نفحة من نفحات الشيخ البهاري(رض)*
أداب المراقبة
الأول : ترك المعاصي وهذا هو الذي بُني عليه قوام التقوى ، وأُسّس عليه أساس الآخرة والأولى وما تقرب المتقربون بشيء أعلى وأفضل منه.
سأل موسى "عليه السلام " الخضر :ماذا فعلت حتى أ مرتُ أن أتعلم منك ؟
وكيف بلغت هذه المرتبة ؟
أجاب الخضر: بترك المعصية.
فما أقبح العبد الذليل المستغرق في النعم الألهية آناً فآناً وهو يهتك حجاب الحياء ويمتطي صهوة الجرأة والصلف في حضرة ملك الملوك ،ما أشنعه وما أجفاه !!
وشخصُ كهذا يستحق أن يكون محبوساً أبد الأبدين ألا أن يتوب وتشمله الرحمة الواسعة.
الثاني الأشتغال بالطاعات : الاشتغال بالطاعات أياً كانت بعد الفرائض ولكن بشرط الحضور ، فإن روح العبادة هو حضور القلب ومن دون هذا الحضور فإنه لا تتحقق للقلب حياة أبدا. بل قد قيل أن العبادة بلا حضور قد تورث قسوة القلب وإن كان من أهل الذكر فإنه يحسن في أول الأمر أن يجعل ورده ( الاستغفار). ومن بعده الذكر اليونسي : { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } وفي آخره الكلمة الطيبة ( لا إله إلا الله ) بشرط الاستمرار على الذكر وحضور القلب .
الثالث عدم الغفلة عن حضور الحق دائما وأبداً: وهذا هو السنام الأعظم الرافع إلى مقام المقربين ، ومن كان طالباً للمحبة والمعرفة ، فليتمسك بهذا الحبل المتين وإلى هذا يشير قوله (صلى الله عليه وآله) :
(اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك )
فهو دائماً في حالة باطنية كأنه قائم في خدمة مولاه ومولاه تعالى يرى قيامه .
الرابع الحزن الدائم: خوفاً من العقاب –إن كان من الصالحين - أو شوقاً إلى اللقاء – إن كان من المحبين لأن الفيوضات المعنوية تنقطع بمجرد إنقطاع سلسلة الحزن من القلب . ومن هنا حكى عن لسان حال التقوى أنه قال: إني لا أسكن إلا في قلب محزون ، والشاهد على هذا المدعى قوله تعالى في الحديث القدسي:
(أنا عند المنكسرة قلوبهم)
واعلم أيها العزيز !.. أن ما يرد على القلب من الأمور الحسنة كالحزن والتفكر والعلم والحكمة وغيرها إنما يحل كالضيف فإن قابله الشخص بالعناية التامة وحسن الضيافة والإكرام وطهر محل نزوله من لوث الأدران والإوساخ وأبعد عنه مايزعجه ويكدره فإن الضيف سيعاود دخول البيت لطيب المقام ،وإن هو عرضه للأذى أشكل الأمر حينئذ .
فإن كان لك (حال ) فعليك أن تعرف قدرها ولا تضيعها وإلا زالت وهيهات أن تجدها مرة أخرى
* الحكيم العارف أية الله الشيخ محمد البهاري الهمذاني
أحد النجوم الزاهرة في سماء العلم والمعرفة ولد سنة 1256 هـ في مدينة "بهار"نال درجة الأجتهاد في الثانية والثلاثين
من عمره أخذ العرفان على يد آية الحق المولى حسين قلي الهمداني ،التحق بالرفيق الأعلى في التاسع من رمضان
1352هـ والأثر الوحيد للمرحوم هو كتاب تذكرة المتقين- الذي أعتمدناه في هذا الموضوع -وهو مجموعة مكاتبات
له قام بجمعها أسماعيل تائب التبريزي ومرقده الشريف الآن في بهار مزار كبير.
تعليق