منهج تحليلي في دراسة القِصّة القرآنيّة
عيسى وقصّته:
عيسى عليه السلام هو ابن مريم ابنة عمران على ما ذكره القرآن الكريم ، وهو آخر الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم بالاسم قبل نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله ، وهو رابع أنبياء اُولي العزم الذين تحدثنا عنهم .
وقد جاءت قصته في الأناجيل الأربعة المعروفة (متي ، ومرقس ، ولوقا ، ويوحنا) التي يعترف بها المسيحيون بشكل عام ، كما جاءت في الإنجيل الخامس (إنجيل برنابا) ، ولكنّها جاءت في هذه الأناجيل مع اختلاف كبير بينها في التفاصيل بحيث لا يمكن الجمع بينها كما سوف نعرف .
وهي في الوقت نفسه مختلفة عمّا جاءت في القرآن الكريم في بعض الجهات .
ولم يرد ذكر هذه القصّة في التوراة بطبيعة الحال ؛ لأنّها أقدم من وجوده ، إلّا أنّ الغريب أنّه لم يرد ذكر لعيسىعليه السلام في التاريخ اليهودي والإنساني العام ، ولا في تاريخ اليهود وجماعتهم إلّا في وقت متأخر نسبياً الأمر الذي جعل بعض المؤرخين يذهبون إلى إنكار وجوده ، وادعاء أنّ قصّته هي من الأساطير التاريخية التي تشبه قصص بعض الأبطال الاُسطوريين ، مثل : كرشنا ، واوزديس ، واتيس ، واونيس ، وديونش ، ومتراس (1) .
ولذلك يعتبر تأكيد القرآن الكريم لوجوده وذكر قصّته من أهمّ الأدلّة وأوضحها على وجود هذا النبي العظيم .
وقد ورد ذكره في القرآن الكريم باسمه الشريف (عيسى) خمساً وعشرين مرّة ، كما ورد اسمه المسيح أحد عشرة مرّة ، ثلاثة منها مقرونة بإسمه الشريف ، وورد ذكره تحت عنوان (ابن مريم) بشكل مستقل مرّتين ، فيكون مجموع الموارد التي ذكر فيها في القرآن الكريم ثمانية وثلاثين مرّة .
كما أنّ قصّته وردت في القرآن الكريم متفرقة ومتناثرة - أحياناً - ضمن قصّة والدته مريم عليها السلام التي تعتبر من مقدمات وشؤون قصّته .
وأكثر الموارد تفصيلاً ما ورد في سورة آل عمران ، وسورة المائدة ، وسورة مريم (2) ، وبعد ذلك في بسورتي ورتي النساء والصف (3) .
ولم ترد القصّة كاملة ولو على نحو الإجمال إلّا في موضع واحد ، وهو آل عمران ، كما أنّها جاءت في هذه المواضع مختلفة اللفظ والهدف بحسب السياق الذي جاءت فيه القصّة ، وإن كانت للقصّة أهداف خاصة كما سوف نشير إلى ذلك في الملاحظات العامة حول القصّة إن شاء اللَّه .
وتتلخص قصّة عيسىعليه السلام في الفصول الثلاثة الآتية :
قوم عيسىعليه السلام
قد يظهر من القرآن الكريم أنّ قوم عيسىعليه السلام هم بنو إسرائيل ؛ لأنّه جاء الحديث في القرآن عن إرسال عيسىعليه السلام إلى بني إسرائيل : «ورسولاً إلى بني إسرائيل أنّي قد جئتكم بآيةٍ من ربّكم أنّي أخلُقُ لكُم من الطّين كهيئة الطّير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللَّه...» (4) .
كما أنّه في مسياق الحديث عن بني إسرائيل يقول اللَّه تعالى : «ولقد آتينا مُوسى الكتاب وقفّينا من بعده بالرّسُل وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناهُ بروح القدّس أفكُلّما جاءكُم رسولٌ بما لا تهوى أنفُسُكُم استكبرتُم ففريقاً كذّبتُم وفريقاً تقتُلُون» (5) . وهكذا نجد ذلك في الآية 156 من سورة النساء .
