بسم الله الرحمن الرحيم
( و الفحش من القول وهو الكلام البذيء الذي يستقبح ذكره )
الفحش هو الكلام القبيح البذيء الخليع المنافي للحياء و الذي يستقبح التصريح به مما يتعلق بالجنس من أعضاء و أفعال ، وهو على نوعين ، فبعض منه يستقبح التصريح به مطلقاً حت مع الزوجة كما إذا شبّه زوجته بالبغايا و عاملات السوء ، أو ما صار عتد بعض الناس كالعادة من الألفاظ البذيئة كقول هذه الكلمة ( النغل ) ، حتى و إن كان بقصد المزاح و التفكّه مع من قيلت له هذه الكلمات ، وبعض آخر مما يستقبح التصريح به مع الأجانب ولا يقبح معه الزوجة ، كما إذا ذكر بعض الأعمال الخاصة بينه و بينها ، فيجوز له ذلك ولا يقبح معها و يحرم مع غيرها ، فحينما يخاطب الرجل امرأة أجنبية بالقول لها ( حبيبتي - عمري - و أنت كذا و كذا و يذكر بعضاً مما يتعلق بالجنس و الآلة التناسلية و بعض أعضاء الجسم ما شابه ذلك من كلمات الغزل و التشبيب و التهييج الجنسي ) فإن ذلك من الفحش و الكلام البذيء الذي يحرم قوله مع غير الزوجة ، و أما مع الزوجة فلا ينافي ذلك الحياء و حسن المعاشرة و المخالطة ، إذ لا يحسن الحياء مع الزوجة في الأمور التي يكون قولها للزوجة أو قولها للزوج دليل على جزء من حسن التبعّل .
و التفصيل الآنف الذكر بين الزوجة و غيرها مذكور في المنهاج ج 2 مسألة 34 .
39 - ( و الغدر و الخيانة و نقض العهد حتى مع غير المسلمين )
فترك الوفاء و نقض العهد مما ورد في الشرع النهي عنه ، وهو قبيح في نفسه ، و سبب لتنفير الناس عن الاسلام ، فلا يجوز فعل ذلك حتى مع الكافر الحربي إذا كان قد التزم المسلمون معه بمعاهدة أو أمان أو عقد أو ما شابه ، فمثلاً المقاول الذي يعمل معه الكفار الحربيون - كعمال البناء و غيرهم - فإنه ما دام قد استقدمهم في البلد و التزم بشروط الدولة لادخالهم و تعهد بتطبيق قانون العمالة الخاص بهم و بغيرهم ، فإنه لا يجوز حينئذ نقض ذلك العهد و تلك الشروط ، ولا يجوز بحجج واهية أو بدون حجة سلب اموالهم و أخذها من دو حق .
40 - ( و الكبر و الاختيال وهو أن يظهر الإنسان نفسه أكبر و أرفع من الآخرين من دون مزية تستوجبه )
فالشخص الذي يرى نفسه أكمل الناس و أعلى الناس و يرى غيره حقيراً لا قيمة له ، هو إنسان متكبر ، و المراد برؤية نفسه كذلك ، بأن يحسب نفسه عالياً و غيره حقيراً فيما بينه و بين الله تعالى ، وأن له شأناً عظيماً عند الله تعالى كما هي الحال في رؤية اليهود لأنفسهم على أنهم الجنس الذي لا يوجد أطهر و لا أنبل ولا أعلى منهم و غيرهم ما هم إلا حشرات تستحق الابادة و التصفية و عدم البقاء على وجه الأرض ، بل و حتى إذا لم ير نفسه كذلك ، بل يرى نفسه عالياً على الآخرين فيتكلم بمنطق ما أريكم إلا ما أرى ، و يأمر و ينهى ، ولا يسلّم على الناس ولا يجالسهم ، و انه دائماً له الحق في الأرض و الفضاء ، و أنه الأوحد الذي لا يصل إلى ذكاءه الخارق أحد ، وهكذا من مظاهر عقدة الحقارة عند هؤلاء المجرمين ، خصوصاً إذا اقترن ذلك بمحاولة القهر للغير و محاولة إخضاعه
نعم لا شك أن العالم يرى نفسه فوق الجاهل في علمه ، و الغني يرى نفسه أفضل من الفقير في غناه ، و الأستاذ يرى نفسه أعلى من تلميذه فيما يتلمّذ عليه ، و الأب يرى نفسه أعلى من أولاده ، وهذه مزية طبيعية لا يمكن النهي عنها ، و لكن ان يستغل تلك المزية لأجل الوصول إلى نتائج غير واقعية و يرى لنفسه مظاهر عظمة مزيّفة ، فإن هذا هو التكبر والاختيال المنهي عنه .
