هي التي تجعل الجندي المجهول مكرماً، معظماً، محترماً، وتراه أهلاً لكل اكبار وتجليل وتجيل، لدى الشعب وحكومته، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبره، وتدعه يذكر مع الأبد، خالداً ذكره في صفحة التاريخ.
هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل، وبمقاييسها يقاسي الانسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة، ويبذل النفس والنفيس دونها.
هي التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة (1).
هي التي دعت النبي صلى الله عليه وآله الى أن يبكي على ولده الحسين السبط، ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها، الى آخر ما سمعت من حديثه.
هي التي جعلت السيدة ام سلمة ام المؤمنين تصر تربة كربلاء على ثيابها.
هي التي سوغت للصديقة فاطمة ان تأخذ تربة قبر ابيها الطاهر وتشمّها.
هي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عايشة ام المؤمنين وتفتها وتشمها كما ذكره الطبري.
هي التي جعلت علياً امير المؤمنين عليه السلام أخذ قبضة من تربة كربلاء لما حلّ بها فشمها وبكى حتى بلّ الأرض بدموعه، وهو يقول: يحشر من هذا الظهر سبعون الفاً يدخلون الجنة بغير حساب. أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع: 9/191 رجاله ثقات.
هي التي جعلت رجل بني اسد يشم تربة الحسين ويبكي قال هشام ابن محمد: لما اجرى الماء على قبره الحسين نضب
بعد اربعين يوماً وامتحى اثر القبر، فجاء اعرابي من بني اسد فجعل يأخذ قبضة قبضة من التراب ويشمه حتى وقع على الحسين فبكى وقال: بأبي وامي ما كان اطيبك حياً واطيب تربتك ميتاً، ثم بكى وأنشأ يقول:
راجع تاريخ ابن عساكر: 4/342، كفاية الحافظ الكنجي:293.
فالفرد البشري كائناً من كان، أينما كان وحيثما كان، من أي عنصر وشاكلة على تكثر شواكله، واختلاف عناصره، في جميع أدوار الحياة هو أسير تلك الحكومة، ورهين لفظة:
روحي، بدني، مالي، اهلي، ولدي، أقاربي، رحمي، اسرتي، تجارتي، نحلتي، ملتي، طائفتي، مبدئي، داري، ملكي، حكومتي، قادتي، سادتي، الى ما لا يحصى من المضاف المنسوب اليه


(1) اخرجه ابو القاسم عبدالملك ابن بشران في اماليه، وابو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده، والحاكم النيسابوري في المجلد الثالث من المستدرك. وحفاظ واعلام آخرون. |
![]() |
|
![]() |






![]() |
|
![]() |
بعد اربعين يوماً وامتحى اثر القبر، فجاء اعرابي من بني اسد فجعل يأخذ قبضة قبضة من التراب ويشمه حتى وقع على الحسين فبكى وقال: بأبي وامي ما كان اطيبك حياً واطيب تربتك ميتاً، ثم بكى وأنشأ يقول:
أرادوا ليخفوا قبره عن عداوة | وطيب تراب القبر دلّ على القبر |



![]() |
|
تعليق