بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قال تعالى في كتابه العزيز ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))التوبة: 105..
مما لابد للمؤمن ان يكون متيقنا منه هو ان ما يقوم به من عمل او اي شئ آخر مراقب من قبل الله تعالى، وقد نلمس ذلك من خلال حياتنا اليومية حيث نرى بانّ الانسان عندما يكون عليه رقيباً من الناس وخاصة إذا كان هذا الرقيب ملتزماً منضبطاً لا يجامل في العمل نرى بأن العامل يلتزم بأداء العمل على أكمل وجه من غير نقيصة أو شائبة..
هذا إذا كان الرقيب انساناً بسيطاً ضعيفاً، فكيف إذا كان الرقيب هو جبّار السماوات والأرض الذي يرقب كل حركة وسكنة ((وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا))النبأ: 29..
وكذلك المعصومون عليهم السلام رقباء على أعمالنا، فهي تعرض عليهم باليوم والليلة، فعن الامام الرضا عليه السلام قال ((والله انّ أعمالكم لتعرض عليّ في كل يوم وليلة))..
فان تيقنّ العبد ذلك كان لزاما أن يكون عمله في طاعة الله ورضوانه ولايخالفه أبداً، وإذا ما أخطأ بادر الى العودة الى جادّة الحق بالتوبة والانابة اليه فقد قال الرسول صلّى الله عليه وآله ((إن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون))..
فاذا توجه العبد الى العمل فلابد أن يحسن ما يعمله ((إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا))الكهف: 7..
فهنا الآية تشير الى حسن العمل أي النظر الى كيفيته وليس الى كميته، والأهم من هذا هو البقاء على هذا العمل خالصاً لله تعالى من غير انتظار الحمد من احد سوى الله سبحانه وتعالى، واضافة الى ذلك أن يكون عمل المؤمن مصاحباً للتقوى كما أشار الى ذلك النبي صلّى الله عليه وآله بوصيته الى أبا ذر ((يا أبا ذر، كن بالعمل بالتقوى أشد اهتماماً منك بالعمل لغيره، فإنه لايقل عمل بالتقوىَ، وكيف يقل عمل يتقبل))، وهذا ما يريده الله سبحانه وتعالى حينما قال في كتابه الكريم ((انما يتقبل الله من المتقين))..
ولكي يكون هذا العمل منجياً ومصاحباً طيباً للعبد في الآخرة يجب الاستمرارية والمداومة عليه وعن يقين حتى يكون مقرباً الى الله سبحانه وتعالى، لا أن يكون هذا العمل عبارة عن تعويد قد تعوده -من غير أن يؤثر فيه- بحيث إذا انقطع عنه استوحشه، فهذا العمل لا يكون مقرّباً الى الله تبارك وتعالى بل مجرد عناء وتعب لأنّه لم يصل الى القلب..
ولا يتباطأنّ أحد في الاسراع بالعمل من غير تأجيل أو تسويف، فالشيطان الرجيم يسوّف للعبد حتى ينسيه العمل فيغفل عنه، وقد توعّد الله تعالى المسوفين بأن قال ((ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ))الحجر: 3، فإذا ما تذكّر فانّ الأوان قد فات ولات حين مندم..
ولابد أيضاً من طلب التسديد من الله تعالى فقد قال الرسول صلّى الله عليه وآله ((سلوا الله الهدى، وسلوا الله مع الهدى هداية الطريق، وسلوا الله السداد، وسلوه مع السداد سداد العمل))..
ومما تجدر الاشارة اليه هو ينبغي تنظيم العمل، فبالتنظيم والترتيب يضمن العبد ديموميته ورجاء الخير منه، فعدم النظام يؤدي الى العشوائية التي يرفضها ديننا الاسلامي ولا يرقى لان يكون عملا ناجحاً يرتجى منه الخير، فمصير كل عمل غير منتظم هو الفشل..
وفي النهاية نسأل الله تعالى أن تكون خاتمة أعمالنا الى خير، قال الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله ((ملاك العمل خواتيمه))، وقد ورد في بحار الأنوار عن العابد قال: سمعت أبا فروة الانصاري - وكان من السائحين - يقول: ((قال عيسى بن مريم عليه السلام يا معشر الحواريين بحق أقول لكم: إن الناس يقولون: إن البناء بأساسه، وأنا لاأقول لكم كذلك، قالوا: فماذا تقول يا روح الله ؟ قال: بحق أقول لكم: إن آخر حجر يضعه العامل هو الاساس، قال أبو فروة: إنما أراد خاتمة الامر))..
وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والصلاح...
تعليق