أولاً: ما استفاضت به الأخبار ونظمت فيه الأشعار من رجوع الشمس له عليه السلام مرّتين :
في حياة النبيّ ص مرّة، وبعد وفاته اُخرى، فالأولى قد روتها أسماء بنت عميس ، وأمّ سلمه زوج النبيّ ص،وجابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدريّ في جماعة من الصحابة: أنّ النبيّ ص كان ذات يوم في منزله وعليٌّ ع بين يديه إذ جاءه جبرئيل يناجيه عن الله عزّ وجلّ ،فلمّا تغشّاه الوحي توسّد فخذ أمير المؤمنين ع فلم يرفع رأسه عنه حتّى غابت الشمس وصلّى عليه السلام صلاة العصر جالساً بالإيماء ، فلمّا أفاق النبيّ ص قال له : «ادع الله ليردّ عليك الشمس ، فإنّ الله يجيبك لطاعتك الله ورسوله» فسأل الله عزّ وجلّ أمير المؤمنين في ردّ الشمس ، فردّت عليه حتّى صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلّى أمير المؤمنين الصلاة في وقتها ثمّ غربت ، وقالت أسماء بنت عميس : أما والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً كصرير المنشار في الخشب ( إرشاد المفيد 1 :345 ، مناقب ابن شهرآشوب2: 317، كشف الغمة 1: 282، ودون ذيله في فضائل ابن شاذان 68 ، وإرشاد القلوب : 277، ونحوه في قرب الإسناد: 175 | 644 والكافي 4 : 561 | 7 ، وعلل الشرائع : 351 | 3 ، والذرية الطاهرة للدولابي : 129 | 156 ، ومشكل الآثار للطحاويَ 2: 8 ـ 9 و 4 | 388 ـ 389، والمعجم الكبير للطبراني 24: 144 | 382 ومناقب ابن المغازلي : 96 | 140 ـ 141، ومناقب الخوارزمي : 217 وتذكرة الخواص: 55، فتح الباري 6: 168، وانظر طرقه في تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الامام علي (ع ) ـ 2 : 283 ـ 305، والغدير 3: 127 ـ 141).
وأما الثانية : أنّه لمّا أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابّهم ورحالهم ، وصلّى بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتّى غربت الشمس وفات كثيراً منهم الصلاة، وفات جمهورهم فضل الجماعة معه ، فتكلّموا في ذلك ، فلمّا سمع كلامهم فيه سأل الله عزّ وجلّ ردّ الشمس عليه فأجابه بردّها عليه،فكانت في الأفق على الحالة التي تكون وقت العصر، فلمّا سلّم بالقوم غابت فسمع لها وجيب شديد .( ارشاد المفيد 1: 346، مناقب ابن شهرآشوب 2: 318 وأورد الأبيات الشعرية في ص 317 كشف الغمة1: 282 ، وباختلاف يسير دون ذكر أبيات السيد الحميري في إرشاد القلوب : 227، ونحوه في إثبات الوصية 1: 346)
- ما رواه نقلة الأخبار من حديث الثعبان ، و الأية فيه أنَّه كَان عليه السلام يخطب ذات يوم على منبر الكوفة إذ ظهر ثعبان من جانب المنبر، فجعل يرقى حتى دنا من منبره ، فارتاع لذلك الناس وهمّوا بقصده ودفعه عنه ، فاومأ إليهم بالكفّ عنه ، فلمّا صار إلى المرقاة التي كان أمير المؤمنين عليه السلام قائماً عليها انحنى إلى الثعبان وتطاول الثعبان إليه حتّى التَقَمَ اُذنه ، وسكت الناس وتحيّروا لذلك ، فنقّ نقيقاً سمعه كثيرٌ منهم ، ثمّ إنّه زال عن مكانه وأمير المؤمنين عليه السلام يحرّك شفتيه والثعبان كالمصغي إليه ، ثمّ انساب فكأنّ الأرض ابتلعته ، وعاد أمير المؤمنين عليه السلام إلى خطبته فتممها، فلمّا فرغ منها ونزل اجتمع الناس إليه يسألونه عن حال الثعبان ، فقال لهم : «إنّما هو حاكم من حكّام الجنّ التبست عليه قضيّة فصار إليّ يستفتيني عنها، فافهمته إيّاها ودعا إليَّ بخير وانصرف» (إرشاد المفيد 1 : 348، روضة الواعظين :119 ونحوه في بصائر الدرجات 117، واثبات الوصية: 129، وبشارة المصطفى : 164،والفضائل لابن شاذان : 70)
