الإمام المهدي(ع)باب الله الذي لايؤتى إلا منه
( بتاريخ: 12 شعبان 1422- 29/10/2001 – 9/8/1380 )
بما أن شهر رمضان أقبل ، فإن عليكم جميعاً واجب التبليغ بعد التفقه ، خاصة في هذا العصر ، امتثالاً لقوله تعالى:وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ( سورة التوبة:122 )
إن الحاجة إلى التبليغ والإنذار في زماننا لا تحتاج إلى بيان ، فقد كثر إلقاء الشبهات، ومحاولات تضعيف مباني العقائد المقدسة، فوجب على كل طالب علم انتسب إلى صاحب الزمان(ع)أن يبذل جهده في أداء واجبه
شهر رمضان شهر الله تعالى ، وكل ما هو موجود وكل ما هناك فهو من الله ، وعند الله ، وإلى الله وفي هذا الكلام لا مثلَ ، ولا شبيهَ ، ولا نظير
ترى كيف ينال ما عند الله تعالى؟
إن الذي يريد منكم أن يدعو الناس في شهر رمضان إلى الله تعالى لينالوا ما عنده ، يجب أن يعرف طريق الدعوة إلى الله عز وجل
لقد قلتم كثيراً وتقولون كثيراً، ولم تحصلوا على النتيجة المطلوبة في الناس!
فلا بد أن تعرفوا السبب والمشكلة ، لا بد من معرفة الداء ، ثم معرفة الدواء لماذا لا يؤثر الكلام ونشاطات التوعية في الناس؟! السبب أن لكل قفل مفتاحاً ولكل بيت باباً ، ونحن ضيعنا الباب ، ولم نعرف المفتاح !
نقل الشيخ المفيد والشهيد وصاحب المزار الكبير أعلى الله مقامهم ، هذه الزيارة ، وكل عبارة منها مَعْلَم هداية ، إحدى فقراتها تقول: السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى إلا منه (المزار للشهيد الأول&ص203) (1)
يكفي لأهل التعمق أن يتأملوا في هذه العبارة ، ففيها نفي وإثبات ، وفي نفيها حصر مطلبي ! أولاً ، ماذا يعني باب الله؟ من هذا الذي أتى الله به إلى هذا العالم في مثل غد ؟ تاريخ ولادته (ن و ر ) واسمه في القرآن نور ، وصفته في الأحاديث: نور الأنوار !
باب الله الذي لا يؤتى إلا منه والتعبير بباب الله تعالى، ليس خطأ ولا مبالغة فإن فقه أحاديث أهل البيت(ع)هو الفقه الأكبر
باب الله أضيف الباب إلى هذا الإسم الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العليا ! فباب الله يعني: باب الرحمن ، وباب الرحيم ، وباب العليم ، وباب الحكيم ، وباب الباسط ، وباب الرازق وتمام الألف خصوصية وخصوصية المنحصرة في ذاته المقدسة ، والتي لا تنال إلا عن هذا الطريق
إذا أردتم أن تعرفوا الناس على الله تبارك وتعالى ، فعرفوهم على وليه وحجته وباب معرفته ، الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه ، وأينما عقدتم مجلساً، في مدينة أو قرية، فنوروا مجلسكم بذكره وإسمه الشريف ، ووجهوا القلوب إليه صلوات الله عليه ، وافتتحوا مجلسكم بزيارة آل ياسين: سلام على آل ياسين فمعرفة الله تعالى لا يمكن أن تحصل إلا عن طريق معرفتهم صلوات الله عليهم اللهم صلى على محمد وآل محمد
باب الله بهذه الدقة في التعبير ، والإستثناء المفيد للحصر القطعي ، وتأكيده بالنفي ، وبلفظ يؤتى المطلق المبني للمجهول ، الذي يعني أن كل آت في كل مكان في كل مقام ، من جبرئيل في الملأ الأعلى ، إلى الإنسان العادي على كرتنا الأرضية ، إنما يأتي ببركتهم صلوات الله عليهم
قيل الكثير في الإمام المهدي(ع)، وما قيل وما سيقال ، إنما هو ألف باء في سفر مقام قائم آل محمد صلوات الله عليه
وما قيمة ما قيل ويقال أمام قول الله تعالى لنبيه في الإمام المهدي في حديث المعراج: وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليي حقاً، ومهديُّ عبادي صدقاً ) (2) فتأملوا مَن هو القائل؟ الله عز وجل ومَن المخاطب ؟! سيد الكائنات والشخص الأول في العالم(ص) ومَن هو موضوع الكلام ؟! الإمام المهدي الموعود أرواحنا فداه
وتأملوا متى كان زمان الخطاب؟ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وأينَ كان مكان الخطاب؟: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( سورة النجم:8-9 ) حيث لا يصل إليه ملك مقرب ولا نبي مرسل !
