بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الّذي لا يحصي مدحته القائلون ولا يؤدي حقه المجتهدون
الذّي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود الّذي فطر الخلائق بقدرته وتواضعت الجبابرة لهيبته ،
وعنت الوجوه لخشيته وأنقاد كل عظيم لعظمة
نحمده على ترادف النّعماء ونشكره على تواتر الآلاء وأفضل الصلاة وأتمّ التحيات ،
والسلام على خير الأنام الهادي إلى نور الحقيقة في متاهات الظلام طبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا نبي الرحمة محمد أكرم خليقته وأشرف بريته وعلى أهل بيته أئمة الهدى وأعلام التقى وذوي النهى وكهف الورى ، ولا سّيما أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم وقسيم الجنة والنار حيدر الكرار داحي الأبواب ومشتت الأحزاب زوج البتول وسيف الله المسلول علي بن أبي طالب ،
واللعن الدّائم على أعدائهم ومخالفيهم ومعانديهم وظالميهم وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم ومدّعي مقاهم ومراتبهم ، من الأولين واأخرين أجمعين إلى يوم الدين .
وبعد أقول
ان مسائلة اثبات افضلية امير المؤمنين عليه السلام ليس الموضوع الصعب على الباحث ولكن الصعب على المعاند الذي لا يريد ان يقر بافضلية شخص الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام .
فهل ترك لنا التاريخ الاسلامي لحظة من لحظاته لم يوثق لنا منقبة او سابقة او حدث او موقف وتميز لشخصه الكريم على معاصريه بل وحتى من لحقه ولو بقرون لان التميز والانفراد والاستثنائية توقفت عند اعتابه ولا ترضى التحرك الى غيره صاغرة نعم انه امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام
فان ذكرنا العدل كان عنوانه وان ذكرنا الشجاعة كانت ميدانه وان ذكرنا العبادة كان لها محرابا وان ذكرنا الزهد فكان معناه وان ذكرنا الايثار سجيته وان ذكرنا وان ذكرنا ..............الخ
فكلها تعني عليا عليه السلام
رجل لله كان وليا ولرسوله نفسا واخ ووزيرا ووصيا وصهرا ولابناءالرسول صلى الله عليه واله ابا بل وللامة كذلك وللايمان كلا وللاسلام اولا ووللايتام كافلا وللدينا مطلقا وللعلم جامعا وللحكمة مؤتيا وللبلاغة صانعا وللمعروف امرا وللمنكر ناهيا وللصلاة قائما ولكتاب الله تاليا ومترجما وللجهاد مسرعا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار يفتح الله على يديه كما قال الرسول صلى الله عليه واله
رجل لكل المراحل متجدد مع كل زمان كالشمس لا يغيب وكهواء لا يستغنى عنه ولا عجب لانه علي ابن ابي طالب عليه السلام
رجل منذ ولادته في بيت الله الحرام على اطلاقه البشرى في محراب مسجد الكوفة
((فزت ورب الكعبة ))جمع ماثر الدنيا كلها وسيرة الانبياء والمرسلين وفاقهم
حتى ان نعاه سيد شباب اهل الجنة الامام الحسن ابن علي عليه السلام
((لم يسبقه أحد فيها من المتقدمين ولا يلحقه أحد من الأخرين )
فكان سلام الله عليه جيش رسول الله صلى الله عليه واله وكان يمثل له الجانب المعنوي وما استقام دين محمد لولا سيف علي ونصرته وطبعا واموال خديجة رضوان الله عليها
وقد عبرت وشهدت سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام باحتجاجها في جمع الانصار والمهاجرين في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله بهذا المعنى صراحة
((قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه ويخمد لهبها بسيفه مكدودا في ذات الله مجتهدا في أمر الله قريبا من رسول الله سيدا في أولياء الله مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الله لومة لائم وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الأخبار وتنكصون عند النزال وتفرون من القتال ))
بل وان الامام زين العابدين عليه السلام في خطبته في المسجد الاموي كان اشمل بالتعريف لشخصه وسابقته وافضليته سلام الله عليه حيث قال واصفا جده امير المؤمنين عليه السلام ((أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيفين وطعن برمحين وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضــل القائمين من آل طه وياسين رسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرائيل المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين والمجاهد أعدائه الناصبين وأفخر من مشى من قريش أجمعين وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين وأول السابقين وقاصم المعتدين ومبيد المشركين وسهم من مرامي الله على المنافقين ولسان حكمة العابدين وناصر دين الله، وولي أمر الله وبستان حكمة الله وغيبة علمه سمح سخي بهي بهلول زكي أبطحي رضي مقدام همام صابر صوام مهذب قوام، قاطع الأصلاب ومفرق الأحزاب أربطهم عناناً وأثبتهم جناناً وأمضاهم عزيمة وأشدهم شكيمة، أسد باسل يطحنهم في الحروب، إذا ازدلفت الأسنة وقربت الأعنة يذروهم ذرو الريح الهشيم ليث الحجاز، وكبش العراق مكي مدني خيفي عقبي بدري أحدي، شجري مهاجري، من العرب سيدها، ومن الوغى ليثها، وإرث المشعرين وأبو السبطين الحسن والحسين ذاك جدي علي بن أبي طالب.))
