بسم الله الرحمن الرحيم
لابد اخي القارئ الكريم قد مر عليك في قرائاتك روايات لعب الامامين الحسنين ( عليهما السلام ) مع رسول اله صلى الله عليه واله خصوصا وهو في حال الصلاة وهي اشهر من ان تذكر وهنا قد تاتي هذه الشبهة كيف ينسجم هذا مع عصمتهما ( عليهما السلام ) ؟ فهما صلوات الله عليهما يعلمان اي معبود يسجد له النبي الاكرم صلى الله عليه واله فكيف يشغلانه عنه ثم كيف تنسجم هذه الروايات مع ما سننقله لك من احاديث تبين ان الامام لا يلعب ولا يلهو ؟
وهنا نبدأ بذكر اقوال بعض العلماء حول روايات لعب الحسنين ( عليهما السلام ) :
1- المرجع الديني الكبير محمد صادق الروحاني (( حفظه الله تعالى )) " ان روايات صعود الامامين الحسنين على ظهر رسول الله صلى اله عليه واله ليست بصحيحة وعلى فرض صحتها فهي قابلة للتامل اذ ان ن يولد وعمود النور بين يديه لا يمكن ان تصدر منه مثل هذه التصرفات المؤدية الى قطع الاشتغال بالصلاة فانها انما تصدر ممن يجهل قيمة الصلاة ولا يحيط بخصوصياتها وليس المعصوم عليه السلام كذلك " (1).
2- المحقق البارع صاحب المؤلفات الثمينة الحجة السيد عبد الرزاق المقرم (( قدس سره )) " من يعلم ان حاجة الناس الى الامام عليه السلام كحاجتها الى النبي لتوقف اتساق انظمتها الدينية والدنيوية عليه لا يعزب عنه العلم بانه مقتدى البشر في اعماله كما هو مقتداهم في اقواله فلهم به اسوة في تروكه وافعاله واذا جوزنا الامامة للصبي وقلنا انه في وسع المولى سبحانه الذي قيضه لها ان يوفر له العلم والحكمة والحنكة في الامور كلها صغيرا كما يوفرها له كبيرا وقد فعل ذلك بالماضين من الرسل فارسل يحيى عليه السلام للنبوة صبيا وجعل عيسى في المهد نبيا .
فلا نرتاب في ان هذا المقام القدسي لا يلتئم مع شئ من مقتضيات الطفولة لان اوقاته اثمن من ان يصرفها فيما لا يعنيه وان فعل ذلك اقتدت به الامة لخضوعها لامامته واتخاذه ناموسا لا يُتخطى عنه فتختل حينئذ شؤونها وتفسد اخلاقها ويسقط محله عندها ومن اجله وجب ان يكون معصوما من الخطأ والسهو والنسيان والملاهي الى غيرها .
وفي حديث معاوية بن وهب : (( قلت للصادق عليه السلام : ما علامة الامام الذي هو بعد الامام ؟
قال : طهارة المولد ، وحسن المنشأ ، ولا يلهو ولا يلعب )) .
وفي الاثر ان صبيا قال ليحي بن زكريا : اذهب بنا نلعب . فقال عليه السلام : ما خلقنا للعب )) .(2)
3- الشيخ محمد تقي الايرواني (( قدس سره )) " قصة ركوب الحسن والحسين عليهما السلام على ظهر النبي صلى الله عليه واله من مرويات العامة رواها : ابن حجر في الاصابة : 1/329 – ترجمة الحسن عليه السلام عن عاصم عن الزبير بن بكار عن عمه مصعب الزبيري وفي الصفحة 330 عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود .
ورواها ابن عساكر في تاريخه : 4/202 عن مصعب بن عمير عن عبد الله بن الزبير .
والذهبي في ميزان الاعتدال : 2/352 عن ابي هريرة .
وابن حجر في الصواعق المحرقة : 82 عن ابي بكرة .
وفي كنز العمال :6/109 عن ابي بكرة .
وقد يترجح في نظر بعض ان هذه القصة من موضوعاتهم وان الله قد اعطى الامام العلم واوقفه على اسرار التكوين منذ كان حملا في بطن امه فقد ورد في احاديث رواها الصفار في (( بصائر الدرجات )) والكليني في (( اصول الكافي )) عن اهل البيت عليهم السلام اذا ولد المولود منا رفع له عمود نور يرى به اعمال العباد وما يحدث في البلدان اشارة الى القوة القدسية المودعة في نفوس الائمة عليهم السلام فالامام يعرف ماهية الصلاة ومن الذي يسجد له نبي الاسلام صلى الله عليه واله ولم يفته ان هذا الحال اقرب احوال النبي صلى الله عليه واله مع مولاه ( عز شأنه ) فكيف يشغله الامامان على الامة ان قاما وان قعدا – بنص الرسول صلى الله عليه واله – عن مخاطبة حبيبه سبحانه ؟!
والامام لا يلهو ولا يلعب كما في الحديث راجع وفاة الامام الجواد عليه السلام العلامة المقرم :73 ............ثم ييبن ضعف الرواة الذين نقلوا هذه القصة .(3)
وللحديث بقية تاتي ان شاء الله تعالى ..........
(1) افاد ذلك (دام ظله) في درس يوم السبت الموافق 23/10/1423ه بمناسبة البحث حول مشروعية اصطحاب المحمول الطاهر غير مأكول اللحم في الصلاة .
(2) وفاة الامام الجواد عليه السلام :73 .
(3) الحدائق الناضرة : 5/338 .
تعليق