بسم الله الرحمن الرحيم
يخطئ من يتصور ان سبب المعركة ان الحسين عليه السلام اراد ان يسقط حكومة يزيد ويغلبه ويحل محله في الحكم ، وما الانتقادات الجاهلة التي توجه للنهضة الحسينية احيانا الا بسبب وضع هذه الفرضية الخاطئة ، فالنتيجة الطبيعية التي يتوصل بها – بناء على تلك الفرضية – ان الخروج للكوفة كان خطئا واضحا وفق المعطيات والحسابا السياسية .وحقيقة الامر ان يزيد ومن معه من طغاة بني امية ارادوا ان يقهروا الحسين عليه السلام على البيعة ليزيد ولم يقم الحسين عليه السلام في تلك المرحلة الا برفض البيعة والامتناع عنها ، روى الطبري في تاريخه احداث 60ه رسالة يزيد بن معاوية الى الوليد بن عتبة امير المدينة وفيها " اما بعد فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة اخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام "(1)
فليس الحسين الا المظلوم الذي اراد ان يُعلم الامة عدم الخضوع لقهر حكام الجور ، ولا يقتصر العلم بالشهادة في هذه المرحلة على اخبارات النبي صلى الله عليه واله بل تتعدى كل من يعلم ان الظلمة من ال ابي سفيان يحصرونه بين خيارين بيعة يزيد الفاسق والسيف وكما قال الحسين عليه السلام " الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة ...."(2)
كان الحسين عليه السلام ادرى من غيره بما سيحدث له باخبار مسبق من رسول الله صلى الله عليه واله ، وروايات الشيعة والسنة تؤكد ذلك ، فهذه عمرة بنت عبد الرحمن – كما ذكر ابن كثير – ترسل اليه تطلب منه عدم الخروج وتقول : "اشهد لسمعت عائشة تقول انها سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : ((يقتل الحسين بارض بابل )) فلما قرأ كتابها قال : فلابد لي اذا من مصرعي ، ومضى " (3)
وذكر ايضا انه قال عليه السلام للفرزدق " لو لم اعجل لاخذت "(4)
وكذلك روي عن يزيد الرشك قوله عليه السلام " ولا اراهم الا قاتلي "
وعن معاوية بن قرة قال الحسين عليه السلام " والله لتعتدن عليَ كما اعتدت بنو اسرائيل في السبت " .
وعن جعفر الضبعي عنه عليه السلام " والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ".(5)
وروى ابن كثير قول الامام الحسين عليه السلام لمن طلب منه الرجوع "انه ليس يخفى عليَ ما قلت وما رأيت ، ولكن الله لا يغلب على امره ، ثم ارتحل قاصدا الكوفة ".(6)
فالحسين عليه السلام كان يعلم بمقتله عند خروجه بل هو على علم بذلك منذ صغره ، بل كان يعلم بالمكان والزمان ايضا .
(1) الطبري ج4ص250ورواها ابن كثير في البداية والنهاية ج8ص157.
(2) اللهوف في قتلى الطفوف للسيد بن طاووس ص95.
(3) البداية والنهاية ج8ص176.
(4) البداية والنهاية ج8ص180.
(5) البداية والنهاية ج8ص183.
(6) البداية والنهاية ج8ص185.
تعليق