بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال عز من قائل:
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّة وَلـكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمَّىً فَإِذا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَئْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ(61) سورة النحل
يطرق بعض الأذهان السؤال التالي: لماذا لم يعذب اللّه المذنبين بسرعة نتيجة لما قاموا به من فعل قبيح وظلم فجيع؟!
والآية الأُولى (61) تجيب بالقول: (ولو يؤاخذ اللّه الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة)(1)
«الدابة»: يراد بها كل كائن حي، ويمكن أن يراد بها هنا (الإِنسان) خاصّة بقرينة (بظلمهم).
أيْ: إِنّ اللّه لو يؤاخذ الناس على ما ارتكبوه من ظلم لما بقي إِنسان على سطح البسيطة.
ويحتمل أيضاً إِرادة جميع الكائنات الحيّة، لعلمنا بأنّ هذه الكائنات إِنّما خلقت وسخرت للإِنسان كما يقول القرآن في الآية (29) من سورة البقرة: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً)، فعندما يذهب الإِنسان فسينتفي سبب وجود الكائنات الأُخرى وينقطع نسلها.
ذكر صاحب تفسير من هدي القرآن أعلى الله مقامه أن
كل دابة في الأرض تظلم في أي وقت و بالنسبة إلى أي شيء ، تكفي سببا لعذاب الله ، و لأن الله الذي خلق الأحياء للإنسان و سخرها له ، فان ظلم الإنسان يكفي سببا في هلاك الدواب جميعا ، و هكذا أغرق الله فرعون و جزء من دوابه ، و أهلك الله عادا و ثمود و المؤتفكة و قوم لوط بدوابهم و مواشيهم00 انتهى
وهنا يواجهنا السؤال التالي: لو نظرنا إِلى سعة مفهوم الآية وعموميتها فإنّها تدل في النتيجة على أنّه لا يوجد على الأرض إِنسان غير ظالم، فالكلُّ ظالم كلُّ حسب قدره وشأنه، ولو نزل العذاب الفوري السريع والحال هذه لما بقي إِنسان على سطح الأرض... مع إنّنا نعلم أنّ هناك من لا يصدق عليه هذا المعنى، فالأنبياء والأئمّة المعصومون(عليهم السلام) خارجون عن شمولية هذا المعنى، بل في كل زمان ومكان ثمة مَنْ تزيد حسناته على سيئاته من الصالحين المخلصين والمجاهدين ممن لا يستحقون العذاب المهلك أبداً..
والجواب على ذلك أنّ الآية تبيّن حكماً نوعياً وليس حكماً عاماً شاملا للجميع ونظير ذلك كثير في الأدب العربي.
ومن الشواهد على ذلك: الآية (32) من سورة فاطر حيث تقول:
(ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنه سابق بالخيرات بإِذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير).
فنرى الآية تتطرق إِلى ثلاثة أقسام: ظالم، صاحب ذنوب خفيفة، وسابق بالخيرات.. ومن المسلم به أَنَّ القسم الأوّل هو المقصود في الآية مورد البحث دون القسمين الآخرين، ولا عجب من تعميم الآية، لأنّ هذا القسم يشكل القسم الأكبر من المجتمعات البشرية.
ويتّضح من خلال ما ذكر أنّ الآية لا تنفي عصمة الأنبياء، أمّا مَنْ يعتقد بخلاف ذلك فقد غفل عن القرائن الموجودة في العبارة من جهة، ولم يلتفت إِلى ما توحي إِليه بقية الآيات القرآنية بهذا الخصوص.
ورد في القرآن الكريم قوله تعالى عن آدم (عليه السلام) " و عصى آدم فغوى " وعن النبي يونس (عليه السلام) : " سبحانك إني كنت من الظالمين " و عن داود " " فاستغفر ربه و خر راكعا و اناب " و عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر "
الجواب : هناك حكم كثيرة ، من أبرزها معرفة الناس أن الانبياء ليسوا بآلهة فلا يرفعونهم الى مقام الرب . هكذا جاء في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله في(1) بح / ج 2 / ص 88 .
وفي حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه :
" و أما هفوات الانبياء عليهم السلام و ما بينه الله في كتابه ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة و قدرته القاهرة و عزته الظاهرة ، لانه علم ان براهين الانبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم و أن بعضهم من يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عز وجل ، ألم تسمع الى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه و في أمه : " كانا يأكلان الطعام " يعني أن من أكل الطعام كان له ثقل ، و كل من كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم " .
