حكم المسح على الأرجل:
قالت المذاهب الأربعة: يجب غسلهما مع الكعبين مرة واحدة.
وقالت الإمامية: مسحهما بنداوة الوضوء من رؤوس الأصابع إلى الكعبين وهما قبتا القدمين.
والخلاف في مسح الرجلين أو غسلهما ناشئ عن الآثار النبوية وفهم الآية الكريمة من سورة المائدة، حيث قرئ بخفض الأرض ونصبها. فمن قال: بالمسح وعطف الأرجل حال جرها على لفظ الرؤوس وحال نصبها على المحال لأن كل مجرور لفظا منصوب محلا.
ومن ذهب إلى الغسل قال: أن لفظ الأرجل خفضت بمجاورتها للرؤوس. ونصبت عطفا على الأيدي.
أما من قال: بقراءة الخفض على المجاورة فهو شاذ في اللغة، لأنه ورد في مواضع لا يلحق بها غيرها ولا يقاس عليها سواها ولا يجوز حمل كتاب الله على الشذوذ الذي ليس بمعهود ولا مألوف.
والإعراب بالمجاورة إنما يكون عند من أجازه عند فقدان حرف العطف.
الفخر الرازي وتفسيره للآية الكريمة:
يقول الفخر الرازي في التفسير الكبير (1): حجة من قال بوجوب المسح
مبني على القراءتين المشهورتين في تعالى (وأرجلكم) فقرأ ابن كثير وأبو عمر وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر، وقرأ نافع وابن عاص وعاصم في رواية حفص عنه بالنصب فنقول: أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل فإن قيل لم لا يجوز أن يقال هذا كسر على الجوار كما في قولة (جحر ضب خرب) وقوله (كبير أناس في بجاد مزمل).
قلنا هذا باطل من وجوه:
الأول: إن الكسر على الجوار معدود من اللحن الذي قد يحمل لأجل الضرورة في الشعر وكلام الله يجب تنزيهه عنه الثاني: أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله (جحر ضب خرب) فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتا للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل.
. الثالث: أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضا إنها توجب المسح وذلك لأن قولة تعالى: (وامسحوا برؤوسكم) فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورة بالباء فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفا على محل الرؤوس والجر عطفا على الظاهر وهذا مذهب مشهور للنجاة، إذا ثبت هذا فنقول أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله تعالى: (وأرجلكم) هو قوله تعالى: (وامسحوا) ويجوز أن يكون هو قوله تعالى: (فاغسلوا) ولكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى.
فوجب أن يكون عامل النصب في قولة تعالى: (وأرجلكم) هو قوله تعالى: (وامسحوا). فثبت أن قراءة وأرجلكم بنصب اللام يوجب المسح أيضا، فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح ثم قالوا: ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز .
قال الشوكاني: أخرج الطبراني في معجمة الكبير، عن عباد بن تميم عن أبيه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ ويمسح على رجلية (2)
أقول: هذا الحديث صحيح باعتراف الحافظ الطبراني حيث قال: إن جميع ما في المعجم الكبير أحاديث صحيحة لأنه التزام على نفسة أن لا يخرج فيه إلا الأخبار المعتبرة الصحيحة باصطلاح أهل الحديث وأهل الجرح والتعذير.
وصراحة هذا الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله ) مسح رجلية لا شك فيه وغير قابل للتوجيه ولا يحتاج إليه لموافقته القرآن الكريم.
وقد أخرج هذا الحديث ابن حجر وقال: رجاله ثقات كلهم.
وعن عباده عن أبية أيضا قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله ) يتوضأ ويمسح الماء على رجلية ثم قال رجال هذا الحديث ثقات كلهم (3).
أقول: أخرج هذا الحديث المتقي الهندي في كنز العمال ج 5 ص
103 نقلا عن ثمانية كتب وزاد فيه (لحيته)
عن عباد بن تميم عن أبية قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله ) توضأ ومسح الماء على لحيته ورجليه (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التفسير الكبير : 11 / 6
(2) نيل الأوطار للشوكاني: ج 1، ص 164.
(3) الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1، ص 193.
(4) أخرجه كنز العمال: ج 5، ص 103.
