تويت
بينما كان أمير يهم بالقفز من على سقف إحدى الدور ليواجه بسلاحه أزلام النظام وحيث كان يطارده امن النظام بالأسلحة كانوا يصرون على أسره أو قتله لأنه العنصر الفعال الذي كان يحرك الجميع ،كاد أزلام النظام أن يصلون إليه وهم على مقربة منه ونادى من أعماق قلبه ووجدانه أغثني يا مهـــــــــدي.... صرخة تردد صداها في أعماق الوجود الملكوتي ..كأنها صرخة اللاعودة إلى عالم الوجود المادي ..ارتفع أمير عاليا محلقا ومحلقا ومحلقا كأنه يدين مقدستين قد رفعته إلى الأعلى ...
أمير في روضة الانتظار كانت لحظة أزلية غيرت وجه الوجود لأمير ، رحلت به من عالم إلى عالم ، من شقاااااااااء الى سعادة ومن هموم وقلق دائم إلى طمأنينة وسكينة ، من صحاااااارى وقفاااااار الى انهاااار وازهار وورد وعبق لرحيقها الذي لايوصف ....يا الهي ما هذه الروضة البهية وما هذه الرحمة الإلهية إنها الجنة إنها الجمال الإلهي ....ولكن أين أنا ؟؟! وأين تلك الوحوش التي كانت تركض خلفي ؟؟!! وأين أزيز الرصاص الذي كان يمر بين اذنيي ؟؟!! عجيب عجيب تلك الاستغاثة التي نقلتني فانا أتذكرها جيدا ....ولكن ماذا حدث وما الذي جرى ...المهم إنني تخلصت منهم وحصلت على هذا المأمن منهم ....دماء تسيل على ارض ...تجمع الظلمة على ذلك الجسد وهو مضرج بالدماء ومرمل كأنه قطعة من تلك الأجساد التي سقطت في ارض كربلاء ..وجهه كالقمر مضيء ومزهر ومبتسم .. كأن على شفتيه حروف تشبه الميم والهاء والدال والياء ..كأن لسانه ألان قد لفظها وهناك انفااااااس لاهثة تتعطر بكلمة اسمها ( مهدي) كان أمير في العشرين من عمره ...كان طالبا مثقفا متدينا ..كان مبتسم الثغر ...كان خلوقا الكل يحبه ويهوواااااه ...كان دائم الذكر لإمام زمانه المهدي عليه السلام ..كان يحبب الجميع إلى الإمام المهدي عليه السلام ... كان عجيبا في حبه وعشقه للمهدي ...كان كل همه أن ينصر سيده ومولاه المهدي.سقط أمير برصاصة اخترقت رأسه ....استشهد أمير وهو ليس فقط واقفا، بل كان رافعا رأسه وكله شموخ .. كانت الناس تنظر من خلف الأبواب وهي تبكي بدموع لا مثيل لها .. وهي تتهامس سقط أمير ..سقط أمير ..استشهد أمير.!!!! اخذوا جسده النحل وسحبوها إلى حيث يريدون ..
أمير والذكريات ..جلس أمير في ظل الشجر والورود وعلى ساقية لا يوجد أجمل منها واخذ يتنفس بعمق كأنه يحمل الآلام كل المطاردات التي طاردها له البعثيين ... واخذ يستذكر ... كيف كان ينظم الجلسات مع إخوانه المنتظرين ، وكيف كان يوزع الأدوار وكيف كان يقوي من إرادتهم ... وتذكر المآزق التي مروا بها وكيف كانت لحظات الاستشهاد تقترب منهم ولكنها تبتعد بشكل عجيب وبصورة لا توصف ..كان هناك من يستنقذهم ... ثم يتذكر كيف حاصرهم البعثيين في بيت وطوقوهم من كل مكان ..ولكن الله عز وجل سخر لهم امرأة مسنة فتحت لهم نافذة إلى بيتها وهربوا ..وتذكر . الحافلة وكيف دخل إليها الأمن ومعهم المخابرات وكان يجلس في مقدمة الحافلة ومروا به ولم يلحظوووه ..وأخيرا المطاردة التي نقلته إلى هذه الجنينة ....تنهد أمير ...وهو يخرجها من أعماقه آآآآه من هذا العمر الذي قضيته طريدا ....وآه لفقد والدتي لأنها لم تتحمل عذابي في السجن ، وآآآه من ظلم الناس والمقربين لي ووو