والمصادر الإِسلامية ـ عقلا ونقلا ـ تقول لنا: إِنّ الانبياء لايرتكبون إِثماً، وإِنّ منصب إِمامة الناس وهدايتهم لا يُعطى لمن يرتكب ذنباً ويقترف معصية. ونحن نعلم أن آدم كان من الأنبياء الإِلهيين، وعلى هذا الأساس فإِنّ كل ما ورد في هذه الآيات مثل غيرها من التعابير التي جاءت في القرآن حول سائر الأنبياء الذين نسب إِليهم العصيان، جميعها تعني «العصيان النسبي» و«ترك الأَولى» لا العصيان المطلق.
وتوضيح ذلك: أن المعصية على نوعين:
«المعصية المطلقة» و«المعصية النسبية»
والمعصية المطلقة هي مخالفة النهي التحريمي، وتجاهل الأمر الإِلهيّ القطعىّ، وهي تشمل كلَّ نوع من أنواع ترك الواجب وإِتيان الحرام.
اللهم صل على محمد وآل محمد
الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال عز من قائل:
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّة وَلـكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمَّىً فَإِذا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَئْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ(61) سورة النحل
يطرق بعض الأذهان السؤال التالي: لماذا لم يعذب اللّه المذنبين بسرعة نتيجة لما قاموا به من فعل قبيح وظلم فجيع؟!
والآية الأُولى (61) تجيب بالقول: (ولو يؤاخذ اللّه الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة)(1)
«الدابة»: يراد بها كل كائن حي، ويمكن أن يراد بها هنا (الإِنسان) خاصّة بقرينة (بظلمهم).
أيْ: إِنّ اللّه لو يؤاخذ الناس على ما ارتكبوه من ظلم لما بقي إِنسان على سطح البسيطة.
ويحتمل أيضاً إِرادة جميع الكائنات الحيّة، لعلمنا بأنّ هذه الكائنات إِنّما خلقت وسخرت للإِنسان كما يقول القرآن في الآية (29) من سورة البقرة: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً)، فعندما يذهب الإِنسان فسينتفي سبب وجود الكائنات الأُخرى وينقطع نسلها.
ذكر صاحب تفسير من هدي القرآن أعلى الله مقامه أن
كل دابة في الأرض تظلم في أي وقت و بالنسبة إلى أي شيء ، تكفي سببا لعذاب الله ، و لأن الله الذي خلق الأحياء للإنسان و سخرها له ، فان ظلم الإنسان يكفي سببا في هلاك الدواب جميعا ، و هكذا أغرق الله فرعون و جزء من دوابه ، و أهلك الله عادا و ثمود و المؤتفكة و قوم لوط بدوابهم و مواشيهم00 انتهى
وهنا يواجهنا السؤال التالي: لو نظرنا إِلى سعة مفهوم الآية وعموميتها فإنّها تدل في النتيجة على أنّه لا يوجد على الأرض إِنسان غير ظالم، فالكلُّ ظالم كلُّ حسب قدره وشأنه، ولو نزل العذاب الفوري السريع والحال هذه لما بقي إِنسان على سطح الأرض... مع إنّنا نعلم أنّ هناك من لا يصدق عليه هذا المعنى، فالأنبياء والأئمّة المعصومون(عليهم السلام) خارجون عن شمولية هذا المعنى، بل في كل زمان ومكان ثمة مَنْ تزيد حسناته على سيئاته من الصالحين المخلصين والمجاهدين ممن لا يستحقون العذاب المهلك أبداً..
والجواب على ذلك أنّ الآية تبيّن حكماً نوعياً وليس حكماً عاماً شاملا للجميع ونظير ذلك كثير في الأدب العربي.
ومن الشواهد على ذلك: الآية (32) من سورة فاطر حيث تقول:
(ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنه سابق بالخيرات بإِذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير).
فنرى الآية تتطرق إِلى ثلاثة أقسام: ظالم، صاحب ذنوب خفيفة، وسابق بالخيرات.. ومن المسلم به أَنَّ القسم الأوّل هو المقصود في الآية مورد البحث دون القسمين الآخرين، ولا عجب من تعميم الآية، لأنّ هذا القسم يشكل القسم الأكبر من المجتمعات البشرية.
ويتّضح من خلال ما ذكر أنّ الآية لا تنفي عصمة الأنبياء، أمّا مَنْ يعتقد بخلاف ذلك فقد غفل عن القرائن الموجودة في العبارة من جهة، ولم يلتفت إِلى ما توحي إِليه بقية الآيات القرآنية بهذا الخصوص.
ورد في القرآن الكريم قوله تعالى عن آدم (عليه السلام) " و عصى آدم فغوى " وعن النبي يونس (عليه السلام) : " سبحانك إني كنت من الظالمين " و عن داود " " فاستغفر ربه و خر راكعا و اناب " و عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر "
الجواب : هناك حكم كثيرة ، من أبرزها معرفة الناس أن الانبياء ليسوا بآلهة فلا يرفعونهم الى مقام الرب . هكذا جاء في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله في(1) بح / ج 2 / ص 88 .
