بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة 32 : إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، ولمّا لم تثبت عندنا فيتعيّن الاتيان بها برجاء المطلوبية ، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية ، ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب .
********************
( إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، ولمّا لم تثبت عندنا فيتعيّن الاتيان بها برجاء المطلوبية ، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية .. )
فحينما يقول الفقيه في الرسالة العملية أنه يستحب فعل كذا و كذا ، فتارة يثبت لدى الفقيه أن ذلك الأمر مستحب قطعاً كما في بعض الأغسال و بعض المور الواردة في الصلاة أو مقدماتها ، أو في بعض الأمور من العبادات و المعاملات ، من مثل استحباب الغسل في يوم الجمعة ، و من مثل استحباب زيارة الحسين عليه السلام ، ومن مثل استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله كلما ذكره الذاكرون ، و من مثل استحباب الزواج ، ومن مثل استحباب الوصية عندما لا يكون على الشخص واجبات يجب الايصاء بها ، و ما شابه ذلك .
و أخرى لم يثبت استحباب ذلك الأمر ، لضعف الرواية التي استند إليها من قال بالاستحباب من حيث سندها ، فإنه لا يفتي بالاستحباب ، لان الاستحباب حكم شرعي ، و إذا أراد اسناد الاستحباب إلى الشرع و يقول ( هذا مستحب ) فإنه لا بد من مستند قطعي يقنيني في المسألة ، و إلا كان ذلك من التقول على الله سبحانه و تعالى .
و لكن بما أن بعض الفقهاء استندوا إلى روايات صحيحة تسمى بروايات ( من بلغه ) ، و هي تنص على أن من سمع برواية أو قرأ رواية ( بلغته رواية ) تنص على أن الشيء الفلاني إذا فعلته فلك كذا و كذا من الثواب ، فإن الله سبحانه و تعالى يعطيك الثواب على ذلك الفعل إذا صدر منه ، حتى ولو كانت تلك الرواية لم تصدر عن رسول الله صلى الله عليه و آله أو أهل بيته عليهم السلام .
فقد استفاد الفقهاء من هذه الروايات الصحيحة أن العمل الذي نصت عليه الرواية الضعيفة يتحوّل إلى شيء مستحب ببركة تلك الروايات التي تسمى بروايات ( من بلغه ) و يصبح الضعيف من الرواية قوياً ثابتاً و يصح أن تسنده إلى الشرع فتقول ( هذا مستحب شرعاً ) ، و يسمون تلك الحالة التي استندوا فيها إلى اثبات الاستحباب للافعال التي نصت علهيا الروايات الضعيفة ببركة روايات من بلغه ( قاعدة التسامح في أدلة السنن ) .
و معنى ذلك أن الأدلة الضعيفة التي نصت على الأفعال المسنونة ( المستحبة ) فإننا ببركة روايات من بلغ نتسامح في القول بالاستحباب و أن الشرع لا يمانع من نسبة أن هذا الشيء مستحب لنفس الشرع ، إذ يستطيع أن يقول بأن هذا الفعل الفلاني الوارد في الرواية الضعيفة هو مستحب شرعاً رغم كون الرواية التي نصت على الفعل هي رواية لا يعلم صدورها عن الرسول و ألأئمة عليهم السلام .
و لكن بما أن السيد السيستاني و مجموعة من الفقهاء المعاصرين لم تثبت لديهم قاعدة التسامح في أدلة السنن ، و ذلك لأنه كما لا يجوز أن ننسب إلى الشرع حكم بالوجوب أو حكم بالحرمة من دون دليل ، كذلك لا يجوز أن تثبت الحكم الشرعي باستحباب شيء من دون دليل ، و لكن بما أنه توجد عندنا روايات من بلغه و هي روايات صحيحة ، فإن السيد السيستاني قال بأن روايات من بلغه لا نفهم منها ما فهم الفقهاء الآخرون القدامى من ثبوت قاعدة التسامح في أدلة السنن ، لأن روايات من بلغ لا تثبت الاستحباب للفعل الذي ورد في الرواية الضعيفة ، و إنما روايات من بلغ تقول بأن الله سبحانه وتعالى يعطي الثواب على من عمل بما ورد في الرواية الضعيفة تفضلاً منه و رحمة - إذ هو أكرم الأكرمين - حتى و لو كانت تلك الرواية في الواقع و في علم الله أنها لم تصدر ، و يكون العمل بتلك الرواية حينئذ بنية ( رجاء المطلوبية ) أي أنه ياتي بالعمل راجياً أن يكون ذلك العمل ثابتاً في الواقع .
و كذلك الحال بالنسبة للمكروهات إذا كان الدليل الذي دل على الكراهة هو دليل ضعيف السند ، فإن المكلف يترك ذلك المكروه من باب رجاء ملطوبية الترك .