فلو اخذنا قول المجتبى مع قول الزهراء مع قول السجاد صلوات الله عليهم اجمعين
صفات رجل واحد لكان هو نفس محمدا رسول الله صلى الله عليه واله علي ابن ابي طالب عليه السلام ولا يكون غيره
ولكن اجمعت ذو النفاق والزيغ الا على محوا اثاره وكتم فضائله ومحو مناقبه ليساووا به من دونه ليحتالوا على المسلمين ولغتالوا الاسلام وليجعلوا من الدين السماوي دين وضعي يكون فيه الملك خليفة والجاهل شيخ له والناصبي مقدم وطلقاء امراء والكذابين روات والمنافقين صحابة
ولكن رغم التعتيم فاقت فضائله الافاق وملئت الكتب مخالفيه قبل محبيه ومناصريه
كيف لا والسماء وثقت مواقفه وشكرت سعيه ونعتته بالمؤمن وشكرت مواقفه وايدته
والرسول الاكرم صلى الله عليه واله ما ترك موقفا الا وقلده وساما لا يليق الا له ولا يستحقه الا هوابدا ابتداءا من ((وانذرا عشيرتك الاقربين ......))
حتى قوله ((من كنت مولاه فهذا عليا مولاه ))وما سبق تلك ولحق هذه يفوق
ولكن تبقى هناك منعطفات في تاريخ الاسلامي ومن حياة امير المؤمنين عليه السلام ي ظل النبوة وخاتم النبوة صلوات الله عليه واله
حددت مسار الدين الاسلامي والمرحلة اللاحقة اي بعد انتقال الرسول الله صلى الله عليه واله للرفيق الاعلى
وهذه المواقف هي كثيرة نوجز بعدد منها ما صح وثبت عند كافة الفرق الاسلامية والتي بينت وشهد بان الافضل بعد رسول الله صلى الله عليه واله والاقدر والاعلم والاصلح هو امير المؤمنين عليه السلام بلا منازع بدليل الادلة التي سوف استشهد بها
منها آية المباهلة قوله تعالى
وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)
حيث جاء في الرواية الصحيحة أنها نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين
عليهم السلام
حيث أخرج الحاكم أخرج الحاكم في المستدرك برقم 4719
: ( فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم
قال :
( اخبرني ) جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد ثنا موسى بن هارون
ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن اسمعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد
عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية ( ندع انباءنا وابناءكم ونسائنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم )
دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم
( فقال اللهم هؤلاء أهلي )
(1) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه / 3 / 163 0
قال الذهبي في التلخيص على شرط البخاري ومسلم 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
صحيح مسلم / 4 / 1871 ،
تفسير روح المعاني / 3 / 190 ،
زاد المسير / 1 / 399 ،
فتح القدير / 1 / 348 ،
تفسير البحر المحيط / 2 / 502 ،
]الدر المنثور / 2 / 233 ،
]الجمع بين الصحيحين / 1 / 198 ،
سنن البيهقي / 7 / 73 ،
سنن الترمذي / 5 / 225 ،
مسند أحمد بن حنبل / 1 / 185 ،
مسند البزار / 3 / 324 ،
مسند سعد / 1 / 51 ،
خصائص علي / 1 / 37 ،
رجال مسلم / 2 / 51 ،