وفي حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام يقول فيه :
" و أما هفوات الانبياء عليهم السلام و ما بينه الله في كتابه ، فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة و قدرته القاهرة و عزته الظاهرة ، لانه علم ان براهين الانبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم و أن بعضهم من يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عز وجل ، ألم تسمع الى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه و في أمه : " كانا يأكلان الطعام " يعني أن من أكل الطعام كان له ثقل ، و كل من كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم " .
والمصادر الإِسلامية ـ عقلا ونقلا ـ تقول لنا: إِنّ الانبياء لايرتكبون إِثماً، وإِنّ منصب إِمامة الناس وهدايتهم لا يُعطى لمن يرتكب ذنباً ويقترف معصية. ونحن نعلم أن آدم كان من الأنبياء الإِلهيين، وعلى هذا الأساس فإِنّ كل ما ورد في هذه الآيات مثل غيرها من التعابير التي جاءت في القرآن حول سائر الأنبياء الذين نسب إِليهم العصيان، جميعها تعني «العصيان النسبي» و«ترك الأَولى» لا العصيان المطلق.
وتوضيح ذلك: أن المعصية على نوعين:
«المعصية المطلقة» و«المعصية النسبية»
والمعصية المطلقة هي مخالفة النهي التحريمي، وتجاهل الأمر الإِلهيّ القطعىّ، وهي تشمل كلَّ نوع من أنواع ترك الواجب وإِتيان الحرام.
ولكن المعصية النسبية هي أن يصدر من شخصية كبيرة عمل غير حرام لا يناسب شأنه ولا يليق بمقامه، وربّما يكون إِتيان عمل مباح ـ بل ومستحب ـ لا يليق بشأن الشخصيات الكبيرة، وفي هذه الصورة يُعدّ إِتيان ذلك العمل «معصية
نسبية»، كما لوساعد مؤمنٌ واسع الثراء فقيراً لإِنقاذه من مخالب الفقر بمبلغ تافه، فإِنه ليس من شك في أنّ هذه المعونة المالية مهما كانت صغيرة وحقيرة لا تكون فعلا حراماً، بل هي أمر مستحب، ولكن كل من يسمع بها يذمُ ذلك الغني حتى كأّنه ارتكب معصية واقترف ذنباً، وذلك لأنّه يتوقّع من مثل هذا الغني المؤمن أن يقوم بمساعدة أكبر.
وإِنطلاقاً من هذه القاعدة وعلى هذا الأساس تقاس الأعمال التي تصدر من الشخصيات الكبيرة بمكانتهم وشأنهم الممتاز، وربّما يطلق على ذلك العمل ـ مع مقايسته بذلك ـ لفظ (العصيان» و«الذنب».
وإِنطلاقاً من هذه القاعدة وعلى هذا الأساس تقاس الأعمال التي تصدر من الشخصيات الكبيرة بمكانتهم وشأنهم الممتاز، وربّما يطلق على ذلك العمل ـ مع مقايسته بذلك ـ لفظ (العصيان» و«الذنب».
فالصّلاة التي يقوم بها فرد عادي قد تعتبر صلاة ممتازة، ولكنّها تعدّ معصية إِذا صدر مثلها من أولياء الله، لأن لحظة واحدة من الغفلة في حال العبادة لا تناسب مقامهم ولا تليق بشأنهم. بل نظراً لعلمهم وتقواهم ومنزلتهم القريبة يجب أن يكونوا حال عبادة الله تعالى مستغرقين في صفات الله الجمالية والجلالية، وغارقين في التوجه إِلى عظمته وحضرته.
وهكذا الحال في سائر أعمالهم، فإِنّها على غَرار عباداتهم، يجب أن تقاس بمنازلهم وشؤونهم، ولهذا إِذا صدر منهم «ترك الأولى» عوتبوا من جانب الله، والمراد من ترك الأَولى، هو أن يترك الإِنسان فعل ما هو الأفضل، ويعمد إِلى عمل جيد أو مُستحبّ أدنى منه في الفضل.
فإنّنا نقرأ في الأحاديث الإِسلامية أن ما أُصيب به يعقوب من محنةِ فراقِ ولده يوسف، كان لأجل غفلته عن إِطعام فقير صائم وقف على باب بيته عند غروب الشمس يطلب طعاماً، فغفل يعقوب عن اطعامه، فعاد ذلك الفقير جائعاً منكسراً خائباً.
