بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً الذي جعل الحمد سبلاً لجنانه و الصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة وسراج الامة وعلى آله سادات الورى ...
العَاقِبَةُ هي آخرُ كلِّ شيء أَو خاتمتُه .
فلكل شي خاتمة وحياة الانسان في الدنيا لها نهاية اي عاقبة وهذه العاقبة سواء أكانت حسنة ام سيئة هي ليست بأمر مفاجىء فلكل نهاية بداية وسلوك الانسان ومشواره في هذه الحياة هو من يحدد عاقبته
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾"1"
﴿إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون﴾"2"
وان المعيار لعاقبة الانسان والموازين التي تقيم الأشخاص في الاخرة هي الحالة التي يرحل بها الانسان عن الدنيا
قال رسول الله صلى الله عليه وآله): من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه ومن أساء فيما بقي من عمر؟؟ بالأول والاخر)"3"
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنّة سبعين سنة فيحيف (يظلم) في وصيّته فيختم له بعمل أهل النار، وإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة فيعدل في وصيّته فيختم له بعمل أهل الجنّة""4
فالرويات تشير الى العمل الذي ينتهي عنده الانسان فيكون هو المؤشر لحاله ووزنه في الاخرة
"1"سورة القصص، الآية: 83.
"2"الحجرات الآية: 18
"3"أمالي الصدوق 35:
"4"بحار الانوار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
*الانسان هوالمسؤول عن نوع عاقبته
إن الله تعالى خلق الانسان وأبدع في خلقه وأكرمه وأغدق عليه بنعم لا تُحصى وخلق له عقلاً كي يفكر به ويسر له الحياة ليعيش فيها ويعمل ولم يُجبر الانسان على فعل وأمر فمن فسد خُلقاً كان هذا بأرادته وبفعله ومن أتقى الله وصان سلوكه من الوقوع في المزالق وأخلص النية لله تعالى في جميع أفعاله كان هذا بقيادة العقل والمنطق وعلى أساس سلوكه في الحياة تكون نوع عاقبته حسنة كانت ام سيئة وحياة الانسان هي مزرعة للأخرة فمن زرع فيها خيراً حصد خيراً ونال الجائزة العظمى وحصل على الجنان حيث السعادة الابدية .ومن زرع في حياته شراً ولم يطع الله وكان هواه هو من يسيره فقط لأجل الملذات الفانية فقد جلب لنفسه التعاسة والشقاء وسينال العذاب العظيم ويذيق الخزي والعار يوم الورود قال تعالى﴿ من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها، ثم الى ربّكم ترجعون﴾ الجاثية: 15
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*من أحسن وأصلح سريرته حسنت عاقبته
السريرة ما يسر الانسان ويكتم من أمره وهي السريرة غير ظاهر الانسان . ومن أحسن وأصلح هذه السريرة حسنت عاقبته .عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا علي مامن عبد إلا وله جواني وبراني يعني سريرة وعلانية، فمن أصلح جوانيه أصلح الله عز وجل برانيه، ومن أفسد جوانيه أفسد الله برانيه، وما من أحد إلا له صيت في أهل السماء، وصيت في أهل الأرض، فإذا حسن صيته في أهل السماء وضع ذلك له في أهل الأرض، فإذا ساء صيته في أهل السماء وضع ذلك له في الأرض قال: فسئل (عليه السلام) عن صيته ما هو؟ قال ذكره "1"
عن محمد بن ياسين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما ينفع العبد يظهر حسنا ويسير سيئا، أليس إذا رجع إلى نفسه، علم أنه ليس كذلك، والله تعالى يقول: " بل الانسان على نفسه بصيرة " "2" إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية "3"
عن أبي جعفر الجواد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المرض لا أجر فيه، ولكنه لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه، وإنما الاجر في القول باللسان والعمل بالجوارح وإن الله بكرمه وفضله يدخل العبد بصدق النية والسريرة الصالحة الجنة "4"
وأصلاح السريرة يحتاج الى جهاد للنفس والشيطان حتى تكون النية سليمة وجميع أعمال الانسان موجهة لله تعالى ويكون باطن الانسان نقي لا يظهر للناس عكس ما يبطن فيظهر مثلاً الخير ويبطن الشر او يظهر صالح الاعمال ويكتم في سريرته عكس ذلك وإن أستطاع اصلاح هذه السريرة وهي الاساس الذي يجعله مؤمن متقي لله قاده هذا الى العاقبة الحسنة .
