهم إحاطة روحية كإحاطة ملك الموت بكل العالم, وقد مثلناه سابقا بأمواج الراديو وصور التلفزيون وما أشبه ذلك, ولا مناقشة في الأمثال.
أما ما نقل عن الشيخ المفيد قدس سره وأضرابه من: أنهم عليهم السلام ينقلون بأجسادهم وأرواحهم إلى السماء بعد استشهادهم فهو محل بحث, ولذا رؤي جسد الإمام الحسين عليه السلام في قبره مكررا, والتي منها في قصة ديزج.
وقول المجلسي رحمه الله: إن سؤال القبر وضغطته في الأجساد الأصلية, يرد علمه إلى نفسه قدس الله نفسه أو يؤول, حيث قال: (إنما السؤال والضغطة في الأجساد الأصلية).
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف و عجل فرجهم يا كريم
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلا)ً[1].
كثيراً ما يطرح سؤال حول حقيقة الروح الإنسانية، فما هي هذه الروح وهل لها نظائر في المخلوقات أم لا؟ وعليه نقول:
ان الروح كـ (الجن والملائكة) جسم لطيف وهو كالهواء كما في بعض الروايات[2].
وفي رواية الاحتجاج عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «فالملك لا تشاهده حواسكم لأنه من جنس هذا الهواء»[3] ويمكن تكثيفها بإذن الله سبحانه وتعالى.
رؤية الروح
وقد ورد أن أبا بكر رأى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته في قصة مفصَّلة حيث أمره برد الخلافة إلى علي عليه السلام.
وأن الحسن بن علي عليه السلام أرى بعض أصحابه أمير المؤمنين عليه السلام.
وأن أولاد أمير المؤمنين عليه السلام رأوه عليه السلام في تشييع جنازة نفسه.
رؤية الملك
وقد روي[4] أن جبرئيل تكلّم مع رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة دحية الكلبي.
كما أنّ قوم لوط عليه السلام رأوا الملائكة في قصة مشهورة[5], قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ*وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ)[6].
وكذلك رأى جبرائيل السامري، كما في قوله سبحانه وتعالى: (بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)[7].
إلى غير ذلك مما هو كثير, وذكر جملة منها المجلسي قدس سره في (البحار).
رؤية الجن
وهكذا حال الجن حيث أنهم يظهرون أحيانا, كما ظهروا لسليمان عليه السلام قال عزوجل: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ)[8].
وكذلك رؤي أيضا بصورة الثعبان في مسجد الكوفة ودخل من الباب الذي عرف بـ (باب الثعبان) على علي أمير المؤمنين عليه السلام في قصة مشهورة[9] ومن بعده غُيّر إلى باب الفيل, حيث أراد معاوية أن يطمس هذه المعجزة فأمر بفيل ربط على باب المسجد فاشتهر عند الناس بباب الفيل, وهذا وارد أيضا في الألسنة إلى اليوم.
قصة الثعبان
فقد روي في (البحار) عن كتاب (بشارة المصطفى) عن جابر الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام, وكذلك رواه في (إحقاق الحق) من طريق العامة والخاصة, كما رواه القوشجي أيضاً في (شرح التجريد), قال:
«بينما علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة يخطب, إذ أقبل ثعبان من أخر المسجد, فوثب إليه الناس بنعالهم, فقال لهم علي عليه السلام: مهلا يرحمكم الله فإنها مأمورة, فكف الناس عنها, فأقبل الثعبان إلى علي عليه السلام حتى وضع فاه على أذن علي عليه السلام, فقال له ما شاء الله أن يقول, ثم إن الثعبان نزل وتبعه علي عليه السلام, فقال الناس: يا أمير المؤمنين ألا تخبرنا بمقالة هذا الثعبان؟ فقال: نعم إنه رسول الجن, قال لي: أنا وصي الجن ورسولهم إليك»[10] الحديث.
كما إن الجن جاء من الإمام عليه السلام برسالة مكتوبة إلى جماعة من أصحابه بين مكة والمدينة.
وهكذا في قصة الإمام الحسين عليه السلام رؤي الجن يوم عاشوراء[11] وغيره, وفي كتاب (مدينة المعاجز)[12] وما أشبه, كثير من هذه الأحاديث والقصص.
وقد رأى بعض العلماء الملائكة في كربلاء المقدسة في
(في مدرسة حسن خان), فإنه شرع في ليالي شهر رمضان من أوله إلى الثالث والعشرين منه بقراءة سورة (إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) في كل ليلة
ألف مرة ـ كما ورد ذلك[13]ـ, وفي الليلة الثالثة والعشرين ارتفع السقف ورأى الملائكة تنزل من أبواب السماء إلى الأرض بمختلف الأشكال ـ وكما قال علي عليه السلام: «فملأ هن أطوارا من ملائكته»[14]ـ وعند ذلك غشي عليه ولم يفق إلا بعد فترة طويلة.