إن هذا المديح الإلهي يشتمل على عشرة مطالب ، يعلم عمقها قائلها تبارك وتعالى ، ويفهمها سيد رسله الذي خاطبه بها(ص)، أما نحن فإن استطعنا أن نعالج بأفهامنا عبارة واحدة منها فهو أمر كبير! وأنى لنا بأعماقها وحقائقها ولطائفها ؟!
قال الله تعالى لنبيه(ص): وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وهذا هو المطلب الأول المتعلق بالله تعالى ، والذي يخشع عنده الفهم والعقل! فإن المعارف الإلهية عدة كلمات تتلخص بـ (سبوح ، قدوس ، لا إله إلا الله ، الله أكبر)
وعندما أراد الله تعالى أن يخلق آدم(ع)أخبر الملائكة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ( سورة البقرة:30 )
أما السر الذي قال عنه تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ، فقد بينه لمن يفهم أسراره فقال لنبيه(ص)في معراجه:وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي وبذلك تعرف مقام ذلك الشخص العظيم الذي به يعمر الله أرضه بذكره! هذا هو المطلب المرتبط بالإمام المهدي(ع)مما يتعلق بالله تعالى وتقديسه
والمطلب الثاني: وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ففي عالم الخلق خطان صعودي ونزولي، أولياء الله وأعداؤهوغرض الله تعالى من خلق الإمام المهدي(ع)هذا الجوهر الفريد في مخلوقاته ، إعمار الأرض بتنزيهه وتقديسه ، هذا ما يتعلق بذاته المقدسة ، وأن يطهرها به من أعدائه ، وأن يورثها به لأوليائه !
والمطلب الثالث: وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العلي
سبحان الله، من هو الإمام المهدي؟ وماذا أودع في شخصيته من قدرة وأسرار حتى صار تحقق علو كلمته العليا به؟! وتحقق سفول كلمة الكفر السفلى به؟!
والمطلب الرابع: وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ولا يتسع الوقت لشرح هذه الفقرة ، لكنا نلاحظ أنه تعالى استعمل إلى هنا لفظ (بِهِ) ، ثم استعمل لفظ (له وإياه) ، والله يعلم ماذا قال الله تعالى في هذه الباء واللام ، وماذا فهم منهما النبي(ص) والله يعلم أي يوم سيكون ذلك اليوم الذي سيظهر فيه ما قاله الله تعالى لرسوله(ص)عن وليه المهدي صلوات الله عليه ؟!
إن العلماء الحكماء القرآنيون وحدهم يفهمون معنى: وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وليس الحكماء بالفلسفة اليونانية أو الغربية !
إنها كل الذخائر المعنوية والمادية ، ذخائر عالم الملك والملكوت ، وكنوزهما ومكنوناتهما ، يظهرها الله لوليه وحجته المهدي(ع)! فأين منها ذخائر الأكاسرة والقياصرة والفراعنة ، وملوك الأرض وأغنياؤها ؟! إنها ذخائر الأنبياء والأوصياء ودفائن السفراء(ع)، يجمعها الله ويظهرها له !
وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي والسر والواحد منها لا ينهض بتحمله العالم كله ، فكيف بجمعها؟! فأي قلب قلب الإمام المهدي(ع)الذي يتحمل أسرار رب العالمين عز وجل؟! نعم هذا هو إمام الزمان أرواحنا فداه!
وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني وإنفاذ أمر الله تعالى يعني به قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( سورة يس: 82) فخزانة ذلك الأمر قلب صاحب الزمان(ع)!
ذلك وليي حقاً وصفة حقاً هنا لا بد أن تتناسب مع قائلها وموضوعها !
ومهديُّ عبادي صدقاً أي هو المهدي من عبادي بالهداية الخاصة الكاملة !
لقد بدأ كلام الله تعالى عن وليه المهدي باسم(القائم)وختم باسم (المهدي)
وكلاهما من ألقابه الخاصة(ع)ولهما دلالات ، وفيهما أسرار !
وهذا الحديث الذي رواه الشيخ الطوسي&في كتاب الغيبة ، يفسر معنى لقب المهدي(ع)وعسى أن نتوفق في فرصة أخرى لشرحه وفهم بعض لطائفه وإشاراته، فقد سأل أحدهم الإمام الصادق(ع):لأي شئ سمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي إلى كل أمر خفي، وسمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت ، إنه يقوم بأمر عظيم (3)
يهدي إلى كل أمر خفي وكل أداة عموم ، (4) فهو يشمل كل أمر خفي من أعلى الوجود إلى أدناه ، فهو هاد في كل هذه الدائرة ! وهذا البعد العلمي لشخصيته(ع)
أما معنى قيامه(ع)فنكتفي بقول الإمام الصادق(ع): إنه يقوم بأمر عظيم !
هذا هو صاحب الزمان، ولي العصر، وصاحب الأمر، وقطب الوجود، وقوس العالم !
وختام الكلام ، وعصارة هذه النص الشريف: أن كل ما جاء به الأنبياء(ع) من آدم(ع) إلى الخاتم(ص)، وكل ما حمله وتحمله الأوصياء من شيث إلى أبي محمد الحسن العسكري(ع) ، فإنما تتحقق فعليتها ويتجلى ظهورها علمياً وعملياً بظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه
اللهم صل وسلم على وليك صاحب الزمان وخليفة الرحمان
عددَ ما في علمك ، صلاةَ دائمة بدوام ملكك وسلطانك
( بتاريخ: 12 شعبان 1422- 29/10/2001 – 9/8/1380 )
بما أن شهر رمضان أقبل ، فإن عليكم جميعاً واجب التبليغ بعد التفقه ، خاصة في هذا العصر ، امتثالاً لقوله تعالى:وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ( سورة التوبة:122 )
إن الحاجة إلى التبليغ والإنذار في زماننا لا تحتاج إلى بيان ، فقد كثر إلقاء الشبهات، ومحاولات تضعيف مباني العقائد المقدسة، فوجب على كل طالب علم انتسب إلى صاحب الزمان(ع)أن يبذل جهده في أداء واجبه
شهر رمضان شهر الله تعالى ، وكل ما هو موجود وكل ما هناك فهو من الله ، وعند الله ، وإلى الله وفي هذا الكلام لا مثلَ ، ولا شبيهَ ، ولا نظير
ترى كيف ينال ما عند الله تعالى؟
إن الذي يريد منكم أن يدعو الناس في شهر رمضان إلى الله تعالى لينالوا ما عنده ، يجب أن يعرف طريق الدعوة إلى الله عز وجل
لقد قلتم كثيراً وتقولون كثيراً، ولم تحصلوا على النتيجة المطلوبة في الناس!
فلا بد أن تعرفوا السبب والمشكلة ، لا بد من معرفة الداء ، ثم معرفة الدواء لماذا لا يؤثر الكلام ونشاطات التوعية في الناس؟! السبب أن لكل قفل مفتاحاً ولكل بيت باباً ، ونحن ضيعنا الباب ، ولم نعرف المفتاح !
نقل الشيخ المفيد والشهيد وصاحب المزار الكبير أعلى الله مقامهم ، هذه الزيارة ، وكل عبارة منها مَعْلَم هداية ، إحدى فقراتها تقول: السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى إلا منه (المزار للشهيد الأول&ص203) (1)
يكفي لأهل التعمق أن يتأملوا في هذه العبارة ، ففيها نفي وإثبات ، وفي نفيها حصر مطلبي ! أولاً ، ماذا يعني باب الله؟ من هذا الذي أتى الله به إلى هذا العالم في مثل غد ؟ تاريخ ولادته (ن و ر ) واسمه في القرآن نور ، وصفته في الأحاديث: نور الأنوار !