- حديث الحيتان وكلامهم له في فرات الكوفة، وذلك أنّ الماء طغى في الفرات حتّى أشفق أهل الكوفة من الغرق ، ففزعوا إلى أمير المؤمنين ع ، فركب بغلة رسول الله ص وخرج الناس معه حتّى أتى شاطىء الفرات فنزل عليه السلام وأسبغ الوضوء وصلّى ، والناس يرونه ،ودعا الله عزّ وجلّ بدعوات سمعها أكثرهم ، ثمّ تقدّم إلى الفرات متوكّئاً على قضيب بيده حتّى ضرب به صفحة الماء وقال : «انقص بإذن الله ومشيئته» فغاض الماء حتّى بدت الحيتان من قعره ، فنطق كثير منها بالسلام عليه بإمرة المؤمنين ولم ينطق منها أصناف من السمك وهي الجرّيّ و المارماهي ، فتعجّب الناس لذلك ، وسألوه عن علّة نطق ما نطق وصمت ما صمت ، فقال : «أنطق الله لي ما طهر من السمك ، وأصمت عنّي ما نجس وحرم» ( ارشاد المفيد1: 347، روضة الواعظين : 119 ، مناقب ابن شهرآشوب 2: 330، ومختصراً في خصائص الرضي : 58، واثبات الوصية :128 ، ونحوه في فضائل ابن شاذان : 106 ، وكشف الغمة 1 : 275).
وهذا الخبر مستفيض أيضاً كاستفاضة كلام الذئب للنبيّ صم وتسبيح الحصى في كفّه وأمثال ذلك .
ما جاء في الآثار عن ابن عبّاس قال : لمّا خرج النبيّ ص إلى بني المصطلق ونزل بقرب واد وعر، فلمّا كان آخر الليل هبط عليه جبرئيل ع يخبره عن طائفة من كفّار الجنّ قد استبطنوا الوادي يريدون كيده وإيقاع الشرّ بأصحابه ، فدعا أمير المؤمنين ع وقال : «اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجنّ من يريدك ، فادفعه بالقوّة التي أعطاك الله عزّ وجلّ إيّاها،وتحصّن منه بأسماء الله التي خصّك بها وبعلمها» وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس وقال لهم : «كونوا معه وامتثلوا أمره» .
فتوجّه أمير المؤمنين ع إلى الوادي ، فلما قارب شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئاً حتّى يأذن لهم ، ثمّ تقدّم فوقف على شفير الوادي وتعوّذ باللهّ من أعدائه وسمّاه بأحسن أسمائه
وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يقربوا منه ، فقربوا ، وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة، ثمّ رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم يقعون على وجوههم لشدّتها، ولم تثبت أقدامهم على الأرض من هول ما لحقهم ، فصاح أمير المؤمنين ع : «أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب وصيّ رسول الله ص وابن عمّه، اثبتوا إن شئتم» فظهر للقوم أشخاص مثل الزط ( الزُط (بالضم ) : جيل من الهند معرب جت بالفتح ، الواحد زطي وهو المستوي الوجه . «القاموس المحيط 2: 362» ) تخيّل في أيديهم شعل النار، قد اطمانّوا وأطافوا بجنبات الوادي ، فتوغّل أمير المؤمنين ع بطن الوادي وهو يتلو القرآن ويومئ بسيفه يميناً وشمالاً، فما لبثت الأشخاص حتّى صارت كالدخان الأسود ، وكبّر أمير المؤمنين ع ثمّ صعد من حيث هبط ، فقام مع القوم الذين اتّبعوه حتّى أسفر الموضع عمّا اعتراه ، فقال له أصحاب رسول الله ص : ما لقيت يا أبا الحسن ، فقد كدنا نهلك خوفاً وإشفاقاً عليك ؟
فقال عليه السلام : «لمّا تراءى لي العدو جهرت فيهم باسماء الله فتضاءلوا وعلمت ما حلّ بهم من الجزع ، فتوغّلت الوادي غير خائف منهم ، ولو بقوا على هيئاتهم لأتيت على آخرهم ،وكفى الله كيدهم وكفى المسلمين شرّهم ، وستسبقني بقيّتهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيؤمنوا به».
