يواجه الطفل العنف الأسري من أحد أفراد عائلته قد يكون الأب أو الأم أو الأخ الأكبر، وقد يكون زوج الأم أو زوجة الأب والخال والعم عند فقدان الطفل لوالديه أي ممارسة العنف ضد الطفل لمن له ولاية عليه بحجة القصاص وتربيته بصورة صحيحة، وقد يعاقب بعقاب يفوق قدرته على التحمل مما يسبب له عقداً نفسياً قد تلازمه فترة حياته، أو تعرضه لتشوهات ناتجة عن الضرب المبرح بالعصا أو الأيدي أو تقييده بالحبال، أو استعمال أداة حادة لجرحه، أو الكي بالنار . ويعتبر العنف الأسري ضد الأطفال أكثر انتشاراً وذلك لبعده عن أنظار وتدخل السلطات، وكون المجتمع الشرقي يتقبل الأمر كونه من ضمن التقاليد والعادات تتوارثها الأجيال من السلف، ولعدم وجود أي عقاب قانوني أو قصاص اجتماعي أو رقابة عادلة من قبل المحاكم أو الشرطة المحلية أو منظمات المجتمع المدني الخاصة بحقوق الطفل .
كل ذلك سهل انتشار هذه الظاهرة واستفحالها وخاصة في الأسر غير المتعلمة والتي تفتقر للثقافة والانفتاح، وكذلك العوائل التي من الأزمة الاقتصادية والبطالة مما يضطرهم نتيجة الوضع النفسي السيئ للأسرة والذي ينعكس على تعاملهم مع أبنائهم العنف ضدهم، كما أن لحالات الطلاق التي تحدث بين الوالدين دور بارزاً لاستخدام أساليب العنف ضد الأطفال من قبل زوج الأم أو زوجة الأب .
كذلك مدمني الكحول والمخدرات والتي تفقد متناولها القدرة الذهنية والتركيز مما يجعله يتصرف دون أرادته واستخدام العنف ضد كل من في المنزل ومنهم الأطفال .
أن العنف الأسري ضد الأطفال له أشكال متعددة قد يكون جسدي أو معنوي فالجسدي كالضرب باليد أو استخدام أداة الضرب لغرض تأديبه وإصلاحه كأسلوب تربوي وبما يفهمه الأصل بأنه أصلاح لأبنائهم، وهناك العنف المعنوي باستخدام الكلمات البذيئة والجارحة للطفل كالشتم والسب أو التعيير أو الحبس في المنزل أو الحمام لمعاقبته على فعل تسبب إزعاج اهل الدار، أو التفرقة بينه وبين أخوته وحرمانه من الحب والعاطفة والحنان مما يؤدي لخلق أزمات نفسية للطفل تلازمه في حياته المستقبلية .
كذلك من بين إشكال العنف الأسري ضد الطفل بتحديد مستقبل أبنائهم حسب رغبة العائلة باختيار الدراسة أو العمل والذي قد لا يتناسب مع ميول وقدرات الطفل، أو إجباره للتوجه إلى العمل وترك الدراسة .
وللحد من انتشار ظاهرة العنف ضد الطفل والذي يقع بالأساس على الأسرة والتي تتحمل مسؤولية تربية وتنشئة الأطفال، وعلى الدولة ثانياً بدعم الوالدين ومن يقدمون الرعاية العناية بالأطفال وتوجيههم وتثقيفهم بكيفية معاملة أبنائهم بصورة سليمة وصحيحة دون تعرضهم للعنف الجسدي والمعنوي، وفرض العقوبات الجزائية بحق كل من يتسبب في إيذائهم مستقبلاً، وإبعاد الطفل ووضعه في مكان آمن عن مواقع الإيذاء والعنف في الأسرة، وتثقيف الطفل وتوعيته ضمن منهج يدرس في دور التعليم والمؤسسات التربوية والتعليمية وتعريفه بمدى خطورة العنف ضده وكيفية الوقاية منها.
ولمنظمات المجتمع المدني دوراً بارزاً بالتصدي للعنف ضد الطفل بتنظيم ورش عمل حول الموضوع وبشكل مكثف مع القيام باستبيان يوضح نسبة العنف ضد الطفل في المجتمع ودراسته وبالتعاون مع المؤسسات التربوية والمجتمع .
أن أطفالنا ينتظرون من أسرهم كل شيء جميل، فلنبني لهم بيتاً يسوده الحب والحنان والسلام والوئام بعيداً عن جو المشاحنات والعنف، ويجل أن نتذكر دائما بأن العنف الذي يمارس ضد الطفل ليس فقط اعتداء على الطفل وإنما اعتداء على مجتمع ومستقبل بأكمله .
نضال عاشا
&&&
تعليق