الموت
لقد جاء ت لحظة الموت
وحضرت ملائكة ربي
وهي تزمجر وترتعد
للوفاء بالعهد
لقد ذبلت الورقة الخضراء
التي سقتها اصناف الذنوب
لقد حان وقت سقوطها
أنه الموت
وما ادراك ما هو
***
الملائكة تقتحم جسدي
أنها معركة
بين حب الذات والوفاء بالعهد
أحسهم يدخلون من أخمس قدمي
وكأن في أيدهم المناشير
الملتهبة من نار لظى
تذيب كل شيء
أنه لا يتحرك
كأنه أنفصل من جسدي
أنه ساكن ... ساكن
لقد مات أصبعي
وأصبح أول شاهد حق
عن كل خطواتي
صالحها وطالحها
عندها أيقنت أنه الموت
أنه الرحيل
الذي طالما كان آخر المنتَظرين
في جدول أرقامي
عندها اشددت حيازيمي للموت
الذي لابد منه
لقد حان وقت استرداد الأمانة إلى صاحبها
أنه الرفيق الأعلى
الذي طالما جهلة حقه
أخذت أستذكر شريط الأيام
وأنا أعالج ألم الموت
يا الله كم كان فيها من الفواحش
كم كان فيها من الذنوب
عقوق الوالدين
الجار السوء
الغيبة , النميمة , البهتان , الكذب
لا أكثر وأكثر
حق الله
حق الناس
حق النفس
حق الصحبة
حق الأخوة
حق الزوجة
حق الأبناء
حق وحق وحق
حق الإمام
لا تنتهي
يومها كأني لا أموت
أنني جبار
على شكل بعوضة
لا أقل من ذلك بكثير
لأن لها وجود نافع في عالم الوجود
أما أنا لاشيء
سوى الموبقات
حتى جاءت لحظة الموت
عندها عرفت من انا
من أكون
عندها راحت دموع الندم
تقطر من عيني
كالشلال في فصل الربيع
ولكن هل ينفع الندم
هل تنفع الدموع
وكم تشفع
ولمن تشفع
وعمن تشفع
لا . لا أدري
ولكن الرجاء لا ينقطع
والرحمة واسعة
***
يا ألهي ؛ كم هي مرة ساعة الموت
إلهي ؛ لو لم يكن إلا الموت لكفى
ولكن ما بعد الموت
إلهي كم هي مرارة فراق الأحبة
إلهي ؛ أنها ساعة التغسيل
أنها لحظات نزول القبر
التي لا يساويها سقوط من أعلى شاهق
إلهي أنها ضغط القبر
وسؤال منكر ونكير
أنه اللقاء
***
ماذا أقول
أأقول . لم أسمع المنادي للصلاة
لم أقرأ وجودك في كل الوجود
لم أعرف رحمتك وهي متعلقة في كل وجودي
وفائضة عن عالم ذاتي
حتى ملأت الآفاق
لم أحس بجوع الفقير
نعم لأني لم أكن صائما
***
ماذا أقول
وأنت تعلم خائنة الأعين
وما تخفي الصدور
إلهي ؛ إنه الموت
لا أحس بأقدامي
إنها معركة وأنا المقتول
لأن جسدي قد استسلم ونام
يا لها من لحظات
عندما تعترف أما خالقي عليّ
أنه الموت يدنوا
لحظة بلحظة
استحي ماذا أقول
أقول بلساني
أمهلني كي أعمل صالحا
ويقول قلبي
اين كنت في تلك السنين
أأقول غرتني الدنيا بغرورها
ونفسي بخيانتها
ويقول قلبي
ألا تقرأ القرآن
ألم ينهيك نهيه
عندها ألزمني الصمت
ماذا أقول
أنه القبر يا نفسي
تقول النفس مالي وأنت
أنت من سول لي
لماذا أتبعتي وترك عقلك الذي يدلك
طريق الرشاد
يا الله
انه القبر
إنه الموت
إنه الحساب
انها النار
أنه الخلود
يالله
أنها لحظات الدفن
ما هذا كله قبر لي
كم هو عميق
إذن لا استطيع العودة من جديد
يدي مقيدتان بحبال الكفن
وكأني مجرم يقتاد إلى المحكمة
إذن أوضع في حفرتي
وينهال عليّ التراب من جديد
أنها تغطي كل جسدي
انها تعصرني بقوة
تكاد تطبق كل أحشائي
وأترك وحيد
لقد عادت الأحباب والخلان
أصيح بأعلى صوتي
ولدي أبنتي
زوجتي
أخي لآ أحد
أين أنتم
أرجوكم توقفوا
لا أحد يسمع ويستجيب
أه كم هي لحظات مرعبة
من ضيق اللحد
من الوحدة
من الوحشة
من الظلام
لقد اصبحت وحيد أمام ذنوبي
أمام ما فعلت
أمام الضيق الذي ملأ صدري
أمام ملك الله الصالح
امام الحساب
وإين سألوني أين كنت
ماذا أقول
لا أدري
ماذا فعلت
لا أدري
من أنت
لا أدري
ماذا أقول يوم توارى الذنوب
ويبدأ العد
وكلما أنكر
شهدت جوارحي
ماذا أفعل
أسكت
وهل ينفع
لا أدري
لا لا ينفع
ماذا أقول عند الميزان
وقد أمحت سيئاتي كل الحسنات
ماذا أقول
يوم يحكم الحاكم العادل بإدانتي
هل أقول
ربي غفرانك
وهل أستحق الإجابة
بعد كل هذه السيئات
هل يعفوا عني
وأنا العاصي
, المتكبر
الحقير
الذي راح ضحية أفعالة
فأتبع هواه
أنه الموت
ما هذا
شبح يقف رأسي
ولكن أين نهايته
أنها في السماء
أن ملك الموت الصالح
يحمل بيديه حربتان
حربة من نور
والأخرى من نار
أنها تقترب من عنقي
يا لها من لحظات
يا لها من لوعة
تتوهج من نار
أحسها تذيب أحشائي
أنها لحظات نزع الروح
أنها انحباس الأنفاس
أنه ضيق الصدر
لا . لا
أين أنا
إلى أين تذهب بي هذه اللحظات
أنه . إنه . إنـ ..... الموت
3/8/1986 – الأحد –
تعليق