التوسّل بأسمائه وصفاته
أمر الله سبحانه عباده بدعائه بأسمائه الحسنى وقال تعالى: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } (الأعراف/80). إنّ الآية تصف أسماءه كلَّها بالحسنى لحسن معانيها، من غير فرق بين ما يرجع إلى صفات ذاته كالعالم والقادر، والحي. وما يرجع إلى صفات فعله كالخالق والرازق والمحيي والمميت، ومن غير فرق بين ما يفيد التنزيه ورفع النقص كالغنيّ والقدّوس، وما يعرب عن رحمته وعفوه كالغفور والرحيم، فعلى المسلم دعاؤه سبحانه بها فيقول: يا الله يا رحمن يا رحيم، يا خالق السماوات والأرض، يا غافر الذنوب ويا رازق الطفل الصغير. وتركِ عملِ الذين يعدلون بأسماء الله تعالى عمّا هي عليه فيسمّون بها أصنامهم بالزيادة والنقصان، فيسمّون أصنامهم باللات والعزّى أخذاً من الله العزيز، سيجزون ما كانوا يعملون في الآخرة. فعندما يذكره العبد بأسمائه التي تضمّنت كل خير وجمال، ورحمة ومغفرة وعزّة وقدرة، ثم يعقبه بما يطلبه من مغفرة الذنوب وقضاء الحوائج فيستجيبه سبحانه، وقد دلّت على ذلك، الآثار الصحيحة التي نذكر منها ما يلي:1 ـ أخرج الترمذي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أنّ رسول الله سمع رجلا يقول: اللّهمّ إنّي أسألك بأنّي أشهد أنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد فقال النبي: " لقد سألتَ الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعطى "([1]).
والحديث تضمّن بيان الوسيلة، والتوسّل بالأسماء، وإن لم يأت فيه الغرض الذي لأجله سأل الله تعالى بأسمائه.
2 ـ عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تسأله خادماً، فقال لها: " قولي: اللّهمّ ربّ السماوات السبع، وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كل شيء ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن، فالق الحبّ والنوى، أعوذ بك من شرّ كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني
3 ـ وأخرج أحمد والترمذي عن أنس بن مالك، أنّه كان مع رسول الله جالساً ورجل يصلّي، ثم دعا: اللّهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت، أنت المنّان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيّوم، فقال النبي: " تدرون بم دعا الله؟ دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى "([2]).
وفي روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) نماذج من هذا النوع من التوسّل يقف عليها السابر في رواياتهم وأحاديثهم.
4 ـ فقد روى الإمام الرضا (عليه السلام) عن جدّه محمد الباقر (عليه السلام) أنّه كان يدعو الله تبارك وتعالى شهر رمضان بدعاء جاء فيه: " اللّهمّ إنّي أسألك بما أنت فيه من الشأن والجبروت، وأسألك بكلّ شأن وحده وجبروت وحدها، اللّهم إنّي أسألك بما تجيبني به حين أسألك فأجبني يا الله "([3]).
روى الشيخ الطوسي في مصباحه عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام دعاءً باسم دعاء السمات مستهلّه:
" اللّهمّ إنّي أسألك باسمك العظيم الأعظم، الأعزّ الأجلّ الأكرم، الذي إذا دُعيتَ به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة، انفتحت، وإذا دُعيتَ به على مضايق أبواب الأرض للفرج، انفرجت، وإذا دعيت به على العسير لليسر تيسرت... "([4]).
[1] - الترمذي: الصحيح: 5/515 برقم 3475، كتاب الدعوات، الباب 65 من كتاب جامع الدعوات عن النبي.
من الفقر "(1).
[2] - الترمذي: الصحيح: 5/518 برقم 3481، كتاب الدعوات، الباب 68 من كتاب جامع الدعوات
[3] - الترمذي: الصحيح: 5/549 ـ 550 برقم 3544، الباب 100 من كتاب الدعوات.
[4] - السيد ابن طاووس الحلّي: الإقبال، ص 348، ط عام 1416.
[5] - التوسل للسبحاني ص 24
تعليق