بحث روائي حول الصوم
في العلل و المحاسن عن علي (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في جواب مسائل اليهودي قال (صلّى اللّه عليه و آله): «ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب اللّه له سبع خصال:
أولها- يذوب الحرام في جسده.
و الثانية- يقرب من رحمة اللّه.
و الثالثة- يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم
و الرابعة- يهون عليه سكرات الموت.
و الخامسة- أمان من الجوع و العطش يوم القيامة.
و السادسة- دخول الجنة و براءة من النار.
و السابعة- يطعمه من ثمرات الجنة
وفي هذا السياق روايات كثيرة من الفريقين، و اقتضاء الصوم لهذه الأمور إذا كان للّه تعالى مع شرائطه المقررة في الشريعة مما لا ريب فيه، لأنّه رياضة نفسانية و يزيل الشهوات الحيوانية. و يمكن أن يكون ترتب هذه الأمور عليه في بعض النفوس من قبيل ترتب المعلول على العلّة التامة. و لا ريب في تحقق السنخية بين الصوم و هذه الأمور
في الحديث القدسي قال اللّه تعالى: «الصوم لي و أنا أجزي به
أقول: أما كون الصوم للّه تعالى فلأنّه أمر قلبي ليس من فعل الجوارح فلا يطّلع عليه غيره تعالى، فيكون الخلوص فيه أكثر من
من سائر العبادات
و أما قوله: «و أنا اجزي به فهو كناية عن كمال الجزاء و عدم حصر له و عدم اطلاع أحد عليه، فيكون المقام نظير قوله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة- 17]، هذا إذا قرئ بصيغة المعلوم. و أما إذا قرئ بصيغة المجهول- أي أنّه تعالى بذاته الأقدس يكون جزاء لهذا العمل- فيكون كناية عن قرب الصائم إلى ربه تعالى بحيث لا يمكن تحديده بحد.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام): «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أول ما بعث يصوم حتى يقال: ما يفطر. و يفطر حتى يقال: ما يصوم، ثم ترك ذلك و صام يوما و أفطر يوما، و هو صوم داوود، ثم ترك ذلك و صام الثلاثة الأيام الغر، ثم ترك ذلك و فرقها في كل عشرة خميسين بينهما أربعاء، فقبض (صلّى اللّه عليه و آله) و هو يعمل ذلك
وهذا وارد في صوم التطوّع
في الكافي أيضا عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام): «فأما صوم السّفر و المرض فإنّ العامة قد اختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، و قال آخرون: لا يصوم، و قال قوم: إن شاء صام و إن شاء أفطر. و أما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا، فإن صام في السّفر، أو في حال المرض فعليه القضاء فإنّ اللّه عز و جل يقول: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
أقول: تدل عليه روايات متواترة عندنا، و إجماع الإمامية
العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لم يكن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يصوم في السّفر تطوّعا و لا فريضة يكذبون على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) نزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ بكراع الغميم عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بإناء فشرب و أمر الناس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجه النهار و لو صمنا يومنا هذا، فسماهم رسول اللّه العصاة، فلم يزالوا يسمون بذلك الاسم حتى قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله
أقول: وردت روايات أخرى قريبة منها عن طرق العامة أيضا
في تفسير العياشي عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «عن حدّ المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار؟ كما يجب عليه في السّفر في قوله تعالى وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ. قال (عليه السلام): هو مؤتمن عليه، مفوّض إليه، فإن وجد ضعفا فليفطر و إن وجد قوة فليصم كان المريض على ما كان
أقول: و يدل عليه روايات أخر شارحة لقوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ القيامة- 14
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): «ما حد المرض الذي يفطر فيه الرجل و يدع الصلاة من قيام؟ قال (عليه السلام): بل الإنسان على نفسه بصيرة و هو أعلم بما يطيقه
أقول: يستفاد من مثل هذه الروايات أنّ موضوعات الأحكام موكولة إلى العرف ما لم يحدها الشارع بحد معين
في الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قوله اللّه عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قال (عليه السلام): «الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش
في الفقيه عن ابن بكير قال: «سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ. قال (عليه السلام): «الذين كانوا يطيقون الصوم، ثم أصابهم كبر، أو عطاش، أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد
أقول: هذه الروايات قرينة على ما ذكرنا سابقا من أنّ المراد بالقدرة على الصوم القدرة المتعارفة لا القدرة العقلية.
