بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
حدِث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له
مثلٌ طالما لهجت به الألسن في مجالسٍ يُذكر فيها أمرٌ عجيب ، عن الحقيقة غريب ، وعن الأخلاق بعيد ..
اليوم لم يبقَ لهذا المثل مكان في قاموس اللغة وإن لهجت به الألسن وتطيبت به المجالس ، فالعاقل اليوم عليه أن يُصدق ما لا يليق وإلا فلا عقل له ..
لن أُطيل لأني إن أطلت أحرقت قلوباً وأدمعت عيوناً وأحزنت نفوساً ..
لو قلتُ بأن هناك من المسلمين من يتلذذ بسفك دماء أخواناً له ، أفيكم من ينكر ويُكذب؟ أفيكم من يستغظم ذلك ويراه خيالاً لا حقيقة؟ أمنكم من يقول هذا أمرٌ لا يُصدق لأنه خارج عن حدود الدين؟ أفيكم من يقول هذا أمرٌ لا يمكن أن يحصل لأنه لا يليق؟
إن تفوه أحدٌ من الناس بذلك اليوم فهو على أهون القول: يغط في سباتٍ عميق ..
ها هو ذا واقعنا يشهد على أفعالٍ لا تليق ، يقوم بها من يدعي بأنه على منهاج من أرسله الله رحمة للعالمين ، يتشهد الشهادتين ويُصلي الفرائض ويحج ويصوم ويُزكي ويتنفل ..
أفعالٌ تهز عرش الجبار وتُخرج عن ملة الإسلام ، ومع ذلك يفعلها بتكبيرٍ وتهليلٍ ..
الكذب عنده لا يليق واللغو لا يليق والنميمة لا تليق وشرب الخر لا يليق وعقوق الوالدين لا تليق ، لكن التعدي على حُرمة من يشترك معه في الدين يليق وهدر دمه يليق بل مستحب ، فيه الأجر العظيم والخلود مع من قال فيه الرب الرحيم وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ 107 سورة الأنبياء أَوَيُعقل أن يكون مخلداً بجوار من أرسله الله رحمة للعالمين ويداه ملطختان بدماء النفس المحرمة ، أَوَلَم يقرأ ويسمع قوله صلى الله عليه وآله كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ
قد يُبرر فعله بقولٍ قبيح يُسيء به لرسالة أكرم النبيين عليه وآله صلاة المصلين ..
أتعلمون بِمَ يُبرر فعله؟ يُبرره بقوله إن من سفك دمه خارج عن ملة الدين ،
لو سلمنا بأن إدعائه صحيح .. أيحق له أن يفعل به هذا الجرم الشنيع ، أولم يتدبر في الآية التي مرت والتي هي من الآيات المحكمات ولا تحتاج إلى تأويل .. كيف تُبين بأن الله ما أرسل محمداً إلا رحمة للعالمين لا رحمة للمسلمين ..
أولم تأتيه الأخبار عن النبي الأكرم الله صلى الله عليه وآله مع من آذوه كيف قابل من آذوه طوال فترة رسالته بالإحسان وكيف عاملهم بالخلق العظيم فأطلق سراحهم وعفا عنهم بقوله اذهبوا فأنتم الطلقاء ..
أَوَلَم يقرأ ويسمع قوله صلى الله عليه وآله: من لا يرحم لا يُرحم وقوله: لا تُنزع الرحمة إلا من شقي أولم يقرأ قول الله تعالى: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ 99 يونس وقوله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 8 سورة الممتحنة ..
أَوَلَم يقرأ أو يسمع مقولة أمير المؤمنين علي عليه السلام الناس صنفان .. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ..
ماذا عسى أن يجني من فعله وماذا عسى أن يرى من جراء جرمه إلا الخزي والعذاب الأليم .. أيرى أن فعله يليق به كمسلم ويليق به كمتبع لرسول رب العالمين ..
فليتق الله في دماء أخوته وليتقِ الله في دماء من لا يشك بأنهم نظراءه في الخلقة وإن اعتقد بأنهم ليسوا بأخوته في الدين ..
فهو ليس الحسيب الرقيب ولا الموكل من الله بسفك دماء الأبرياء إما تفجيراً وإما ذبحاً وتمثيلاً أولم تأتيه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله إياكم والمثلى ولو بالكلب العقور
أعتذر على الإطالة فالقلم أبى إلا أن يسرد ما فاضل به المشاعر ودمعت لأجله العينين من حزن وأسى على تلك العقول الضالة والقلوب العطشى لدماء الأبرياء والنفوس الخبيثة التي تقتل وتمثل بعباد الله وتفعل أعظم الجرائم على الهوية غير مرعوية من الله ولا متقية من أليم عذابه ..
نسأل الله العافية والسلامة في ديننا وطهارة أيدينا من دماء الأبرياء فالمسلم ما سلم الناس من لسانه ويده
تعليق