ولادة الإمام علي زين العابدين
( عليه السلام )
اسمه ونسبه ( عليه السلام )
الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
( عليهم السلام ) .
كنيته ( عليه السلام )
أبو محمّد ،
أبو الحسن ،
أبو الحسين ،
أبو القاسم ... .
ألقابه ( عليه السلام )
زين العابدين ،
سيّد العابدين ،
السجّاد ،
ذو الثفنات ،
إمام المؤمنين ،
الزاهد ،
الأمين ،
المُتَهَجِّد ،
الزكي ...
وأشهرها زين العابدين .
تاريخ ولادته ( عليه السلام ) ومكانها
5 شعبان 38ه ،
المدينة المنوّرة .
أُمّه ( عليه السلام ) وزوجته
أُمّه السيّدة شاه زنان بنت يَزدَجُرد بن شهريار بن كسرى ،
ويقال: إن اسمها شهربانو ،
وزوجته السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى
( عليه السلام ) .
مدّة عمره ( عليه السلام ) وإمامته
عمره 57 سنة ،
وإمامته 35 سنة .
حكّام عصره ( عليه السلام )
في سني إمامته
يزيد بن معاوية ،
معاوية بن يزيد ،
مروان بن الحكم ،
عبد الملك بن مروان ،
الوليد بن عبد الملك.
أخلاقه وفضائله ( عليه السلام )
كان الإمام زين العابدين ( عليه السلام )
قمّة في الفضائل والأخلاق ،
وتميّز بها عن بقيّة أهل زمانه ،
نذكر من أخلاقه ما يلي :
العلم :
كان ( عليه السلام ) أعلم أهل زمانه ،
فقد روى عنه ( عليه السلام ) الكثير من الفقهاء والعلماء
والرواة في مختلف العلوم والمعارف ،
كما حفظ عنه ( عليه السلام ) تراث ضخم من الأدعية ـ
كالصحيفة السجّادية ـ
والمواعظ وفضائل القرآن ،
والأحكام الإسلامية من الحلال والحرام .
الحلم :
عُرف ( عليه السلام )
بحلمه وعفوه وصفحه وتجاوزه عن المسيء ،
فمن القصص التي تنقل عنه ( عليه السلام ) في هذا المجال :
إنّه كانت جارية للإمام ( عليه السلام ) تسكب الماء له ،
فسقط من يدها الإبريق على وجهه ( عليه السلام ) فشجّه ،
فرفع رأسه إليها ، فقالت له : إنّ الله
يقول : ( وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ ) ،
فأجابها ( عليه السلام ) : « قد كظمت غيظي » ،
قالت: ( وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) ،
فقال ( عليه السلام ): « عفا الله عنك » ،
ثمّ قالت : ( وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِين ) ،
فقال : « اذهبي أنت حرّة لوجه الله » (1) .
الشجاعة :
قد اتّضحت واستبانت شجاعته ( عليه السلام )
الكامنة في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد ،
عندما أمر الأخير بقتله ،
فقال الإمام ( عليه السلام ) له :
« أبالقتل تهدّدني يا بن زياد ،
أما علمت أنّ القتل لنا عادة ، وكرامتناالشهادة » (2) :
وقال للطاغية يزيد في الشام :
« يابن معاوية وهند وصخر ،
لقد كان جدّي علي بن أبي طالب في يوم بدر والخندق في
يده راية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،
وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار » (3) .
التصدّق:
كان ( عليه السلام ) كثير التصدّق على فقراء المدينة
ومساكينها وخصوصاً بالسرّ ،
وقد روي أنّه كان لا يأكل الطعام حتّى يبدأ فيتصدّق بمثله .
وروي أنّه ( عليه السلام ) كان يحمل جراب الخبز
على ظهره بالليل فيتصدّق به ،
ويقول : « إنّ صدقة السرّ تُطفئ غضب الربّ » (4) .
ولمّا استشهد ( عليه السلام ) تبيّن أنّه كان يعيل مائة عائلة
من عوائل المدينة المنوّرة ،
ولقد كان أهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السرّ حتّى
مات علي بن الحسين ( عليهما السلام ) .
العتق :
كان ( عليه السلام ) دائم العتق للعبيد في سبيل الله ،
فقد روي عنه ( عليه السلام ) أنّه كان بين الآونة والأُخرى
يجمع عبيده ويطلقهم ،
ويقول لهم : « عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي » ؟
فيقولون له : قد عفونا عنك يا سيّدي وما أسأت .
فيقول ( عليه السلام ) لهم : « قولوا : اللّهمّ اعفُ عن علي
بن الحسين كما عفا عنّا ، فأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرقّ » ، فيقولون ذلك ، فيقول : « اللّهمّ آمين ربّ العالمين » (5) .
الفصاحة والبلاغة :
تجلّت فصاحته ( عليه السلام ) وبلاغته في الخطب العصماء
التي خطبها في الكوفة في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد ،
وفي الشام في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية ،
ثمّ في المدينة المنوّرة بعد عودته من الشام .