الإصابة / 4 / 569 ،
تاريخ دمشق / 42 / 16 ،
تحفة الأحوذي / 8 / 278 ،
كنز العمال / 13 / 71 ،
حسن الأسوة / 1 / 62 ،
معتصر المختصر / 2 / 62 ،
ينابيع الموادة / 2 / 120،
شرح العقيدة الطحاوية / 1 / 547 ،
شرح مشكل الأثار / 2 / 16 ،
تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج / 1 / 61 ،
معارج القبول / 3 / 1186 ،
اعتقاد أهل السنة / 8 / 1375 ،
الجواب الصحيح / 1 / 197 ،
الصواعق المحرقة / 2 / 355 ،
المنتقى من منهاج الاعتدال / 1 / 437 ،
السيرة الحلبية / 3 / 236 ،
ذخائر العقبى / 1 / 25 ،
جواهر المطالب/ 1 / 171،
تاريخ الخلفاء / 1 / 169،
تهذيب الأسماء/ 1 / 318،
نظم درر السمطين / 108،
شواهد التنزيل / 1 / 161،
أسد الغابة / 4 / 26،
الجوهر في نسب لإمام علي واله ،
البداية والنهاية / 7 / 376،
لإمام والسياسة / 1 / 209،
مناقب الخوارزمي / 108،
أقول وعلى هذا يتضمن الأمر بدعوة الأبناء والنساء والأنفس ـ بصيغ الجمع في الجميع ـ وامتثال هذا الأمر يقتضي إحضار ثلاثة أفراد من كل عنوان لا أقل منها، تحقيقاً لمعنى الجمع ، لكن الذي أتى به النبي(صلى الله عليه وآله)في مقام امتثال هذا الأمر على ما يشهد به صحيح الحديث والتاريخ لم يكن كذلك، وليس لفعله(صلى الله عليه وآله)وجه إلا انحصار المصداق في ما أتى به. فالآية بالنظر الى كيفية امتثالها بما فعل النبي(صلى الله عليه وآله)تدل على أن هؤلاء هم الذين كانوا صالحين للاشتراك معه في المباهلة وأنهم أحب الخلق إليه، وأعزهم عليه، وأخص خاصته لديه.
نعم هذه الآية تدل على أن عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام ) هم أفضل الخلق وأشرفهم بعد النبي
(صلى الله عليه وآله ) عند الله تبارك وتعالى،
ثانيا: نستنبط من الآية الكريمة أن مولانا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هو أفضل الخلق وأشرفهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله )، لأن الله تعالى جعله نفس النبي (صلى الله عليه وآله ) إذا أن كلمة (أنفسنا) لا تعني النبي (صلى الله عليه وآله )، لأن الدعوة منه لا تصح لنفسه، وإنما الدعوة من الإنسان لغيره، فالمقصود من (أنفسنا) في الآية الكريمة هو سيدنا وإمامنا علي (عليه السلام )، فكان بمنزلة نفس النبي (صلى الله عليه وآله )، ولذا دعاه وجاء به إلى المباهلة، وذلك بأمر الله سبحانه.
وهذا المعنى صرح به كثير من علماء أهل السنة، نذكر منهم على سبيل المثال منهم، مثل الزمخشري في تفسيره لآية المباهلة، فقد ذكر شرحا وافيا عن الخمسة الطيبين وكشف حقائق ودقائق مفيدة عن فضلهم ومقامهم عند الله سبحانه، حتى
قال الزمخشري في تفسيره الكشاف ج 1 ص 283 :
وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل . ومن ثمة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ، ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق . وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها . وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام .
