بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث المشهور عن امير المؤمنين (عليه السلام) الذي يوصف به فئة من الناس بانهم ((همج رعاع أتباع كل ناعق)). وهم الذين لا يملكون الوعي والبصيرة، ولذلك تتقاذفهم الاتجاهات والتيارات، وينساقون وراء كل شعار. وحسب ما وصفهم النبي (صلى الله عليه وآله) بأنهم ((الإمعات)) حيث قال في حديث له: لا تكن إمعة، قالوا يا رسول الله: وما الإمعة ؟قال: الذين يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت.
وأما القرآن فقد عبّر عنهم بأنهم الذين يخوضون مع الخائضين.
قال تعالى: ﴿كل نفس بما كسبت رهينة إلاّ أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلكم في سقر، قالوا لم نكُ من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الذين حتى آتنا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين﴾. المدثر 39 - 48
إن غياب البصيرة يقود إلى التيه والانحراف والضلال: جاء في الحديث: ((العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق،لا يزيده سرعة السير إلاّ بعداً))، والتاريخ حافل بشواهد كثيرة،الخوارج كانوا يعبدون الله على غير بصيرة، عرفوا بأصحاب الجباة السود، كانوا يحيون الليل بالعبادة وتلاوة القرآن ولكنهم ما كانوا يملكون البصيرة.
تصورا كانوا يستشكلون من تناول ((تمرة)) اقتطفها أحدهم من بستان وهم في طريقهم إلى النهروان.
كانوا يستشكلون في قتل خنزير، صادفوه في الطريق فضربه أحدهم بسيفه.
ولكنهم يمر بهم ((عبد الله بن الخباب)) الصحابي الجليل، ومعه زوجته وكانت حامل فيقتلونه ويبقرون بطن زوجته.
ولكنهم يخرجون لحرب علي بن أبي طالب الذي قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ((حربك حربي وسلمك سلمي))، وقال عنه: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى))، وقال... وقال....، هكذا يصنع غياب البصيرة.
هذه الفئة هي من كانت تشكل الطائفة العظمى من جيش ابن زياد (لعنه الله ) فتجدهم يهيمون مع كل مدعي ومن يمثل الرأي العام فعندما كان رسول الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل (سلام الله عليهما) كانوا من المؤيدين لنهضته ووقعوا العديد من الرسائل وقد فضحهم الامام الحسين باحتجاجه المفحم هذا الفريق اقل ما يقال بحقه انه انتهازي لا غرض له غير مصلحته الانية وليحصل بعده الطوفان يأتي إنسان من أهل القرآن يسأل ابن عباس عن دم البعوضة، فيقول له ابن عباس: تقتلون الحسين (عليه السلام) وتسألون عن دم البعوضة، فما أكثر هذا النمط من الناس في كل عصر وفي كل زمان، إن ظاهرة الهمج الرعاع موجودة في كل الأعصر والأزمنة، وفي كل المجتمعات.
فهل نرضى لانفسنا ان نكون من اؤلائك المتصفين بهذه الصفة هل نرضى ان نقبل المتعارف من غير ان نعرضه على موازين العدل والحق ؟
اقول وهذه ليست دعوة لرفض كل ما هو سائد بيننا وانما الضروري ان نتأمل فيه ونعرضه على منطق الشرع العظيم فما وافقه اخذنا به وما قاطعه رفضناه فنلاحظ السلوكيات والافعال ولا نجعل فعل الناس لها هو معيار صحتها وحقانيتها ولا نبرر بمنطق (خطأ شائع ولا صحيح ضائع) بل نعمل ليكون هو الصحيح الشائع فهذا امامنا ومقتدانا الحسين قد وقع ضحية من اتبع سلوكيات المجتمع من غير ان يتأمل فيها
تعليق