الشباب المهاجر والانحراف
عندما يعيش المرء مجتمعاً ما يكتشف رويداً رويداً حالات وسلوكيات ذلك المجتمع ، وهذا شيء طبيعي يكتشفه كل من انتقل إلى مجتمعات جديدة ، ولكن الذي يحزن القلب ويدميه أن البعض مع علمه الكامل بأن عادات ذلك المجتمع وتقاليده تخالف كل ما يحمل من قيم وموازين تطبَّع عليها ونشأ في ظلها .
إلا أننا نراه لا يظهر أية ممانعة في تقبل الجديد والتطبُّع عليه ، وربما تصل الحالة إلى انتقاد آبائه وأجداده لأنهم ساروا على مناهج غير عصرية ، ولا تمتُّ إلى روح التطور والتقدم بصلة .
ولإبقاء الجذوة الإيمانية متَّقدة في قلوب المهاجرين للدول الغربية ، نعرض الأسباب التي أدت إلى انحراف الشباب علَّنا نُوَفَّق في تذكير من تغافلوا عنها ، وليراجعوا أنفسهم ويعودوا إلى دينهم وتقاليدهم التي كانوا قد تطبعوا عليها في الشرق .
وهذه الأسباب هي كالتالي :
1 - تأخير الزواج :
أصبح اليوم من الصعب جداً أن يتخذ الشاب أو الشابة قراراً بالزواج لا أن ينفذه ، فالقرار شيء والتنفيذ شيء آخر .
وعندما نراجع الأسباب نجد أن الحجج واهية ، فالشاب أو الشابة لم يكملا الدراسة الواقعية ،أو أنهما لا زالا صغيرين لا يستطيعا تحمل هذه المسؤولية العظيمة ، فالزواج مصاريف وحفلات وبيت وأثاث و .. ، والدراسة لا تتحمل هذه الأعباء الثقيلة .
أو يكون أحد الأعذار أنهما إلى الآن لم يجدا الشريك المناسب الذي يحمل الصفات الكذائية ، فبات هؤلاء المساكين يمشون نحو السراب ، ولإشباع الغريزة لجأوا إلى الفساد ، والذي يعتبرونه مؤقتاً لغاية الزواج ، بينما هو غير ذلك وإنه بداية خطيرة تفتك بهم وبالمجتمع .
ونتيجة تأخير الزواج طفت على السطح ظواهر مرضية أخذت تسري كالنار في الهشيم ، ألا وهي ظاهرة العنوسة ، التي غدت لا تفارق حتى مجتمعاتنا الإسلامية ، وهي ظاهرة تستحق الدراسة والعناية والمعالجة السريعة .
وحتى إن تمَّ الزواج فبعد فوات الأوان ستحرم البنت المسكينة من نعمة الأمومة لكبر سنها ، فتعيش السنوات الأخيرة من عمرها تحمل آهات الحسرة في قلبها .
ولو أن هذا أفضل من لا شيء ولكن من المفروض أن ينعم هؤلاء بالذرية الصالحة ، ويحفظا نسلهما ، ويزيدا في عدد المسلمين طبقاً للحديث الشريف : ( تناكحوا وتناسلوا ) .
2 - الدعوة إلى الانفتاح والتطور :
هناك أطروحات جديدة تدعو إلى التطور والانفتاح ، وتكوين علاقات ودِّية بين الشباب ( فتياناً وفتياتاً ) ، والتي مهد لها البعض وسمح بتشكيلها في أوساط التجمعات الشبابية .
إن هذه العلاقات إن نمت وتطورت فسوف تصل إلى ما لا تُحمد عقباه ، وتطفئ كل أمل وإحساس بالحاجة إلى زوج أو زوجة ، فما بين يديه أو يديها يكفي لإشباع الغريزة وهذا هو المهم ، والأنكى من ذلك أن الذين يخالفون هذه الحالات الشاذة ويقفون أمامها بالمرصاد أخذوا يتلقون التهم واللعنات من الانفتاحيين ، بحجة أنهم رجعيون ويحملون أفكاراً بالية وسلبية أكل الدهر عليها وشرب .
3 - التلفزيون :
والذي أصبح من أخطر وسائل ترويج الفساد ، إذ يجلس الشاب أو الشابة مع بقية العائلة أو لوحده ، ويشاهدوا المسلسلات والدعايات والأفلام التي لا تخلو من قصص الغرام والخلاعة و.. ، فحتى المسلسلات التاريخية أو بعض الإسلامية مملوءة بلقطات منافية للحشمة .
