بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف والمشهور ان ابن تيمية يخالف العقلاء جميعا ويجيز التسلسل الممتنع فيقول ما نصه : (قلت : هذا من نمط الذي قبله ، فان الازلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث) اه (1) . ويقول ايضا: (وان قدر ان نوعها لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل بل هي من كماله) اه(2) .
وقال ايضا ما نصه : (واما اكثر اهل الحديث ومن وافقهم فانهم لا يجعلون النوع حادثا بل قديما) اه (3) .
قلت : وقد اثبت العلماء ذلك على ابن تيمية (1) ومنهم الحافظ ابن حجر إذ قال عند ذكره لحديث (كان الله ولا شئ معه) ما نصه : (وهو اصرح في الرد على من اثبت حوادث لا اول لها من رواية الباب ، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية ، ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها مع ان قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه على التي في بدء الخلق لا العكس ، والجمع يقدم على الترجيح بالاتفاق) . انتهى من (الفتح) (4).
بل ان الشيخ الالباني يصرح بان الشيخ ابن تيمية قائل بهذا القول الشاذ فيقول : حول حديث : (ان اول شئ خلقه الله تعالى القلم ما نصه : (وفيه رد ايضا على من يقول بحوادث لا اول لها ، وانه ما من مخلوق الا ومسبوق بمخلوق قبله ، وهكذا الى ما لا بداية له ، بحيث لا يمكن ان يقال : هذا اول مخلوق ، فالحديث يبطل هذا القول ويعين ان القلم هو اول مخلوق ، فليس قبله قطعا اي مخلوق ، ولقد اطال ابن تيمية . . . الكلام في رده على الفلاسفة محاولا اثبات حوادث لا اول لها ، وجاء في اثناء ذلك بما تحار فيه العقول ، ولا تقبله اكثر القلوب) .(5)
ثم قال الالباني بعد ثلاثة اسطر : (فذلك القول منه غير مقبول ، بل هو مرفوض بهذا الحديث ، وكم كنا نود ان لا يلج ابن تيمية . . . هذا المولج ، لان الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام . . . .) انتهى . فتأمل ! !
اذن هذه المسألة مما لا ريب في نسبتها للرجل .
لكن المهم في كلام الالباني تصريحه بان شيخ اسلامه ابن تيمية قد خالف بذلك اجماع المسلمين فقال ما نصه : (فاني اقول الان : سواء كان الراجح هذا ام ذلك ، فالاختلاف المذكور يدل بمفهومه على ان العلماء اتفقوا على ان هناك اول مخلوق ، والقائلون بحوادث لا اول لها مخالفون لهذا الاتفاق ، لانهم يصرحون بان ما من مخلوق الا وقبله مخلوق ، وهكذا الى ما لا اول له ، كما صرح بذلك ابن تيمية في بعض كتبه ، فان قالوا العرش اول مخلوق ، كما هو ظاهر كلام الشارح ، نقضوا قولهم بحوادث لا اول لها . وان لم يقولوا بذلك خالفوا الاتفاق : فتأمل هذا فانه مهم ، والله الموفق) اه . (6)
مع ان ابن تيمية يصرح بان اغلب السلف بين مكفر لمخالف الاجماع ومفسق فيقول ::" مسألة من خالف حكما مجمعا عليه فهل يكفر بذلك قال ابن حامد وغيره انه يكفر ومرد ذلك أن يكفر من جوز كون الإجماع يقع خطأه ، وذكر كثير من الطوائف من أصحابنا وغيرهم منهم القاضي في ضمن مسألة انعقاد الإجماع عن قياس : أنه يضلل ويفسق وهو مقتضى قول كل من قال إن الإجماع حجة قاطعة وهم جماهير الخلائق وقال بعض المتكلمين أنه حجة ظنية فعلى هذا لا يكفر ولا يفسق (7)" (.
النتيجة : ان ابن تيمية كافر او فاسق بحكم نفسه .
(1) موافق صحيح المنقول لصريح المعقول على هامش (منهاج السنة) (1 / 245) .
(2) شرح حديث عمران بن حصين صحيفه (193) .
(3) موافقة صحيح المنقول لصريح المعقوله (2 / 75).
(4) فتح الباري في شرح صحيح البخاري (13 / 410)
(5) سلسلة الاحاديث الصحيحة (1 / 208)
(6) شرحه المختصر) للعقيدة الطحاوية (طبع المكتب الاسلامي الطبعة الاولى (1398 ه - 1978 م) ص 35
(7) المسودة لعبد السلام وعبد الحليم وأحمد بن تيمية ج1ص308
تعليق