كما أن أحد العلماء أيضا رأى الشيطان في قصة نقلها لي, قال: ...وخفت منه أشد الخوف وأخذت أقرأ آيات من القرآن الحكيم و(القلاقل الأربع) و(آية الكرسي) و(إِنَّا انزَلْنَاهُ) وبقي إبليس ما يقارب الساعتين ينظر إلي, ثم ببركة الآيات ذهب عني, وكان خوفه باقيا في قلبه إلى وقت نقله القصة بعد سنوات.
الروح والبدن المثالي
الظاهر أن الروح بعد الموت تتعلق ببدن مثالي كتعلقها في الدنيا بهذا البدن الترابي.
وفي رواية الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام: «إنهم في أبدان كأبدانهم»[15].
وفي رواية: «صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا, فيأكلون ويشربون»[16].
وعن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة الجنة, تعارف وتسائل, فإذا قدمت الروح على الأرواح, فيقول: دعوها فإنها قد أفلتت من هول عظيم, ثم يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم: تركته حيا, ارتجوه, وإن قالت لهم: قد هلك, قالوا: قد هوى هوى»[17].
وفي رواية أخرى عن أبي بصير عنه عليه السلام: إنهم «في حجرات في الجنة, يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها»[18].
وفي رواية ثالثة عن أبي بصير عنه عليه السلام: «إنها في روضة كهيئة الأجساد في الجنة»[19].
ومن الواضح عدم المنافاة بينها, لأن الإنسان كما له أحوال مختلفة في الدنيا, فتارة في الشارع وتارة في الدار وتارة في المسجد وهكذا, كذلك في الجنة له أحوال.
وعلى كل حال فالإنسان عاجز عن فهم الإنسان في هذه الدنيا, فكيف يفهم الإنسان في الدار الآخرة؟ ولذا ورد في الحديث: «ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر»[20], إذا الآخرة من عالم آخر, وما يخطر في قلب البشر مناسب لعالم الدنيا, فهو كتلميذ الابتدائية الذي لا يخطر بقلبه حسابات الجبر والمقابلة والاستصحاب والبراءة وما أشبه ذلك, فإن الإنسان ـ كما هو واضح ـ إنما يخطر إلى قلبه ما هو من مداركه وما يستوعبه.
مما يرتبط بالعالم الآخر
والظاهر أن ما ورد في الأرواح بالنسبة إلى الموت والقبر وما أشبه ذلك مرتبط بالعالم الآخر ومن هنا لا يحس به الانسان بالحواس المادية عادة, مثل ما ورد من:
أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.
وأن القبر يوسع لبعض الأموات سبعة أذرع, أو تسعة, أو مد بصره, أو مسيرة شهر, أو ما أشبه.
وأنه يفتح من قبره إلى الجنة أو النار طريق.
وهكذا ما ورد من صعود الأئمة عليه السلام بعد استشهادهم إلى الله سبحانه وتعالى, فذلك من عالم الأرواح.
وأما فقد بعضهم للإمام عليه السلام عند الولادة, أو ما أشبه ذلك فيمكن أن يكون بانكشاف العين البرزخية للرائي, ويمكن أن يراد بذلك أجسامهم عليه السلام كما هو الظاهر.
وهكذا ما ورد في (كامل الزيارات) عن عبد الله بن بكير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «حججت معه عليه السلام ـ إلى أن قال: ـ فقلت: يا بن رسول الله, لو نبش قبر الحسين بن علي عليه السلام هل كان يصبا في قبره شيء؟ فقال: يا بن بكير, ما أعظم مسائلك! إنّ الحسين عليه السلام مع أبيه وأمّه وأخيه في منزل رسول الله صلى الله علي وآله ومعه يرزقون ويحبرون, وإنه لعن يمين العرش متعلّق به يقول: يا ربّ أنجز لي ما وعدتني, وإنه لينظر إلى زوّاره, فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده, وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له, ويقول: أيها الباكي لو علمت ما أعدّ الله لك لفرحت أكثر مما حزنت, وإنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة».
فإن ذلك مربوط بعالم الروح ـ كما هو واضح ـ, كما انّ إحاطته بكلّ الزوار وخصوصياتهم إحاطة روحية كإحاطة ملك الموت بكل العالم, وقد مثلناه سابقا بأمواج الراديو وصور التلفزيون وما أشبه ذلك, ولا مناقشة في الأمثال.
أما ما نقل عن الشيخ المفيد قدس سره وأضرابه من: أنهم عليهم السلام ينقلون بأجسادهم وأرواحهم إلى السماء بعد استشهادهم فهو محل بحث, ولذا رؤي جسد الإمام الحسين عليه السلام في قبره مكررا, والتي منها في قصة ديزج.
