المسألة:
لماذا ابتدأت مثل سورة الفاتحة بقوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ وليس بالشكر لله تعالى؟، ولماذا يبتدأ المعصومون (ع) في خطبهم بالحمد دون الشكر؟
الجواب:
لعل منشأ ذلك هو انَّ الحمد أعم من الشكر من جهة انَّ الحمد يشمل الثناء على المحمود بما هو واجد له من صفات وخصال ويشمل الثناء عليه بما أسداه من برٍّ وإحسان.
وأما الشكر فهو لا يُطلق إلا لغرض الثناء على المشكور بما أسداه إلى الشاكر من برٍّ وإحسان، فيقال: أشكر فلاناً على إحسانه لي وعلى ما أسداه إليَّ من جميل، ولا يقال أشكر فلاناً على علمه وشجاعته أو أشكره على جماله وحسن صورته.
أما الحمد فيقع على الأمرين، فكما يصح الحمد في مورد التعبير عن الامتنان والمكافئة على المعروف بالثناء كذلك يصح الحمد في غير مورد التعبير عن الامتنان فيكون ثناءً ابتدائياً نظراً للإعجاب والرضا بصفات المحمود، فيقع الحمد مثلاً على شجاعة زيدٍ وحكمته وإن لم يكن قد أسدى إليك معروفاً.
ولذلك ورد في القرآن الكريم ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾(1) وفي مورد آخر ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾(2)، وفي سورة سبأ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾(3) وفي سورة فاطر ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾(4).
فهذه الآيات أُطلق فيها الحمد وأُريد منه الثناء على وحدانية الله تعالى وقدرته وسعة ملكه، فهو ثناء على بعض صفات الله تعالى، ولهذا لا يصح استعمال لفظ الشكر في موارد هذه الآيات.
واستعمل القرآن لفظ الحمد في مورد الشكر والتعبير عن الامتنان والمكافئة على الإحسان مثل قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ﴾(5) وقوله تعالى: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾(6) وقوله تعالى: ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾(7) فهذه الآيات استُعمل فيها الحمد للتعبير عن الشكر والامتنان، وذلك ما يُؤكد انَّ الحمد يشمل الموردين ولهذا كان أعم من الشكر وهو ظاهراً منشأ اختيار التعبير بالحمد دون الشكر لانَّ الحمد لله تعالى شكر له على إحسانه وثناءٌ على جميل صفاته العليا وأسمائه الحسنى.
ولعل هذا هو معنى ما ورد عن الرسول الكريم (ص): "الحمد رأس الشكر، فمن لم يحمد الله لم يشكره"، أي انَّ مَن لم يُثنِ على صفات الله تعالى وكماله لم يؤدِ حق شكره جلَّ وعلا.
1- الإسراء/111.
2- الأنعام/1.
3- سبأ/1.
4- فاطر/1.
5- الأعراف/43.
6- المؤمنون/28.
7- النمل/15.
للامانة منقول...
لماذا ابتدأت مثل سورة الفاتحة بقوله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ وليس بالشكر لله تعالى؟، ولماذا يبتدأ المعصومون (ع) في خطبهم بالحمد دون الشكر؟
الجواب:
لعل منشأ ذلك هو انَّ الحمد أعم من الشكر من جهة انَّ الحمد يشمل الثناء على المحمود بما هو واجد له من صفات وخصال ويشمل الثناء عليه بما أسداه من برٍّ وإحسان.
وأما الشكر فهو لا يُطلق إلا لغرض الثناء على المشكور بما أسداه إلى الشاكر من برٍّ وإحسان، فيقال: أشكر فلاناً على إحسانه لي وعلى ما أسداه إليَّ من جميل، ولا يقال أشكر فلاناً على علمه وشجاعته أو أشكره على جماله وحسن صورته.
أما الحمد فيقع على الأمرين، فكما يصح الحمد في مورد التعبير عن الامتنان والمكافئة على المعروف بالثناء كذلك يصح الحمد في غير مورد التعبير عن الامتنان فيكون ثناءً ابتدائياً نظراً للإعجاب والرضا بصفات المحمود، فيقع الحمد مثلاً على شجاعة زيدٍ وحكمته وإن لم يكن قد أسدى إليك معروفاً.
ولذلك ورد في القرآن الكريم ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾(1) وفي مورد آخر ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾(2)، وفي سورة سبأ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾(3) وفي سورة فاطر ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾(4).
فهذه الآيات أُطلق فيها الحمد وأُريد منه الثناء على وحدانية الله تعالى وقدرته وسعة ملكه، فهو ثناء على بعض صفات الله تعالى، ولهذا لا يصح استعمال لفظ الشكر في موارد هذه الآيات.
واستعمل القرآن لفظ الحمد في مورد الشكر والتعبير عن الامتنان والمكافئة على الإحسان مثل قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ﴾(5) وقوله تعالى: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾(6) وقوله تعالى: ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾(7) فهذه الآيات استُعمل فيها الحمد للتعبير عن الشكر والامتنان، وذلك ما يُؤكد انَّ الحمد يشمل الموردين ولهذا كان أعم من الشكر وهو ظاهراً منشأ اختيار التعبير بالحمد دون الشكر لانَّ الحمد لله تعالى شكر له على إحسانه وثناءٌ على جميل صفاته العليا وأسمائه الحسنى.
ولعل هذا هو معنى ما ورد عن الرسول الكريم (ص): "الحمد رأس الشكر، فمن لم يحمد الله لم يشكره"، أي انَّ مَن لم يُثنِ على صفات الله تعالى وكماله لم يؤدِ حق شكره جلَّ وعلا.
1- الإسراء/111.
2- الأنعام/1.
3- سبأ/1.
4- فاطر/1.
5- الأعراف/43.
6- المؤمنون/28.
7- النمل/15.
للامانة منقول...
تعليق