نهر الشهادة
بينما أنا أتصفح أوراق أفكاري عثرت على لوحة من الدم مخطوط عليها قصة أنسجتها الشرايين التي قطعتها السيوف لتصنع انهار من الدم . توقفت عندها كثيرا وسألت نفسي هل هناك قصة تقطر الدم من طياتها . طالعتها وإذا بمدينة تقع نهر ليس فيه ماء كعادة الأنهار التي نعرفها . بل هو نهر يجري دما . وأي دم أنه يفوح بالعنفوان والبطولة . يذكر التاريخ قصة عجيبة في زمن مضى كانت بدايتها مع أول رجل وضع إقدامه على هذا الكوكب واستمرت تلك القصة تجول في عالم الوجود من محطة إلى أخرى تسير مع الزمن إلى أين لا يعرف احد .وجدت على هذا النهر أناس قليلون أذهلتني قلتهم في زمن بات الزحام من البشر يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ليس لديهم مأوى يؤويهم حتى بدأ الواحد يأكل لحم الآخر ليأخذ مكانه على الرغم من كثرة المباني وناطحات السحاب وأكثر ما أذهلني من تلك الثلة القليلة من الناس أنهم أناس لهم قلوب كزبر الحديد ووجوه كالنجوم الزاهرة أنهم مصابيح تضيء ذلك النهر في ليله الدامس . سألتهم عن وجودهم عند النهر . أجابني أحدهم نغترف من فيضه الوضاء ليزيدنا ضياءً . قلت له وكيف الدم يكون ضياء . قال انك لم تجرب لتعرف بان الدم هو الضياء الحقيقي الذي يستمد منه كل ضياء . فقلت له وكيف . قال اخلط دمك مع هذه الدماء وعندها تعرف الضياء . قلت ومن اين جاء النهر بدمه هذا . قال لماذا لا تذهب إلى تلك المدينة وترى منبع ذلك النهر وعينه التي لا تنضب واصله وحقيقته . فأخذت الخطى تجرني إلى أرض رخوة تملأها الرمال من كل جانب حتى وجدت فيها موقف شامخ أنسجته أيادي بيضاء وطرزته بالشهادة على نهر الطفوف
تعليق