ونقل ابن حيان في تفسيره البحر المحيط نفس كلام الزمخشري
وقال النيسابوري في تفسيره ج 2 ص 277 :
وأما فضل أصحاب الكساء فلا شك في دلالة الآية على ذلك ، ولهذا ضمهم إلى نفسه بل قدمهم في الذكر . وفيها أيضاً دلالة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لو لم يكن واثقاً بصدقه لم يتجرأ على تعريض أعزته وخويصته وأفلاذ كبده في معرض الابتهال ومظنة الاستئصال ،
قال ابو سعود في تفسيره ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ) ج 1 ص 404 :
فأتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقد غدا محتضِناً الحسينَ آخذاً بيد الحسنِ وفاطمةُ تمشي خلفَه وعليٌّ خلفها رضي الله عنهم أجمعين وهو يقول : « إذا أنا دعوتُ فأمِّنوا » فقال أسقفُ نجرانَ : يا معشرَ النصارى إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى أن يُزيل جبلاً من مكانه لأزاله ، فلا تُباهلوا فتهلِكوا ولا يبقى على وجه الأرضِ نصرانيٌّ إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهِلَك وأن نُقِرَّك على دينك ونثبُتَ على ديننا ، قال صلى الله عليه وسلم : « فإذا أبيتم المباهلةَ فأسلِموا يكنْ لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين » فأبَوْا ، قال عليه الصلاة والسلام : « فإني أناجِزُكم » فقالوا : ما لنا بحربِ العربِ طاقةٌ ولكن نصالِحُك على ألا تغزونا ولا تُخيفَنا ولا ترُدَّنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كلَّ عام ألفي حُلة ، ألفاً في صَفَر وألفاً في رجب وثلاثين درعاً عادية من حديد ، فصالحهم على ذلك وقال : « والذي نفسي بيده إن الهلاكَ قد تدلَّى على أهل نجرانَ ، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِردةً وخنازيرَ ولاضْطَرمَ عليهم الوادي ناراً ولاستأصَلَ الله نجرانَ وأهلَه حتى الطيرَ على رؤوس الشجر ، ولما حال الحولُ على النصارى كلِّهم حتى يهلكوا »
وهذا النص ذكره جمع من المفسرين نذكر منهم
البغوي في تفسيره ج 2 ص 48 .
والخازن في لباب التأويل في معاني التنزيل ج 1 ص 387 .
والبيضاوي في أنوار التنزيل وأسرار التأويل ج 1 ص 355 .
والرازي في مفاتيح الغيب ج 4 ص 240 .
والشربيني في تفسير السراج المنير ج 1 ص 493 .
وابن عادل في اللباب ج 4 ص 129 .
والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ج 4 ص 104 .
والسيوطي والمحلي في تفسير الجلالين ج 1 ص 353 .
والنسفي في مدارك التنزيل وحقائق التأويل ج 1 ص 162 .
والألوسي في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج 3 ص 74 .
والقطان في : تيسير التفسير ج 1 ص 199 .
وقال الثعلبي في تفسيره ج 11 ص 129 :
أقوال المفسِّرين والعلماء باختصاصها بأصحاب الكساء
قال أبو بكر النقّاش في تفسيره : أجمع أكثر أهل التّفسير أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم (جواهر العقدين : الباب الأول،
وتفسير آية المودّة : ).
وقال سيدي محمّد بن أحمد بنيس في شرح همزيّة البوصيري : (إنّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَا) أكثر المفسِّرين أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسنين رضي الله عنهم (لوامع أنوار الكوكب الدرّي : ).
وقال العلاّمة سيدي محمّد جسوس في شرح الشمائل : «... ثمّ جاء الحسن بن عليّ فأدخله،
ثمّ جاء الحسين فدخل معهم،
ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها،
ثمّ جاء عليّ فأدخله ثمّ قال : (إنّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَا)» وفي ذلك إشارة إلى أنّهم المراد بأهل البيت في الآية» (شرح الشمائل المحمدية : ذيل باب ما جاء في لباس رسول الله).
وقال السمهودي : وقالت فرقة،
منهم الكلبيّ : هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين خاصّة،
للأحاديث المتقدمة (جواهر العقدين : الباب الأول).
وقال الطّحاوي في مشكل الآثار بعد ذكر أحاديث الكساء : فدلّ ما روينا في هذه الآثار ممّا كان من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أمّ سلمة ممّا ذكرنا فيها،
لم يرد أنّها كانت ممّا اريد به ممّا في الآية المتلوّة في هذا الباب،
وأنّ المراد بما فيها هم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين دون ما سواهم
(مشكل الآثار : ح باب ما روي عن النبيّ في الآية).
وقال بعد ذكر أحاديث تلاوة النبيّ {صلى الله عليه وسلم} الآية على باب فاطمة : في هذا أيضاً دليل على أنّ هذه فيهم (مشكل الآثار : ح باب ما روي عن النبيّ في الآية).
وقال الفخر الرازي : وأنا أقول : آل محمّد {صلى الله عليه وسلم} هم الذين يؤول أمرهم إليه،
فكلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل،
ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أشدّ التعلّقات،
وهذا كالمعلوم بالنّقل المتواتر ؛ فوجب أن يكونوا هم الآل.
مفاتيح الغيب ج 13 ص 432 .