41 - ( و الرياء و السمعة في الطاعات و العبادات )
و المقصود بالرياء هو الاتيان بالعمل الظاهري بقصد أن يراه الناس فيمدحونه و يبجلونه و يحترمونه ، و السمعة هو الاتيان بالعمل القولي بقصد أن يسمعه الناس لنفس الغاية السابقة ، بحيث لولا ذلك لم يقم بالعمل .
نعم إذا كان يأتي بالعمل من أجل حض الاخرين على القيام بالعمل المرئي أو المسوع حينما يرونه أو يسمعونه فلا يعد هذا رياءً ولا سمعة ، فالمدار على قصد الآنسان ، فإن كان هدفه من العمل هو كسب رضا الله فليس ذلك موجباً للرياء حتى وإن كان يعلم أن العمل يوجب حسن ظن الناس به و تمجيد الناس له ، بل هو مستحسن شرعاً أن يكون الانسان حسن الظاهر .
42 - ( و الحسد مع إظهار أثره بقول أو فعل ، و أما من دون ذلك فلا يحرم و إن كان من الصفات الذميمة ، و لا بأس بالغبطة و هي أن يتمنّى الإنسان أن يُرزق بمثل ما رُزق به الآخر من دون أن يتمنّى زواله عنه . )
الحسد هو تمنّي زوال النعمة عن الآخرين من المؤمنين إذا اقترن ذلك التمنّي بقول أوعمل ، وأما إذا لم يقترن بقول أو عمل فهو من الصفات القلبية الذميمة التي ينبغي للإنسان ان يحرر نفسه منها حتى لا تنقلب إلى صفة يعاقب عليها شرعاً ، و اما الغبطة بأن يتمنى أن يزيد الله في رزق الآخرين و يزيد في رزقه ، و أن يرزق الله الآخرين ذرية اكثر و يرزقه ، وهكذا من دون تمني زوال نعمة الغير فإن هذا الأمر لا بأس به ، والأحسن و الأولى و الأفضل للإنسان المؤمن أن يعمل في هذه الحياة و يأتي للأمور من ابوابها الصحيحة ، فإن رزقه الله تعالى الخير فليحمد الله ، وإن لم يحصل على ما يريد ، فليواصل الدعاء ، لأن الله تعالى يحب أن يسمع دعاء عبده المؤمن ، ولا ييأس ، فإن الله تعالى أكرم الأكرمين ، و ليعلم بأنه قد يحرم الله عبده من شيء ليعوضه بشيء آخر ، وهكذا هي الحياة . شرح تكملة المسألة 30 :
(و من أعظم المعاصي أيضاً: )
التي توجب المقت و الغضب و العذاب الالهي .
43 - (الرشوة على القضاء إعطاءً و أخذاً و إن كان القضاء بالحق)
فالرشوة : هي دفع مال أو شيء ما إلى القاضي من أجل كسب الدافع للرشوة القضية لصالحه ، و يحرم اعطاء الرشوة من قبل الراشي ( الدافع ) و يحرم على المرتشي ( الآخذ ) الأخذ ، حتى و لو كانت معالم القضية محسومة لصالح دافع الرشوة ، بحيث أنه يكسب القضية حتى مع عدم دفع شيئ للقاضي ، لأن الحق له فعلاً .