وانصرف أمير المؤمنين ع بمن معه إلى رسول الله ص فاخبره الخبر فسرى عنه ودعا له بخير وقال له : «قد سبقك يا علي إليّ من أخافه الله بك فاسلم وقبلت إسلامه» ( ارشاد المفيد 1: 339، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 84 | 3 ) .
- ما رواه عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر ع من قوله عليه السلام لجويرية بن مسهر وقد عزم على الخروج : «أما إنّه سيعرض لك في طريقك الأسد» قال : فما الحيلة له ؟
قال : « تقرظ منّي السلام وتخبره أنّي أعطيتك منه الأمان» .
فخرج جويرية، فبينا هو كذلك يسير على دابّته إذ أقبل نحوه أسد لا يريد غيره ،فقال له جويرية : يا أبا الحارث ، إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ع يقرؤك السلام ، وانّه قد آمنني منك ، قال : فولّى الليث عنه مطرقاً برأسه يهمهم حتّى غاب في الأجمة،فهمهم خمساً ثمّ غاب ، ومضى جويرية في حاجته.
فلمّا انصرف إلى أمير المؤمنين عليه السلام وسلّم عليه وقال : كان من الأمر كذا وكذا فقال : « ما قلت للّيث وما قال لك ؟» .
فقال جويرية: قلت له ما أمرتني به وبذلك انصرف عنّي ، وأمّا ما قال الليث فالله ورسوله ص ووصيّ رسوله أعلم .
قال : « إنّه ولّى عنك يهمهم ، فاحصيت له خمس همهمات ثمّ انصرف عنك ».
قال جويرية : صدقت يا أمير المؤمنين هكذا هو.
فقال عليه السلام : « فإنّه قال لك : فاقرأ وصيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم منّي السلام» وعقد بيده خمساً ( مناقب ابن شهرآشوب 2 : 304 .).
في حياة النبيّ ص مرّة، وبعد وفاته اُخرى، فالأولى قد روتها أسماء بنت عميس ، وأمّ سلمه زوج النبيّ ص،وجابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدريّ في جماعة من الصحابة: أنّ النبيّ ص كان ذات يوم في منزله وعليٌّ ع بين يديه إذ جاءه جبرئيل يناجيه عن الله عزّ وجلّ ،فلمّا تغشّاه الوحي توسّد فخذ أمير المؤمنين ع فلم يرفع رأسه عنه حتّى غابت الشمس وصلّى عليه السلام صلاة العصر جالساً بالإيماء ، فلمّا أفاق النبيّ ص قال له : «ادع الله ليردّ عليك الشمس ، فإنّ الله يجيبك لطاعتك الله ورسوله» فسأل الله عزّ وجلّ أمير المؤمنين في ردّ الشمس ، فردّت عليه حتّى صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلّى أمير المؤمنين الصلاة في وقتها ثمّ غربت ، وقالت أسماء بنت عميس : أما والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً كصرير المنشار في الخشب ( إرشاد المفيد 1 :345 ، مناقب ابن شهرآشوب2: 317، كشف الغمة 1: 282، ودون ذيله في فضائل ابن شاذان 68 ، وإرشاد القلوب : 277، ونحوه في قرب الإسناد: 175 | 644 والكافي 4 : 561 | 7 ، وعلل الشرائع : 351 | 3 ، والذرية الطاهرة للدولابي : 129 | 156 ، ومشكل الآثار للطحاويَ 2: 8 ـ 9 و 4 | 388 ـ 389، والمعجم الكبير للطبراني 24: 144 | 382 ومناقب ابن المغازلي : 96 | 140 ـ 141، ومناقب الخوارزمي : 217 وتذكرة الخواص: 55، فتح الباري 6: 168، وانظر طرقه في تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الامام علي (ع ) ـ 2 : 283 ـ 305، والغدير 3: 127 ـ 141).