فأصبح كل هذا عادياً ، فيشاهدها الجالسون دون مبالاة أو اعتراض ، فتمتلئ العيون بهذه المناظر وتسري إلى بقية الجوارح ، فيمارس ما شاهده في الحقيقة ، سواء في البيت أو الشارع أو المدرسة أو .. .
4 - الموضة الحديثة :
كل يوم تطالعنا موضة ، وكل يوم يطالعنا لون وهكذا ، فيلبس الشاب كما لبس صديقه ، أو الشابة كما لبست صديقتها ، وآخر ما شاهدناه لبس الأقراط المتعددة في الأذن وفي الأنف وخصوصاً الشاب .
وهذه الظاهرة طبعاً منتشرة في الغرب أكثر مما في بلداننا ، لكن ما يدهشنا أن الشاب المسلم أيضاً يهرب إلى هذه الأشكال ، حيث نشاهد هذه الأجيال وهي سائرة على طبائع الغربيين ، غير مكترثة بعاداتنا وتقاليدنا الدينية .
5 - ترجيح الخروج الدائم من البيت :
فقد أصبح الشاب أو الشابة مغرمان بالسهرات الليلية ، والجلسات الترفيهية التي تقام خارج البيت خاصة أعياد الميلاد وغيرها ، وكذلك الأكل خارج البيت ، فيفضل أكل المطاعم والسندويشات الجاهزة على الطبخ الذي يعد في البيت .
ففي بادئ الأمر يعبر عن تصرفه بأنه كان جائعاً جداً ، ومن ثم اشتهى الأكلة الفلانية من المطعم الفلاني ، أو دعاني صديقي لتناول وجبة ما ، وهكذا ، وإذا بذلك الشاب ينفر من الأكل في البيت نهائياً ، وهذا أيضاً متداول في المجتمعات الإسلامية وغيرها .
ففي الغرب مثلاً أصبح الشاب المسلم أو الشابة المسلمة تتناول وجبتها خارج البيت ، غير آبهة بجواز الأكل أوحرمته ، وبعد ذكر هذه النماذج نقول : ألم يكن للأهل دور في توسيع هذه الانحرافات أيضاً ؟ فمسألة التزويج مثلاً ألم تعتبر هذه مسؤولية الأهل ؟
وهل هناك مسلم أو مسلمة لم يسمع بعد بتعاليم السماء والمناهج التي جاء بها رسول الإنسانية محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، والداعية إلى الإسراع في الزواج ، وعدم ترك الشباب عرضة لموجات الانحراف والانحلال؟
فيقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما بُني في الإسلام بناء أحب إلى الله عز وجل وأعز من التزويج ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً : ( من سعادة المرء أن لا تحيض ابنته في بيته ) .
ويقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( من حق الولد على أبيه أن يحسن إسمه وأن يحسن تعليمه وأن يزوجه إذا بلغ ) .
ويقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين ، فليتق الله في النصف الآخر ) .
وبعد كل هذه الأحاديث الصريحة في التزويج ، وعندما يتم النقاش معهم يردون بأن الإمام علي ( عليه السلام ) قال : إنهم خلقوا لزمان غير زماننا ، ويجب أن يعيشوا كما يشاءون ، فهل هذه النظرية صحيحة ، وهل حديث الإمام ( عليه السلام ) يعنى بهذه الصورة ؟
فلماذا نأخذ بظواهر الأحاديث ، ونعمل بها كيفما نشاء ، دون أن نمعن في المفهوم الواقعي للأحاديث ؟ ولماذا نتطبع بأخلاقياتهم وسلوكياتهم وعاداتهم ، وننسى عادات وتقاليد ديننا الحنيف الذي هو أفضل الأديان ؟
ولماذا نتهاون أمام أبنائنا في طلباتهم التي تتعدى الحدود مما يفتح لهم هذا التهاون أبواب الانحراف ؟
فلا بد إذاً من الدقة التامة والتمسك القويم باعتقاداتنا وتعاليمنا الدينية حتى نحافظ على أنفسنا وأولادنا ومجتمعنا الإسلامي الكبير إن شاء الله ، وصدق من قال : المرأة بلا زواج كالحديقة بلا سياج .