وقول المجلسي رحمه الله: إن سؤال القبر وضغطته في الأجساد الأصلية, يرد علمه إلى نفسه قدس الله نفسه أو يؤول, حيث قال: (إنما السؤال والضغطة في الأجساد الأصلية).
____________________
[1] ـ سورة الإسراء: 85.
[2] ـ انظر بحار الانوار: ج10، ص185، ب13 وفيه: عن الإمام الصادق عليه السلام في جوابه على أسئلة الزنديق التي سألها أن قال صلى الله عليه وآله: (الروح بمنزلة الريح في الزق أذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن, قال: فأخبرني ما جوهر الريح؟ قال: الريح هواء أذا تحرك سمي ريحا فإذا سكن سمي هواء).
[3]- بحار الأنوار: ج9 ص 272 ب1 ح2.
[4] راجع الكافي: ج2 ص587 ح25 وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان أبا ذر أتى رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرئيل عليه السلام في صورة دحية الكلبي وقد استخلاه رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما, فقال جبرئيل: يا محمد هذا أبوذر قد مر بنا ولم يسلّم علينا أما لو سلم لرددنا عليه) الخبر.
[5]- راجع بحار الأنوار: ج12 ص 157 ب7 ح89.
[6]- سورة هود: 77-78, وقال سبحانه أيضاً في سورة حجر: 61-69: (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ) إلى قوله تعالى: (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ*قَالَ إِنَّ هؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ*وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ).
[7]- سورة طه: 96.
[8]- سورة سبأ: 13.
[9]- راجع الكافي: ج1 ص396 ح6, وفيه: (عن أبي جعفر عليه السلام قال بينما أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد فهم الناس أن يقتلوه فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام أن كفّوا فكفوا واقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام, فأشار أمير المؤمنين عليه السلام إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت, فقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجن, وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تأمرني به؟ وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجن فإنك خليفتي عليهم قال: فودع عمرو أمير المؤمنين عليه السلام وانصرف, فهو خليفته على الجن, فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه؟ قال: نعم).
[10]- بحار الأنوار: ج39 ص 249 ب87 ح14. بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: الجزء الرابع, ص 164. احقاق الحق وازهاق الباطل (للقاضي نور الله الحسيني التستري, الشهيد في 1019هـ ): ج8 ص 732 ب 24. شرح التجريد (لعلاء الدين القوشجي, المتوفي 879هـ) المطبوع بهامش المواقف: ج4 ص330 نقلا عن احقاق الحق.
[11]- راجع بحار الأنوار: ج44 ص330و331 ب 37 ح 2 وفيه: (أتته أفواج مسلمي الجن فقالو: يا سيدنا نحن شيعتك وأنصارك, فمرنا بأمرك, وما تشاء, فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك وانت بمكانك لكفيناك ذلك, فجزاهم الحسين عليه السلام خيرا وقال لهم: أو ما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله (أَيْنََما تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) وقال سبحانه: (لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس وبماذا يختبرون ومن ذا يكون ساكن في حفرتي بكربلاء وقد اختارها الله يوم دحا الأرض وجعلها معقلا لشيعتنا ويكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة, ولكن تحضرون يوم السبت وهو يوم عاشوراء الذي في آخره اقتل ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخوتي وأهل بيتي, ويسلمو برأسي إلى يزيد لعنه الله, فقالت الجن: نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه لولا أن أمرك طاعة وأنه لا يجوز لنا مخالفتك قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك, فقال صلوات الله عليه لهم: نحن والله أقدر عليهم منكم ولكن (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
[12]- للسيد هاشم البحراني (رضوان الله عليه).
[13]- أي قراءة سورة القدر ألف مرة, راجع بحار الأنوار: ج93 ص379 ب29 ح3: «عن الصادق عليه السلام قال: اذا اتى شهر رمضان فاقرأ كل ليلة (إِنَّا انزَلْنَاهُ) ألف مرة فاذا أتت ليلة ثلاثة وعشرين فاشدد قلبك وافتح لسماع العجائب مما ترى». وفي البحار: ج80 ص132 ب10 ح101, وفيه: «عن ابي عبد الله عليه السلام قال: لو قرأ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان (إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ألف مرة لأصبح وهو شديد اليقين في الاعتراف بما يختص فينا».
[14]- نهج البلاغة: الخطبة 1 الفقرة 18.
[15]- راجع الكافي: ج3 ص244 ح1 وفيه: (عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك يروون أن ارواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟ فقال: لا, المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير, لكن في أبدان كبأدانهم).
[16]- بحار الأنوار: ج58 ص50 ب42 ح30.
[17]- الكافي: ج3 ص244 ح3.
[18]- الكافي: ج3 ص 244 ح4.
