قال تعالى(ذلك وَمَنْ يعظم شعائر الله فإنها من تَقوى القلوب) سورة الحج (32) الشـعائر : جمع شعيرة وهي العلامة وكذلك هي المعالم للأعمال فشعائر الله معالم الله التي جعلها مواطن للعباد وهي أعلام متعبداته من موقف وسعي ومنحر وهو مأخوذ من شعرت به (أي علمت) وكل مَعلم لعبادة من دعاء أو صلاة أو أداء فريضة فهو مَشعر لتلك العبادة وواحد الشعائر (شعيرة). قـــال الكميـــــت قال مجاهد : الشعيرة العلامة التي تشعر بها لما جعلت له وأشعرت البدن إذا علمتها بما يشعر أنها هدي .أما الجانب الفقهي فقد أشار أليه جملة من العلماء الأفاضل في كتبهم الفقهية ومنهم السيد حسن الشيرازي في كتابه الشعائر الحسينية بإسهاب وتفصيل حيث قال : إن الذين يحرمون الشعائر الحسينية ليبرزوها أنها من أكمل مصاديق البدعة أم لا .فنحن لا نجد في مجموعة الأدلة التي وصلت من المعصومين(عليهم السلام) دليلاً يقول إن الشعائر الحسينية محرمه ولا دليل يقول إن اللطم على الحسين(عليه السلام) حرام أو لبس السواد حرام . أوأن التطبير حرام . وماداموا يحرمون . ما لا دليل على حرمته فهم يفترون على الله ويتقولون عليه . وبالتالي فهم يبدعون في الدين بدعه .والواقع إن الأدلة الشرعية ليست ساكنة عن حكم الشعائر الحسينية حتى يتاح للمبدعين أن يفتروا على الله الكذب وإنما هي واضحة وتفيد أن الشعائر الحسينية مباحة بطبيعتها الأولية ،ومستحبة بطبيعتها الثانوية . أما كون الشعائر الحسينية مباحة بطبيعتها الأولية فتدل عليها الأباحه العقلية والتشريعية لأن أنواع الحم خمسة (الوجوب،الحرمة،الاستحباب،الكراهة،الإباحة) وهذه الأحكام الخمسة ،عامة تشمل كافة الأعمال والأقوال الصادرة عن العباد، وكافة الأشياء الموجودة في متناول العباد . فكل عمل أو أقوال أو شيء . لابد أن يكون محكوماً بأحد هذه الأحكام الخمسة . أذا لم يترك الشارع عملاً أو قولاً أو شيئاً لم يحكم عليه بحكمه، ولم يصدره إلى العباد ولو في ضمن الأدلة العامة المقررة تفاصيلها في الفقه .فكل ما لم يوجد له حكم من الأحكام الخمسة .فهو مباح للأدلة الأربعة . فأما القرآن فقد دلت عليه آيات منه قوله تعالى(لا يكلف الله نفساً إلا ما ءاتها)وقوله تعالى(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) . وقوله تعالى(وما كان الله ليضل قوماً بعد إذا هدهم حتى يبين لهم ما يتقون) . وقوله تعالى(ليهلك من هلك عن بينة ويحيي منحي عن بينة ). وهذه الآيات نتفق على أن الله تعالى لا يؤاخذ العباد على شيء لم يبينه لهم .وأما من السنة فأخبار كثيرة .فعن النبي(ص) (رفع عن أمـتي تسعة ....وما لا يعلمون ....). عن الإمام الصادق(عليه السلام) (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي). وفي آمالي الشيخ بإسناده عن أبي عبد (عليه السلام) (الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي وكل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً ما لم تعرف الحرام منه فتدعه ). وفي التهذيب :عن أبن محبوب عن أبي عبد الله(عليه السلام) كل شيء يكون منه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه وفي الحديث المشهور (ما حجب الله عن العباد فهو موضوع عنهم وفي بعض الأحاديث هم في سعه ما لم يعلموا ) (أي رجل ركب أمراً بجهلة فلا شيء عليه)وأن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم .وهذه الأحاديث تتفق على أباحه ما لم يرد إلى العباد حكم إلزامي في شأنه :-وأما من الإجماع فيكفي فيه أتفاق عامة الأصوليين وأكثر الإخباريين على أن الحكم الشرعي هو الأباحه في كل ما لم يرد فيه دليل إلزامي من الشرع والعقل .وأما من العقل : فهو حكم يقبح العقاب بلا بيان إذن أصالة الإباحة محكمه في كل شيء لم يرد فيه حكم إلزامي والشعائر الحسينية من الأشياء التي لم يرد فيها حكم إلزامي فتكون مشمولة بالأصالة الإباحية فمن حرمها فقد أبتدع في الدين لأنه أسقط الأصل عن الاعتبار بلا مبرر وهنا يسرع أصحاب هذه الدعوة الباطلة إلى القول بأن التطبير وضرب الأكتاف العارية بالسلاسل مضرة بالصحة وكل شيء يضر بالصحة فهو حرام . والجــــواب عنـــه :أولاً : ليست الشعائر الحسينية ما يضر بالصحة فالتطبير لا يزيد على جرح الرأس ونزف كمية محدودة من الدم لا تضر الجسم بل قد تنفع كالحجامة والفصد . وأما ضرب الأكتاف بالسلاسل فأنه لا يضر الأكتاف بل يقوي الجلد وأما إذا كان هناك إنسان يضر به أي واحد من الشعائر بحيث يؤدي إلى هلاك نفسه أو طرف من أطرافه فأنها يحرم عليه بالنسبة نفسه فقط . ولكن هذا داخل في التي لا تؤثر على أحكم العناوين الأولية وأين هذا من موضوع البحث ..ثانيــــاً: إن الضرر الذي يحرم تحمله باتفاق العقل والشرع هو الضرر الذي يكون بلا هدف عقلائي صحيح وأما إذا تحمل الإنسان مشقة مضرة لهدف عقلائي فلا دليل على حرمته كتحمل المرتاضين والزهاد كثيراً المشقات المضنية التي تنهك قواهم وكتحمل أصحاب الحرف الشاقة صعوبات تبري أجسامهم وتضعف جميع أجهزتهم العضلية دون أن يكون محرماً عليهم ..ثالثــــاً: ليس في الشارع دليل أن كل ما يضر بالصحة حرام حتى يصح التمسك بعمومه . كل ما يوجد في هذا الباب هو قوله تعالى. (ولا تلقوا بأيديكم إلىالتهلكة) وأحاديث جمة تفيد أن هلاك النفس أوهلاك أحد الأطراف حرام ولا نناقش في حرمة أهلاك أو الطرف فمن أنتحر أو شل أحد أعضاءه فقد أقترف جريمة كبيرة ولكن ليس كلما يضر بالصحة داخلاً في عنوان هلاك النفس أو الطرف وأما قول النبي(ص)(لا ضر ولا إضرار في الإسلام) . فيجاب عنه: أولاً: بأنه مختص بغير الأحكام الصادرة في مورد الضرر(كالجهاد) أو(الحج) أو(الختان،والخمس والزكاة وتمكين النفس في الحدود والقصاص والتعزيرات والصبر على المصائب) .ثانيــــاً:أن الحديث يعني وجود الأحكام الضررية في أصل الشرع ..
نقتلهم جيـلاً فجيـلاً نراهـم شـعائر قربـان بهــم نتقرب
السيد حسن الشيرازي / كتاب الشعائر الحسينية
تعليق