هذه الحلقة الأولى من المضوع
الحمد لله الّذي لا يحصي مدحته القائلون ولا يؤدي حقه المجتهدون
الذّي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود الّذي فطر الخلائق بقدرته وتواضعت الجبابرة لهيبته ،
وعنت الوجوه لخشيته وأنقاد كل عظيم لعظمة
نحمده على ترادف النّعماء ونشكره على تواتر الآلاء وأفضل الصلاة وأتمّ التحيات ،
والسلام على خير الأنام الهادي إلى نور الحقيقة في متاهات الظلام طبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا نبي الرحمة محمد أكرم خليقته وأشرف بريته وعلى أهل بيته أئمة الهدى وأعلام التقى وذوي النهى وكهف الورى ، ولا سّيما أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم وقسيم الجنة والنار حيدر الكرار داحي الأبواب ومشتت الأحزاب زوج البتول وسيف الله المسلول علي بن أبي طالب ،
واللعن الدّائم على أعدائهم ومخالفيهم ومعانديهم وظالميهم وغاصبي حقوقهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم ومدّعي مقاهم ومراتبهم ، من الأولين واأخرين أجمعين إلى يوم الدين .
وبعد أقول
ان مسائلة اثبات افضلية امير المؤمنين عليه السلام ليس الموضوع الصعب على الباحث ولكن الصعب على المعاند الذي لا يريد ان يقر بافضلية شخص الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام .
فهل ترك لنا التاريخ الاسلامي لحظة من لحظاته لم يوثق لنا منقبة او سابقة او حدث او موقف وتميز لشخصه الكريم على معاصريه بل وحتى من لحقه ولو بقرون لان التميز والانفراد والاستثنائية توقفت عند اعتابه ولا ترضى التحرك الى غيره صاغرة نعم انه امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام
فان ذكرنا العدل كان عنوانه وان ذكرنا الشجاعة كانت ميدانه وان ذكرنا العبادة كان لها محرابا وان ذكرنا الزهد فكان معناه وان ذكرنا الايثار سجيته وان ذكرنا وان ذكرنا ..............الخ
فكلها تعني عليا عليه السلام
رجل لله كان وليا ولرسوله نفسا واخ ووزيرا ووصيا وصهرا ولابناءالرسول صلى الله عليه واله ابا بل وللامة كذلك وللايمان كلا وللاسلام اولا ووللايتام كافلا وللدينا مطلقا وللعلم جامعا وللحكمة مؤتيا وللبلاغة صانعا وللمعروف امرا وللمنكر ناهيا وللصلاة قائما ولكتاب الله تاليا ومترجما وللجهاد مسرعا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار يفتح الله على يديه كما قال الرسول صلى الله عليه واله
رجل لكل المراحل متجدد مع كل زمان كالشمس لا يغيب وكهواء لا يستغنى عنه ولا عجب لانه علي ابن ابي طالب عليه السلام
رجل منذ ولادته في بيت الله الحرام على اطلاقه البشرى في محراب مسجد الكوفة
((فزت ورب الكعبة ))جمع ماثر الدنيا كلها وسيرة الانبياء والمرسلين وفاقهم
حتى ان نعاه سيد شباب اهل الجنة الامام الحسن ابن علي عليه السلام
((لم يسبقه أحد فيها من المتقدمين ولا يلحقه أحد من الأخرين )
فكان سلام الله عليه جيش رسول الله صلى الله عليه واله وكان يمثل له الجانب المعنوي وما استقام دين محمد لولا سيف علي ونصرته وطبعا واموال خديجة رضوان الله عليها
وقد عبرت وشهدت سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام باحتجاجها في جمع الانصار والمهاجرين في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله بهذا المعنى صراحة
((قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه ويخمد لهبها بسيفه مكدودا في ذات الله مجتهدا في أمر الله قريبا من رسول الله سيدا في أولياء الله مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الله لومة لائم وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الأخبار وتنكصون عند النزال وتفرون من القتال ))
بل وان الامام زين العابدين عليه السلام في خطبته في المسجد الاموي كان اشمل بالتعريف لشخصه وسابقته وافضليته سلام الله عليه حيث قال واصفا جده امير المؤمنين عليه السلام ((أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيفين وطعن برمحين وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضــل القائمين من آل طه وياسين رسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرائيل المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين والمجاهد أعدائه الناصبين وأفخر من مشى من قريش أجمعين وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين وأول السابقين وقاصم المعتدين ومبيد المشركين وسهم من مرامي الله على المنافقين ولسان حكمة العابدين وناصر دين الله، وولي أمر الله وبستان حكمة الله وغيبة علمه سمح سخي بهي بهلول زكي أبطحي رضي مقدام همام صابر صوام مهذب قوام، قاطع الأصلاب ومفرق الأحزاب أربطهم عناناً وأثبتهم جناناً وأمضاهم عزيمة وأشدهم شكيمة، أسد باسل يطحنهم في الحروب، إذا ازدلفت الأسنة وقربت الأعنة يذروهم ذرو الريح الهشيم ليث الحجاز، وكبش العراق مكي مدني خيفي عقبي بدري أحدي، شجري مهاجري، من العرب سيدها، ومن الوغى ليثها، وإرث المشعرين وأبو السبطين الحسن والحسين ذاك جدي علي بن أبي طالب.))