(بتصرف) _ 25 المصدر : مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج3، ص: 21
في العلل و المحاسن عن علي (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في جواب مسائل اليهودي قال (صلّى اللّه عليه و آله): «ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب اللّه له سبع خصال:
أولها- يذوب الحرام في جسده.
و الثانية- يقرب من رحمة اللّه.
و الثالثة- يكون قد كفّر خطيئة أبيه آدم
و الرابعة- يهون عليه سكرات الموت.
و الخامسة- أمان من الجوع و العطش يوم القيامة.
و السادسة- دخول الجنة و براءة من النار.
و السابعة- يطعمه من ثمرات الجنة
وفي هذا السياق روايات كثيرة من الفريقين، و اقتضاء الصوم لهذه الأمور إذا كان للّه تعالى مع شرائطه المقررة في الشريعة مما لا ريب فيه، لأنّه رياضة نفسانية و يزيل الشهوات الحيوانية. و يمكن أن يكون ترتب هذه الأمور عليه في بعض النفوس من قبيل ترتب المعلول على العلّة التامة. و لا ريب في تحقق السنخية بين الصوم و هذه الأمور
في الحديث القدسي قال اللّه تعالى: «الصوم لي و أنا أجزي به
أقول: أما كون الصوم للّه تعالى فلأنّه أمر قلبي ليس من فعل الجوارح فلا يطّلع عليه غيره تعالى، فيكون الخلوص فيه أكثر من
من سائر العبادات
و أما قوله: «و أنا اجزي به فهو كناية عن كمال الجزاء و عدم حصر له و عدم اطلاع أحد عليه، فيكون المقام نظير قوله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة- 17]، هذا إذا قرئ بصيغة المعلوم. و أما إذا قرئ بصيغة المجهول- أي أنّه تعالى بذاته الأقدس يكون جزاء لهذا العمل- فيكون كناية عن قرب الصائم إلى ربه تعالى بحيث لا يمكن تحديده بحد.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام): «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أول ما بعث يصوم حتى يقال: ما يفطر. و يفطر حتى يقال: ما يصوم، ثم ترك ذلك و صام يوما و أفطر يوما، و هو صوم داوود، ثم ترك ذلك و صام الثلاثة الأيام الغر، ثم ترك ذلك و فرقها في كل عشرة خميسين بينهما أربعاء، فقبض (صلّى اللّه عليه و آله) و هو يعمل ذلك
وهذا وارد في صوم التطوّع
في الكافي أيضا عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام): «فأما صوم السّفر و المرض فإنّ العامة قد اختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، و قال آخرون: لا يصوم، و قال قوم: إن شاء صام و إن شاء أفطر. و أما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا، فإن صام في السّفر، أو في حال المرض فعليه القضاء فإنّ اللّه عز و جل يقول: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
أقول: تدل عليه روايات متواترة عندنا، و إجماع الإمامية
العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «لم يكن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يصوم في السّفر تطوّعا و لا فريضة يكذبون على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) نزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ بكراع الغميم عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بإناء فشرب و أمر الناس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجه النهار و لو صمنا يومنا هذا، فسماهم رسول اللّه العصاة، فلم يزالوا يسمون بذلك الاسم حتى قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله
أقول: وردت روايات أخرى قريبة منها عن طرق العامة أيضا
في تفسير العياشي عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام): «عن حدّ المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار؟ كما يجب عليه في السّفر في قوله تعالى وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ. قال (عليه السلام): هو مؤتمن عليه، مفوّض إليه، فإن وجد ضعفا فليفطر و إن وجد قوة فليصم كان المريض على ما كان
أقول: و يدل عليه روايات أخر شارحة لقوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ القيامة- 14
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): «ما حد المرض الذي يفطر فيه الرجل و يدع الصلاة من قيام؟ قال (عليه السلام): بل الإنسان على نفسه بصيرة و هو أعلم بما يطيقه
أقول: يستفاد من مثل هذه الروايات أنّ موضوعات الأحكام موكولة إلى العرف ما لم يحدها الشارع بحد معين
في الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قوله اللّه عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قال (عليه السلام): «الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش
في الفقيه عن ابن بكير قال: «سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ. قال (عليه السلام): «الذين كانوا يطيقون الصوم، ثم أصابهم كبر، أو عطاش، أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد
أقول: هذه الروايات قرينة على ما ذكرنا سابقا من أنّ المراد بالقدرة على الصوم القدرة المتعارفة لا القدرة العقلية.
(بتصرف) _ 25 المصدر : مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج3، ص: 21
تعليق