صورة عامة لعصر الظهور
مع أن القرآن الكريم بنفسه معجزة نبينا صلى الله عليه وآله الخالدة في كل عصر، فإن من معجزاته المتجددة أيضاً ما أخبر به صلى الله عليه وآله عن مستقبل البشرية ومسيرة الإسلام فيها ، إلى أن يجئ عصر الإسلام الموعود ، فيظهره الله على الدين كله .
وعصر ظهور الإسلام هو موضوع هذا الكتاب . وهو نفسه عصر ظهور الإمام المهدي الموعود عليه السلام ، لافرق بينهما في أحاديث البشارة النبوية التي تبلغ مئات الأحاديث ، والتي رواها الصحابة والتابعون ، وأصحاب الصحاح والمجاميع ، على اختلاف مذاهبهم .
بل نراها تبلغ مئات الأحاديث إذا أضفنا إليها أحاديث الأئمة من أهل البيت عليهم السلام لأن ما يحدثون به إنما عن جدهم خاتم النبيين صلى الله عليه وآله .
والصورة التي ترسمها هذه الأحاديث لوضع العالم في عصر الظهور وخاصة لوضع منطقة الظهور ، التي تشمل اليمن والحجاز وإيران والعراق وبلاد الشام وفلسطين ومصر والمغرب ، صورة شاملة ، فيها الكثير من الأحداث الكبري ، والعديد من التفاصيل ، وأسماء الأمكنة ، والأشخاص .
وقد سعيت أن أستخلصها من النصوص بأكثر ما يمكن من الوضوح والتسلسل والدقة ، لتكون في متناول جماهيرنا المسلمة المباركة .
وفي هذا الفصل أعرض خلاصة عامة لعصر الظهور ، قبل تفاصيله:
تذكر الأحاديث الشريفة أن حركة ظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه تبدأ في مكة المكرمة بعد تمهيدات عالمية وإقليمية .
فعلى صعيد المنطقة تقوم دولتان مواليتان للمهدي عليه السلام في إيران واليمن .
أما أنصاره الإيرانيون فتقوم دولتهم قبله بمدة ، ويخوضون حرباً طويلة وينتصرون فيها ، ثم يظهر فيهم قبيل ظهوره عليه السلام شخصيتان هما السيد الخراساني القائد السياسي ، وشعيب بن صالح القائد العسكري ، ويكون للإيرانيين بقيادتهما دور هام في حركة ظهوره عليه السلام .
وأما أنصاره اليمانيون فتكون ثورتهم قبل ظهوره عليه السلام ببضعة أشهر . ويبدو أنهم يساعدون في ملء الفراغ السياسي الذي يحدث في الحجاز ، كما يمهدون لحركة ظهوره عليه السلام .
وسبب هذا الفراغ السياسي في الحجاز أنه يقتل ملك من آل فلان اسمه (عبدالله) فيكون آخر ملوك الحجاز ، ويختلفون بعده على خليفته ، ويستمر اختلافهم إلى ظهور المهدي عليه السلام :
( أما إنه إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله ، ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام . قال أبو بصير فقلت: يطول ذلك ؟ قال: كلا) .
ويتحول الخلاف بعد مقتل هذا الملك إلى صراع بين قبائل الحجاز:
(إن من علامات الفرج حدثاً يكون بين الحرمين . قلت وأي شئ يكون الحدث ؟ فقال: عصبية تكون بين الحرمين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً)
أي يقتل شخص خمسة عشر زعيماً أو شخصية ، من القبيلة المعادية له ، أو من أبناء زعيم معروف معادين له .
وفي الإمامة والتبصرة ص130: (عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم؟ يتبرأ بعضكم من بعض؟! فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون ، وعند ذلك اختلاف السيفين وإمارة من أول النهار ، وقتل وخلع من آخر النهار ) .
تعليق