فلو اخذنا قول المجتبى مع قول الزهراء مع قول السجاد صلوات الله عليهم اجمعين
صفات رجل واحد لكان هو نفس محمدا رسول الله صلى الله عليه واله علي ابن ابي طالب عليه السلام ولا يكون غيره
ولكن اجمعت ذو النفاق والزيغ الا على محوا اثاره وكتم فضائله ومحو مناقبه ليساووا به من دونه ليحتالوا على المسلمين ولغتالوا الاسلام وليجعلوا من الدين السماوي دين وضعي يكون فيه الملك خليفة والجاهل شيخ له والناصبي مقدم وطلقاء امراء والكذابين روات والمنافقين صحابة
ولكن رغم التعتيم فاقت فضائله الافاق وملئت الكتب مخالفيه قبل محبيه ومناصريه
كيف لا والسماء وثقت مواقفه وشكرت سعيه ونعتته بالمؤمن وشكرت مواقفه وايدته
والرسول الاكرم صلى الله عليه واله ما ترك موقفا الا وقلده وساما لا يليق الا له ولا يستحقه الا هوابدا ابتداءا من ((وانذرا عشيرتك الاقربين ......))
حتى قوله ((من كنت مولاه فهذا عليا مولاه ))وما سبق تلك ولحق هذه يفوق
ولكن تبقى هناك منعطفات في تاريخ الاسلامي ومن حياة امير المؤمنين عليه السلام ي ظل النبوة وخاتم النبوة صلوات الله عليه واله
حددت مسار الدين الاسلامي والمرحلة اللاحقة اي بعد انتقال الرسول الله صلى الله عليه واله للرفيق الاعلى
وهذه المواقف هي كثيرة نوجز بعدد منها ما صح وثبت عند كافة الفرق الاسلامية والتي بينت وشهد بان الافضل بعد رسول الله صلى الله عليه واله والاقدر والاعلم والاصلح هو امير المؤمنين عليه السلام بلا منازع بدليل الادلة التي سوف استشهد بها
منها آية المباهلة قوله تعالى
وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)
حيث جاء في الرواية الصحيحة أنها نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين
عليهم السلام
حيث أخرج الحاكم أخرج الحاكم في المستدرك برقم 4719
: ( فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم
قال :
( اخبرني ) جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد ثنا موسى بن هارون
ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن اسمعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد
عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية ( ندع انباءنا وابناءكم ونسائنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم )
دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم
( فقال اللهم هؤلاء أهلي )
(1) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه / 3 / 163 0
قال الذهبي في التلخيص على شرط البخاري ومسلم 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
صحيح مسلم / 4 / 1871 ،
تفسير روح المعاني / 3 / 190 ،
زاد المسير / 1 / 399 ،
فتح القدير / 1 / 348 ،
تفسير البحر المحيط / 2 / 502 ،
]الدر المنثور / 2 / 233 ،
]الجمع بين الصحيحين / 1 / 198 ،
سنن البيهقي / 7 / 73 ،
سنن الترمذي / 5 / 225 ،
مسند أحمد بن حنبل / 1 / 185 ،
مسند البزار / 3 / 324 ،
مسند سعد / 1 / 51 ،
خصائص علي / 1 / 37 ،
رجال مسلم / 2 / 51 ،
