لقد أورد بعض العامة بعض المآخذ على كتاب نهج البلاغة، واعتقد ان البعض من جماعتنا قد يصدق ماورد، لذا أرجو منكم الرد على هذه الاشكالات حتى نسد الطريق على المتقولين وليتحصن اصحابنا من الوقوع في شركهم.. ومن الله التوفيق
وفيما يلي اورد اشكالاتهم كما وردت من البعض في بعض المنتديات
وفيما يلي اورد اشكالاتهم كما وردت من البعض في بعض المنتديات
كتاب نهج البلاغة الكلام فيه ليس عن المآخذ التي أُخذت عليه فقط، بل الكلام عن صحة نسبته إلى علي رضي الله عنه ابتداء، وإن كانت المآخذ التي أخذت عليه أحد القرائن في الحكم على الكتاب ونسبته إلى علي رضي الله عنه، ثم نتبع هذه المآخذ ببعض ما اشتمل عليه مما يخالف عقيدة الشيعة.
أولا: نسبة الكتاب إلى علي رضي الله عنه
كتاب نهج البلاغة كتاب مطعون في نسبته لعلي رضي الله عنه والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
- أن الكتاب جُمع بعد وفاة علي رضي الله عنه بقرابة أربعة قرون، فالشريف الرضى توفي سنة (406هـ)، وأمير المؤمنين علي توفي سنة (40هـ)، وليس هناك إسناد متصل بينه وبين علي رضي الله عنه.
- اشتماله على كثير من المصطلحات التي لم يكن يتداولها الناس في عهد علي رضي الله عنه، وإنما عرفت بعد ذلك كـ (الأين، والكيف)، وكذلك ما فيه من كلمات تجري على ألسنة المتكلمين كـ(المحسوسات، والكل والبعض، والصفات الذاتية، والجسمانيات).
- اشتماله على مذهب المعتزلة في الصفات، والرافضة قد اعتمدوا على كتب المعتزلة في العقليات، ومن ذلك ما جاء في الكتاب من قول علي رضي الله عنه: (وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنَّاه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حدَّه، ومن حدَّه فقد عدَّه، ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه، ومن قال: علام؟ فقد أخلى منه.
- اشتماله على أشياء يجلُّ قدر الإمام علي عن التفوه بها، مثل سبِّ وتنقص كبار الصحابة، كأبي بكر وعمر ومعاوية وطلحة والزبير وعمرو بن العاص، وهذا خلاف ما عُرف عنه رضوان الله عليه، حتى إنه في كتاب ((النهج)) نفسه ما يخالف ذلك؛ من الثناء على الصحابة كما سيأتي.
- أن فيه من السجع والتنميق والصناعة اللغوية ما لم يعرف في عصر الخلفاء، ومنهم علي رضي الله عنه، وإنما عُرف بعد ذلك، وكذلك التطويل في الكلام فقد ذكر صاحب ((النهج)) عهدَ عليٍّ رضي الله عنه إلى الأشتر في خمس عشرة ورقة، وهذا خلاف المعروف من كلام علي رضي الله عنه وإيجازه .
- أن فيه نسبة ادعاء علم الغيب لعلي رضي الله عنه، فقد جاء فيه أنه قال: (اسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده، لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مائة، وتضل مائة- إلا أنبئكم بناعقها، وقائدها، وسائقها، ومناخ ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلًا، ومن يموت منهم موتًا).
- ثم يقال: لماذا يوجد هذا الكم من الخطب في كتب الشيعة دون أن يكون لها ذكر في كتب السنة، ولا حتى في كتب الأدب المعروفة، أو في كتب الغريب التي اهتمت بتفسير الغريب من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام صحابته؟! ولماذا ينفرد علي رضي الله عنه بهذا الكم الكبير من الخطب دون أن يحدث ذلك لغيره من الخلفاء؟!
كل هذا وغيره دفع غير واحد من العلماء إلى عدم تصحيح نسبة الكتاب لعلي رضي الله عنه، كشيخ الإسلام ابن تيمية، والذهبي، وابن حجر، وابن خلكان، والصفدي، وغيرهم من المتقدمين، ومن المعاصرين أيضا كثيرون، حتى جزم أحدهم بأنه لا يصح أن ينسب إلى علي من الكتاب إلا قرابة العشر فقط.
ثانيًا: ما اشتمل عليه الكتاب مما هو حجة على الشيعة
وليت الشيعة إذ اعتمدوا هذا الكتاب أخذوا بكل ما فيه، مما ينقض بعض معتقداتهم، ويزيفها، فكتاب ((النهج)) اشتمل على أشياء تخالف بعض معتقداتهم، ونذكر بعضها على سبيل المثال.
فمثلا يعتقد الشيعة أن عليًّا هو الوصي وأن الصحابة قد غصبوا الخلافة، لذا فهم يسبونهم ويناصبونهم العداء، ولقد جاء في ((النهج)) ما ينقض هذا المعتقد، ومن ذلك قول علي كما في ((نهج البلاغة)) بعد دعوته إلى البيعة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه قال: (دعوني والتمسوا غيري؛ فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، ولا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول ...). إلى أن قال: (وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيرًا خير لكم مني أميرًا). وقال أيضا مخاطبًا طلحة والزبير: (والله، ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها).
كما تضمن الكتاب ثناء على أبي بكر عمر وعلى عثمان، ومن ذلك قوله لعثمان: (والله، ما أدري ما أقول لك، ما أعرف شيئًا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك به، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صحبنا، وما ابن قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا).
بل تضمن الكتاب ثناء علي رضي الله عنه على الصحابة كلهم، فقال كما جاء في ((النهج)): (لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى أحدًا يشبههم منكم، لقد كانوا يصبحون شعثًا غبرًا، قد باتوا سجدًا وقيامًا، ويراوحون بين جباههم، ويقبضون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى ابتلت جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف؛ خوفًا من العقاب ورجاء للثواب).
ونجد في ((النهج)) من كلام علي ما ينفي عصمة الأئمة، فقد جاء فيه عن علي أنه قال: (فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي).
ثم يختتم الكلام بهذا المدح البسيط الذي لايغني ولايسمن من جوع بعد ان حاول تهديم اركان الكتاب ودعائمه ببعض التدليس والمغالطات الواضحة، فقال:
يبقى أن الكتاب يمكن أن يستفاد منه من الناحية اللغوية والأدبية، فقد كان محل ثناء من بعض الأدباء والكتاب.
أترك لكم الرد على هذه الشبه والاشكالات الزائفة البالية.. ومن الله التوفيق
تعليق