قالت المذاهب الأربعة: يجب غسلهما مع الكعبين مرة واحدة.
وقالت الإمامية: مسحهما بنداوة الوضوء من رؤوس الأصابع إلى الكعبين وهما قبتا القدمين.
والخلاف في مسح الرجلين أو غسلهما ناشئ عن الآثار النبوية وفهم الآية الكريمة من سورة المائدة، حيث قرئ بخفض الأرض ونصبها. فمن قال: بالمسح وعطف الأرجل حال جرها على لفظ الرؤوس وحال نصبها على المحال لأن كل مجرور لفظا منصوب محلا.
ومن ذهب إلى الغسل قال: أن لفظ الأرجل خفضت بمجاورتها للرؤوس. ونصبت عطفا على الأيدي.
أما من قال: بقراءة الخفض على المجاورة فهو شاذ في اللغة، لأنه ورد في مواضع لا يلحق بها غيرها ولا يقاس عليها سواها ولا يجوز حمل كتاب الله على الشذوذ الذي ليس بمعهود ولا مألوف.
والإعراب بالمجاورة إنما يكون عند من أجازه عند فقدان حرف العطف.
الفخر الرازي وتفسيره للآية الكريمة:
يقول الفخر الرازي في التفسير الكبير (1): حجة من قال بوجوب المسح
مبني على القراءتين المشهورتين في تعالى (وأرجلكم) فقرأ ابن كثير وأبو عمر وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر، وقرأ نافع وابن عاص وعاصم في رواية حفص عنه بالنصب فنقول: أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل فإن قيل لم لا يجوز أن يقال هذا كسر على الجوار كما في قولة (جحر ضب خرب) وقوله (كبير أناس في بجاد مزمل).
قلنا هذا باطل من وجوه:
الأول: إن الكسر على الجوار معدود من اللحن الذي قد يحمل لأجل الضرورة في الشعر وكلام الله يجب تنزيهه عنه الثاني: أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله (جحر ضب خرب) فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتا للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل.
. الثالث: أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضا إنها توجب المسح وذلك لأن قولة تعالى: (وامسحوا برؤوسكم) فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورة بالباء فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفا على محل الرؤوس والجر عطفا على الظاهر وهذا مذهب مشهور للنجاة، إذا ثبت هذا فنقول أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله تعالى: (وأرجلكم) هو قوله تعالى: (وامسحوا) ويجوز أن يكون هو قوله تعالى: (فاغسلوا) ولكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى.
فوجب أن يكون عامل النصب في قولة تعالى: (وأرجلكم) هو قوله تعالى: (وامسحوا). فثبت أن قراءة وأرجلكم بنصب اللام يوجب المسح أيضا، فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح ثم قالوا: ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز .
قال الشوكاني: أخرج الطبراني في معجمة الكبير، عن عباد بن تميم عن أبيه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ ويمسح على رجلية (2)
أقول: هذا الحديث صحيح باعتراف الحافظ الطبراني حيث قال: إن جميع ما في المعجم الكبير أحاديث صحيحة لأنه التزام على نفسة أن لا يخرج فيه إلا الأخبار المعتبرة الصحيحة باصطلاح أهل الحديث وأهل الجرح والتعذير.
وصراحة هذا الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله ) مسح رجلية لا شك فيه وغير قابل للتوجيه ولا يحتاج إليه لموافقته القرآن الكريم.
وقد أخرج هذا الحديث ابن حجر وقال: رجاله ثقات كلهم.
وعن عباده عن أبية أيضا قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله ) يتوضأ ويمسح الماء على رجلية ثم قال رجال هذا الحديث ثقات كلهم (3).
أقول: أخرج هذا الحديث المتقي الهندي في كنز العمال ج 5 ص
103 نقلا عن ثمانية كتب وزاد فيه (لحيته)
عن عباد بن تميم عن أبية قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله ) توضأ ومسح الماء على لحيته ورجليه (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التفسير الكبير : 11 / 6
(2) نيل الأوطار للشوكاني: ج 1، ص 164.
(3) الإصابة في تمييز الصحابة: ج 1، ص 193.
(4) أخرجه كنز العمال: ج 5، ص 103.
تعليق