اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
يوم المباهلة
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد
فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
لقد كتب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى أهل نجران
وأكثرهم نصارى، يدعوهم إلى الإسلام : أما بعد:
فإني أدعوكم إلى عبادة الله
أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد
فوصل الكتاب إلى الأسقف، حيث قرأه فأصابه الذعر الشديد
فأرسل على رجل هو (شرحبيل بن وداعة)، فاستشاره في ذلك
فقال قد علمت ما وعد الله تعالى إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة
فما يؤمن أن يكون هذا الرجل نبيّاً، وليس لي في النبوة رأي
لو كان أمراً من اُمور الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك
فبعث الأسقف إلى أهل نجران فكلمهم
فاجتمع رأيهم على إرسال شرحبيل وابنه عبد الله
وحبار بن قنص، ليستعلموا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فوصلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسألوه عن عيسى بن مريم
فقال (صلى الله عليه وآله): إنّه عبد الله
وهم يحسبون أنه ابن الله : لأنه ولد من غير أب
فنزلت الآية الكريمة: (فمن حاجّك فيه...) فكانت تلك الآية البليغة في نفوسهم
حيث تعبر عن علي (عليه السلام) بـ ( أنفسنا )، وعن فاطمة بـ ( نساءنا )
وعن الحسن والحسين (عليهما السلام) بـ ( أبناءنا )
فكانت حجة دامغة فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) وعليه مرط من شعر أسود
وكان احتضن الحسين (عليه السلام) وأخذ بيد الحسن (عليه السلام)
وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه وعلي (عليه السلام) يمشي خلفها
وهو يقول: إذا دعوت فأمّنوا
فقال أسقف نجران: يا أبا القاسم، رأينا ألاّ نباهلك، وأن نقرّك على دينك
فقال (صلى الله عليه وآله): فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا, يكن لكم ماللمسلمين
وعليكم ما على المسلمين. فأبوا. فقال (صلى الله عليه وآله): فإٍني اُناجزكم القتال
فقالوا: مالنا بحرب العرب طاقة, ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردّنا عن ديننا
وعلى أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلّة؛ ألف في صفر، وألف في رجب
وثلاثين درعاً عادية من حديد
فصالحهم النبي (صلى الله عليه وآله) على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده
إنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير
ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر
ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا
عن القاسم بن سهل النوشجاني قال:
كنت بين المأمون في ديوان أبي مسلم بـ «مرو»
وعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) قاعد عن يمينه، فقال لي المأمون:
يا قاسم، أيّ فضائل صاحبك (يعني الرضا) أفضل؟ فقلت: ليس شيء أفضل
من آية المباهلة ، فإنّ الله جعل نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) ونفس علي واحدة
فقال لي : إن قال لك خصمك:
إنّ الناس قد عرفوا الأبناء في هذه الآية والنساء
وهم الحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)
وأما النفس فهي نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحده بأي شيء تجيبه؟
قال النوشجاني:
فا ظلمّ علي ما بينه وبيني... فقال المأمون للرضا (عليه السلام):
ما تقول فيها يا أبا الحسن ؟
فقال (عليه السلام) له :
في هذا شيء لا مذهب عنه
قال: وما هو؟
قال (عليه السلام):
هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) داع
ولذلك قال الله سبحانه:ـ
(قل تعالوا...) والداعي لا يدعو نفسه إنما يدعو غيره
فلما دعا الأبناء والنساء ولم يصح أن يدعو نفسه، لم يصح أن يتوجه
دعاء الأنفس إلاّ إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)
إذ لم يكن بحضرته ـ بعد من ذكرناه ـ غيره ، ممن توجه دعاء الأنفس إليه
ولو لم يكن ذلك كذلك لبطل معنى الآية
قال النوشجاني : فا نجلى عن بصري
وأمسك المأمون قليلاً، ثم قال له:
يا أبا الحسن ، إذا اُصيب الصواب ، انقطع الجواب
نسألكم الدعاء
.
.
تعليق