و قد مر علينا في المسألة 21 من كتاب التقليد حكم الترافع إلى القاضي غير المجتهد و حكم المال المأخوذ بحكمه ، فراجع .
44 - (و القمار سواء كان بالآلات المُعدّة له كالشطرنج و النرد و الدوملة أم بغير ذلك و يحرم أخذ الرهن أيضاً)
إذا شرط في اللعب دفع مال للغالب من المغلوب ، فيحصل عليه الغالب من المغلوب لا من طرف ثالث غير مشترك معهما ، فهو حرام ، سواء كانت طريقة تحصيل هذا المال عن طريق اللعب بالشطرنج أو النرد أو الدوملة أو بغير ذلك ، و يحرم أخذ ذلك المال المتحصّل من هذه الطريقة .
فإذا أراد مجموعة من الشباب عمل دورة رياضية ، و اشترطوا على اللاعبين دفع مبالغ لشراء الجوائز للفرق الغالبة ، ولم تكن الجوائز من طرف ثالث غير اللاعبين ، فإن ذلك يعتبر مصداقاً من مصاديق و أفراد القمار ، وهو حرام .
و إذا كان مشجعو الفرق الرياضية تنازعوا على من يفوز من الفرق الرياضية فتراهنوا على ذلك و يكون نصيب ما جمعوه لصالح من ظهر لهم أن فريقه الذي شجعه هو الغالب ، فهو حرام و يكون قماراً .
45 - ( و السحر فعله و تعليمه و تعلّمه و التكسّب به)
و المراد بالسحر هو تلك الطريقة التي توجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما من الحواس ، إذ بسبب السحر تتأثر الحواس و يضطرب عملها و تكون تلك الحواس مأسورة لهذا السحر ، فيرى نفسه مثلاً أنه يستطيع المجامعة مع زوجته وهو لا يستطيع ، أو أنه يتصور الزوجين المتحابين أنهما لا زالا يحبان بعضهما البعض ولكن ما إن يجتمعا في البيت تنقلب الأمور .
وهذه الطريقة ورد النهي عنها مشدّداُ في الشريعة , لا يرضى بتعلميها للآخرين ولا تعلّمها و لا التكسّب بها و تحصيل المال عن طريقها .
46 - ( و الغناء و استعمال الملاهي كالضرب على الدفوف و الطبول و النفخ في المزامير و الضرب على الأوتار على نحو تنبعث منه الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو و اللعب. )
فالغناء بالطريقة التي تتناسب مع مجالس اهل اللهو و الفسوق و كذلك استخدام الملاهي فيه بالطريقة التي تتناسب مع مجالس اهل اللهو و الفسوق ، هي حرام ، و معرفة المناسب من غير المناسب لتلك المجالس يحدده العرف ، فما كان مشتملاً على الباطل من الكلام أو كان مشتملاً على كلام الحق و لكنه يؤدى بطريقة تتناسب مع مجالس الخمور و الزنا و العهر و الخلاعة و المجون ، سواء كان معه تلك الالات المتعارفة أو لم يكن ، فإنه يحرم حينئذ .