تحياتي و سلامي
عندما يعيش المرء مجتمعاً ما يكتشف رويداً رويداً حالات وسلوكيات ذلك المجتمع ، وهذا شيء طبيعي يكتشفه كل من انتقل إلى مجتمعات جديدة ، ولكن الذي يحزن القلب ويدميه أن البعض مع علمه الكامل بأن عادات ذلك المجتمع وتقاليده تخالف كل ما يحمل من قيم وموازين تطبَّع عليها ونشأ في ظلها .
إلا أننا نراه لا يظهر أية ممانعة في تقبل الجديد والتطبُّع عليه ، وربما تصل الحالة إلى انتقاد آبائه وأجداده لأنهم ساروا على مناهج غير عصرية ، ولا تمتُّ إلى روح التطور والتقدم بصلة .
ولإبقاء الجذوة الإيمانية متَّقدة في قلوب المهاجرين للدول الغربية ، نعرض الأسباب التي أدت إلى انحراف الشباب علَّنا نُوَفَّق في تذكير من تغافلوا عنها ، وليراجعوا أنفسهم ويعودوا إلى دينهم وتقاليدهم التي كانوا قد تطبعوا عليها في الشرق .
وهذه الأسباب هي كالتالي :
1 - تأخير الزواج :
أصبح اليوم من الصعب جداً أن يتخذ الشاب أو الشابة قراراً بالزواج لا أن ينفذه ، فالقرار شيء والتنفيذ شيء آخر .
وعندما نراجع الأسباب نجد أن الحجج واهية ، فالشاب أو الشابة لم يكملا الدراسة الواقعية ،أو أنهما لا زالا صغيرين لا يستطيعا تحمل هذه المسؤولية العظيمة ، فالزواج مصاريف وحفلات وبيت وأثاث و .. ، والدراسة لا تتحمل هذه الأعباء الثقيلة .
أو يكون أحد الأعذار أنهما إلى الآن لم يجدا الشريك المناسب الذي يحمل الصفات الكذائية ، فبات هؤلاء المساكين يمشون نحو السراب ، ولإشباع الغريزة لجأوا إلى الفساد ، والذي يعتبرونه مؤقتاً لغاية الزواج ، بينما هو غير ذلك وإنه بداية خطيرة تفتك بهم وبالمجتمع .
ونتيجة تأخير الزواج طفت على السطح ظواهر مرضية أخذت تسري كالنار في الهشيم ، ألا وهي ظاهرة العنوسة ، التي غدت لا تفارق حتى مجتمعاتنا الإسلامية ، وهي ظاهرة تستحق الدراسة والعناية والمعالجة السريعة .
وحتى إن تمَّ الزواج فبعد فوات الأوان ستحرم البنت المسكينة من نعمة الأمومة لكبر سنها ، فتعيش السنوات الأخيرة من عمرها تحمل آهات الحسرة في قلبها .
ولو أن هذا أفضل من لا شيء ولكن من المفروض أن ينعم هؤلاء بالذرية الصالحة ، ويحفظا نسلهما ، ويزيدا في عدد المسلمين طبقاً للحديث الشريف : ( تناكحوا وتناسلوا ) .
2 - الدعوة إلى الانفتاح والتطور :
هناك أطروحات جديدة تدعو إلى التطور والانفتاح ، وتكوين علاقات ودِّية بين الشباب ( فتياناً وفتياتاً ) ، والتي مهد لها البعض وسمح بتشكيلها في أوساط التجمعات الشبابية .
إن هذه العلاقات إن نمت وتطورت فسوف تصل إلى ما لا تُحمد عقباه ، وتطفئ كل أمل وإحساس بالحاجة إلى زوج أو زوجة ، فما بين يديه أو يديها يكفي لإشباع الغريزة وهذا هو المهم ، والأنكى من ذلك أن الذين يخالفون هذه الحالات الشاذة ويقفون أمامها بالمرصاد أخذوا يتلقون التهم واللعنات من الانفتاحيين ، بحجة أنهم رجعيون ويحملون أفكاراً بالية وسلبية أكل الدهر عليها وشرب .
3 - التلفزيون :
والذي أصبح من أخطر وسائل ترويج الفساد ، إذ يجلس الشاب أو الشابة مع بقية العائلة أو لوحده ، ويشاهدوا المسلسلات والدعايات والأفلام التي لا تخلو من قصص الغرام والخلاعة و.. ، فحتى المسلسلات التاريخية أو بعض الإسلامية مملوءة بلقطات منافية للحشمة .
