تطهير الأرض من الظلم والظالمين يبدو بالنظرة الأولى أن تطهير الأرض من الظلم، واستئصال الطواغيت والظالمين، أمر غير ممكن ، فقد تعودت الأرض على أنين المظلومين وآهاتهم حتى لايبدو لاستغاثتهم مجيب ، وتعودت على وجود الظالمين المشؤوم ، حتى لايخلو منهم عصر من العصور . فهم كالشجرة الخبيثة المستحكمة الجذور ، ما أن يقلع منهم واحد حتى ينبت عشرة ، وما أن يقضى عليهم في جيل حتى يفرخوا أفواجاً في أجيال . غير أن الله تعالى الذي قضت حكمته أن يقيم حياة الناس على قانون صراع الحق والباطل والخير والشر ، قد جعل لكل شئ حداً ، ولكل أجل كتاباً ، وجعل للظلم على الأرض نهاية . جاء في تفسير قوله تعالىيُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُبِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ). (الرحمن:41) عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (الله يعرفهم ! ولكن نزلت في القائم يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطاً). (غيبة النعماني ص 127) . وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ( فليفرجن الله بغتة برجل منا أهل البيت ، بأبي ابن خيرة الإماء . لايعطيهم إلا السيف هرجاً هرجاً (أي قتلاً قتلاً) موضوعاً على عاتقه ثمانية أشهر ) . ( شرح نهج البلاغة:2/178) . وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله في أمته باللين والمنِّ ، وكان يتألف الناس ، والقائم يسير بالقتل ولايستتيب أحداً !! بذلك أمر في الكتاب الذي معه ، ويل لمن ناواه ). (غيبة النعماني ص121) . والكتاب الذي معه هو العهد المعهود له من جده رسول الله صلى الله عليه وآله ، وفيه كما ورد أقتل ثم اقتل ولاتستتيبن أحداً) ، أي لاتقبل توبة المجرمين . وعنه عليه السلام قال: (وأما شبهه في جده المصطفى صلى الله عليه وآله فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله تعالى وأعداء رسوله ، والجبارين والطواغيت ، وأنه ينصر بالسيف والرعب ، وأنه لاترد له راية) . (البحار: 51 /218) . وفي رواية عبد العظيم الحسني المتقدمة وهي في نفس المصدر ، عن الإمام الجواد عليه السلام : ( فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف خرج بإذن الله ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تعالى . قلت ، وكيف يعلم أن الله قد رضي ؟ قال: يلقي الله في قلبه الرحمة ). بل جاء في الأحاديث أن بعض أصحابه عليه السلام يرتاب ويعترض عليه لكثرة ما يرى من سفكه لدماء الظالمين ، فعن الإمام الباقر عليه السلام : (حتى إذا بلغ الثعلبية (اسم مكان في العراق) قام إليه رجل من صلب أبيه (أي من نسبه) هو أشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه ماخلا صاحب هذا الأمر ، فيقول: يا هذا ما تصنع؟! فوالله إنك لتجفل الناس إجفال النعم ! ( أي كما يجفل الراعي أو الذئب قطيع الماشية ) أفبعهد من رسول الله ، أم بماذا ؟! فيقول المولى الذي ولي البيعة (أي المسؤول عن أخذ البيعة للإمام من الناس): أسكت ، لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك ، فيقول القائم عليه السلام : أسكت يا فلان ، إي والله إن معي لعهداً من رسول الله صلى الله عليه وآله ، هات يا فلان العيبة (أي الصندوق) فيأتيه بها فيقرأ العهد من رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول الرجل: جعلني الله فداك: أعطني رأسك أقبله ، فيعطيه رأسه ، فيقبل بين عينيه ، ثم يقول: جعلني الله فداك ، جدد لنا بيعة ، فيجدد لهم بيعة ). ( البحار: 53/343) ولا بد أن هناك علامات أو آية يعرف بها أصحابه أن تلك الصحيفة هي عهد معهود من رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأما طلبهم أن يجددوا مبايعته عليه السلام فلأن اعتراضهم عليه يعتبر نوعاً من الإخلال ببيعتهم الأولى له عليه السلام . وقد يرى البعض في سياسة القتل والإبادة للظالمين التي يعتمدها الإمام المهدي عليه السلام ، أنها قسوة وإسراف في القتل ، ولكنها في الواقع عملية جراحية ضرورية لتطهير مجتمع المسلمين ومجتمعات العالم من الطغاة والظالمين ، وبدونها لايمكن إنهاء الظلم من على وجه الأرض ، وإقامة العدل خالصاً كاملاً ، ولا القضاء على أسباب المؤامرات الجديدة التي سيقوم بها بقاياهم فيما لو استعمل الإمام معهم سياسة اللين والعفو ! فالظالمون في مجتمعات العالم كالغصون اليابسة من الشجرة ، بل كالغدة السرطانية، لابد من استئصالها من أجل نجاة المريض مهما كلف الأمر . والأمر الذي يوجب الاطمئنان عند المترددين في هذه السياسة أنها بعهد معهود من النبي صلى الله عليه وآله وأن الله تعالى يعطي الإمام المهدي عليه السلام العلم بالناس وشخصياتهم ، فهو ينظر إلى الشخص بنور الله تعالى فيعرف ماهو وما دواؤه، ولايخشى أن يقتل أحداً من الذين يؤمل اهتداؤهم وصلاحهم ، كما أخبر الله تعالى عن قتل الخضر عليه السلام للغلام في قصته مع موسى عليه السلام حتى لايرهق أبويه طغياناً وكفراً . بل تدل الأحاديث على أن الخضر يظهر مع المهدي عليه السلام ويكون وزيراً له ، ولا بد أن المهدي عليه السلام عنده علم الخضر اللدني الذي قال الله عنه: (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ) (الكهف:65) ، وأنهما يستعملانه في تنمية بذور الخير ، ودفع الشر عن المؤمنين ، والقضاء على الفساد والشر وهو بذرة صغيرة قبل أن يصبح شجرة خبيثة . ومن المرجح أن يكون عمل الخضر وأعوانه في دولة المهدي عليهم السلام علنياً ، وأن يكون لهم حق الولاية على الناس وحق النقض على القوانين والأوضاع الظاهرية . وقد ورد في الأحاديث الشرية أن الإمام المهدي عليه السلام يقضي بين الناس بحكم الله الواقعي الذي يريه إياه الله تعالى ، فلا يطلب من أحد شاهداً أو بينة ، وكذلك يستعمل علمه الواقعي في قتل الظالمين والفجار ، وقد يسير أصحابه في القضاء بين الناس وقتل الفجار بهذه السيرة ، أما في بقية الأمور فقد يتعاملون مع الناس على الظاهر . ولا بد أن يكون للخضر وأمثاله صلاحياتهم الخاصة . |
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
تطهير الأرض
تقليص
X
-
تطهير الأرض
التعديل الأخير تم بواسطة من نسل عبيدك احسبني ياحسين; الساعة 29-05-2013, 02:08 PM.sigpic
إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
لجن أبقه عبدكم وإنتم أسياديالكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
المشاركة الأصلية بواسطة سجاد القزويني مشاهدة المشاركة[ATTACH=CONFIG]15934[/ATTACH]سلم الله قلمكمsigpic
إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
المشاركة الأصلية بواسطة م.القريشي مشاهدة المشاركةوفقكم الله لكل خير لما تقدموه من عطاءsigpic
إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي
- اقتباس
- تعليق
تعليق
تعليق