لقاء من الطريد الأكبر...صوت ينسل من خلفه ....يحمل دفئ الحياة ... يحمل صوت لطالما حلم بسمعه ...صوت م يسمع باعذب منه ...صوت يحمل الأبوة ..والحب .. والرأفة ...الحنان ... الجمال .. الرقة ... الأمان ...الطمأنينة ..التفت أمير إلى الصوت ...مرهوبا ...مرتعشا ..مشغوفا إليه ..وقع نظره على وجه لا الشمس ولا القمر ولا أي شيء منيرا يشبهه ....أنذهل أمير منه ...وقف أمير متحيرا لا يعرف كيف يتكلم أو يفعل ...تقدم إليه الإمام عليه السلام وبكل شموخه الملكوتي ..وبكل سكناته روحه العجيبة ،وأنفاسه الطيبة ..تقدم رويدا رويدا فعانق أمير وضمه إلى صدره ....فشمه أمير فكان عطرا لا مثيل ، وتنفس أنفاسه فكانت هواءا نازلا من أعماق الملكوت أحس أمير بدفيء عجيب وبطمأنينة كأنه بين أحضان جميع العوالم العلوية كأنه بين أحضان الله عز وجل ....فشهق أمير ... شهقة أغمي عليه وهو بين يدي الإمام المهدي عليه السلام .. أفاق أمير ..فوجد رأسه بين يدي الإمام عليه السلام وهو يمسح عليه وتتساقط عليه قطرات من دموع عينيه التي كانت كأنها لؤلؤا منثورا ...سيدي يا أمير الكون معذرة لك من أنا ورأسي بين يديك ... ومم بكاؤك روحي لك الفداااااااء
أجاب الإمام عليه السلام أمير لأمرين ..الأول هو ابكي لكم يا شيعتي ولما يجري عليكم ومن تشريد وتقتيل وظلم ...ابكي لسوء حالكم وظليمتكم ..ابكي لدموعكم التي تبكيني ليلا ونهارا ...ابكي لأني أراكم ولا تروني واعلم بشوقكم إلي ..هذه دموعي من إحدى عيوني ..ودموعي من الأخرى يا أمير .. فأنت طوردت لبضع سنين وفقدت والدتك وهي بين أهلها وظلمت أيضا لبعض السنين وربما وشوا بك أصدقاء أو مقربين ..فكيف إذا عرفت مظلوميتي يا أمير ... أنا مطارد منذ ولدت يا أمير ... أنا ولدت مخنوقا يا أمير ... ولم اعرف الأمن يا أمير .. أنا طاردوني أعدائي لأكثر من ألف عام يا أمير ... عبرت البحار والسهول والجبال والصحااااااااارى وأويت إلى البلاد البعيدة يا أمير ... أليس لي عندكم لقب هو الطريد يا أمير ....يا أمير أنا الذي ابكي جدي الحسين منذ ولدت والى اليوم صباحا ومساءا وبكيته دما يا أمير ... يا أمير أنا الذي قتلوا أباه وسموه ولو ظفروا بي لقتلوني يا أمير ... يا أمير إن أمي أخذت أسيرة واعتقلوها وسجنوها فهل هناك مثلي يا أمير الست عندكم الموتور بابيه يا أمير ... يا أمير أنا الذي فرقوا ميراثه وهو صبيا صغير يرى اقرب الناس إليه وهو عمي جعفر يرثني وأنا حيا ارزق ويرث أبي أليس هذا صعب يا أمير ..كان أمير يجهش بالبكاء ..وبدموع لا مثيل لها تنزل كأنها شلال من الجبال ..ورأسه بين يدي الإمام عليه السلام ودموع الإمام تنزل على شعر أمير ..وتتواصل كلمات الإمام عليه السلام يا أمير .. إن أبي خير الآباء .، وأمي خير الأمهات .. وأنا حامل راية الهدى ..وأنا وريث الأنبياء ..وأنا الذي أطارد ليلا ونهارا ..وأنا الذي عليهم هم دماء الأنبياء ..وهم دم جدي القتيل بكربلاء ...وهم عمتي زينب ...وهم الرضيع ..وهم الأكبر وهم القاسم ..وهم صحابة جدي الحسين وهم عمي العباس وما حصل له ...يا أمير إن ما اعرفه عن مصيبة جدي الحسين أضعاف وأضعاف ما تعرفون ، وانتم تعرفون تلك الصورة فبكيتم هذا البكاء فماذا افعل أنا يا أمير !!!...
يا أمير : أنا الطـــريــــــــد الأكبــــــــــــــر....
بقلم - لطيف عبد النبي
تعليق