المضمون الإعلامي لخطاب الحوراء عليها السلام
هناك عدة مفردات رئيسية وأساسية، أكدت عليها العقيلة زينب (عليها السلام) في خطاباتها:
المفردة الأولى: قضية الانتساب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وانتمائهم إلى أسرة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وهذه من القضايا المهمة التي أكد عليها الإمام الحسين (عليه السلام) في خطابه السياسي مع أعدائه
ونجد أن زينب والإمام زين العابدين (عليهما السلام) كانا يؤكدان على هذه المفردة، التي لا يمكن لأحد من الناس أن يتجاوزها، لأن القرآن الكريم أشار إلى هذه القضية في عدة آيات:
منها: قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(1).
ومنها: قوله تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..}(2)؛ ولذلك نجد أن يزيد حاول التعتيم على هذه القضية، واظهار قضية الحسين (عليه السلام) على أنها مجموعة من الذين خرجوا على السلطة وتمردوا عليها فقُتلوا، ولم يبين حقيقة انتمائهم إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله).
وهذا ما كشف عنه الإمام زين العابدين (عليه السلام) في خطابه بالشام: ((...أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرّدا، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا: لا إله إلا الله...))(3).
وقد يُتساءل عن السبب في استغراقه (عليه السلام) في التعريف عن نفسه بهذا الشكل.
والإجابة: إنَّ الإمام (عليه السلام) أراد بهذا التعريف أن يكشف للناس ارتباطه بالنبي (صلّى الله عليه وآله) وقرابته منه، الذي تستَّر عليه يزيد والأمويون، الأمر الذي أدى إلى تغيّر الوضع السياسي حتى في مجلس يزيد نفسه، مما اضطره اتخاذ موقف آخر، وهو تخفيف الضغط عن أهل البيت واظهار الندم.
المفردة الثانية: توضيح الأهداف الرئيسة للثورة الحسينية، فهذه النهضة لم تكن من أجل المصالح الخاصة أو الصراعات القبلية، أو من أجل الحكم والسلطة، أو من أجل المكاسب المادية، إلى غير ذلك مما قد يتوهمه البعض، وإنما كانت من أجل الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أجل إقامة الحق، وإلى غير ذلك من المضامين، ولذلك نجد العقيلة تتحدث عن هذا الجانب في مجلس يزيد فتقول: ((اللهم خذ بحقّنا، وانتقم من ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، ونقض ذمارنا، وقتل حماتنا، وهتك عنّا سدولنا.. بعد أن تركت عيون المسلمين به عبرى، وصدورهم عند ذكره حرّى، فتلك قلوب قاسية، ونفوس طاغية، وأجسام محشوَّة بسخط الله ولعنة الرسول، قد عشّش فيه الشيطان وفرّخ.. فالعجب كل العجب لقتل الأتقياء، وأسباط الأنبياء، وسليل الأوصياء بأيدي الطلقاء الخبيثة، ونسل العهرة الفجرة...))(4).
المفردة الثالثة: طرح قضية المظلومية، وهنا كان للسيدة زينب (عليها السلام) دور متميز في ذلك، حتى على دور الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فالمرأة عندما تطرح قضية المظلومية يكون تأثيرها أكثر من الرجل؛ لأن المجتمع ينظر لها على أنها كائن ضعيف رقيق فيكون لإبداء مظلوميته تأثير أكبر في النفوس، ولذلك كان للعقيلة زينب (عليها السلام) دور عظيم جدّاً في طرح هذا الامر وتحريك الضمائر، وهز المشاعر وإثارة العواطف، من خلال موقفها ودورها.
المفردة الرابعة: قضية الأمل والمستقبل، وبأن النصر والعاقبة سيكون حليفا للنهضة الحسينية، وهذا ما أكدت عليه العقيلة زينب (عليها السلام) في خطابها مع يزيد، حيث تقول: ((...فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيّامك إلا عدد، وجمعك إلاّ بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين))(5).
فبالرغم من الظروف المأساوية والصعبة التي كانت تعيشها (عليها السلام)، وما مرّ عليها من قتل أهل بيتها إلى سبيها وأسرها، نجدها بكل قوة وصلابة، تؤكد بأن النصر سيكون حليفاً لنا، مهما كانت الظروف، وما صنع الله بنا إلاّ خيراً، والنتائج دائماً إلى صالحنا، وسوف يكون المستقبل إلى جانبنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- الأحزاب: 33.
2- الشورى: 23.
3- البحار45: 138، باب 39.
4- الاحتجاج2: 37.
5- اللهوف في قتلى الطفوف: 105.
