إصغاء الجدران
......
دله الآذن إلى غرفتي
- الأستاذ نزيه ؟
وحين هززت رأسي بالإيجاب رمى لي ورقة .. وخرج ..
تناولت الورقة من بين الأضابير المبعثرة ..
[ غدا .. تفضل لزيارتنا ]
- الأمن العام -
ومن وقتها لم أعد أستطيع التحكم بدقات قلبي .. ولون وجهي
طرقت بابي .. لا أدري كيف وصلت .. واستقبلتني زوجي ..
- المفتاح معك .. وتطرق الباب ..!
رميت في وجهها قصاصة الورق ..
قرأتْها .. ثم علتها الرجفة .. وأسرعتْ إلى الخلاء ..
طوال النهار تتكلم قليلا .. وتنظر إلي .. والدمع معقود في حلقها .. وتسرع إلى الخلاء
- صباح الخير .. أنا نزيه
- أهلا وسهلا .. اجلس .. ما هي قهوتك ..؟
وضغط أحد الأزرار
هذه الرجفة اللعينة لا تقف .. والصدر الذي يعلو ويهبط ..
حاولت أن أكون طبيعيا ..
- نعرف أنك شخص نزيه .. ولكن ماذا تعرف عن أبي العلايا ..؟
فاجأني تماما ..
- نحن نعرف كل شيء .. ولكن تكلم أنت
- والله العظيم لا أعرف عنه شيئا .. كنا في نفس الصف .. فقط
- منذ مدة شاهدوك وأنت واقف معه
- صدفة .. رأيته بعد سنين طويلة .. فسلمت عليه
ضغط زرا آخر .. فجاؤوا .. وأخذوني ..
وانطفأت الأشياء من حولي ..
بعد واحد وعشرين عاما .. أطلقوني .. وبصعوبة .. تعرفت إلى منزلي ..
وعندما رأتني زوجي .. وقفتْ طويلا .. ثم تحسستني .. وأسرعت إلى الخلاء .. وجاءني اثنان من إحدى الغرف .. شابان مكتملا الرجولة ..
- أنا .. أنا .. أبوكما ..
في البداية أصغوا إلي كثيرا .. وتكلمت .. وتكلمت .. كنت أظن أنني نسيت الكلام
البقال بعد أن سلم بحرارة .. انكمش .. تركني أتكلم وقال لي :
- عن إذنك .. ليس لدي وقت كما ترى ..
كل الأصدقاء .. كانوا يسلمون بحرارة .. وحين أتكلم .. يعتذرون بأدب ويذهبون
أولادي .. لم يعودوا يصغون إلي .. يتركوني أتكلم أيضا ويغادرون المنزل .. وحتى زوجي .. حين أتكلم .. تشغل نفسها بشيء ما .. وتتركني ..
لم أعد أحتمل .. أعوام طويلة .. كانت الجدران فقط تحيط بي .. وتصغي ..
في الحديقة .. حاولت أن أجلس بجانب أحدهم .. وعندما بدأت بالكلام انسحب بهدوء .. كدت أصرخ .. كدت أنفجر .. الناس كلهم بدأوا يهربون مني .. ثم .. رأيت زوجي وأولادي يتهامسون وينظرون إلي .. ودق الباب .. ودخل رجلان .. حملاني .. وأخذاني ..
في مشفى المجانين .. ضحكت كثيرا .. هنا .. سأتكلم كما يحلو لي .. وسيصغون إلي .. وسيصفقون ..
وقفت على الطاولة .. وصفقت بيدي .. واجتمعوا حولي .. وحين بدأت بالكلام .. رأيتهم .. يهزون رؤوسهم .. ثم انصرفوا .. الواحد تلو الآخر ..
وتركوني وحدي ...
منقول
......
دله الآذن إلى غرفتي
- الأستاذ نزيه ؟
وحين هززت رأسي بالإيجاب رمى لي ورقة .. وخرج ..
تناولت الورقة من بين الأضابير المبعثرة ..
[ غدا .. تفضل لزيارتنا ]
- الأمن العام -
ومن وقتها لم أعد أستطيع التحكم بدقات قلبي .. ولون وجهي
طرقت بابي .. لا أدري كيف وصلت .. واستقبلتني زوجي ..
- المفتاح معك .. وتطرق الباب ..!
رميت في وجهها قصاصة الورق ..
قرأتْها .. ثم علتها الرجفة .. وأسرعتْ إلى الخلاء ..
طوال النهار تتكلم قليلا .. وتنظر إلي .. والدمع معقود في حلقها .. وتسرع إلى الخلاء
- صباح الخير .. أنا نزيه
- أهلا وسهلا .. اجلس .. ما هي قهوتك ..؟
وضغط أحد الأزرار
هذه الرجفة اللعينة لا تقف .. والصدر الذي يعلو ويهبط ..
حاولت أن أكون طبيعيا ..
- نعرف أنك شخص نزيه .. ولكن ماذا تعرف عن أبي العلايا ..؟
فاجأني تماما ..
- نحن نعرف كل شيء .. ولكن تكلم أنت
- والله العظيم لا أعرف عنه شيئا .. كنا في نفس الصف .. فقط
- منذ مدة شاهدوك وأنت واقف معه
- صدفة .. رأيته بعد سنين طويلة .. فسلمت عليه
ضغط زرا آخر .. فجاؤوا .. وأخذوني ..
وانطفأت الأشياء من حولي ..
بعد واحد وعشرين عاما .. أطلقوني .. وبصعوبة .. تعرفت إلى منزلي ..
وعندما رأتني زوجي .. وقفتْ طويلا .. ثم تحسستني .. وأسرعت إلى الخلاء .. وجاءني اثنان من إحدى الغرف .. شابان مكتملا الرجولة ..
- أنا .. أنا .. أبوكما ..
في البداية أصغوا إلي كثيرا .. وتكلمت .. وتكلمت .. كنت أظن أنني نسيت الكلام
البقال بعد أن سلم بحرارة .. انكمش .. تركني أتكلم وقال لي :
- عن إذنك .. ليس لدي وقت كما ترى ..
كل الأصدقاء .. كانوا يسلمون بحرارة .. وحين أتكلم .. يعتذرون بأدب ويذهبون
أولادي .. لم يعودوا يصغون إلي .. يتركوني أتكلم أيضا ويغادرون المنزل .. وحتى زوجي .. حين أتكلم .. تشغل نفسها بشيء ما .. وتتركني ..
لم أعد أحتمل .. أعوام طويلة .. كانت الجدران فقط تحيط بي .. وتصغي ..
في الحديقة .. حاولت أن أجلس بجانب أحدهم .. وعندما بدأت بالكلام انسحب بهدوء .. كدت أصرخ .. كدت أنفجر .. الناس كلهم بدأوا يهربون مني .. ثم .. رأيت زوجي وأولادي يتهامسون وينظرون إلي .. ودق الباب .. ودخل رجلان .. حملاني .. وأخذاني ..
في مشفى المجانين .. ضحكت كثيرا .. هنا .. سأتكلم كما يحلو لي .. وسيصغون إلي .. وسيصفقون ..
وقفت على الطاولة .. وصفقت بيدي .. واجتمعوا حولي .. وحين بدأت بالكلام .. رأيتهم .. يهزون رؤوسهم .. ثم انصرفوا .. الواحد تلو الآخر ..
وتركوني وحدي ...
منقول