المشاعر بين القلب والعقل، من الذي يجب أن يسيطر؟
لقد خلق الله تعالى الإنسان وجعل له قلب وعقل، وحثه على التفكير السليم قبل أي تصرف، وذلك لأن تبعيات هذا التصرف، ستؤثر إما سلباً أو إيجاباً على تفاصيل حياته.
للقلب أهمية في حياة البشر، فهو الذي يهذّب الطباع ، ويخفف من أنانية الإنسان، ويوقظ فيه مشاعره الإنسانية، ويجعل ضميره صاحياً دائماً، ليطبق القيم الإنسانية في أفعاله والتي تقوم أساساً على فعل الخير للآخرين والإبتعاد عن مساوئ الأعمال. لهذه الأسباب نطلق على القليل من الناس صفة الطيبة لأنهم يتبعون قلبهم فيبدون، الأخرين على أنفسهم.
أما العقل فهو صاحب الفكر المادي، وهنا لا نقصد بالمادي بالمال، بل بكل شيء بعيد عن المشاعر وقريب من "أنا" الإنسان، فالعقل يقدم المصلحة الذاتية على كل مصالح الكون، فيقيس الأمور من هذه الزاوية طارحاً السؤال التالي: هل هذا الفعل سوف يأتي بالمنفعة لي؟ وما هي سلبياته؟ وهل سيحقق لي الأرباح الشخصية؟ وهكذا فإن العقل يحلل الأمور تحليلاً منطقياً موضوعياً بعيداً عن إحكام القلب والضمير، لذلك يمكن للنتيجة أن تؤذي البعض أحياناً وأن تأتي على حساب سعادتهم.
ولكن الله خلق لنا قلباً وعقلاً، وفي ذلك عبرة، لأنه أراد لنا أن نستعمل الإثنين في قرارتنا وتصرفاتنا وحكمنا على الأمور، فلا يجوز أن يأتي الحكم عقلانياً فحسب لأنه يمكن أن يحمل الخطأ والأذى للأشخاص الميحطين بنا، كما لا يجوز إعمال القلب فقط في عملية إصدار الحكم النهائي على الأمور، لأن القلب قد يصدر حكماً طائشاً نندم عليه حين نصحو من موجة المشاعر التي تخالجنا في حينها وخاصة إذا ما أتت العواقب الوخيمة وأساءت للشخص نفسه. لذلك يجب أن نجعل حكمنا على الأمور متوازياً ونتيجة لحكم العقل ولصوت الضمير والمشاعر فينا.
أما عن مقولة أن حواء هي مخلوق عاطفي بحت، وأن ادم عقلاني، فلا يمكن أن نعمم ذلك، لأن العاطفة تكون مشتعلة في قلب الرجل والمرأة على السواء ولاسيما في عمر المراهقة، حيث نراهما مندفعين في تصرفاتهم، لا يفكرون بالنتائج، ولكن كلما نضج كل منهما، حينها يبدأ بالبحث عن التوازن بين عقله وقلبه، أو على الأقل أن يصل إلى الحكم الأنسب له ولمن حوله، ومع العمر تتكون الشخصية الإنسانية من خلال التجارب، ومن خلال العائلة والمحيط، وهكذا تتبلور شخصية الفرد لتولد إما إنسان عاطفياً وإما إنسانا عقلانياً أو إنسان يمكنه أن يوازن بين الحالتين وهذا من نسميه بالإنسان الحكيم الذي يتمتمع بالحكمة والبصيرة، بغض النظر عن جنسه سواءاً أكان رجل أو امرأة. فكم من رجال لا يعرفون التصرف الصحيح، وكم من نساء بذكائها حكمت بلاد بأسرها.
تعليق