باب الله الذي لا يؤتى إلا منه والتعبير بباب الله تعالى، ليس خطأ ولا مبالغة فإن فقه أحاديث أهل البيت(ع)هو الفقه الأكبر
باب الله أضيف الباب إلى هذا الإسم الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العليا ! فباب الله يعني: باب الرحمن ، وباب الرحيم ، وباب العليم ، وباب الحكيم ، وباب الباسط ، وباب الرازق وتمام الألف خصوصية وخصوصية المنحصرة في ذاته المقدسة ، والتي لا تنال إلا عن هذا الطريق
إذا أردتم أن تعرفوا الناس على الله تبارك وتعالى ، فعرفوهم على وليه وحجته وباب معرفته ، الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه ، وأينما عقدتم مجلساً، في مدينة أو قرية، فنوروا مجلسكم بذكره وإسمه الشريف ، ووجهوا القلوب إليه صلوات الله عليه ، وافتتحوا مجلسكم بزيارة آل ياسين: سلام على آل ياسين فمعرفة الله تعالى لا يمكن أن تحصل إلا عن طريق معرفتهم صلوات الله عليهم اللهم صلى على محمد وآل محمد
باب الله بهذه الدقة في التعبير ، والإستثناء المفيد للحصر القطعي ، وتأكيده بالنفي ، وبلفظ يؤتى المطلق المبني للمجهول ، الذي يعني أن كل آت في كل مكان في كل مقام ، من جبرئيل في الملأ الأعلى ، إلى الإنسان العادي على كرتنا الأرضية ، إنما يأتي ببركتهم صلوات الله عليهم
قيل الكثير في الإمام المهدي(ع)، وما قيل وما سيقال ، إنما هو ألف باء في سفر مقام قائم آل محمد صلوات الله عليه
وما قيمة ما قيل ويقال أمام قول الله تعالى لنبيه في الإمام المهدي في حديث المعراج: وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليي حقاً، ومهديُّ عبادي صدقاً ) (2) فتأملوا مَن هو القائل؟ الله عز وجل ومَن المخاطب ؟! سيد الكائنات والشخص الأول في العالم(ص) ومَن هو موضوع الكلام ؟! الإمام المهدي الموعود أرواحنا فداه
وتأملوا متى كان زمان الخطاب؟ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وأينَ كان مكان الخطاب؟: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( سورة النجم:8-9 ) حيث لا يصل إليه ملك مقرب ولا نبي مرسل !
إن هذا المديح الإلهي يشتمل على عشرة مطالب ، يعلم عمقها قائلها تبارك وتعالى ، ويفهمها سيد رسله الذي خاطبه بها(ص)، أما نحن فإن استطعنا أن نعالج بأفهامنا عبارة واحدة منها فهو أمر كبير! وأنى لنا بأعماقها وحقائقها ولطائفها ؟!
قال الله تعالى لنبيه(ص): وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وهذا هو المطلب الأول المتعلق بالله تعالى ، والذي يخشع عنده الفهم والعقل! فإن المعارف الإلهية عدة كلمات تتلخص بـ (سبوح ، قدوس ، لا إله إلا الله ، الله أكبر)
وعندما أراد الله تعالى أن يخلق آدم(ع)أخبر الملائكة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ( سورة البقرة:30 )
أما السر الذي قال عنه تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ، فقد بينه لمن يفهم أسراره فقال لنبيه(ص)في معراجه:وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي وبذلك تعرف مقام ذلك الشخص العظيم الذي به يعمر الله أرضه بذكره! هذا هو المطلب المرتبط بالإمام المهدي(ع)مما يتعلق بالله تعالى وتقديسه
والمطلب الثاني: وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ففي عالم الخلق خطان صعودي ونزولي، أولياء الله وأعداؤهوغرض الله تعالى من خلق الإمام المهدي(ع)هذا الجوهر الفريد في مخلوقاته ، إعمار الأرض بتنزيهه وتقديسه ، هذا ما يتعلق بذاته المقدسة ، وأن يطهرها به من أعدائه ، وأن يورثها به لأوليائه !
