المشي ضرورة مهمة في حياة الكائنات الحيوانية التي بواسطة المشي تسعى للحصول على رزقها .وهذه الوظيفة التي وهبها الله تعالى لتلك الكائنات تنتج من إيعازات دماغية عندما ترتكز إلارادة في كينونة ذلك الكائن على المشي إلى الأعصاب التي بدورها تتحرك وبحركتها تلك ينتقل قدم ذلك الكائن من مكان إلى أخر سعياً وراء رزقه الذي به يستمر وجوده على هذا الكوكب ، وبذلك السعي يحدث استعمار الأرض من تلك الكائنات التي أوجدها الله تعالى لغاية يعلمها هو. وأما بخصوص الإنسان ذلك الكائن الحيواني فإن المشي لطلب الرزق والمعيشة والتكاثر والاستعمار أخذ يسير نحو التطور العمراني والزراعي والصناعي واستكشاف ما حوله من مساحات وكائنات الأرض حتى يتعايش وفق منهج حدده الله تعالى يحفظ فيه الحقوق والواجبات .وكل ماعرفته المَدَنِيّة الحديثة هو بفضل تلك الوظيفة . وهذا النوع من المشي يصنف وفق القيم الإنسانية بالمشي الايجابي . ناهيك عن المشي الذي يقود الإنسان إلى التهلكة والفساد وهذا السعي مخالف للمنظومة القيمّية التي أرادها الله تعالى لعباده. ولأهمية المشي الذي هو من المقام الأول أخذ هذا الجانب من حياة الإنسان المسلم مكاناً في الشريعة الإسلامية التي كانت تحث المسلم على السعي (المشي) في أمور عدة منها ما كان واجب كالسعي في مناسك الحج والعمرة . مثل السعي بين الصفا والمروة والطواف حول الكعبة وما يتبعه من مناسك الحج الذي يكون فيها المشي على الأقدام عنصر رئيسي في حركة تلك المناسك التي تتحقق من خلاله فريضة واجبة على المسلمين وركن من أركان الإسلام والناكر لها يعتبر كافر بتلك الشعيرة المقدسة . وكذلك أكدت السنة النبوية من خلال أحاديث كثيرة على استحباب المشي بالحج وقد تحدثت الكثير من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا هم يسيرون مشيا على الأقدام إلى الحج ويأمرون أتباعهم بالعمل في تلك السنة للحصول على الأجر الأكبر من ممارسة ذلك العمل. عن الحلبي قال , سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فضل المشي فقال:الحسن بن علي(عليه السلام) قاسم ربه ثلاث مرات حتى نعلاَ ونعلاَ وثوباَ وثوباَ وديناراَ ودينارا وحج عشرين حجة ماشيا على قدميه.)[1](ولكن المشي أخذ خصوصية على الرغم من شياع ما تقدم من أخبار . وتلك الخصوصية هي ارتباطه بزيارة الأئمة(عليهم السلام) وما لها من ثواب جزيل قد سجلته أقوال الأئمة المعصومين(عليهم السلام) للمسلم الذي يمارس تلك الشعيرة المقدسة في الدنيا والآخرة حتى أصبح سنة عند أتباعهم يسيرون عليها في كل مناسبة تربطهم بالأئمة(عليهم السلام) وخصوصاَ زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) على الرغم من اضطهاد حكام الظلم والجور لهم في كل وقت ومنعهم من أداء تلك الشعيرة . ولكن ذلك كله لم يمنعهم رغم التضحيات الجسيمة التي قدموها في هذا الطريق ، بقيت تلك الشعيرة متجذرة في تراثهم ونفوسهم وعقولهم تكبر كلما طال الزمان واتسعت الأوطان وكل ذلك نتيجة تأكيد أئمتهم(عليهم السلام) في كل المواطن والظروف على زيارة الأئمة الذين طهرهم الله من كل رجس ودنس.حتى أصبحت تلك الشعيرة ظاهرة تذهل العقول حيث تتوافد الملايين من الموالين من مسافات بعيدة وشاسعة قاصدة زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) رغم كل التحديات المناخية والصحية والاقتصادية ومخاطر الطريق من أعداء الإسلام .واستجابةً لأمر مولاهم والحصول على ذلك الأجر الجزيل الذي قد وهبهُ الله تعالى لهم, وكذلك الحصول على منافع كثيرة وجمة أثبتها العلم الحديث في مجالات صحية ونفسية واجتماعية وتربوية كثيرة وانعكاسها على الروح والبدن وحركة الدورة الدموية وفوائد السياحة والسفر على كافة المجالات التي تساعد في بناء الفرد والمجتمع.لذلك ارتأينا أن نقف عند تلك المحطات نغترف من منهلها العذب ونتعرف نحن والزائر الكريم على قدر بسيط من تلك المنافع والآثار حتى تعم الفائدة في الجوانب الدنيوية في مجالاتها الروحية والجسدية وكذلك الأخروية مما يحصل عليه من النعيم المقيم في جنات الفردوس . قال تعالى] وتزودوا فإن خير زاد التقوى[([2])
[1] - تهذيب الأحكام /ج 5 ص11
[2] سورة البقرة / آية (197)
[1] - تهذيب الأحكام /ج 5 ص11
[2] سورة البقرة / آية (197)
تعليق