( و هناك محرمات غير ما تقدم ذُكر البعض منها في مواضع أخرى من هذه الرسالة ، كما ذُكر فيها بعض ما يتعلّق بعدد من المحرمات المتقدمة من موارد الاستثناء و غير ذلك ، عصمنا الله تعالى من الزلل و وفّقنا للعلم و العمل إنه حسبنا و نِعمَ الوكيل. )
و سيأتي في ثنايا الكتاب ذكر الكثير من المحرمات و المعاصي القولية و الفعلية غير ما ذكر ، أو سيأتي تفصيل أكثر في ثنايا الكتاب لما ذكر من المعاصي في كتاب التقليد ، فانتظر
الفحش هو الكلام القبيح البذيء الخليع المنافي للحياء و الذي يستقبح التصريح به مما يتعلق بالجنس من أعضاء و أفعال ، وهو على نوعين ، فبعض منه يستقبح التصريح به مطلقاً حت مع الزوجة كما إذا شبّه زوجته بالبغايا و عاملات السوء ، أو ما صار عتد بعض الناس كالعادة من الألفاظ البذيئة كقول هذه الكلمة ( النغل ) ، حتى و إن كان بقصد المزاح و التفكّه مع من قيلت له هذه الكلمات ، وبعض آخر مما يستقبح التصريح به مع الأجانب ولا يقبح معه الزوجة ، كما إذا ذكر بعض الأعمال الخاصة بينه و بينها ، فيجوز له ذلك ولا يقبح معها و يحرم مع غيرها ، فحينما يخاطب الرجل امرأة أجنبية بالقول لها ( حبيبتي - عمري - و أنت كذا و كذا و يذكر بعضاً مما يتعلق بالجنس و الآلة التناسلية و بعض أعضاء الجسم ما شابه ذلك من كلمات الغزل و التشبيب و التهييج الجنسي ) فإن ذلك من الفحش و الكلام البذيء الذي يحرم قوله مع غير الزوجة ، و أما مع الزوجة فلا ينافي ذلك الحياء و حسن المعاشرة و المخالطة ، إذ لا يحسن الحياء مع الزوجة في الأمور التي يكون قولها للزوجة أو قولها للزوج دليل على جزء من حسن التبعّل .
و التفصيل الآنف الذكر بين الزوجة و غيرها مذكور في المنهاج ج 2 مسألة 34 .
39 - ( و الغدر و الخيانة و نقض العهد حتى مع غير المسلمين )
فترك الوفاء و نقض العهد مما ورد في الشرع النهي عنه ، وهو قبيح في نفسه ، و سبب لتنفير الناس عن الاسلام ، فلا يجوز فعل ذلك حتى مع الكافر الحربي إذا كان قد التزم المسلمون معه بمعاهدة أو أمان أو عقد أو ما شابه ، فمثلاً المقاول الذي يعمل معه الكفار الحربيون - كعمال البناء و غيرهم - فإنه ما دام قد استقدمهم في البلد و التزم بشروط الدولة لادخالهم و تعهد بتطبيق قانون العمالة الخاص بهم و بغيرهم ، فإنه لا يجوز حينئذ نقض ذلك العهد و تلك الشروط ، ولا يجوز بحجج واهية أو بدون حجة سلب اموالهم و أخذها من دو حق .
40 - ( و الكبر و الاختيال وهو أن يظهر الإنسان نفسه أكبر و أرفع من الآخرين من دون مزية تستوجبه )
فالشخص الذي يرى نفسه أكمل الناس و أعلى الناس و يرى غيره حقيراً لا قيمة له ، هو إنسان متكبر ، و المراد برؤية نفسه كذلك ، بأن يحسب نفسه عالياً و غيره حقيراً فيما بينه و بين الله تعالى ، وأن له شأناً عظيماً عند الله تعالى كما هي الحال في رؤية اليهود لأنفسهم على أنهم الجنس الذي لا يوجد أطهر و لا أنبل ولا أعلى منهم و غيرهم ما هم إلا حشرات تستحق الابادة و التصفية و عدم البقاء على وجه الأرض ، بل و حتى إذا لم ير نفسه كذلك ، بل يرى نفسه عالياً على الآخرين فيتكلم بمنطق ما أريكم إلا ما أرى ، و يأمر و ينهى ، ولا يسلّم على الناس ولا يجالسهم ، و انه دائماً له الحق في الأرض و الفضاء ، و أنه الأوحد الذي لا يصل إلى ذكاءه الخارق أحد ، وهكذا من مظاهر عقدة الحقارة عند هؤلاء المجرمين ، خصوصاً إذا اقترن ذلك بمحاولة القهر للغير و محاولة إخضاعه
نعم لا شك أن العالم يرى نفسه فوق الجاهل في علمه ، و الغني يرى نفسه أفضل من الفقير في غناه ، و الأستاذ يرى نفسه أعلى من تلميذه فيما يتلمّذ عليه ، و الأب يرى نفسه أعلى من أولاده ، وهذه مزية طبيعية لا يمكن النهي عنها ، و لكن ان يستغل تلك المزية لأجل الوصول إلى نتائج غير واقعية و يرى لنفسه مظاهر عظمة مزيّفة ، فإن هذا هو التكبر والاختيال المنهي عنه .