هذا ناهيك عن الصحيفة السجّادية الكاملة ،
وما جاء فيها من عبارات الدعاء الرائعة والمضامين العميقة ،
وبلاغة اللفظ وفصاحته وعمقه ،
والحوارات الجميلة والعبارات اللطيفة الجزيلة التي يعجز
البلغاء والشعراء عن إيراد مثلها .
وقد عُرفت الصحيفة بـ «إنجيل آل محمّد » .
المهابة :
للإمام ( عليه السلام ) مهابة خاصّة في قلوب الناس ،
روي أنّ الخليفة الأُموي هشام بن عبد الملك جاء
إلى مكّة لأداء الحجّ ـ
قبل استخلافه ـ
فأراد استلام الحجر الأسود فلم يقدر ،
فنصب له منبر فجلس عليه وطاف به أهل الشام ،
فبينما هو كذلك إذ أقبل الإمام زين العابدين ( عليه السلام )
وعليه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة ،
بين عينيه ثفنة السجود ، فجعل يطوف ،
فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتّى يستلمه هيبة له .
فقال شامي : من هذا يا أمير المؤمنين ؟
فقال : لا أعرفه ؛ لئلاّ يرغب فيه أهل الشام ،
فقال الفرزدق وكان حاضراً : لكنّي أنا أعرفه ،
فقال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟
فأنشأ قصيدته المشهورة :
رسالته ( عليه السلام )
إلى شيعته وأصحابه
بسم الله الرحمن الرحيم : كفانا الله وإياكم كيد الظالمين ،
وبغي الحاسدين ، وبطش الجبارين .
أيها المؤمنون ، لا يفتنكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا ، المائلون إليها، المفتنون بها ، المقبلون عليها ،
وعلى حطامها الهامد ،
وهشيمها البائد غدا فاحذروا ما حذركم الله منها ،
وازهدوا في ما زهدكم الله فيه منها ...
إنها لترفع الخميل، وتضع الشريف ، وتورد أقواما إلى النار غدا ،
ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه ...
فاستعينوا بالله، وارجعوا إلى طاعة الله ،
وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع فأطيع.
فالحذر ، الحذر ، من قبل الندامة والحسرة والقدوم على الله ،
والوقوف بين يديه .
وتالله ما صدر قوم قط عن معصية الله إلا إلى عذابه ،
وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة ، إلا ساء منقلبهم ،
وساء مصيرهم .
وما العلم بالله والعمل بطاعته إلا إلفان مؤتلفان ،
فمن عرف الله خافه ، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله .
وإن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ، ورغبوا إليه ،
فقد قال الله : « إنما يخشى الله من عباده العلماء »
فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله ،
واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله ، واغتنموا أيامها ،
واسعوا لما فيه نجاتكم من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعة ،
وأدنى من العذر ، وأرجى للنجاة .
فقدموا أمر الله ، وطاعة من أوجب الله طاعته ، بين يدي الأمور كلها ،
ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم من الطواغيت، من زهرة الدنيا، بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة أولي الأمر منكم .
واعلموا أنكم عبيد الله ، ونحن معكم ، يحكم علينا وعليكم سيد غدا ،
وهو موقفكم ، ومسائلكم ،
فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمسألة والعرض على رب العالمين .
واعلموا أن الله لا يصدق كاذبا ، ولا يكذب صادقا ،
ولا يرد عذر مستحق ،
ولا يعذر غير معذور ، له الحجة على خلقه بالرسل والأوصياء .
فاتقوا الله عباد الله واستقبلوا في إصلاح أنفسكم طاعة الله ،
وطاعة من تولونه فيها ،
لعل نادما قد ندم في ما فرط بالأمس في جنب الله ،
وضيع من حقوق الله .
فاستغفروا الله ، وتوبوا إليه ، فإنه يقبل التوبة ،
ويعفو عن السيئة ، ويعلم ما تفعلون .
وإياكم ، وصحبة العاصين ، ومعونة الظالمين ،
ومجاورة الفاسقين ،
احذروا فتنتهم ، وتباعدوا من ساحتهم .
واعلموا أنه من خالف أولياء الله ، ودان بغير دين الله ،
واستبد بأمره دون ولي الله كان في نار تلهب ،
تأكل أبدانا قد غاب عنها أرواحها، وغلبت عليها شقوتها ،
فهم موتى لا يجدون حر النار ،
ولو كانوا أحياءً لوجدوا مضض حر النار .
فاعتبروا يا أولي الأبصار واحمدوا الله على ما هداكم ،
واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته ،
وسيرى الله عملكم ورسوله ، ثم إليه تحشرون .
وانتفعوا بالعظة .
وتأدبوا بآداب الصالحين .
فسلام على زين العابدين وقرة عين الناظرين يوم ولد
ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .
تعليق