والمطلب الثالث: وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العلي
سبحان الله، من هو الإمام المهدي؟ وماذا أودع في شخصيته من قدرة وأسرار حتى صار تحقق علو كلمته العليا به؟! وتحقق سفول كلمة الكفر السفلى به؟!
والمطلب الرابع: وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ولا يتسع الوقت لشرح هذه الفقرة ، لكنا نلاحظ أنه تعالى استعمل إلى هنا لفظ (بِهِ) ، ثم استعمل لفظ (له وإياه) ، والله يعلم ماذا قال الله تعالى في هذه الباء واللام ، وماذا فهم منهما النبي(ص) والله يعلم أي يوم سيكون ذلك اليوم الذي سيظهر فيه ما قاله الله تعالى لرسوله(ص)عن وليه المهدي صلوات الله عليه ؟!
إن العلماء الحكماء القرآنيون وحدهم يفهمون معنى: وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وليس الحكماء بالفلسفة اليونانية أو الغربية !
إنها كل الذخائر المعنوية والمادية ، ذخائر عالم الملك والملكوت ، وكنوزهما ومكنوناتهما ، يظهرها الله لوليه وحجته المهدي(ع)! فأين منها ذخائر الأكاسرة والقياصرة والفراعنة ، وملوك الأرض وأغنياؤها ؟! إنها ذخائر الأنبياء والأوصياء ودفائن السفراء(ع)، يجمعها الله ويظهرها له !
وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي والسر والواحد منها لا ينهض بتحمله العالم كله ، فكيف بجمعها؟! فأي قلب قلب الإمام المهدي(ع)الذي يتحمل أسرار رب العالمين عز وجل؟! نعم هذا هو إمام الزمان أرواحنا فداه!
وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني وإنفاذ أمر الله تعالى يعني به قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( سورة يس: 82) فخزانة ذلك الأمر قلب صاحب الزمان(ع)!
ذلك وليي حقاً وصفة حقاً هنا لا بد أن تتناسب مع قائلها وموضوعها !
ومهديُّ عبادي صدقاً أي هو المهدي من عبادي بالهداية الخاصة الكاملة !
لقد بدأ كلام الله تعالى عن وليه المهدي باسم(القائم)وختم باسم (المهدي)
وكلاهما من ألقابه الخاصة(ع)ولهما دلالات ، وفيهما أسرار !
وهذا الحديث الذي رواه الشيخ الطوسي&في كتاب الغيبة ، يفسر معنى لقب المهدي(ع)وعسى أن نتوفق في فرصة أخرى لشرحه وفهم بعض لطائفه وإشاراته، فقد سأل أحدهم الإمام الصادق(ع):لأي شئ سمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي إلى كل أمر خفي، وسمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت ، إنه يقوم بأمر عظيم (3)
يهدي إلى كل أمر خفي وكل أداة عموم ، (4) فهو يشمل كل أمر خفي من أعلى الوجود إلى أدناه ، فهو هاد في كل هذه الدائرة ! وهذا البعد العلمي لشخصيته(ع)
أما معنى قيامه(ع)فنكتفي بقول الإمام الصادق(ع): إنه يقوم بأمر عظيم !
هذا هو صاحب الزمان، ولي العصر، وصاحب الأمر، وقطب الوجود، وقوس العالم !
وختام الكلام ، وعصارة هذه النص الشريف: أن كل ما جاء به الأنبياء(ع) من آدم(ع) إلى الخاتم(ص)، وكل ما حمله وتحمله الأوصياء من شيث إلى أبي محمد الحسن العسكري(ع) ، فإنما تتحقق فعليتها ويتجلى ظهورها علمياً وعملياً بظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه
اللهم صل وسلم على وليك صاحب الزمان وخليفة الرحمان
عددَ ما في علمك ، صلاةَ دائمة بدوام ملكك وسلطانك
تعليق