"1" أمالي الطوسي ج 2 "1"
"2"القيامة 14
"3"مجالس المفيد: 133
"4" أمالي الطوسي ج 2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*حسن العاقبة ودخول الجنة يكون بالايمان والعمل الصالح
ان رأس المال للنجاة والحصول على السعادة الابدية هو الايمان بالله تعالى والعمل الصالح
﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات اؤلئك اصحاب الجنة هم فيهاخالدون ﴾ "1"
الايمان والعمل الصالح متلازمين ويقصد بالايمان الايمان القوي الذي لا ينفك عن العمل الصالح أما الايمان الضعيف فقد ينفك عن العمل الصالح ويقع صاحبه في أرتكاب الكبائر وعن الصادق عليه السلام عندما سئل عن حقيقية الايمان فقال( الايمان ان يطاع اللّه فلا يعصى)
ومفهوم الايمان والعمل الصالح شاملان لجميع مراحل الايمان بالله تعالى وسائر الاصول العقائدية والى الاتيان بالعمل الصالح
والعمل الصالح الملازم للايمان يستوجب الجنان وهذا هو وعد الله تعالى الى عباده
قال تعالى ﴿من عمل صالحاً من ذكر أو انثى، وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾"2"
وجميع الاعمال هي محفوظة ومسجلة عند الله تعالى يجزي عليها الانسان فمن عمل عملٌ صالح سيؤتى خيراً
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «يا أبا ذر، إنّك في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، ومن يزرع خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن يزرع شراً يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع»"3"
والانسان لا يأخذ معه من هذه الحياة سوى عمله وعليه يكون أما في جنان الرحمن او في عذاب العسير
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن العبد اذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، مُثّل له، ماله، وولده، وعمله، فيلتفت الى ماله، فيقول: واللّه إني كنت عليك حريصاً شحيحاً فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك.
قال: فيلتفت الى ولده فيقول: واللّه إني كنت لكم محباً، وإني كنت عليكم محامياً، فمالي عندكم؟ فيقولون: نؤديك الى حفرتك فنواريك فيها
قال: فيلتفت الى عمله فيقول: واللّه إني كنت فيك لزاهداً، وإنك كنت عليّ لثقيلاً، فمالي عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك، ويوم نشرك، حتى أعرض أنا وأنت على ربك "4"
فمن جد وأجتهد لعمل الصالح سينال جنان الرحمن ولا يضيع له أجره وتكون عاقبته خيرا
﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾
"1"البقرة ـ82.
"2"النحل: 97
"3" الوافي في موعظة رسول اللّه (ص) لأبي ذر.