[19]- الكافي: ج3 ص245 ح7.
[20]- من لا يحضره الفقيه: ج1 ص259 ح905.
[1] ـ سورة الإسراء: 85.
[2] ـ انظر بحار الانوار: ج10، ص185، ب13 وفيه: عن الإمام الصادق عليه السلام في جوابه على أسئلة الزنديق التي سألها أن قال صلى الله عليه وآله: (الروح بمنزلة الريح في الزق أذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن, قال: فأخبرني ما جوهر الريح؟ قال: الريح هواء أذا تحرك سمي ريحا فإذا سكن سمي هواء).
[3]- بحار الأنوار: ج9 ص 272 ب1 ح2.
[4] راجع الكافي: ج2 ص587 ح25 وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان أبا ذر أتى رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جبرئيل عليه السلام في صورة دحية الكلبي وقد استخلاه رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما, فقال جبرئيل: يا محمد هذا أبوذر قد مر بنا ولم يسلّم علينا أما لو سلم لرددنا عليه) الخبر.
[5]- راجع بحار الأنوار: ج12 ص 157 ب7 ح89.
[6]- سورة هود: 77-78, وقال سبحانه أيضاً في سورة حجر: 61-69: (فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ) إلى قوله تعالى: (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ*قَالَ إِنَّ هؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ*وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ).
[7]- سورة طه: 96.
[8]- سورة سبأ: 13.
[9]- راجع الكافي: ج1 ص396 ح6, وفيه: (عن أبي جعفر عليه السلام قال بينما أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد فهم الناس أن يقتلوه فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام أن كفّوا فكفوا واقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام, فأشار أمير المؤمنين عليه السلام إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت, فقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجن, وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تأمرني به؟ وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجن فإنك خليفتي عليهم قال: فودع عمرو أمير المؤمنين عليه السلام وانصرف, فهو خليفته على الجن, فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه؟ قال: نعم).
[10]- بحار الأنوار: ج39 ص 249 ب87 ح14. بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: الجزء الرابع, ص 164. احقاق الحق وازهاق الباطل (للقاضي نور الله الحسيني التستري, الشهيد في 1019هـ ): ج8 ص 732 ب 24. شرح التجريد (لعلاء الدين القوشجي, المتوفي 879هـ) المطبوع بهامش المواقف: ج4 ص330 نقلا عن احقاق الحق.
[11]- راجع بحار الأنوار: ج44 ص330و331 ب 37 ح 2 وفيه: (أتته أفواج مسلمي الجن فقالو: يا سيدنا نحن شيعتك وأنصارك, فمرنا بأمرك, وما تشاء, فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك وانت بمكانك لكفيناك ذلك, فجزاهم الحسين عليه السلام خيرا وقال لهم: أو ما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله (أَيْنََما تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) وقال سبحانه: (لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس وبماذا يختبرون ومن ذا يكون ساكن في حفرتي بكربلاء وقد اختارها الله يوم دحا الأرض وجعلها معقلا لشيعتنا ويكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة, ولكن تحضرون يوم السبت وهو يوم عاشوراء الذي في آخره اقتل ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخوتي وأهل بيتي, ويسلمو برأسي إلى يزيد لعنه الله, فقالت الجن: نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه لولا أن أمرك طاعة وأنه لا يجوز لنا مخالفتك قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك, فقال صلوات الله عليه لهم: نحن والله أقدر عليهم منكم ولكن (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
[12]- للسيد هاشم البحراني (رضوان الله عليه).
[13]- أي قراءة سورة القدر ألف مرة, راجع بحار الأنوار: ج93 ص379 ب29 ح3: «عن الصادق عليه السلام قال: اذا اتى شهر رمضان فاقرأ كل ليلة (إِنَّا انزَلْنَاهُ) ألف مرة فاذا أتت ليلة ثلاثة وعشرين فاشدد قلبك وافتح لسماع العجائب مما ترى». وفي البحار: ج80 ص132 ب10 ح101, وفيه: «عن ابي عبد الله عليه السلام قال: لو قرأ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان (إِنَّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ألف مرة لأصبح وهو شديد اليقين في الاعتراف بما يختص فينا».
[14]- نهج البلاغة: الخطبة 1 الفقرة 18.
[15]- راجع الكافي: ج3 ص244 ح1 وفيه: (عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك يروون أن ارواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟ فقال: لا, المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير, لكن في أبدان كبأدانهم).
[16]- بحار الأنوار: ج58 ص50 ب42 ح30.
[17]- الكافي: ج3 ص244 ح3.
[18]- الكافي: ج3 ص 244 ح4.
[19]- الكافي: ج3 ص245 ح7.
[20]- من لا يحضره الفقيه: ج1 ص259 ح905.
تعليق