فلو أنّ هذا الصنيع صدر من إِنسان عادي من عامّة الناس لما حظي بمثل هذه الأهمية والخطورة، ولكن يُعدّ صدوره من نبيّ إِلهيٍّ كبير، ومن قائد أُمّة أمراًمُهمّاً وخطيراً استتبع عقوبةً شديدةً من جانبِ الله تعالى(2)
ويضيف القرآن الكريم قائلا:
(ولكنْ يؤخرهم إِلى أجل مسمى فإِذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).بل يدركهم الموت في نفس اللحظة المقررة
ما هو الأجل المسمى؟
للمفسّرين بيانات كثيرة بشأن المراد من «الأجل المسمى» ولكن بملاحظة سائر الآيات القرآنية، ومن جملتها الآية (2) من سورة الأنعام، والآية (34) من سورة الأعراف، يبدو أنّ المراد منه وقت حلول الموت، أيْ: إِنَّ اللّه عزَّوجلّ يمهل الناس إِلى آخر عمرهم المقرر لهم إِتماماً للحجة عليهم، ولعل مَنْ ظلم يعود إِلى رشده ويصلح شأنه فيكون ذلك العود سبباً لرجوعه إِلى بارئه الحق وإِلى العدالة.
ويصدر أمر الموت بمجرّد انتهاء المهلة المقررة، فيبدأ بعقابهم من بداية اللحظات الأُولى لما بعد الموت.
ولأجل المزيد من الإِيضاح حول مسألة (الأجل المسمى) راجع ذيل الآيةرقم (2) من سورة الأنعام وكذا ذيل الآية (34) من سورة الأعراف
.
************************************************** ********************
تفسير الأمثل
تفسير من هدي القرآن
1 ـ إِن ضمير «عليها» يعود إِلى «الأرض» وإِنْ لم يرد لها ذكر في الآيات المتقدمة لوضوح الأمر، ونظائر ذلك كثيرة في لغة العرب.
2 ـ نور الثقلين، المجلد الثاني ص 411، نقلا عن كتاب علل الشرائع
وهكذا الحال في سائر أعمالهم، فإِنّها على غَرار عباداتهم، يجب أن تقاس بمنازلهم وشؤونهم، ولهذا إِذا صدر منهم «ترك الأولى» عوتبوا من جانب الله، والمراد من ترك الأَولى، هو أن يترك الإِنسان فعل ما هو الأفضل، ويعمد إِلى عمل جيد أو مُستحبّ أدنى منه في الفضل.
فإنّنا نقرأ في الأحاديث الإِسلامية أن ما أُصيب به يعقوب من محنةِ فراقِ ولده يوسف، كان لأجل غفلته عن إِطعام فقير صائم وقف على باب بيته عند غروب الشمس يطلب طعاماً، فغفل يعقوب عن اطعامه، فعاد ذلك الفقير جائعاً منكسراً خائباً.
فلو أنّ هذا الصنيع صدر من إِنسان عادي من عامّة الناس لما حظي بمثل هذه الأهمية والخطورة، ولكن يُعدّ صدوره من نبيّ إِلهيٍّ كبير، ومن قائد أُمّة أمراًمُهمّاً وخطيراً استتبع عقوبةً شديدةً من جانبِ الله تعالى(2)
ويضيف القرآن الكريم قائلا:
(ولكنْ يؤخرهم إِلى أجل مسمى فإِذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).بل يدركهم الموت في نفس اللحظة المقررة
ما هو الأجل المسمى؟
للمفسّرين بيانات كثيرة بشأن المراد من «الأجل المسمى» ولكن بملاحظة سائر الآيات القرآنية، ومن جملتها الآية (2) من سورة الأنعام، والآية (34) من سورة الأعراف، يبدو أنّ المراد منه وقت حلول الموت، أيْ: إِنَّ اللّه عزَّوجلّ يمهل الناس إِلى آخر عمرهم المقرر لهم إِتماماً للحجة عليهم، ولعل مَنْ ظلم يعود إِلى رشده ويصلح شأنه فيكون ذلك العود سبباً لرجوعه إِلى بارئه الحق وإِلى العدالة.
ويصدر أمر الموت بمجرّد انتهاء المهلة المقررة، فيبدأ بعقابهم من بداية اللحظات الأُولى لما بعد الموت.
ولأجل المزيد من الإِيضاح حول مسألة (الأجل المسمى) راجع ذيل الآيةرقم (2) من سورة الأنعام وكذا ذيل الآية (34) من سورة الأعراف
.
************************************************** ********************
تفسير الأمثل
تفسير من هدي القرآن
1 ـ إِن ضمير «عليها» يعود إِلى «الأرض» وإِنْ لم يرد لها ذكر في الآيات المتقدمة لوضوح الأمر، ونظائر ذلك كثيرة في لغة العرب.
2 ـ نور الثقلين، المجلد الثاني ص 411، نقلا عن كتاب علل الشرائع
تعليق