"4" الوافي ج 13
"5"الزلزلة: 7 – 8
_____________________
*الخوف من سوء العاقبة
ان الانسان لأخر لحظة من الحياة يواجه أعداء وعليه بمحاربتهم وهم هوى النفس والشيطان واللذان يقودان الانسان الى حيث الطريق المنحرف والانسان دون شك لا يستطيع ان يتخلص من هذا بسهولة فلا بد من معرفة أولئك الاعداء ومن ثم الاصرار على محاربتهم
وأولياء الله دائماً متخوفين وقلقين من نهاية عاقبتهم ووجلين من نهاية أعمالهم وهل هم سينتصرون ام يكون النصر حليف الاعداء وهذا الخوف له أهمية بالغة حيث يدعو الانسان الى المراقبة والانتباه عن رسول الله صلى الله عليه وآله (لا يَزالُ الْمُؤْمِنُ خائِفاً مِنْ سُوءِ الْعاقِبَةِ لا يَتَيَقَّنُ الْوُصُولَ إِلَى رِضْوانِ اللّهِ حَتّى يَكُونَ وَقْتَ نَزْعِ روحِهِ وَظُهورِ الْمَلَكِ الْمَوْتِ له)"1"
"1"سفينة البحار
______________
*مثال من القرآن الكريم على سوء العاقبة
أشار القرآن الى سوء عاقبة بعض الاشخاص من الامم السابقة وأراد الله تعالى للإنسان أن يتعظ ويراقب سلوكه كي لا ينتهي بهم المطاف الى سوء العاقبة
﴿كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلإْنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ﴾"1"
حيث نقل بعض المفسّرين أنّ رجلاً من بني إسرائيل يدعى «برصيصا» قد عبد الله زماناً من الدهر حتّى كان يؤتى بالمجانين يداويهم ويعوذهم فيبرؤون على يديه، وانه أُتي بامرأة قد جُنّت وكان لها أخوة فأتوه بها فكانت عنده، فلم يزل به الشيطان يزيّن له حتّى وقع عليها فحملت، فلما استبان حملها قتلها ودفنها، فلما فعل ذهب الشيطان حتّى لقى أحد اُخوتها فأخبره بالّذي فعل الراهب وانه دفنها في مكان كذا، ثمّ أتى بقية أخوتها، وهكذا انتشر الخبر فساروا إليه فاستنزلوه فأقرّ لهم بالّذي فعل، فأمر به فصلب، فلمّا رفع على خشبة تمثل له الشيطان فقال : أنا الّذي ألقيت في قلوب أهلها، وأنا الّذي أوقعتك في هذا، فأطعني فيما أقول أخلصك ممّا أنت فيه،
قال : نعم.
قال : اسجد لي سجدة واحدة.
فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة،
"2" فقال : اكتفي منك بالإيماء، فأومى له بالسجود فكفر بالله وقُتل.
"1" الحشر (59): 16.
"2"بحار الانوار ,مجمع البيان
**
وأخر دعوانا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله أجمعين
﴿ اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَاقِبَتَنَا خَيْراً﴾
هدى الكرعاوي
الحمد لله حمداً كثيراً الذي جعل الحمد سبلاً لجنانه و الصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة وسراج الامة وعلى آله سادات الورى ...
العَاقِبَةُ هي آخرُ كلِّ شيء أَو خاتمتُه .
فلكل شي خاتمة وحياة الانسان في الدنيا لها نهاية اي عاقبة وهذه العاقبة سواء أكانت حسنة ام سيئة هي ليست بأمر مفاجىء فلكل نهاية بداية وسلوك الانسان ومشواره في هذه الحياة هو من يحدد عاقبته
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾"1"
﴿إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون﴾"2"
وان المعيار لعاقبة الانسان والموازين التي تقيم الأشخاص في الاخرة هي الحالة التي يرحل بها الانسان عن الدنيا
قال رسول الله صلى الله عليه وآله): من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه ومن أساء فيما بقي من عمر؟؟ بالأول والاخر)"3"
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنّة سبعين سنة فيحيف (يظلم) في وصيّته فيختم له بعمل أهل النار، وإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة فيعدل في وصيّته فيختم له بعمل أهل الجنّة""4
فالرويات تشير الى العمل الذي ينتهي عنده الانسان فيكون هو المؤشر لحاله ووزنه في الاخرة
"1"سورة القصص، الآية: 83.