وجاء في بعض الموارد حديث عيسى عليه السلام مخاطباً بني إسرائيل : «وإذ قال عيسى ابنُ مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول اللَّه إليكُم مصدّقاً لما بين يديّ من التّوراة ومُبشّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمهُ أحمدُ فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحرٌ مبين»ٌ (6) . «... وقال المسيحُ يا بني إسرائيل اعبدوا اللَّه ربّي وربّكم إنّهُ من يُشرك باللَّه فقد حرّم اللَّه عليه الجنّة...» (7) . كما يظهر ذلك - أيضاً - ممّا يذكره القرآن عن نتائج الرسالة من موقف بني إسرائيل اتّجاه عيسى وموقفه تجاههم في قوله تعالى :
«لُعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوُد وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانُوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» (8) .
وكلّ هذه الآيات الكريمة وما يشبهها يظهر منه أنّ قوم عيسىعليه السلام هم بنو إسرائيل .
« وقوله تعالى *...و إذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين» (9) بل قد يبدو ولأوّل وهلة أنّ عيسىعليه السلام كانت دعوته مختصّة ببني إسرائيل ، كما قد يبدو ذلك في موسىعليه السلام أيضاً ، إلّا أنّنا سوف نذكر في الحديث عن مراحل حياة عيسىعليه السلام أنّ دعوته لم تكن مختصة ببني إسرائيل ، ولكنّ قومه الذين عاش بينهم وتحدّث إليهم هم بنو إسرائيل .
وإنطلاقاً من هذا الفهم يمكن أن نحدّد معالم هؤلاء القوم ممّا تحدّث عنه القرآن الكريم من مواصفات عامة لهذه الجماعة ، وكذلك ممّا أشار إليه من مواصفات لهم في إطار الحديث عن عيسى(ع) في أيّام حضوره معهم أو بعده حيث يلاحظ أن القرآن قد تحدّث عن قوم عيسى في أيّام حضوره ببعض المواصفات، وبعد وفاته ورفعه ببعض المواصفات الاُخرى تتناول عدّة أبعاد :
1- راجع كتاب قصّة الحضارة 11 : 202 - 206.
2- آل عمران(3) : 32 - 62 ، والمائدة : 72 - 86 و110 - 119 ، ومريم(19) : 16 - 37 .
3 – النساء(4) : 155 - 159 و171 - 173 ، والصف(61) : الآيات 6 - 8 ، و14 .
4 - آل عمران(3) : 49 .
5 – البقرة(2) : 87 .
6 – الصف(61) : 6 .
7 – المائدة(5) : 72 .
8 – المائدة(5) : 78 - 79 .
9 – المائدة(5) : 110 .
عيسى وقصّته:
عيسى عليه السلام هو ابن مريم ابنة عمران على ما ذكره القرآن الكريم ، وهو آخر الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم بالاسم قبل نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله ، وهو رابع أنبياء اُولي العزم الذين تحدثنا عنهم .
وقد جاءت قصته في الأناجيل الأربعة المعروفة (متي ، ومرقس ، ولوقا ، ويوحنا) التي يعترف بها المسيحيون بشكل عام ، كما جاءت في الإنجيل الخامس (إنجيل برنابا) ، ولكنّها جاءت في هذه الأناجيل مع اختلاف كبير بينها في التفاصيل بحيث لا يمكن الجمع بينها كما سوف نعرف .
وهي في الوقت نفسه مختلفة عمّا جاءت في القرآن الكريم في بعض الجهات .
ولم يرد ذكر هذه القصّة في التوراة بطبيعة الحال ؛ لأنّها أقدم من وجوده ، إلّا أنّ الغريب أنّه لم يرد ذكر لعيسىعليه السلام في التاريخ اليهودي والإنساني العام ، ولا في تاريخ اليهود وجماعتهم إلّا في وقت متأخر نسبياً الأمر الذي جعل بعض المؤرخين يذهبون إلى إنكار وجوده ، وادعاء أنّ قصّته هي من الأساطير التاريخية التي تشبه قصص بعض الأبطال الاُسطوريين ، مثل : كرشنا ، واوزديس ، واتيس ، واونيس ، وديونش ، ومتراس (1) .
ولذلك يعتبر تأكيد القرآن الكريم لوجوده وذكر قصّته من أهمّ الأدلّة وأوضحها على وجود هذا النبي العظيم .
وقد ورد ذكره في القرآن الكريم باسمه الشريف (عيسى) خمساً وعشرين مرّة ، كما ورد اسمه المسيح أحد عشرة مرّة ، ثلاثة منها مقرونة بإسمه الشريف ، وورد ذكره تحت عنوان (ابن مريم) بشكل مستقل مرّتين ، فيكون مجموع الموارد التي ذكر فيها في القرآن الكريم ثمانية وثلاثين مرّة .