فأصبح كل هذا عادياً ، فيشاهدها الجالسون دون مبالاة أو اعتراض ، فتمتلئ العيون بهذه المناظر وتسري إلى بقية الجوارح ، فيمارس ما شاهده في الحقيقة ، سواء في البيت أو الشارع أو المدرسة أو .. .
4 - الموضة الحديثة :
كل يوم تطالعنا موضة ، وكل يوم يطالعنا لون وهكذا ، فيلبس الشاب كما لبس صديقه ، أو الشابة كما لبست صديقتها ، وآخر ما شاهدناه لبس الأقراط المتعددة في الأذن وفي الأنف وخصوصاً الشاب .
وهذه الظاهرة طبعاً منتشرة في الغرب أكثر مما في بلداننا ، لكن ما يدهشنا أن الشاب المسلم أيضاً يهرب إلى هذه الأشكال ، حيث نشاهد هذه الأجيال وهي سائرة على طبائع الغربيين ، غير مكترثة بعاداتنا وتقاليدنا الدينية .
5 - ترجيح الخروج الدائم من البيت :
فقد أصبح الشاب أو الشابة مغرمان بالسهرات الليلية ، والجلسات الترفيهية التي تقام خارج البيت خاصة أعياد الميلاد وغيرها ، وكذلك الأكل خارج البيت ، فيفضل أكل المطاعم والسندويشات الجاهزة على الطبخ الذي يعد في البيت .
ففي بادئ الأمر يعبر عن تصرفه بأنه كان جائعاً جداً ، ومن ثم اشتهى الأكلة الفلانية من المطعم الفلاني ، أو دعاني صديقي لتناول وجبة ما ، وهكذا ، وإذا بذلك الشاب ينفر من الأكل في البيت نهائياً ، وهذا أيضاً متداول في المجتمعات الإسلامية وغيرها .
ففي الغرب مثلاً أصبح الشاب المسلم أو الشابة المسلمة تتناول وجبتها خارج البيت ، غير آبهة بجواز الأكل أوحرمته ، وبعد ذكر هذه النماذج نقول : ألم يكن للأهل دور في توسيع هذه الانحرافات أيضاً ؟ فمسألة التزويج مثلاً ألم تعتبر هذه مسؤولية الأهل ؟
وهل هناك مسلم أو مسلمة لم يسمع بعد بتعاليم السماء والمناهج التي جاء بها رسول الإنسانية محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، والداعية إلى الإسراع في الزواج ، وعدم ترك الشباب عرضة لموجات الانحراف والانحلال؟
فيقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما بُني في الإسلام بناء أحب إلى الله عز وجل وأعز من التزويج ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً : ( من سعادة المرء أن لا تحيض ابنته في بيته ) .
ويقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( من حق الولد على أبيه أن يحسن إسمه وأن يحسن تعليمه وأن يزوجه إذا بلغ ) .
ويقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين ، فليتق الله في النصف الآخر ) .
وبعد كل هذه الأحاديث الصريحة في التزويج ، وعندما يتم النقاش معهم يردون بأن الإمام علي ( عليه السلام ) قال : إنهم خلقوا لزمان غير زماننا ، ويجب أن يعيشوا كما يشاءون ، فهل هذه النظرية صحيحة ، وهل حديث الإمام ( عليه السلام ) يعنى بهذه الصورة ؟
فلماذا نأخذ بظواهر الأحاديث ، ونعمل بها كيفما نشاء ، دون أن نمعن في المفهوم الواقعي للأحاديث ؟ ولماذا نتطبع بأخلاقياتهم وسلوكياتهم وعاداتهم ، وننسى عادات وتقاليد ديننا الحنيف الذي هو أفضل الأديان ؟
ولماذا نتهاون أمام أبنائنا في طلباتهم التي تتعدى الحدود مما يفتح لهم هذا التهاون أبواب الانحراف ؟
فلا بد إذاً من الدقة التامة والتمسك القويم باعتقاداتنا وتعاليمنا الدينية حتى نحافظ على أنفسنا وأولادنا ومجتمعنا الإسلامي الكبير إن شاء الله ، وصدق من قال : المرأة بلا زواج كالحديقة بلا سياج .
تحياتي و سلامي
تعليق