"2"الحجرات الآية: 18
"3"أمالي الصدوق 35:
"4"بحار الانوار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
*الانسان هوالمسؤول عن نوع عاقبته
إن الله تعالى خلق الانسان وأبدع في خلقه وأكرمه وأغدق عليه بنعم لا تُحصى وخلق له عقلاً كي يفكر به ويسر له الحياة ليعيش فيها ويعمل ولم يُجبر الانسان على فعل وأمر فمن فسد خُلقاً كان هذا بأرادته وبفعله ومن أتقى الله وصان سلوكه من الوقوع في المزالق وأخلص النية لله تعالى في جميع أفعاله كان هذا بقيادة العقل والمنطق وعلى أساس سلوكه في الحياة تكون نوع عاقبته حسنة كانت ام سيئة وحياة الانسان هي مزرعة للأخرة فمن زرع فيها خيراً حصد خيراً ونال الجائزة العظمى وحصل على الجنان حيث السعادة الابدية .ومن زرع في حياته شراً ولم يطع الله وكان هواه هو من يسيره فقط لأجل الملذات الفانية فقد جلب لنفسه التعاسة والشقاء وسينال العذاب العظيم ويذيق الخزي والعار يوم الورود قال تعالى﴿ من عمل صالحاً فلنفسه، ومن أساء فعليها، ثم الى ربّكم ترجعون﴾ الجاثية: 15
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*من أحسن وأصلح سريرته حسنت عاقبته
السريرة ما يسر الانسان ويكتم من أمره وهي السريرة غير ظاهر الانسان . ومن أحسن وأصلح هذه السريرة حسنت عاقبته .عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا علي مامن عبد إلا وله جواني وبراني يعني سريرة وعلانية، فمن أصلح جوانيه أصلح الله عز وجل برانيه، ومن أفسد جوانيه أفسد الله برانيه، وما من أحد إلا له صيت في أهل السماء، وصيت في أهل الأرض، فإذا حسن صيته في أهل السماء وضع ذلك له في أهل الأرض، فإذا ساء صيته في أهل السماء وضع ذلك له في الأرض قال: فسئل (عليه السلام) عن صيته ما هو؟ قال ذكره "1"
عن محمد بن ياسين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما ينفع العبد يظهر حسنا ويسير سيئا، أليس إذا رجع إلى نفسه، علم أنه ليس كذلك، والله تعالى يقول: " بل الانسان على نفسه بصيرة " "2" إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية "3"
عن أبي جعفر الجواد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المرض لا أجر فيه، ولكنه لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه، وإنما الاجر في القول باللسان والعمل بالجوارح وإن الله بكرمه وفضله يدخل العبد بصدق النية والسريرة الصالحة الجنة "4"
وأصلاح السريرة يحتاج الى جهاد للنفس والشيطان حتى تكون النية سليمة وجميع أعمال الانسان موجهة لله تعالى ويكون باطن الانسان نقي لا يظهر للناس عكس ما يبطن فيظهر مثلاً الخير ويبطن الشر او يظهر صالح الاعمال ويكتم في سريرته عكس ذلك وإن أستطاع اصلاح هذه السريرة وهي الاساس الذي يجعله مؤمن متقي لله قاده هذا الى العاقبة الحسنة .
"1" أمالي الطوسي ج 2 "1"
"2"القيامة 14
"3"مجالس المفيد: 133
"4" أمالي الطوسي ج 2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*حسن العاقبة ودخول الجنة يكون بالايمان والعمل الصالح
ان رأس المال للنجاة والحصول على السعادة الابدية هو الايمان بالله تعالى والعمل الصالح
﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات اؤلئك اصحاب الجنة هم فيهاخالدون ﴾ "1"
الايمان والعمل الصالح متلازمين ويقصد بالايمان الايمان القوي الذي لا ينفك عن العمل الصالح أما الايمان الضعيف فقد ينفك عن العمل الصالح ويقع صاحبه في أرتكاب الكبائر وعن الصادق عليه السلام عندما سئل عن حقيقية الايمان فقال( الايمان ان يطاع اللّه فلا يعصى)
ومفهوم الايمان والعمل الصالح شاملان لجميع مراحل الايمان بالله تعالى وسائر الاصول العقائدية والى الاتيان بالعمل الصالح
والعمل الصالح الملازم للايمان يستوجب الجنان وهذا هو وعد الله تعالى الى عباده
قال تعالى ﴿من عمل صالحاً من ذكر أو انثى، وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾"2"
وجميع الاعمال هي محفوظة ومسجلة عند الله تعالى يجزي عليها الانسان فمن عمل عملٌ صالح سيؤتى خيراً
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «يا أبا ذر، إنّك في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، ومن يزرع خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن يزرع شراً يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثل ما زرع»"3"
والانسان لا يأخذ معه من هذه الحياة سوى عمله وعليه يكون أما في جنان الرحمن او في عذاب العسير
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن العبد اذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، مُثّل له، ماله، وولده، وعمله، فيلتفت الى ماله، فيقول: واللّه إني كنت عليك حريصاً شحيحاً فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك.