كما أنّ قصّته وردت في القرآن الكريم متفرقة ومتناثرة - أحياناً - ضمن قصّة والدته مريم عليها السلام التي تعتبر من مقدمات وشؤون قصّته .
وأكثر الموارد تفصيلاً ما ورد في سورة آل عمران ، وسورة المائدة ، وسورة مريم (2) ، وبعد ذلك في بسورتي ورتي النساء والصف (3) .
ولم ترد القصّة كاملة ولو على نحو الإجمال إلّا في موضع واحد ، وهو آل عمران ، كما أنّها جاءت في هذه المواضع مختلفة اللفظ والهدف بحسب السياق الذي جاءت فيه القصّة ، وإن كانت للقصّة أهداف خاصة كما سوف نشير إلى ذلك في الملاحظات العامة حول القصّة إن شاء اللَّه .
وتتلخص قصّة عيسىعليه السلام في الفصول الثلاثة الآتية :
قوم عيسىعليه السلام
قد يظهر من القرآن الكريم أنّ قوم عيسىعليه السلام هم بنو إسرائيل ؛ لأنّه جاء الحديث في القرآن عن إرسال عيسىعليه السلام إلى بني إسرائيل : «ورسولاً إلى بني إسرائيل أنّي قد جئتكم بآيةٍ من ربّكم أنّي أخلُقُ لكُم من الطّين كهيئة الطّير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللَّه...» (4) .
كما أنّه في مسياق الحديث عن بني إسرائيل يقول اللَّه تعالى : «ولقد آتينا مُوسى الكتاب وقفّينا من بعده بالرّسُل وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناهُ بروح القدّس أفكُلّما جاءكُم رسولٌ بما لا تهوى أنفُسُكُم استكبرتُم ففريقاً كذّبتُم وفريقاً تقتُلُون» (5) . وهكذا نجد ذلك في الآية 156 من سورة النساء .
وجاء في بعض الموارد حديث عيسى عليه السلام مخاطباً بني إسرائيل : «وإذ قال عيسى ابنُ مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول اللَّه إليكُم مصدّقاً لما بين يديّ من التّوراة ومُبشّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمهُ أحمدُ فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحرٌ مبين»ٌ (6) . «... وقال المسيحُ يا بني إسرائيل اعبدوا اللَّه ربّي وربّكم إنّهُ من يُشرك باللَّه فقد حرّم اللَّه عليه الجنّة...» (7) . كما يظهر ذلك - أيضاً - ممّا يذكره القرآن عن نتائج الرسالة من موقف بني إسرائيل اتّجاه عيسى وموقفه تجاههم في قوله تعالى :
«لُعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوُد وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانُوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» (8) .
وكلّ هذه الآيات الكريمة وما يشبهها يظهر منه أنّ قوم عيسىعليه السلام هم بنو إسرائيل .
« وقوله تعالى *...و إذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين» (9) بل قد يبدو ولأوّل وهلة أنّ عيسىعليه السلام كانت دعوته مختصّة ببني إسرائيل ، كما قد يبدو ذلك في موسىعليه السلام أيضاً ، إلّا أنّنا سوف نذكر في الحديث عن مراحل حياة عيسىعليه السلام أنّ دعوته لم تكن مختصة ببني إسرائيل ، ولكنّ قومه الذين عاش بينهم وتحدّث إليهم هم بنو إسرائيل .
وإنطلاقاً من هذا الفهم يمكن أن نحدّد معالم هؤلاء القوم ممّا تحدّث عنه القرآن الكريم من مواصفات عامة لهذه الجماعة ، وكذلك ممّا أشار إليه من مواصفات لهم في إطار الحديث عن عيسى(ع) في أيّام حضوره معهم أو بعده حيث يلاحظ أن القرآن قد تحدّث عن قوم عيسى في أيّام حضوره ببعض المواصفات، وبعد وفاته ورفعه ببعض المواصفات الاُخرى تتناول عدّة أبعاد :
1- راجع كتاب قصّة الحضارة 11 : 202 - 206.
2- آل عمران(3) : 32 - 62 ، والمائدة : 72 - 86 و110 - 119 ، ومريم(19) : 16 - 37 .
3 – النساء(4) : 155 - 159 و171 - 173 ، والصف(61) : الآيات 6 - 8 ، و14 .
4 - آل عمران(3) : 49 .
5 – البقرة(2) : 87 .
6 – الصف(61) : 6 .
7 – المائدة(5) : 72 .
8 – المائدة(5) : 78 - 79 .
9 – المائدة(5) : 110 .
تعليق