مسألة 32 : إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، ولمّا لم تثبت عندنا فيتعيّن الاتيان بها برجاء المطلوبية ، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية ، ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب .
********************
( إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، ولمّا لم تثبت عندنا فيتعيّن الاتيان بها برجاء المطلوبية ، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية .. )
فحينما يقول الفقيه في الرسالة العملية أنه يستحب فعل كذا و كذا ، فتارة يثبت لدى الفقيه أن ذلك الأمر مستحب قطعاً كما في بعض الأغسال و بعض المور الواردة في الصلاة أو مقدماتها ، أو في بعض الأمور من العبادات و المعاملات ، من مثل استحباب الغسل في يوم الجمعة ، و من مثل استحباب زيارة الحسين عليه السلام ، ومن مثل استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله كلما ذكره الذاكرون ، و من مثل استحباب الزواج ، ومن مثل استحباب الوصية عندما لا يكون على الشخص واجبات يجب الايصاء بها ، و ما شابه ذلك .
و أخرى لم يثبت استحباب ذلك الأمر ، لضعف الرواية التي استند إليها من قال بالاستحباب من حيث سندها ، فإنه لا يفتي بالاستحباب ، لان الاستحباب حكم شرعي ، و إذا أراد اسناد الاستحباب إلى الشرع و يقول ( هذا مستحب ) فإنه لا بد من مستند قطعي يقنيني في المسألة ، و إلا كان ذلك من التقول على الله سبحانه و تعالى .
و لكن بما أن بعض الفقهاء استندوا إلى روايات صحيحة تسمى بروايات ( من بلغه ) ، و هي تنص على أن من سمع برواية أو قرأ رواية ( بلغته رواية ) تنص على أن الشيء الفلاني إذا فعلته فلك كذا و كذا من الثواب ، فإن الله سبحانه و تعالى يعطيك الثواب على ذلك الفعل إذا صدر منه ، حتى ولو كانت تلك الرواية لم تصدر عن رسول الله صلى الله عليه و آله أو أهل بيته عليهم السلام .
فقد استفاد الفقهاء من هذه الروايات الصحيحة أن العمل الذي نصت عليه الرواية الضعيفة يتحوّل إلى شيء مستحب ببركة تلك الروايات التي تسمى بروايات ( من بلغه ) و يصبح الضعيف من الرواية قوياً ثابتاً و يصح أن تسنده إلى الشرع فتقول ( هذا مستحب شرعاً ) ، و يسمون تلك الحالة التي استندوا فيها إلى اثبات الاستحباب للافعال التي نصت علهيا الروايات الضعيفة ببركة روايات من بلغه ( قاعدة التسامح في أدلة السنن ) .
و معنى ذلك أن الأدلة الضعيفة التي نصت على الأفعال المسنونة ( المستحبة ) فإننا ببركة روايات من بلغ نتسامح في القول بالاستحباب و أن الشرع لا يمانع من نسبة أن هذا الشيء مستحب لنفس الشرع ، إذ يستطيع أن يقول بأن هذا الفعل الفلاني الوارد في الرواية الضعيفة هو مستحب شرعاً رغم كون الرواية التي نصت على الفعل هي رواية لا يعلم صدورها عن الرسول و ألأئمة عليهم السلام .
و لكن بما أن السيد السيستاني و مجموعة من الفقهاء المعاصرين لم تثبت لديهم قاعدة التسامح في أدلة السنن ، و ذلك لأنه كما لا يجوز أن ننسب إلى الشرع حكم بالوجوب أو حكم بالحرمة من دون دليل ، كذلك لا يجوز أن تثبت الحكم الشرعي باستحباب شيء من دون دليل ، و لكن بما أنه توجد عندنا روايات من بلغه و هي روايات صحيحة ، فإن السيد السيستاني قال بأن روايات من بلغه لا نفهم منها ما فهم الفقهاء الآخرون القدامى من ثبوت قاعدة التسامح في أدلة السنن ، لأن روايات من بلغ لا تثبت الاستحباب للفعل الذي ورد في الرواية الضعيفة ، و إنما روايات من بلغ تقول بأن الله سبحانه وتعالى يعطي الثواب على من عمل بما ورد في الرواية الضعيفة تفضلاً منه و رحمة - إذ هو أكرم الأكرمين - حتى و لو كانت تلك الرواية في الواقع و في علم الله أنها لم تصدر ، و يكون العمل بتلك الرواية حينئذ بنية ( رجاء المطلوبية ) أي أنه ياتي بالعمل راجياً أن يكون ذلك العمل ثابتاً في الواقع .
و كذلك الحال بالنسبة للمكروهات إذا كان الدليل الذي دل على الكراهة هو دليل ضعيف السند ، فإن المكلف يترك ذلك المكروه من باب رجاء ملطوبية الترك .
تعليق