قال: فيلتفت الى ولده فيقول: واللّه إني كنت لكم محباً، وإني كنت عليكم محامياً، فمالي عندكم؟ فيقولون: نؤديك الى حفرتك فنواريك فيها
قال: فيلتفت الى عمله فيقول: واللّه إني كنت فيك لزاهداً، وإنك كنت عليّ لثقيلاً، فمالي عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك، ويوم نشرك، حتى أعرض أنا وأنت على ربك "4"
فمن جد وأجتهد لعمل الصالح سينال جنان الرحمن ولا يضيع له أجره وتكون عاقبته خيرا
﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾
"1"البقرة ـ82.
"2"النحل: 97
"3" الوافي في موعظة رسول اللّه (ص) لأبي ذر.
"4" الوافي ج 13
"5"الزلزلة: 7 – 8
_____________________
*الخوف من سوء العاقبة
ان الانسان لأخر لحظة من الحياة يواجه أعداء وعليه بمحاربتهم وهم هوى النفس والشيطان واللذان يقودان الانسان الى حيث الطريق المنحرف والانسان دون شك لا يستطيع ان يتخلص من هذا بسهولة فلا بد من معرفة أولئك الاعداء ومن ثم الاصرار على محاربتهم
وأولياء الله دائماً متخوفين وقلقين من نهاية عاقبتهم ووجلين من نهاية أعمالهم وهل هم سينتصرون ام يكون النصر حليف الاعداء وهذا الخوف له أهمية بالغة حيث يدعو الانسان الى المراقبة والانتباه عن رسول الله صلى الله عليه وآله (لا يَزالُ الْمُؤْمِنُ خائِفاً مِنْ سُوءِ الْعاقِبَةِ لا يَتَيَقَّنُ الْوُصُولَ إِلَى رِضْوانِ اللّهِ حَتّى يَكُونَ وَقْتَ نَزْعِ روحِهِ وَظُهورِ الْمَلَكِ الْمَوْتِ له)"1"
"1"سفينة البحار
______________
*مثال من القرآن الكريم على سوء العاقبة
أشار القرآن الى سوء عاقبة بعض الاشخاص من الامم السابقة وأراد الله تعالى للإنسان أن يتعظ ويراقب سلوكه كي لا ينتهي بهم المطاف الى سوء العاقبة
﴿كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلإْنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ﴾"1"
حيث نقل بعض المفسّرين أنّ رجلاً من بني إسرائيل يدعى «برصيصا» قد عبد الله زماناً من الدهر حتّى كان يؤتى بالمجانين يداويهم ويعوذهم فيبرؤون على يديه، وانه أُتي بامرأة قد جُنّت وكان لها أخوة فأتوه بها فكانت عنده، فلم يزل به الشيطان يزيّن له حتّى وقع عليها فحملت، فلما استبان حملها قتلها ودفنها، فلما فعل ذهب الشيطان حتّى لقى أحد اُخوتها فأخبره بالّذي فعل الراهب وانه دفنها في مكان كذا، ثمّ أتى بقية أخوتها، وهكذا انتشر الخبر فساروا إليه فاستنزلوه فأقرّ لهم بالّذي فعل، فأمر به فصلب، فلمّا رفع على خشبة تمثل له الشيطان فقال : أنا الّذي ألقيت في قلوب أهلها، وأنا الّذي أوقعتك في هذا، فأطعني فيما أقول أخلصك ممّا أنت فيه،
قال : نعم.
قال : اسجد لي سجدة واحدة.
فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة،
"2" فقال : اكتفي منك بالإيماء، فأومى له بالسجود فكفر بالله وقُتل.
"1" الحشر (59): 16.
"2"بحار الانوار ,مجمع البيان
**
وأخر دعوانا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله أجمعين
﴿ اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَاقِبَتَنَا خَيْراً﴾
هدى الكرعاوي
تعليق