الإصابة / 4 / 569 ،
تاريخ دمشق / 42 / 16 ،
تحفة الأحوذي / 8 / 278 ،
كنز العمال / 13 / 71 ،
حسن الأسوة / 1 / 62 ،
معتصر المختصر / 2 / 62 ،
ينابيع الموادة / 2 / 120،
شرح العقيدة الطحاوية / 1 / 547 ،
شرح مشكل الأثار / 2 / 16 ،
تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج / 1 / 61 ،
معارج القبول / 3 / 1186 ،
اعتقاد أهل السنة / 8 / 1375 ،
الجواب الصحيح / 1 / 197 ،
الصواعق المحرقة / 2 / 355 ،
المنتقى من منهاج الاعتدال / 1 / 437 ،
السيرة الحلبية / 3 / 236 ،
ذخائر العقبى / 1 / 25 ،
جواهر المطالب/ 1 / 171،
تاريخ الخلفاء / 1 / 169،
تهذيب الأسماء/ 1 / 318،
نظم درر السمطين / 108،
شواهد التنزيل / 1 / 161،
أسد الغابة / 4 / 26،
الجوهر في نسب لإمام علي واله ،
البداية والنهاية / 7 / 376،
لإمام والسياسة / 1 / 209،
مناقب الخوارزمي / 108،
أقول وعلى هذا يتضمن الأمر بدعوة الأبناء والنساء والأنفس ـ بصيغ الجمع في الجميع ـ وامتثال هذا الأمر يقتضي إحضار ثلاثة أفراد من كل عنوان لا أقل منها، تحقيقاً لمعنى الجمع ، لكن الذي أتى به النبي(صلى الله عليه وآله)في مقام امتثال هذا الأمر على ما يشهد به صحيح الحديث والتاريخ لم يكن كذلك، وليس لفعله(صلى الله عليه وآله)وجه إلا انحصار المصداق في ما أتى به. فالآية بالنظر الى كيفية امتثالها بما فعل النبي(صلى الله عليه وآله)تدل على أن هؤلاء هم الذين كانوا صالحين للاشتراك معه في المباهلة وأنهم أحب الخلق إليه، وأعزهم عليه، وأخص خاصته لديه.
نعم هذه الآية تدل على أن عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام ) هم أفضل الخلق وأشرفهم بعد النبي
(صلى الله عليه وآله ) عند الله تبارك وتعالى،
ثانيا: نستنبط من الآية الكريمة أن مولانا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هو أفضل الخلق وأشرفهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله )، لأن الله تعالى جعله نفس النبي (صلى الله عليه وآله ) إذا أن كلمة (أنفسنا) لا تعني النبي (صلى الله عليه وآله )، لأن الدعوة منه لا تصح لنفسه، وإنما الدعوة من الإنسان لغيره، فالمقصود من (أنفسنا) في الآية الكريمة هو سيدنا وإمامنا علي (عليه السلام )، فكان بمنزلة نفس النبي (صلى الله عليه وآله )، ولذا دعاه وجاء به إلى المباهلة، وذلك بأمر الله سبحانه.
وهذا المعنى صرح به كثير من علماء أهل السنة، نذكر منهم على سبيل المثال منهم، مثل الزمخشري في تفسيره لآية المباهلة، فقد ذكر شرحا وافيا عن الخمسة الطيبين وكشف حقائق ودقائق مفيدة عن فضلهم ومقامهم عند الله سبحانه، حتى
قال الزمخشري في تفسيره الكشاف ج 1 ص 283 :
وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل . ومن ثمة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ، ويسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق . وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها . وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام .
ونقل ابن حيان في تفسيره البحر المحيط نفس كلام الزمخشري
وقال النيسابوري في تفسيره ج 2 ص 277 :
وأما فضل أصحاب الكساء فلا شك في دلالة الآية على ذلك ، ولهذا ضمهم إلى نفسه بل قدمهم في الذكر . وفيها أيضاً دلالة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لو لم يكن واثقاً بصدقه لم يتجرأ على تعريض أعزته وخويصته وأفلاذ كبده في معرض الابتهال ومظنة الاستئصال ،
قال ابو سعود في تفسيره ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ) ج 1 ص 404 :
فأتَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقد غدا محتضِناً الحسينَ آخذاً بيد الحسنِ وفاطمةُ تمشي خلفَه وعليٌّ خلفها رضي الله عنهم أجمعين وهو يقول : « إذا أنا دعوتُ فأمِّنوا » فقال أسقفُ نجرانَ : يا معشرَ النصارى إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى أن يُزيل جبلاً من مكانه لأزاله ، فلا تُباهلوا فتهلِكوا ولا يبقى على وجه الأرضِ نصرانيٌّ إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهِلَك وأن نُقِرَّك على دينك ونثبُتَ على ديننا ، قال صلى الله عليه وسلم : « فإذا أبيتم المباهلةَ فأسلِموا يكنْ لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين » فأبَوْا ، قال عليه الصلاة والسلام : « فإني أناجِزُكم » فقالوا : ما لنا بحربِ العربِ طاقةٌ ولكن نصالِحُك على ألا تغزونا ولا تُخيفَنا ولا ترُدَّنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كلَّ عام ألفي حُلة ، ألفاً في صَفَر وألفاً في رجب وثلاثين درعاً عادية من حديد ، فصالحهم على ذلك وقال : « والذي نفسي بيده إن الهلاكَ قد تدلَّى على أهل نجرانَ ، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِردةً وخنازيرَ ولاضْطَرمَ عليهم الوادي ناراً ولاستأصَلَ الله نجرانَ وأهلَه حتى الطيرَ على رؤوس الشجر ، ولما حال الحولُ على النصارى كلِّهم حتى يهلكوا »
وهذا النص ذكره جمع من المفسرين نذكر منهم
البغوي في تفسيره ج 2 ص 48 .
والخازن في لباب التأويل في معاني التنزيل ج 1 ص 387 .
والبيضاوي في أنوار التنزيل وأسرار التأويل ج 1 ص 355 .
والرازي في مفاتيح الغيب ج 4 ص 240 .
والشربيني في تفسير السراج المنير ج 1 ص 493 .
وابن عادل في اللباب ج 4 ص 129 .
والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ج 4 ص 104 .
والسيوطي والمحلي في تفسير الجلالين ج 1 ص 353 .
والنسفي في مدارك التنزيل وحقائق التأويل ج 1 ص 162 .
والألوسي في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج 3 ص 74 .
والقطان في : تيسير التفسير ج 1 ص 199 .
وقال الثعلبي في تفسيره ج 11 ص 129 :
أقوال المفسِّرين والعلماء باختصاصها بأصحاب الكساء
قال أبو بكر النقّاش في تفسيره : أجمع أكثر أهل التّفسير أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم (جواهر العقدين : الباب الأول،
وتفسير آية المودّة : ).
وقال سيدي محمّد بن أحمد بنيس في شرح همزيّة البوصيري : (إنّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَا) أكثر المفسِّرين أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسنين رضي الله عنهم (لوامع أنوار الكوكب الدرّي : ).
وقال العلاّمة سيدي محمّد جسوس في شرح الشمائل : «... ثمّ جاء الحسن بن عليّ فأدخله،
ثمّ جاء الحسين فدخل معهم،
ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها،
ثمّ جاء عليّ فأدخله ثمّ قال : (إنّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَا)» وفي ذلك إشارة إلى أنّهم المراد بأهل البيت في الآية» (شرح الشمائل المحمدية : ذيل باب ما جاء في لباس رسول الله).
وقال السمهودي : وقالت فرقة،
منهم الكلبيّ : هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين خاصّة،
للأحاديث المتقدمة (جواهر العقدين : الباب الأول).
وقال الطّحاوي في مشكل الآثار بعد ذكر أحاديث الكساء : فدلّ ما روينا في هذه الآثار ممّا كان من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أمّ سلمة ممّا ذكرنا فيها،
لم يرد أنّها كانت ممّا اريد به ممّا في الآية المتلوّة في هذا الباب،
وأنّ المراد بما فيها هم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين دون ما سواهم
(مشكل الآثار : ح باب ما روي عن النبيّ في الآية).
وقال بعد ذكر أحاديث تلاوة النبيّ {صلى الله عليه وسلم} الآية على باب فاطمة : في هذا أيضاً دليل على أنّ هذه فيهم (مشكل الآثار : ح باب ما روي عن النبيّ في الآية).
وقال الفخر الرازي : وأنا أقول : آل محمّد {صلى الله عليه وسلم} هم الذين يؤول أمرهم إليه،
فكلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل،
ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أشدّ التعلّقات،
وهذا كالمعلوم بالنّقل المتواتر ؛ فوجب أن يكونوا هم الآل.
مفاتيح الغيب ج 13 ص 432 .
هذه الحلقة الأولى من المضوع
تعليق