وأما الثانية : أنّه لمّا أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابّهم ورحالهم ، وصلّى بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتّى غربت الشمس وفات كثيراً منهم الصلاة، وفات جمهورهم فضل الجماعة معه ، فتكلّموا في ذلك ، فلمّا سمع كلامهم فيه سأل الله عزّ وجلّ ردّ الشمس عليه فأجابه بردّها عليه،فكانت في الأفق على الحالة التي تكون وقت العصر، فلمّا سلّم بالقوم غابت فسمع لها وجيب شديد .( ارشاد المفيد 1: 346، مناقب ابن شهرآشوب 2: 318 وأورد الأبيات الشعرية في ص 317 كشف الغمة1: 282 ، وباختلاف يسير دون ذكر أبيات السيد الحميري في إرشاد القلوب : 227، ونحوه في إثبات الوصية 1: 346)
- ما رواه نقلة الأخبار من حديث الثعبان ، و الأية فيه أنَّه كَان عليه السلام يخطب ذات يوم على منبر الكوفة إذ ظهر ثعبان من جانب المنبر، فجعل يرقى حتى دنا من منبره ، فارتاع لذلك الناس وهمّوا بقصده ودفعه عنه ، فاومأ إليهم بالكفّ عنه ، فلمّا صار إلى المرقاة التي كان أمير المؤمنين عليه السلام قائماً عليها انحنى إلى الثعبان وتطاول الثعبان إليه حتّى التَقَمَ اُذنه ، وسكت الناس وتحيّروا لذلك ، فنقّ نقيقاً سمعه كثيرٌ منهم ، ثمّ إنّه زال عن مكانه وأمير المؤمنين عليه السلام يحرّك شفتيه والثعبان كالمصغي إليه ، ثمّ انساب فكأنّ الأرض ابتلعته ، وعاد أمير المؤمنين عليه السلام إلى خطبته فتممها، فلمّا فرغ منها ونزل اجتمع الناس إليه يسألونه عن حال الثعبان ، فقال لهم : «إنّما هو حاكم من حكّام الجنّ التبست عليه قضيّة فصار إليّ يستفتيني عنها، فافهمته إيّاها ودعا إليَّ بخير وانصرف» (إرشاد المفيد 1 : 348، روضة الواعظين :119 ونحوه في بصائر الدرجات 117، واثبات الوصية: 129، وبشارة المصطفى : 164،والفضائل لابن شاذان : 70)
- حديث الحيتان وكلامهم له في فرات الكوفة، وذلك أنّ الماء طغى في الفرات حتّى أشفق أهل الكوفة من الغرق ، ففزعوا إلى أمير المؤمنين ع ، فركب بغلة رسول الله ص وخرج الناس معه حتّى أتى شاطىء الفرات فنزل عليه السلام وأسبغ الوضوء وصلّى ، والناس يرونه ،ودعا الله عزّ وجلّ بدعوات سمعها أكثرهم ، ثمّ تقدّم إلى الفرات متوكّئاً على قضيب بيده حتّى ضرب به صفحة الماء وقال : «انقص بإذن الله ومشيئته» فغاض الماء حتّى بدت الحيتان من قعره ، فنطق كثير منها بالسلام عليه بإمرة المؤمنين ولم ينطق منها أصناف من السمك وهي الجرّيّ و المارماهي ، فتعجّب الناس لذلك ، وسألوه عن علّة نطق ما نطق وصمت ما صمت ، فقال : «أنطق الله لي ما طهر من السمك ، وأصمت عنّي ما نجس وحرم» ( ارشاد المفيد1: 347، روضة الواعظين : 119 ، مناقب ابن شهرآشوب 2: 330، ومختصراً في خصائص الرضي : 58، واثبات الوصية :128 ، ونحوه في فضائل ابن شاذان : 106 ، وكشف الغمة 1 : 275).
وهذا الخبر مستفيض أيضاً كاستفاضة كلام الذئب للنبيّ صم وتسبيح الحصى في كفّه وأمثال ذلك .
ما جاء في الآثار عن ابن عبّاس قال : لمّا خرج النبيّ ص إلى بني المصطلق ونزل بقرب واد وعر، فلمّا كان آخر الليل هبط عليه جبرئيل ع يخبره عن طائفة من كفّار الجنّ قد استبطنوا الوادي يريدون كيده وإيقاع الشرّ بأصحابه ، فدعا أمير المؤمنين ع وقال : «اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من أعداء الله الجنّ من يريدك ، فادفعه بالقوّة التي أعطاك الله عزّ وجلّ إيّاها،وتحصّن منه بأسماء الله التي خصّك بها وبعلمها» وأنفذ معه مائة رجل من أخلاط الناس وقال لهم : «كونوا معه وامتثلوا أمره» .