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ول
هناك عدة مفردات رئيسية وأساسية، أكدت عليها العقيلة زينب (عليها السلام) في خطاباتها:
المفردة الأولى: قضية الانتساب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وانتمائهم إلى أسرة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وهذه من القضايا المهمة التي أكد عليها الإمام الحسين (عليه السلام) في خطابه السياسي مع أعدائه
ونجد أن زينب والإمام زين العابدين (عليهما السلام) كانا يؤكدان على هذه المفردة، التي لا يمكن لأحد من الناس أن يتجاوزها، لأن القرآن الكريم أشار إلى هذه القضية في عدة آيات:
منها: قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(1).
ومنها: قوله تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..}(2)؛ ولذلك نجد أن يزيد حاول التعتيم على هذه القضية، واظهار قضية الحسين (عليه السلام) على أنها مجموعة من الذين خرجوا على السلطة وتمردوا عليها فقُتلوا، ولم يبين حقيقة انتمائهم إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله).
وهذا ما كشف عنه الإمام زين العابدين (عليه السلام) في خطابه بالشام: ((...أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرّدا، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا: لا إله إلا الله...))(3).
وقد يُتساءل عن السبب في استغراقه (عليه السلام) في التعريف عن نفسه بهذا الشكل.
والإجابة: إنَّ الإمام (عليه السلام) أراد بهذا التعريف أن يكشف للناس ارتباطه بالنبي (صلّى الله عليه وآله) وقرابته منه، الذي تستَّر عليه يزيد والأمويون، الأمر الذي أدى إلى تغيّر الوضع السياسي حتى في مجلس يزيد نفسه، مما اضطره اتخاذ موقف آخر، وهو تخفيف الضغط عن أهل البيت واظهار الندم.
المفردة الثانية: توضيح الأهداف الرئيسة للثورة الحسينية، فهذه النهضة لم تكن من أجل المصالح الخاصة أو الصراعات القبلية، أو من أجل الحكم والسلطة، أو من أجل المكاسب المادية، إلى غير ذلك مما قد يتوهمه البعض، وإنما كانت من أجل الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أجل إقامة الحق، وإلى غير ذلك من المضامين، ولذلك نجد العقيلة تتحدث عن هذا الجانب في مجلس يزيد فتقول: ((اللهم خذ بحقّنا، وانتقم من ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، ونقض ذمارنا، وقتل حماتنا، وهتك عنّا سدولنا.. بعد أن تركت عيون المسلمين به عبرى، وصدورهم عند ذكره حرّى، فتلك قلوب قاسية، ونفوس طاغية، وأجسام محشوَّة بسخط الله ولعنة الرسول، قد عشّش فيه الشيطان وفرّخ.. فالعجب كل العجب لقتل الأتقياء، وأسباط الأنبياء، وسليل الأوصياء بأيدي الطلقاء الخبيثة، ونسل العهرة الفجرة...))(4).
المفردة الثالثة: طرح قضية المظلومية، وهنا كان للسيدة زينب (عليها السلام) دور متميز في ذلك، حتى على دور الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فالمرأة عندما تطرح قضية المظلومية يكون تأثيرها أكثر من الرجل؛ لأن المجتمع ينظر لها على أنها كائن ضعيف رقيق فيكون لإبداء مظلوميته تأثير أكبر في النفوس، ولذلك كان للعقيلة زينب (عليها السلام) دور عظيم جدّاً في طرح هذا الامر وتحريك الضمائر، وهز المشاعر وإثارة العواطف، من خلال موقفها ودورها.
المفردة الرابعة: قضية الأمل والمستقبل، وبأن النصر والعاقبة سيكون حليفا للنهضة الحسينية، وهذا ما أكدت عليه العقيلة زينب (عليها السلام) في خطابها مع يزيد، حيث تقول: ((...فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيّامك إلا عدد، وجمعك إلاّ بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين))(5).
فبالرغم من الظروف المأساوية والصعبة التي كانت تعيشها (عليها السلام)، وما مرّ عليها من قتل أهل بيتها إلى سبيها وأسرها، نجدها بكل قوة وصلابة، تؤكد بأن النصر سيكون حليفاً لنا، مهما كانت الظروف، وما صنع الله بنا إلاّ خيراً، والنتائج دائماً إلى صالحنا، وسوف يكون المستقبل إلى جانبنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- الأحزاب: 33.
2- الشورى: 23.
3- البحار45: 138، باب 39.
4- الاحتجاج2: 37.
5- اللهوف في قتلى الطفوف: 105.
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ول
تعليق