41 - ( و الرياء و السمعة في الطاعات و العبادات )
و المقصود بالرياء هو الاتيان بالعمل الظاهري بقصد أن يراه الناس فيمدحونه و يبجلونه و يحترمونه ، و السمعة هو الاتيان بالعمل القولي بقصد أن يسمعه الناس لنفس الغاية السابقة ، بحيث لولا ذلك لم يقم بالعمل .
نعم إذا كان يأتي بالعمل من أجل حض الاخرين على القيام بالعمل المرئي أو المسوع حينما يرونه أو يسمعونه فلا يعد هذا رياءً ولا سمعة ، فالمدار على قصد الآنسان ، فإن كان هدفه من العمل هو كسب رضا الله فليس ذلك موجباً للرياء حتى وإن كان يعلم أن العمل يوجب حسن ظن الناس به و تمجيد الناس له ، بل هو مستحسن شرعاً أن يكون الانسان حسن الظاهر .
42 - ( و الحسد مع إظهار أثره بقول أو فعل ، و أما من دون ذلك فلا يحرم و إن كان من الصفات الذميمة ، و لا بأس بالغبطة و هي أن يتمنّى الإنسان أن يُرزق بمثل ما رُزق به الآخر من دون أن يتمنّى زواله عنه . )
الحسد هو تمنّي زوال النعمة عن الآخرين من المؤمنين إذا اقترن ذلك التمنّي بقول أوعمل ، وأما إذا لم يقترن بقول أو عمل فهو من الصفات القلبية الذميمة التي ينبغي للإنسان ان يحرر نفسه منها حتى لا تنقلب إلى صفة يعاقب عليها شرعاً ، و اما الغبطة بأن يتمنى أن يزيد الله في رزق الآخرين و يزيد في رزقه ، و أن يرزق الله الآخرين ذرية اكثر و يرزقه ، وهكذا من دون تمني زوال نعمة الغير فإن هذا الأمر لا بأس به ، والأحسن و الأولى و الأفضل للإنسان المؤمن أن يعمل في هذه الحياة و يأتي للأمور من ابوابها الصحيحة ، فإن رزقه الله تعالى الخير فليحمد الله ، وإن لم يحصل على ما يريد ، فليواصل الدعاء ، لأن الله تعالى يحب أن يسمع دعاء عبده المؤمن ، ولا ييأس ، فإن الله تعالى أكرم الأكرمين ، و ليعلم بأنه قد يحرم الله عبده من شيء ليعوضه بشيء آخر ، وهكذا هي الحياة . شرح تكملة المسألة 30 :
(و من أعظم المعاصي أيضاً: )
التي توجب المقت و الغضب و العذاب الالهي .
43 - (الرشوة على القضاء إعطاءً و أخذاً و إن كان القضاء بالحق)
فالرشوة : هي دفع مال أو شيء ما إلى القاضي من أجل كسب الدافع للرشوة القضية لصالحه ، و يحرم اعطاء الرشوة من قبل الراشي ( الدافع ) و يحرم على المرتشي ( الآخذ ) الأخذ ، حتى و لو كانت معالم القضية محسومة لصالح دافع الرشوة ، بحيث أنه يكسب القضية حتى مع عدم دفع شيئ للقاضي ، لأن الحق له فعلاً .