فتوجّه أمير المؤمنين ع إلى الوادي ، فلما قارب شفيره أمر المائة الذين صحبوه أن يقفوا بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئاً حتّى يأذن لهم ، ثمّ تقدّم فوقف على شفير الوادي وتعوّذ باللهّ من أعدائه وسمّاه بأحسن أسمائه
وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يقربوا منه ، فقربوا ، وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة، ثمّ رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد القوم يقعون على وجوههم لشدّتها، ولم تثبت أقدامهم على الأرض من هول ما لحقهم ، فصاح أمير المؤمنين ع : «أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب وصيّ رسول الله ص وابن عمّه، اثبتوا إن شئتم» فظهر للقوم أشخاص مثل الزط ( الزُط (بالضم ) : جيل من الهند معرب جت بالفتح ، الواحد زطي وهو المستوي الوجه . «القاموس المحيط 2: 362» ) تخيّل في أيديهم شعل النار، قد اطمانّوا وأطافوا بجنبات الوادي ، فتوغّل أمير المؤمنين ع بطن الوادي وهو يتلو القرآن ويومئ بسيفه يميناً وشمالاً، فما لبثت الأشخاص حتّى صارت كالدخان الأسود ، وكبّر أمير المؤمنين ع ثمّ صعد من حيث هبط ، فقام مع القوم الذين اتّبعوه حتّى أسفر الموضع عمّا اعتراه ، فقال له أصحاب رسول الله ص : ما لقيت يا أبا الحسن ، فقد كدنا نهلك خوفاً وإشفاقاً عليك ؟
فقال عليه السلام : «لمّا تراءى لي العدو جهرت فيهم باسماء الله فتضاءلوا وعلمت ما حلّ بهم من الجزع ، فتوغّلت الوادي غير خائف منهم ، ولو بقوا على هيئاتهم لأتيت على آخرهم ،وكفى الله كيدهم وكفى المسلمين شرّهم ، وستسبقني بقيّتهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيؤمنوا به».
وانصرف أمير المؤمنين ع بمن معه إلى رسول الله ص فاخبره الخبر فسرى عنه ودعا له بخير وقال له : «قد سبقك يا علي إليّ من أخافه الله بك فاسلم وقبلت إسلامه» ( ارشاد المفيد 1: 339، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 84 | 3 ) .
- ما رواه عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر ع من قوله عليه السلام لجويرية بن مسهر وقد عزم على الخروج : «أما إنّه سيعرض لك في طريقك الأسد» قال : فما الحيلة له ؟
قال : « تقرظ منّي السلام وتخبره أنّي أعطيتك منه الأمان» .
فخرج جويرية، فبينا هو كذلك يسير على دابّته إذ أقبل نحوه أسد لا يريد غيره ،فقال له جويرية : يا أبا الحارث ، إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ع يقرؤك السلام ، وانّه قد آمنني منك ، قال : فولّى الليث عنه مطرقاً برأسه يهمهم حتّى غاب في الأجمة،فهمهم خمساً ثمّ غاب ، ومضى جويرية في حاجته.
فلمّا انصرف إلى أمير المؤمنين عليه السلام وسلّم عليه وقال : كان من الأمر كذا وكذا فقال : « ما قلت للّيث وما قال لك ؟» .
فقال جويرية: قلت له ما أمرتني به وبذلك انصرف عنّي ، وأمّا ما قال الليث فالله ورسوله ص ووصيّ رسوله أعلم .
قال : « إنّه ولّى عنك يهمهم ، فاحصيت له خمس همهمات ثمّ انصرف عنك ».
قال جويرية : صدقت يا أمير المؤمنين هكذا هو.
فقال عليه السلام : « فإنّه قال لك : فاقرأ وصيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم منّي السلام» وعقد بيده خمساً ( مناقب ابن شهرآشوب 2 : 304 .).
أعلام الورى بإعلام الهدى- أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي
تعليق