و قد مر علينا في المسألة 21 من كتاب التقليد حكم الترافع إلى القاضي غير المجتهد و حكم المال المأخوذ بحكمه ، فراجع .
44 - (و القمار سواء كان بالآلات المُعدّة له كالشطرنج و النرد و الدوملة أم بغير ذلك و يحرم أخذ الرهن أيضاً)
إذا شرط في اللعب دفع مال للغالب من المغلوب ، فيحصل عليه الغالب من المغلوب لا من طرف ثالث غير مشترك معهما ، فهو حرام ، سواء كانت طريقة تحصيل هذا المال عن طريق اللعب بالشطرنج أو النرد أو الدوملة أو بغير ذلك ، و يحرم أخذ ذلك المال المتحصّل من هذه الطريقة .
فإذا أراد مجموعة من الشباب عمل دورة رياضية ، و اشترطوا على اللاعبين دفع مبالغ لشراء الجوائز للفرق الغالبة ، ولم تكن الجوائز من طرف ثالث غير اللاعبين ، فإن ذلك يعتبر مصداقاً من مصاديق و أفراد القمار ، وهو حرام .
و إذا كان مشجعو الفرق الرياضية تنازعوا على من يفوز من الفرق الرياضية فتراهنوا على ذلك و يكون نصيب ما جمعوه لصالح من ظهر لهم أن فريقه الذي شجعه هو الغالب ، فهو حرام و يكون قماراً .
45 - ( و السحر فعله و تعليمه و تعلّمه و التكسّب به)
و المراد بالسحر هو تلك الطريقة التي توجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما من الحواس ، إذ بسبب السحر تتأثر الحواس و يضطرب عملها و تكون تلك الحواس مأسورة لهذا السحر ، فيرى نفسه مثلاً أنه يستطيع المجامعة مع زوجته وهو لا يستطيع ، أو أنه يتصور الزوجين المتحابين أنهما لا زالا يحبان بعضهما البعض ولكن ما إن يجتمعا في البيت تنقلب الأمور .
وهذه الطريقة ورد النهي عنها مشدّداُ في الشريعة , لا يرضى بتعلميها للآخرين ولا تعلّمها و لا التكسّب بها و تحصيل المال عن طريقها .
46 - ( و الغناء و استعمال الملاهي كالضرب على الدفوف و الطبول و النفخ في المزامير و الضرب على الأوتار على نحو تنبعث منه الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو و اللعب. )
فالغناء بالطريقة التي تتناسب مع مجالس اهل اللهو و الفسوق و كذلك استخدام الملاهي فيه بالطريقة التي تتناسب مع مجالس اهل اللهو و الفسوق ، هي حرام ، و معرفة المناسب من غير المناسب لتلك المجالس يحدده العرف ، فما كان مشتملاً على الباطل من الكلام أو كان مشتملاً على كلام الحق و لكنه يؤدى بطريقة تتناسب مع مجالس الخمور و الزنا و العهر و الخلاعة و المجون ، سواء كان معه تلك الالات المتعارفة أو لم يكن ، فإنه يحرم حينئذ .
( و هناك محرمات غير ما تقدم ذُكر البعض منها في مواضع أخرى من هذه الرسالة ، كما ذُكر فيها بعض ما يتعلّق بعدد من المحرمات المتقدمة من موارد الاستثناء و غير ذلك ، عصمنا الله تعالى من الزلل و وفّقنا للعلم و العمل إنه حسبنا و نِعمَ الوكيل. )
و سيأتي في ثنايا الكتاب ذكر الكثير من المحرمات و المعاصي القولية و الفعلية غير ما ذكر ، أو سيأتي تفصيل أكثر في ثنايا الكتاب لما ذكر من المعاصي في كتاب التقليد ، فانتظر